قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 05 حزيران/يونيو 2022 11:37

على المدى البعيد

كتبه  الدكتور عبد الكريم بكار
قيم الموضوع
(0 أصوات)

أود في هذا المقال وما يليه من مقالات أن أتحدث عن نوعية الوسط أو البيئة التي يجب العمل على المدى الطويل من أجل بنائها؛ كي يتوفر للإنسان المسلم الجو الملائم لأفضل عطاء و أفضل إنجاز ممكن.

و الحقيقة أن أية أمة لا تستطيع استنفار طاقاتها و السيطرة على أوقاتها على وجه مقبول من غير رؤية (استراتيجية) لماهية البيئة التي يجب أن تحيا فيها أجيالها القادمة. و نحن بوصفنا أمة مسلمة لها منهجيتها و رؤيتها و تطلعاتها الخاصة، نعتقد على نحو جازم أن كل أشكال التنمية و كل أشكال التغيير و التطوير يجب أن تستهدف شيئاً واحداً هو توفير بيئة تساعد الإنسان المسلم على القيام بأمر الله -تعالى- على أفضل وجه ممكن، و هذه الرؤية نهائية و واضحة، و هي مستمدة من مجموعة العقائد و المفاهيم الكبرى التي نحملها، و هي رؤية متفردة، ليست لأي أمة من أمم الأرض اليوم، و هي إحدى سنن الله علينا.

إذا كان من غير الممكن -في عالم الأسباب- توقع حصول مستقبل مغاير مغايرة كبيرة للواقع؛ فإن علنا – إذا ما أردنا تكوين البيئة التي نريد – أن نحسَّن و نرشَّد القرارات اليومية التي نتخذها في كل صعيد و على المستويات كافة؛ إذ إن تشييد البنيات الثقافية و الأخلاقية و الاجتماعية يحتاج إلى أزمنة متطاولة و هو لا يتم على النحو الصحيح إلا من خلال العمل الحكيم و الجذري و المتدرج.

البيئة تعني مجموعة المفاهيم و الأخلاقيات و التقاليد و الظروف و المعطيات و النظم المتوفرة و السائدة في بلد من البلدان .

و إن البيئة ذات دوائر متسعة منفتحة، و الدائرة الأضيق بالنسبة إلى كل واحد منا هي الأكثر تأثيراً في حياته؛ فالأم هي أكثر من يؤثر في الطفل ثم الأسرة عامة، ثم الأقرباء و أهل الحي و هكذا…

و البيئة من وجه آخر أشبه بحبل غليظ مكوَّن من ألوف الخيوط و الشعيرات الدقيقة، و كل عدد من تلك الخيوط و الشعيرات ينتمي إلى مجال من المجالات الروحية و المعنوية و المادية. و قد دخل في نسيج ذلك الحبل في مرحلة من مراحل تكوّن ثقافة الأمة و الأوضاع العامة التي تحيا فيها. و هناك تقريب للفكرة و إشارة إلى بعض تلك الخيوط و الشعيرات في عدد من الأحاديث النبوية، منها قوله صلى الله عليه و سلم: “كل سُلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع في الشمس تعدل بين الاثنين صدقة، و تعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، و الكلمة الطيبة صدقة، و بكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، و تميط الأذى عن الطريق صدقة”، و قوله : ” الإيمان بضع و سبعون أو بضع و ستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، و أدناها إماطة الأذى عن الطريق، و الحياء شعبة من الإيمان” و قوله: “كل معروف صدقة”.

إن قول الله – جل و علا –: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * و من يعمل مثقال ذرة شراً يره) يدل على رؤية الناس لجزاء أعمالهم في الآخرة، و يمكن أن نهتدي به في القول: إن ما يفعله الناس من خير و صلاح و معروف و تنمية جيدة – إن كل ذلك يرونه في نوعية الأوضاع و الظروف العامة التي يعيشون فيها، و التي ستعيش فيها ذراريهم من بعدهم؛ كما أنهم جميعاً سيرون آثار ما يصدر عنهم من شرور و آثام و أخطاء و خطايا على شكل صعوبات و مشكلات و معوقات في وجه الحياة الطيبة التي يسعون إليها.

