قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 19 تشرين2/نوفمبر 2023 08:45

إلى من تكلني؟

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)

قريش في طغيانها تتمادى، و الوحي يتنزل بالتثبيت على الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم، و قريش تغلو في عداءها و تعلو في تفرعنها، و أبو جهل و ناديه يتفننون في إيذاء الرسول صلى الله عليه و سلم و المستضعفين من أصحابه، و الأمر الإلهي ماض، أنذر و بشّر، و ثبّت و اثبت، و بادر بالدعوة كل من تلقاه،

فالرسالة حق و المرسل حق و انت على حق و النصر للحق، فماذا يرجوه الباطل بعد؟ أيام و تدول دولته و ينتهي زيفه، فاصبر يا محمد لحكم ربك، و امض فيما اقامك فيه بثقة و اطمئنان.

و قريش ترسل ابي طالب ليفاوض النبي صلى الله عليه و سلم، ليفاضل بين المال و الجاه و السلطان و الملك و النعيم، و ترك ما جاء به من أمر هو في عرف الجاهلية فرقة و استخفاف بعقول الآباء و ديانة الاجداد! مساومة هي في عرفهم عادلة و لكنها في عرف الرسول و الرسالة لا تستحق الوقوف أمامها، ايتها الدنيا الزائلة تألقي ببريقك الزائف، و أشعي بشموسك المخادعة و نادي حتى لا يبقى لديك صوت ينادي، فأنت عند محمد صلى الله عليه و سلم هباء منثورا، و انت في نظره مصيدة مهلكة، و بريقك لا يصل إلى عينيه الشريفتين، و كلمات عمه أبي طالب تلامس سمعه و لا تجد القبول {يا ابن أخي أبق عليّ و على نفسك و لا تحملني من الامر ما لا أطيق} و تنطلق الكلمات الثابتة الرافضة للمساومة تحت أي ظرف و في اية حال، {يا عم، و الله لو وضعو الشمس في يميني و القمر في يساري، على ان أترك هذا الامر حتّى يظهره الله او اهلك فيه، ما تركته} 

الكلمات أمضى من حد سيوف الباطل، واثبت من رواسي مكة، وأعمق وأدق وأصدق ما تكون الكلمات، إنه يدرك ان الموت دون الإسلام أحد الخيارين {النصر أو الموت} ولا خيار ثالث بينهما، و قريش ترى في هذا الرد إهانة و تصغيرا لشأنها و آلهتها الخرقاء و جاهليتها الرعناء، فتصب جام غضبها على محمد و أصحابه و تطال عنجهيتها آل هاشم جميعا مسلمهم و كافرهم و تحاصرهم في شعب بني هاشم رجالا و نساء صغارا و شيوخا مريض و معافى، حمية لأصنامهم و ذودا عن مصالحهم الظالمة و مبادئهم الجائرة، و في جوف الكعبة تعلق وثيقة تقطع فيها الارحام و يقاطع فيها من انحاز إلى النبي صلى الله عليه و سلّم، يضيقون عليهم في طعامهم و شرابهم و معيشتهم في أعلى درجات الضنك والمشقة والإيذاء.

ثلاث سنوات عجاف مرّت على هؤلاء الصابرين، و حملت في طيّاتها للمصطفى صلى الله عليه و سلم، و لأصحابه، من الاحزان و الشدائد ما يوهن الصخر، و يضعف الجبال، و لكنه الإسلام، تهون من أجله الارواح، و تنصب في سبيله الأبدان دون منّة و لا شكوى، فالحبل الموصول بالله لا يسهل قطعه، و القلب المعلّق بجنة عرضها السماوات و الارض لا يقبل الأقل، و الثقة بالرب الجليل العظيم لا تهزها مواقف ابتلاء مصدرها كافر، هيّن على الله محتقر عنده، و يمضي ركب الدعوة في تبليغ كلام الله للخلق، و تنتهي المقاطعة، و تمزّق، و يخرج المحاصرون كأشدّ ما يكون الثبات و التصميم على انفاذ كلمات الله

