قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 27 تشرين2/نوفمبر 2021 09:36

أضرار الربا الاقتصادية و الاجتماعية …

كتبه  د. منقذ عدنان محمد العيثاوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

استفحل الربا في المعاملات الاقتصادية و سيطر على الاقتصاد العالمي حتى اصبح ركيزة اساسية في الاقتصاد العالمي فارهق الناس و اذاهم في معيشتهم و ارهقهم اجتماعيا و اقتصاديا.
و إن انتشار هذه الظاهرة، و التساهل في شأنها؛ هو نذير شؤم على المجتمع بأسره فضلا عن أفراده و مؤسساته، و ما تعانيه المجمعات الانسانية اليوم من حصار خانق، و أزمات اقتصادية حادة طالت كافة فئات المجتمع ؛ إلا بسبب محاربتنا للباري سبحانه بهذه الجريرة الماحقة للمال و رافعة البركة عنه، الممحقة للرزق،  و لا أدل على شناعة الربا و فداحة تعاطيه من اتفاق شرائع الأنبياء على تحريمه و تجريمه.
و المؤلم في الامر أن تجد النظام الربوي في الوقت الحاضر هو أساس التعامل للنظم الاقتصادية المعاصرة، و لذا كان الموضوع جديراً بأن نبين خطورته و مسائله ليعلم المسلم ما يدخل من المعاملات المصرفية ضمن الربا فيحذره و يتنبه له.

المبحث الاول :
المطلب الاول : تعريف الربا:
لغة: ربا الشيء يربو ربواً و رباءً: زاد و نما، و في التنزيل العزيز {وَ يُرْبِي الصَّدَقَاتِ} سورة البقرة (276) أي يزيدها و ينميها .
و المرابي: الذي يأتي الربا.
و الربا في الاصطلاح الشرعي:
اختلف الفقهاء في تحديد معناه تبعاً لاختلافهم في مدلوله عندهم.
1- فعّرفه الشافعية بأنه: اسم لمقابلة عوض بعوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد، أو مع تأخير في البدلين أو أحدهم، و يقصدون بالشطر الأول من هذا التعريف (ربا الفضل) عندهم، و بالشطر الثاني (ربا النسيئة) و(ربا اليد).
2- و عرفه بعض فقهاء الحنابلة بأنه: الزيادة في أشياء مخصوصة.
3- أما علماء المالكية فقد ذكروا أن الربا يوجد في شيئين: في البيع، و فيما تقرر في الذمة من بيع أو سلف أو غير ذلك، و جعلوا الربا الجاهلي من الأنواع المتفق عليه.
4- و عند الحنفية أنه: فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال.

المطلب الثاني: حكم الربا
اجمع العلماء على حرمته فهوكبيرة من كبائر الذنوب، دل على ذلك الكتاب و السنة و الإجماع، فالقرآن الكريم تحدث عن الربا في عدة مواضع مرتبة ترتيبًا زمنياً، ففي العهد المكي نزل قول الله – سبحانه -: {وَ مَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَ مَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} سورة الروم (39).
و في العهد المدني نزل تحريم الربا صراحة في قول الله – سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَ اتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} سورة آل عمران(130)، و قال سبحانه: {وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبَا} سورة البقرة (275)، و آخر ما ختم به التشريع قول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَ ذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَ لاَ تُظْلَمُونَ} (278/279) سورة البقرة.
و هذه الآية رد قاطع على من يقول: إن الربا لا يحرم إلا إذا كان أضعافاً مضاعفة، لأن الله لم يبح إلا رد رؤوس الأموال دون الزيادة عليها.
و هو من كبائر الإثم فعن أبي هريرة أن النبي – صلى الله عليه و سلم – قال: (اجتنبوا السبع الموبقات)، قالوا: و ما هن يا رسول الله؟ قال: (الشرك بالله، و السحر، و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، و أكل الربا، و أكل مال اليتيم، و التولي يوم الزحف، و قذف المحصنات الغافلات المؤمنات) .
و قد لعن الله كل من اشترك في عقد الربا، فلعن الدائن الذي يأخذه، و المستدين الذي يعطيه، و الكاتب الذي يكتبه، و الشاهدين عليه.
جاء عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه و سلم – قال: (لعن الله آكل الربا، و مؤكله، و شاهديه، و كاتبه).
و قال الماوردي: و أجمعت الأمة على أن الربا محرم “حتى قيل أنه لم يحل في شريعة قط لقوله – تعالى- {وَ أَخْذِهِمُ الرِّبَا وَ قَدْ نُهُواْ عَنْهُ} (161) سورة النساء.
يقول ابن حجر ( عد الربا كبيرة هو ما أطبقوا عليه اتباعاً لما جاء في الأحاديث الصحيحة من تسميته كبيرة، بل هو أكبر الكبائر و أعظمها ) .