و إني أعترف هنا -و قبل كل شيء- أنني لا أملك الإمكانية الذهنية و لا المعرفة الكافية لرسم ملامح خطة شاملة و بعيدة المدى تستهدف توفير بيئة تساعد الفرد المسلم و الدولة المسلمة على النهوض بأعباء الاستخلاف في الأرض، لكني سأبذل جهدي في وضع بعض النقاط على بعض الحروف الكبيرة، و من الله – تعالى- الحول و الطول.

1- قلما وجّه الدعاة و المصلحون لدينا اهتمامهم إلى نوعية البيئة التي يحتاج إليها المسلم كي يحيا زمانه بفاعلية و درجة من الراحة في إطار العقيدة و القيم و الآداب التي يؤمن بها، فقد كان الاهتمام – و ما زال- بما يجب قوله أو بشروط الداعية الناجح دون النظر إلى الشروط التي تجعل المدعوين أقرب إلى التفاعل و الاستجابة مع أن تأثير الظروف و المعطيات السائدة في توفير خيارات الحركة، و في حفز الناس على تحديد اتجاهاتهم و مواقفهم تأثير هائل، و أكبر بكثير مما نظن.

إن الفرق بين البيئة المعاكسة و البيئة المواتية للاستقامة و الرشاد و العطاء كالفرق بين من يسبح عكس التيار، و من يسبح مع التيار؛ حين نطلب من شاب أن يبدع و يصبح باحثاً متميزاً في فرع من فروع العلم، و نجد أنه يعيش مع خمسة من إخوته في حجرة واحدة، و ليس معه ثمن مرجع يشتريه، و لا تكاليف تجربه يجريها، كما أنه ليس في البلد الذي يقيم فيه مكتبة عامة و لا مركز تدريب و لا جمعية خيرية تمد يد العون في شيء.. حين نطلب ذلك؛ فإن الاستجابة ستكون في منتهى الصعوبة، و ستكون في معظم الأحيان هزيلة، و سيكون المستجيبون من الشباب للتحفيز على البحث و الإبداع قلة قليلة، أما الباقون فإنهم سيرضخون للظروف و سيرضون بأقل القليل من الإنجاز. و هذا ما هو حاصل فعلاً الآن في كل أنحاء العالم، و في كل مجالات الحياة. البيئات المحطَّمة و الهشة و الجاهلة تحطم قوى من يعيش فيها، و تحطم تطلعاته و طموحاته، و تجعل آفاقه محدودة. و لهذه القاعدة شذوذات ملموسة، لكن الذي يمنح الحياة ملامحها ليست الأمور الشاذة و النادرة و إنما الأمور الغالبة و الكثيرة.

إن بلداً صغيراً مثل هولندا أو بلجيكا يسجل من براءات الاختراع ما يعادل نصف ما يسجله العالم الإسلامي بطوله و عرضه!، و إن براءات الاختراع التي تسجل في (إسرائيل) سنوياً يزيد على ما يسجل في الوطن العربي ذي الثلاثمائة مليون!!، و إن ما تنشره جامعة (هارفارد) من بحوث سنوياً يعادل ما تنشره كل الجامعات العربية مجتمعة!!.

2- إذا تأملنا في ردود أفعال الأمة على جملة الانحرافات التي كانت تحدث فيها لوجدنا أننا على مدار التاريخ – مع استثناءات مقدَّرة – كنا نعالج مشكلاتنا بوسيلتين؛ هما: سنّ المزيد من النظم و القوانين التي تقيّد حركة الناس و تحدّ من اندفاعاتهم، و قد عبّر عن هذا عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- حين قال: ” يحدث للناس من الأقضية على مقدار ما يُحدثون من الفجور” أي يحدث نوع من التشديد في الأقضية و الجزاءات على مقدار ما يصدر منهم من تصاعد في الانحراف.