و لكن المشاعر الرهيفة و القلوب الشفيفة تتفاعل مع أحزان الفقد والفراق، و تنتابها أحاسيس الاسى و اللوعة، المنظبطة بالصبر و الرضى و اليقين، فهاهو ابوطالب، الدرع الذي التف على الرسول صلى الله عليه و سلم يحميه و يذود عنه، يرحل عن الدنيا، و لا تلبث خديجة ان تودّع الزوج النبي، الذي حملت معه العبء، و أعانته بمالها و جهدها و حنانها و فيض مشاعرها الحانية، و تلحق بالرفيق الأعلى، مبشّرة ببيت من قصب، لا صخب فيه و لا نصب، و يحزن النبي صلى الله عليه وسلم لموتها، و يظل يذكرها حتى لحق بربه نفي لفتة وفاء عظيم، لا يقدر عليه إلا العظماء، و لكنه لا يتوقف عن حمل الأمانة الربانية، و يستمر بالدعوة الى الاسلام، و تتمادى قريش في غيّها و ظلمها، و يصبح البحث عن فضاء أوسع و أرحب لدعوة الله ضروريا، و تبدأ مرحلة الخروج بالدعوة إلى خارج مكة، فاين تكون المحطة القادمة، و ما الذي ينتظرك يا رسول الله فيها، عليك أطيب صلوات الله ؟

الطائف تلك البقعة الجميلة في جزيرة العرب، ببساتينها الغنّاء، و عناقيدها الدانية، كانت مقصد المصطفى صلى الله عليه و سلّم، قصدها ليعرض على أهلها الإسلام العظيم، و في قلبه الإشفاق على أهلها من النار و العذاب فقابلوه بالرفض و التسفيه و الجبروت، خلفه السفهاء يرمونه بالحجارة، و رفيقه المشفق المحب، زيد بن حارثة، يتلقى ما يستطيع من الحجارة عنه، و يفتديه لو استطاع بالنفس و الروح، و يلجؤه، جبابرة الطائف و زعماء الجهل فيها إلى بستان، و هناك في ظل السكون و رحابة اليقين، و انطلاقة الروح الملهوفة على الرضى، و الحريصة على نجاح المسعى، و في غمرة مشاعر التذلل للإله العظيم، و الاستكانة الكاملة و الانقياد التام لأوامره، و التصميم على الثبات، و طلب الرضى و حسبه الرضى، فينطلق اللسان بلغة الروح و الوجدان، يناجي ربه {الّلهم إليك أشكو ضعف قوّتي، و قلّة حيلتي، و هواني على النّاس، يا أرحم الراحمين انت ربّ المستضعفين و أنت ربّي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدوّ ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، و لكن عافيتك هي أوسع لي، اعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحلّ عليّ سخطك، لك العتبى حتّى ترضى، و لا حول و لا قوّة إلاّ بك}

و يعود الرسول صلى الله عليه و سلم و معه زيد بن حارثة إلى مكة، و لكن مكة الحبيبة الأحب و البقعة الأرحب تضيق به، و لا يمكنه دخولها إلاّ بجوار أحد الكبراء، و زيد مشفق على نبيه الحبيب، كيف تدخل عليهم يا رسول الله وهم أخرجوك، فتشرق البشارة من بين ثنايا الانكسار {يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجا و مخرجا، و إنّ الله ناصر دينه و مظهر نبيه} إنّها الثقة الكاملة بصدة و نبالة و خيرية ما يدعو إليه، و يدخل النبي صلى الله عليه و سلم و زيد مكة بجوار المطعم بن عدي، ليبدأ فصل آخر من التبليغ و الإيذاء و الرفض و القبول و الرّحيل و الاحتساب.

قراءة 208 مرات

أضف تعليق


كود امني
تحديث