المطلب الثالث : أقسام الربا
قسم الجمهور الربا إلى نوعين: ربا الفضل، و ربا النساء، و الفضل في اللغة الزيادة، و النساء التأخير.
1- ربا الفضل:
و هو: زيادة عين مال شرطت في عقد بيع على المعيار الشرعي “و هو الوزن أو الكيل” عند اتحاد الجنس.
و نص النبي – صلّى الله عليه و سلّم – على تحريم ربا الفضل في ستة أشياء: الذهب، و الفضة، و البر، و الشعير، و التمر، و الملح، فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلّى الله عليه و سلّم -: (الذهب بالذهب، و الفضة بالفضة، و البر بالبر، و الشعير بالشعير، و التمر بالتمر، و الملح بالملح؛ مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ و المعطي فيه سواء)
هذه الأعيان المنصوص عليها ثبت الربا فيها بالنص و الإجماع.
و اختلف أهل العلم فيما سواها فحكي عن طاووس و قتادة أنهما قصرا الربا عليها، و قالا: لا يجري في غيرها، و به قال داود و نفاة القياس، و قالوا: ما عداها على أصل الإباحة لقول الله – تعالى-: {و أحل الله البيع}.
و اتفق القائلون بالقياس – و هم الجمهور – على أن ثبوت الربا فيها بعلة، و أنه يثبت في كل ما وجدت فيه علتها؛ لأن القياس دليل شرعي فيجب استخراج علة هذا الحكم، و إثباته في كل موضع وجدت علته فيه، و قول الله – تعالى-: {و حرم الربا} يقتضي تحريم كل زيادة، إذ الربا في اللغة الزيادة، إلا ما أجمعنا على تخصيصه، و هذا يعارض ما ذكروه، ثم اتفق أهل العلم على أن ربا الفضل لا يجري إلا في الجنس الواحد، إلا سعيد بن جبير فإنه قال: كل شيئين يتقارب الانتفاع بهما لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً، كالحنطة بالشعير، و التمر بالزبيب، و الذرة بالدهن؛ لأنهما يتقارب نفعهما، فجريا مجرى نوعي جنس واحد، و هذا يخالف قول النبي – صلى الله عليه و سلم -: (بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد، و بيعوا البر بالتمر كيف شئتم) فلا يعول عليه، ثم يبطل بالذهب بالفضة فإنه يجوز التفاضل فيهما مع تقاربهما، و اتفق المعللون على أن علة الذهب و الفضة واحدة، و علة الأعيان الأربعة واحدة، ثم اختلفوا في علة كل واحد منهما، فروي عن أحمد في ذلك ثلاث روايات أشهرهن أن علة الربا في الذهب و الفضة كونه موزون جنس، و علة الأعيان الأربعة مكيل جنس، نقلها عن أحمد الجماعة، و ذكرها الخرقي و ابن أبي موسى و أكثر الأصحاب، و هو قول النخعي و الزهري، و الثوري و إسحاق، و أصحاب الرأي، فعلى هذه الرواية يجري الربا في كل مكيل أو موزون بجنسه مطعوماً كان أو غير مطعوم كالحبوب و الأشنان و النورة، و القطن و الصوف، و الكتان و الورس، و الحناء و العصفر، و الحديد و النحاس و نحو ذلك، و لا يجري في مطعوم لا يكال و لا يوزن لما روى ابن عمر قال: قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم -: (لا تبيعوا الدينار بالدينارين، و لا الدرهم بالدرهمين، و لا الصاع بالصاعين، فإني أخاف عليكم الرماء) -و هو الربا – فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس، و النجيبة بالإبل؟ فقال: (لا بأس إذا كان يداً بيد) .
و قالت الشافعية: العلة في الذهب و الفضة كونهما جنس الأثمان، فلا يتعدى الربا منهما إلى غيرهما من الموزونات، و غيرها لعدم المشاركة، و العلة في الأربعة الباقية: كونها مطعومة، فيتعدى الربا منها إلى كل مطعوم.
و وافق مالك الشافعي في الذهب و الفضة.
أما في الأربعة الباقية فقال: العلة فيها كونها تدخر للقوت، و تصلح له.
و أما مذهب أبي حنيفة – رحمه الله تعالى – فهو أن العلة في الذهب و الفضة الوزن، و في الأربعة الكيل، فيتعدى إلى كل موزون، و إلى كل مكيل .
قال الإمام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: “اتفق جمهور الصحابة، و التابعين، و الأئمة الأربعة على أنه لا يباع الذهب، و الفضة، و الحنطة، و الشعير، و التمر، و الزبيب؛ بجنسه إلا مثلاً بمثل، إذ الزيادة على المثل أكل للمال بالباطل”
2- ربا النسيئة:
هو الذي كان مشهوراً في الجاهلية، و يعرف بالزيادة المشروطة التي يأخذها الدائن من المدين نظير التأجيل.
أن يدفع أحدهم للآخر مالاً لمدة، و يأخذ كل شهر قدراً معيناً، فإذا حل موعد الدين و لم يستطع المدين أن يدفع رأس المال أجل له مدة أخرى بالفائدة الذي يأخذها منه، و هذا هو الربا الغالب في المصارف و غيرها ببلاد المسلمين، و قد حرمه الله – تعالى- على المسلمين و على غيرهم من الأمم الأخرى.
و لا شك أن ربا النسيئة لا خلاف في تحريمه بين الأمة جمعاء، إنما الخلاف في ربا الفضل بين الصحابة و ابن عباس – رضي الله عنهم – أجمعين، و قد ثبت عن ابن عباس – رضي الله عنه – أنه رجع عن قوله و انضمّ إلى الصحابة في القول بتحريم ربا الفضل. و ربا النسيئة تحريمه ثابت بالكتاب، و السنة، و الإجماع.