و الوسيلة الثانية هي: (القوة) بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، و قد أشار إلى ذلك عثمان – رضي الله عنه – حين أطلق مقولته الشهيرة: “إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، و لو أن أبا بكر – رضي الله عنه– قال ذلك لما قُبل منه و لما كان دقيقاً؛ لأن الردع في زمانه كان بالقرآن (و هو ما نعبر عنه اليوم بالثقافة) أكثر من الردع بالسلطان (و هو ما نعبر عنه القوة)، و مع اضمحلال دور الثقافة و الوازع الداخلي كان اللجوء إلى استخدام الشدة في إدارة الحياة العامة يتعاظم و ينتشر، و قد نقل ابن حجر في فتح الباري عن الشعبي قوله: ” كان عمر فمن بعده إذا أخذوا العاصي أقاموه للناس و نزعوا عمامته، فلما كان زياد ضرب في الجنايات بالسياط، ثم زاد مصعب بن الزبير حلق اللحية، فلما كان بشر بن مروان سمر كفَّ الجاني بمسمار، فلما قدم الحجاج قال: هذا كله لعب فقتل بالسيف”.

النتيجة النهائية لهذه و تلك هي إخراج المسلم الخائف و الخانع و السلبي و الإمعة و إخراج المجتمع الذي يُظهر ضروباً من الامتثال للنظم السارية في الوقت الذي يضمر فيها روح التمرد و التبرم، كما يضمر الكثير من السلوكات و الأعمال السيئة. و مع إيماننا بأنه لا يمكن لمجتمع أن يعيش من غير نظم و قوانين توجه الحركة الاجتماعية و تشكل المرجعية الأخلاقية و التنظيمية للناس، و مع إيماننا بأن الدولة مهما كانت عادلة و فاضلة و ناجحة لا تستغني عن استخدام شيء من السلطة و القوة؛ إلا أن علينا أن ندرك أن هذا الأسلوب في معالجة الأخطاء ليس هو الأسلوب الصحيح من وجهة النظر الإسلامية، و لا هو بالأسلوب العملي و المنتج و الملائم لبلوغ الأهداف التي نسعى إليها.

على المدى البعيد لا بد من العمل على توسيع مجال عمل (الثقافة) في تحديد مسارات المجتمع وفي كبحه عن الانحراف و الرذيلة. فجوهر الإيمان و الإسلام لا يقوم على الإكراه و لا على الامتثال للضغط الخارجي،  و إنما يقوم على الاختيار و المبادرة الشخصية و الشعور بالمسؤولية. و الدولة الفاضلة هي التي تدير شؤون مجتمعها بأقل قدر من القوانين و من أدوات القهر و الإكراه، و الفضيلة لا تكون لذلك إلا بتعشق الناس لها و استعدادهم للتضحية من أجلها.

إن كثرة السجون و تصاعد الرقابة الصارمة، و سن المزيد من القوانين؛ هو دليل على قصور التنشئة الاجتماعية، كما أنه دليل على ضعف الإيمان و أدبيات التدين السائد في تشكيل مواقف الناس و سلوكاتهم، و دليل على ضعف جاذبية الدولة في كسب ولاء الناس و تجاوبهم. و قد آن الأوان للتفكير العميق و العمل الجاد من أجل تشكيل بيئة يمتنع فيها الناس عن الانحراف و الفساد بدافع من إيمانهم و خوفهم من الله –تعالى- و ليس بدافع من خوف الدولة أو كلام الناس. و مداخل مثل هذا الاتجاه واضحة لدى أهل البصيرة و الخبرة.

فإن وضع الأمة في بيئة تساعدها على تحسين إنتاجيتها و تحرير طاقاتها و اكتشاف إمكاناتها الحضارية الكامنة؛ يتطلب أن نعطي لمسائل الأمن و الاستقرار و السلام و الوئام الاجتماعي جلَّ اهتمامنا و عنايتنا.

حين يضطرب حبل الأمن فإن الفرصة تصبح متاحة لظهور كل أشكال التوحش و الهمجية التي اختفت تحت قشرة رقيقة من طلاء الحضارة. و قد دلت شواهد التاريخ و معطيات الواقع أن أشد الحاجات إلحاحاً تتمثل في اهتداء الناس إلى طريقة ناجعة لإدارة العنف و التوتر الذي ينشأ نتيجة تصادم رغباتهم و مصالحهم؛ حيث إن اجتماع الناس بعضهم مع بعض على مقدار ما يوفر من المباهج و المسرات و المشاعر الحميمة يوفر إمكانات التناحر و التحارب.