المبحث الثاني : مضار الربا من الناحية الاقتصادية:
فانه من المعروف بداهة ان الشرع الحنيف انما جاء لدفع المفاسد عن الناس و جلب المصالح لهم و تحقيق السعادة في حياتهم الدنيا و الاخرة فكل ما فيه ضرر على البشر دعى الدين لتركه فوردت نصوص كثيرة حرمت الكثير من الممارسات التي اعتاد الناس عليها في حياتهم فحرمتها لما فيها من الاذية و الضرر المتحقق في حياتهم و حصول هذا الضرر انما هو يتقاطع ويتعاكس مع ما دعت اليه الشريعة السمحاء و اكدت عليه من خلال مبدأ دفع المفسدة و جلب المنفعة و التي تدور الشريعة معه و للربا مضارا كثيرة منها ما يتعلق بالناحية الاقتصادية او يتعلق بالنواحي الاخرى .
و يتجسد هذا الضرر في صور كثيرة منها :
اولا : القروض وهي انواع كالاستهلاكية و القروض الإنتاجية و القروض الحكومية من الداخل، و منها:
أ – القروض الاستهلاكية: و هي قروض يطلبها الفقراء الناس و يلجأ اليها الفقير عند وقوغه في مصيبة أو شدة لقضاء حاجاته الضرورية.
و عادة هذا القرض تكون الفائدة الربوبية عالية جدا نتيجة لاستغلال المرابي الظرف الذي يمر المستقرض و حراجة موقفه و حاجته للمال فيعمد الى اخذ قرض ربوي و المرابي قد لا تكون عليه رقابة او سلطان فقد يقع هذا المستقرض في ورطة قد لا يتخلص منها لباقي عمره.
و هذه العملية هي التي تمكن الرأسمالي من دخل العمال و تجعله مستبداً به دونهم. و نتيجة لذلك تفسد أخلاقهم، و يقترفون الجرائم و الدنايا، و هو يحط من مستوى المعيشة، و يقلل من كفاءاتهم و نشاطهم الذهني و البدني، و هذا ليس ظلماً فحسب بل إنه ضرر على الاقتصاد الاجتماعي، على أن المرابي يسلب قوة الشراء من الفقير، و إذا فترت قوة الشراء تكدست البضائع في الأسواق ونتيجة لهذا التكدس تتوقف بعض المعامل من الإنتاج أو تقلله على الأقل، و بهذه العملية تنشأ البطالة لمئات من البشر، و هذه البطالة تعرقل نمو التجارة و الصناعة.
ب – القروض الإنتاجية: و هذه القروض يأخذها التجار و أصحاب الصناعة و الحرف لاستغلالها في الإنتاج المثمر.
إن هذه العملية التي يأخذ المرابي الربا من دون أن يتعرض لشيء إذا خسر المعمل أو التاجر تؤدي إلى تحرك الميزان الاقتصادي من جانب واحد دائماً و هو جانب المرابي فهو رابح دائماً، أما صاحب المعمل أو التاجر فليس كذلك، فيتضرر جميع العمال و صاحب العمل إلا المرابي فإنه لا يتضرر بذلك حيث أن ربحه مضمون، بالإضافة إلى أن معظم رأس المال مدخر عند الرأسماليين، لأنهم يرجون ارتفاع سعر الربا، فلا يعطي ماله للتجارة أو الصناعة لانتظاره ارتفاع سعر الربا على أن السعر المرتفع يجعل المرابي ممسكاً لماله إلاّ وفق مصلحته الشخصية لا وفق حاجة الناس أو البلاد، و قد يكون السعر المرتفع مانعاً للأعمال النافعة المفيدة للمصلحة العامة مادام ربحها لا يسدد سعر الربا، في حين أن المال يتدفق نحو الأعمال البعيدة عن المصلحة العامة لأنها تعود بربح كثير.
و قد يستعمل التجار الذين هم مطالبون بالربا الطرق المشروعة و غير المشروعة المؤدية إلى اضطراب المجتمع الإنساني و الحط من الأخلاق الإنسانية و ما يترتب عليها من جرائم في سبيل كسب سعر الربا.
ج – القروض الحكومية من الداخل: و هي القروض التي تأخذها الحكومة من أهالي البلاد، فهناك القروض المأخوذة لأغراض غير مثمرة كالحروب، و هناك القروض المأخوذة لأغراض إنسانية اجتماعية كالتجارة مثلاً، و هذان النوعان يشابهان القروض الاستهلاكية و القروض الإنتاجية.
و الملاحظ هنا أن الحكومة تلقي ضغطاً على عامة أهل البلاد بفرض الضرائب و المكوس حتى تستطيع أن تؤدي إلى الرأسماليين (أصحاب القروض) الربا، و التجار أيضاً لايؤدون هذه الضرائب و المكوس من عندهم و إنما يرفعون قيمة السلع فيؤخذ الربا على وجه غير مباشر من كل من يشتري من السوق و هو الفقير و المتوسط الحال. إذن الذي يتضرر تضرراً كاملاً هو الفقير فحسب، لأن صاحب الغلة و أصحاب المصانع و التجار يرفعون من سعر نتاجهم.
ثانيا : الربا يمنع من إنشاء المشروعات المفيدة للمجتمع، لأن الربا: يعني أن المال يولد المال من دون أعمال، أما الأعمال إذا ولدت المال، فهذا يعني أن صاحب العمل استفاد و كذلك المجتمع استفاد، و إذا طرحت هذه المواد أو تلك المنتجات أو هذه الخدمات انخفضت الأسعار لإن توافر المواد يخفض سعرها، و إذا انخفض السعر اتسعت شريحة المستفيدين فإذا اتسعت شريحة المستفيدين عم الرخاء، لأن كل شيء يرفع السعر يضيق دائرة الاستفادة، و المشكلة أنّ الدائرة إذا ضاقت يقل الإنتاج و البضائع تتكدس في المستودعات مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج، و هذا بدوره يؤدي إلى الاستغناء عن العمال فتزداد البطالة و ينقسم المجتمع إلى طبقتين طبقة تملك و لا تعمل و طبقة تعمل و لا تملك، طبقة عاطلة عن العمل و هي طبقة المرابين و طبقة تعمل و لا تملك و كل جهدها لا يكفيها قوت يومها.