حاجة الناس إلى أن يتعايشوا في إطار نظم و قوانين توضح مبادئ حقوقهم و واجباتهم حاجة ماسَّة؛ لكن هذه الحاجة لا يمكن تلبيتها في أجواء الحرب الأهلية و التطاحن الاجتماعي.

إن القانون السائد مهما كان غير عادل و غير مكتمل فإنه يظل خيراً من الوضعيات التي لا يحكم فيها أي قانون حيث يتحول المجتمع إلى غابة ليس فيها إلا مفترِس و مفترَس و ظالم و مظلوم!.

ليست إدارة العنف داخل المجتمعات بالأمر السلس و اليسير، فهذه القضية دوَّخت العالم من أدناه إلى أقصاه، و التقدم الذي تحقق على صعيدها نسبي و غير مرضٍ في معظم الحالات، و لعلي أقف مع هذه المسألة الوقفات التالية:

1- هناك تشوق إنساني عميق إلى ما يمكن أن نسميه (تحقيق الذات) حيث يتطلع الإنسان إلى أن يؤكد لنفسه و للآخرين قدرته على القيادة و التأثير و استحقاقه للريادة و التسامي نحو المعالي. و هو في سبيل ذلك مستعد للتضحية و البذل كما أنه مستعد عند الحاجة لتجاوز كل المبادئ و القيم؛ بل ارتكاب الجرائم إذا اقتضت الضرورة ذلك!. الأنشطة الروحية و الأدبية و التطوعية و الاجتماعية تساعد المرء على تحقيق ذاته و الكشف عن إمكاناته؛ فهذا يحقق ما يتطلع إليه عن طريق تأسيس رابطة، و ذاك يحققه عن طريق رئاسة جمعية، و ثالث يحققه عن طريق الانخراط في حركة لحماية البيئة و هكذا..، لكن بما أن كل جماعي يؤسس لسلطة جديدة، و يثير حساسية معينة لدى بعض الجهات؛ فإن هناك رغبة قوية في ابتعاد الناس عن كل الأنشطة الجماعية و الحرة مهما كانت نبيلة الأهداف و عظيمة الفوائد و النتائج. و من هنا فإن انسداد الآفاق أمام الأنشطة المشار إليها أو تضييقها و انحسارها إلى حد كبير؛ دفع بالناس إلى أن يجعلوا تحقيق ذواتهم يتم عن طريق جمع الأموال و الثروات و اقتناص الوجاهة و إظهار السيطرة عن طريق التفنن في إنفاقها و استخدامها. و بما أن المعروض من (المال) هو دائماً أقل من المطلوب – حيث لا يملأ فم ابن آدم إلا التراب- فإن منافسة ضارية قد اشتعلت في كل مكان من ديار المسلمين و على كل المستويات، و على مدار التاريخ كانت المنافسة متصلة بانحطاط المدنية و سوء الأخلاق، حيث يدفع الحرص على جمع المزيد من المال نحو الكذب و الغش و الخداع و الرشوة و التضحية بالكرامة و ارتهان الذات.. و قد صرتَ تلتقي بأشخاص كثيرين لا ترى فيهم أبداً ما يدل على أنهم يرجون الله و الدار الآخرة، أو يقيمون أي اعتبار لمبادئ الإسلام و قيمه! و فقدت الحياة بذلك أجمل معانيها!. إن إطلاق الأنشطة الروحية و الأدبية و التطوعية المختلفة و التحفيز عليها و تيسير سبلها، يخفف إلى حد كبير من الطلب على المال، و يخفف بالتالي من حدة التعانف الأهلي و التوتر الاجتماعي.

و أعتقد أن علينا أن نبتكر في إيجاد الأطر و الأوعية و النظم التي تتيح للناس الشعور بتحقيق الذات و إشباع التطلعات على نحو لا يتصل بالمال أو أي اعتبار آخر.

2- لن يتحقق السلام في مجتمعاتنا و لا الأمن و لا الاستقرار و لا الشعور بالانتماء للوطن ما لم يسد العدل و تكافؤ الفرص و نفاذ القوانين عل الناس دون استثناء و دون اعتبار خصوصية لأي كان. و الحقيقة أن الإسلام عانى طويلاً مع العرب و مع كل المجتمعات التي تقوم فيها الروابط على أساس العرف و النسب؛ و كان الهمُّ المسيطر خلال تاريخنا الطويل – على المستوى السياسي و القانوني- هو نقل المجتمعات الإسلامية من مرحلة القبيلة إلى مرحلة الدولة، أي من مرحلة الولاءات و التكتلات  و تبادل المنافع على أساس الولادة و معطيات التاريخ إلى مرحلة الخضوع للأحكام الشرعية و القوانين و النظم السارية. و يجب أن نعترف أنه لم تسجل اختراقات ذات شأن على هذا الصعيد. و على نحو عام فإن النجاحات كانت محدودة جداً و هذا الإخفاق في الانتقال من مرحلة الدولة كان السبب الجوهري وراء كثير من الفتن و الثورات التي كانت تجتاح الأمة في العديد من فتراتها التاريخية. و هو نفسه السبب الكامن خلف سلبية الإنسان المسلم عامة و العربي خاصة تجاه المخاطر المحدقة التي تتعرض لها بعض الأوطان الإسلامية إلى درجة أن يقوم الناس و يحتجوا في الغرب ضد ممارسة حكوماتهم تجاهنا، و نحن سادرون غافلون و منهمكون في همومنا الشخصية، و كأن الأمر لا يعنينا من قريب أو بعيد!!.

حين سرقت امرأة من بني مخزوم – فخذٌ من أنبل أفخاذ قريش- أهمّ ذلك قريشاً: كيف تُقطع يدُ مخزومية ؟! و قالوا: من يكلَّم رسول الله – صلى الله عليه و سلم – إلا أسامة بن زيد حبُّ رسول الله؟ فكلّمه أسامة في ذلك، فقال الرسول: ” أتشفع في حد من حدود الله ؟! ثم قام – عليه الصلاة و السلام – خطيباً في الناس ليعلن لهم مبدأ من أهم المبادئ التي تقوم عليها الأمم و الحضارات العظيمة حيث قال: ” إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، و إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد!. و أيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”.

ربما نكون قد قدَّمنا نموذجاً واحداً ثابتاً و شاملاً في مسألة تكافؤ الفرص و إشاعة العدل و التعامل على أساس الكفاءة الشخصية و ليس على أي أساس آخر؛ ذلك النموذج هو ما يتم في تشكيل المنتخبات الوطنية التي تمثل بلاد المسلمين في الألعاب الرياضية الدولية. هنا يتم تحري الأكفأ و الأليق دون حساسيات و دون حسابات خاصة و دون اعتبار لمنافع جانبية؛ في الأعم الأغلب. و أنت تلاحظ ما يثيره هذا السلوك الجيد من حمية الناس و حماستهم و تعاطفهم حيث ينقلب الشخص غير المكترث بذهاب وطن إلى إنسان مشتعل حماساً إلى درجة لا تُصدَّق بسبب دخول كرة فريقه الوطني في شباك مرمى المنافس! و إني لا أشك أن الناس سوف يتفاعلون و يبذلون و يهبّون تجاه كل المسائل الكبرى إذا شعروا أن الأمور تجري فيها على ما ينبغي، و وجدوا الإطار الذي يعبرون من خلاله عن ذلك؛ فالخير متأصل في النفوس و الولاء لأمة الإسلام و للمجتمع الإسلامي ضارب أطنابه في أعماق شخصية المسلم.

الوطنية في جوهرها شعور بشرف الانتماء لبقعة من الأرض تحكمها نظم و قوانين واحدة، و يجمع الناس الذين يعيشون عليها الالتزام بمبادئ و قيم موحدة، و السعي إلى أهداف متقاربة و لا معنى للانتماء إلى أرض لا تتوفر فيها هذه المعاني. و قد قال أحدهم : لماذا أدافع عن وطن لم يؤمّني من خوف، و لم يُطعمني من جوع، و لم يساعدني على ارتجاع حقي المغتصب؟!.