المبحث الثالث : أضرار الربا من الناحية الاجتماعية:
للربا أضرار عديدة من الناحية الاجتماعية، منها:
1- الربا له أضرار أخلاقية و روحية، لأننا لا نجد من يتعامل بالربا إلا إنساناً منطبعاً في نفسه البخل، و ضيق الصدر، و تحجر القلب، و العبودية للمال، و التكالب على المادة و ما إلى ذلك من الصفات الرذيلة.
2- المجتمع الذي يتعامل بالربا مجتمع منحل، متفكك، لا يتساعد أفراده فيما بينهم، و لا يساعد أحد غيره إلا إذا كان يرجو من ورائه شيئاً، و الطبقات الموسرة تعادي الطبقات المعدمة. و لا يمكن أن تدوم لهذا المجتمع سعادته، و لا استتباب أمنه، بل لا بد أن تبقى أجزاؤه مائلة إلى التفكك، و التشتت في كل حين من الأحيان حيث بالربا تزرع بوادر الحقد و العداوة و هذا ما نشاهده اليوم بين أطراف الربا سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد الدولي.
3- الربا إنما يتعلق في نواحي الحياة الاجتماعية لما يجري فيه التداين بين الناس، على مختلف صوره و أشكاله. و هذه القروض ضررها يعود على المجتمع بالخسارة، و التعاسة مدة حياته، سواء كانت تلك القروض لتجارة، أو لصناعة، أو مما تأخذه الحكومات الفقيرة من الدول الغنية، فإن ذلك كله يعود على الجميع بالخسارة الكبيرة التي لا يكاد يتخلص منها ذلك المجتمع أو تلك الحكومات، و ما ذلك إلا لعدم اتباع المنهج الإسلامي، الذي يدعو إلى كل خير و يأمر بالعطف على الفقراء و المساكين، و ذوي الحاجات، قال الله تعالى: ﴿وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى وَ لا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَ الْعُدْوَانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
و قال عليه الصلاة و السلام: «مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى»، فلا نجاة، و لا خلاص، و لا سعادة، و لا فكاك من المصائب، إلا باتباع المنهج الإسلامي القويم و اتباع ما جاء به من أحكام و تعاليم.
4- تعطيل الطاقة البشرية، فإن البطالة تحصل للمرابي بسبب الربا و تقاعسه عن العمل الجاد، و الإنتاج المؤدي إلى صلاح الفرد و المجتمع؛ بما يوفره من توفير فرص أكبر للأيدي العاملة.
5- وضع مال المسلمين بين أيدي خصومهم، و هذا من أخطر ما أصيب به المسلمون، و ذلك لأنهم أودعوا الفائض من أموالهم في البنوك الربوية في دول الكفر، و هذا الإيداع يجرّد المسلمين من أدوات النشاط، و يعين هؤلاء الكفرة أو المرابين على إضعاف المسلمين، و الاستفادة من أموالهم.
6- آكل الربا يحال بينه و بين أبواب الخير في الغالب، فلا يقرض القرض الحسن، و لا ينظر المعسر، و لا ينفس الكربة عن المكروب، لأنه يصعب عليه إعطاء المال بدون فوائد محسوسة، و قد بيّن الله فضل من أعان عباده المؤمنين و نفّس عنهم الكرب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه و سلّم أنه قال: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، و من يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا و الآخرة، و من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا و الآخرة، و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» .
7- الربا يقتل مشاعر الشفقة عند الإنسان، لأن المرابي لا يتردد في تجريد المدين من جميع أمواله عند قدرته على ذلك
8- الربا يسبب العداوة و البغضاء بين الأفراد و الجماعات، و يحدث التقاطع و الفتنة و يجرّ الناس إلى الدخول في مغامرات ليس باستطاعتهم تحمّل نتائجها.
و أضرار الربا لا تُحصى، و يكفي أن نعلم أن الله تعالى لا يحرم إلا كلّ ما فيه ضرر و مفسدة خالصة أو ما ضرره و مفسدته أكثر من نفعه.