3- يتطلب استتباب الأمن و الشعور بالسلام و الاستقرار إحساس الناس بأن لهم نوعاً من المشاركة في إدارة الشأن العام. أما في الأمور اللصيقة بهم؛ فلا يُتخذ قرار دون موافقة أغلبيتهم عليه. و إن قول ا لله – جل و علا- ( و أمرهم شورى بينهم) يوضح أن بعد الشورى ليس سياسياً فحسب؛ و إنما لها أبعاد أخرى: أخلاقية و تربوية و اجتماعية.

على المستوى السياسي من المهم جداً أن يعرف الناس أنهم من خلال الشورى يستطيعون تحقيق ولايتهم على أنفسهم، و يستطيعون أن يثقوا أنهم إذا ابتلوا بحكومة سيئة، فإنهم قادرون على التخلص منها من غير إراقة دماء أو تخريب للمرافق و الممتلكات العامة؛ فالسلم الاجتماعي لا يأتي من خلال الدعوة إليه، و إنما من خلال فتح طرق للتغيير و التطوير و التحسين، تبتعد عن التآمر و القتل و التخريب. إننا أحياناً نمتنع عن استشارة الناس خوفاً من أن يأتوا بعناصر سيئة تسيء للدين و المصلحة العامة، و هذا الخوف مقدَّر و معتبر و قد يحدث هذا فعلاً في بعض الأحيان و لاسيما في البدايات أو عند فساد التربية، لكن هذا لا يشكل القاعدة، فالولاء للدين و للصلاح و الكفاءة قوي جداً في الأمة؛ و في الإمكان وضع ضوابط تحد من مخاطر هذا الأمر. و على كل حال فلن نستطيع أبداً العثور على صيغة في إدارة العنف و تسيير الشأن العام، تخلو من السلبيات أو الأخطاء. و لا بد في سبيل أن تنال بعض الأشياء من أن تخسر أشياء أخرى. هذا هو حال الإنسان الذي يجد نفسه أبداً عاجزاً عن الصدور عن رؤى كلية و بناء تنظيمات و ترتيبات كاملة.

إننا في حاجة ماسَّة حتى ننهض و نتخلص من أشكال العنف إلى أن نجعل الشورى تقليداً محترماً في بيوتنا و مدارسنا و دوائرنا و مؤسساتنا وكل مناشط حياتنا؛ فالقضايا الكبرى تظل قضايا خاسرة ما لم تتصد الأمة لحملها و المساهمة في إنجاحها. و كل حمل يتم خارج رحم الأمة هو أشبه بالحمل الكاذب. لكن الأمة غير مستعدة للتضحية ما لم تشعر أنها تشارك في صنع القرار، و أنها ليست عبارة عن أدوات للتنفيذ فقط. و على علمائنا و مفكرينا و خبراء التشريع و القانون فينا أن يبدعوا في إيجاد صيغ تنظيمية تجعل الشورى أسلوب حياة، كما تجعل منها أداة للإصلاح و الارتقاء في إطار الأصول و الثوابت التي نؤمن بها.

4- إنني أتساءل دائماً: هل يمكن للأمن و النظام و السلام و الاستقرار و التعايش السلمي أن يتم في أي مجتمع من المجتمعات دون وجود تنظيم جيد للنقد و المعارضة و تضارب الرؤى و الآراء و الاتجاهات؟

ليس من المقبول في اعتبار العقل و الشرع أن يقول من شاء ما شاء دون خوف المساءلة القضائية عن صحة ما يقول، و لا أن يفعل الناس ما يعنّ لهم و لو كان ضاراً بالمصلحة العامة. كما أنه ليس من المقبول أن تكمم الأفواه، فلا يتمكن أي أحد من إبداء وجهة نظره في شأن عام، مهما كان رأيه سديداً و رشيداً، فالقرآن الكريم شجّع الناس على ممارسة النقد من خلال معاتبة النبي – صلى الله عليه و سلم- على بعض اجتهاداته و معاتبة الصحابة – رضوان الله عليهم- على بعض ما وقع منهم؛ حيث يُعد التستر على الأخطاء أكبر مشجع على تكرارها و استمرارها، و حيث يُعدّ النقد و البحث عن أشكال القصور و أنواع الأخطاء و الخطايا من أفضل الوسائل المساعدة على الإصلاح و تخليص الناس من كثير من المشكلات و الأزمات و محاصرة المفاسد و الشرور.