الخاتمة
موضوع الربا له أهمية كبيرة، و جدير بالعناية من الباحثين و العلماء المخلصين، و ما ذلك إلا لأن الربا آفة خطيرة على الأمة الإسلامية؛ و لأن الربا مضاد لمنهج الله تعالى فيجب على جميع المسلمين التمسك بكتاب الله، و سنة رسوله صلّى الله عليه و سلّم ففيهما الخير كله، و فيهما سعادة البشرية – لمن تمسّك بهما و عمل بما فيهما من أحكام و توجيهات – في الدنيا و الآخرة.
فالربا من اخطر الامراض التي تدمر المجتمعات الانسانية اذ تجعل المجتمع ينقسم الى قسمين قسم دائن و هم قلة قليلة و قسم اخر و هم الاغلب مدين و ما يتبع ذلك من اثارة الضغينة و الحقد بين افراد المجتمع و يؤدي بالنهاية الى دمار و هلاك المجتمع و من هنا فان الشريعة الاسلامية حرمته و حرمت التعامل به و عدت المتعامل به كأنه يعلن الحرب على الله سبحانه و تعالى فقد جاءت الادلة القطعية من كتاب و سنة على تحريم الربا و تجريم فاعله.
و للربا اضرار اجتماعية و اقتصادية جمة تؤثر على حياة الفرد و الاسرة و المجتمع و هذا ما اكدته الدراسات الاقتصادية و الاجتماعية الحديثة و ايضا اكدته نتاجات الحضارة و خبرات البنوك و تجارب المرابحين و التجار؛كل هؤلاء يؤكدون أن الربا مرض سرطاني يجب أن يُستأصل من جذوره لكي تعيش الشعوب بأمان و يعم الرخاء و تنتهي البطالة و يحيى الناس على الحب و التآخي و الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، حتى ننال السعادة في الدارين و نعيش معيشة لا نضل فيها و لا نشقى.

المصادر:

بداية المجتهد ونهاية المقتصد لمحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد الحفيد / تحقيق : محمد صبحي حسن حلاق / سنة النشر: 1415 – 1994 / رقم الطبعة: 1 .
الربا، و آثاره على المجتمع الإنساني، للدكتور عمر بن سليمان الأشقر / الناشر دار النفائس عمان / رقم الطبعة 3 .
رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين) لمحمد أمين بن عمر عابدين/ تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود – علي محمد معوض / الناشر: عالم الكتب / سنة النشر: 1423 – 2003 .
الزواجر عن اقتراف الكبائر المؤلف: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي السعدي الأنصاري / الناشر: دار الفكر الطبعة: الأولى، 1407هـ – 1987م .
صحيح البخاري لمحمد بن إسماعيل البخاري أبو عبد الله / الناشر: دار ابن كثير – دمشق بيروت / سنة النشر: 1423 – 2002 .
صحيح مسلم / لمسلم بن حجاج / تحقيق: نظر بن محمد الفاريابي أبو قتيبة / الناشر: دار طيبة / سنة النشر: 1427 – 2006 / تاريخ الطبعة: 1 .
كتاب الربا/ أضراره وآثاره/ في ضوء الكتاب و السنة فضيلة الشيخ الدكتور/ سعيد بن علي بن وهف القحطاني الناشر مؤسسة الجريسي في الرياض .
المجموع شرح المهذب للنووي ليحيى بن شرف النووي محي الدين أبو زكريا /تحقيق : محمد نجيب المطيعي / الناشر: مكتبة الإرشاد .
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية (مجموع الفتاوى) /لأحمد بن عبد الحليم بن تيمية / الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف / تاريخ الطبعة: 1425 – 2004 .
مسند الإمام أحمد بن حنبل لابي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ) المحقق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، و آخرون إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي الناشر: مؤسسة الرسالة الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م .
المغني لموفق الدين ابن قدامة / تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي – عبد الفتاح الحلو /الناشر: دار عالم الكتب / سنة النشر: 1417 – 1997 / رقم الطبعة : 3 .

http://www.nabulsi.com/blue/

ar/art.php?art=4672&id=142sid=1177&ssid=1187&sssid=1192

الرابط : https://diae.net/56909/

قراءة 2706 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 01 كانون1/ديسمبر 2021 09:14

أضف تعليق


كود امني
تحديث