إن تراثنا الفقهي لم يستوف التنظير و التعقيد لضوابط النقد و المعارضة و تضارب الآراء على نحو يغنينا عن النظر و الاجتهاد، بل إن كثيراً من التفاصيل و الحيثيات ما زالت غامضة، و أعتقد أن كثيراً من الاضطرابات الهوجاء و الأزمات الخانقة التي مرت بها الأمة كان بسبب التطرف في التعامل مع هذه المسألة؛ فالحريصون على بقاء كل شيء على ما هو عليه مهما كان غير ملائم و غير صحيح ضيقوا أبواب النقد إلى حد إسكات الناس عن قول أي شيء. و الذين كانوا يشكون من سوء الأحوال كانوا يريدون قلب كل شيء رأساً على عقب بعيداً عن الرفق و التدرج و المجادلة بالتي هي أحسن. و قد آن الأوان لأن تتلاحم الصفوف، و تتشابك الأيدي بين الجميع و من كل المستويات و المجالات من أجل العمل الدؤوب على إرساء التقاليد و سنّ القوانين و تشييد المؤسسات و إبداع الأفكار التي تنشر الأمن و السلام و حب النظام و الالتزام بالأحكام الشرعية و الأعراف الصالحة و القوانين السارية، و تساعد في الوقت نفسه على نبذ التعانف و التقاتل و اللجوء إلى القوة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.

فإن لدى كثير من أهل الخير حساسية خاصة نحو الحديث عن الاقتصاد و التنمية و الزيادة السكانية و البطالة؛ فهم يشعرون أن الاهتمام بهذه الأمور لا يخلو من نزوع نحو الدنيوية و المادية، و إعطاء الاعتبارات المعيشية أكثر مما تستحق من العناية و الانتباه. و في تصوري أن هذه الحساسية لم تعد سائغة اليوم، فأنا مع اعتقادي بضرورة توخي الحذر من الوقوع في شرك الحسابات و الاعتبارات المادية البحتة بعيداً عن المبادئ و الأهداف الإسلامية إلا أنني أعتقد أن من شأن التقدم الحضاري أن يضعف إرادة المقاومة لدى الناس تجاه المغريات، و من ثم فإنهم يُظهرون المزيد من الاستجابة لضغوط البيئة و متطلبات العيش، و كثيراً ما يكون ذلك على حساب مبادئهم و قيمهم؛ مما يعني أن تحسين شروط العيش إلى حدود مقبولة، سيساعد الناس على أن يحققوا مصالحهم في إطار مبادئهم و أخلاقياتهم؛ و العكس صحيح.

إن كثيراً من سقم التفكير و تخلف الخطط و المناهج الإصلاحية يأتي من خلال الانغلاق و صرف الاهتمام عن التطورات المتسارعة فيما يتعلق بحاجات الناس و ضرورات وجودهم، و من خلال عدم الاكتراث بالتحولات في ذائقتهم الثقافية و نظرتهم إلى الضغوط و المرفهات و الحقوق و الواجبات، و إن مفتاح فهم كل ذلك يكمن في شيء واحد هو الانفتاح على الواقع و التأمل في تداعياته و إحالاته و اتجاهاته؛ إذ ما فتئ فهم الواقع و استكشافه بإيجابية مصدراً لتطوير الذهنية و توجيه المعرفة و مصدراً لإعادة ترتيب الأولويات.

لا بد من هذه اللحظة و على المدى البعيد من العمل على إيجاد تنمية اقتصادية تكافئ الزيادة السكانية في العالم الإسلامي. و من المهم أن ندرك أن كل الأمم التي اعتمدت في معيشتها على الزراعة و الرعي خلال القرنين الماضيين تواجه مشكلات اقتصادية متفاقمة؛ فالناس يزيدون، لكن الأرض لا تزيد، فهي مع كل جيل تشهد نقلة في التفتت و التضاؤل؛ و على سبيل المثال فإذا قلنا: إن زيداً من الناس يملك مئة فدان من الأرض، و له خمسة من الولد، فإنه بعد وفاته ستقسّم ليكون لكل واحد عشرون فداناً. فإذا توفي أولئك الخمسة، و ترك كل واحد منهم أيضاً خمسة (فيكون المجموع خمسة و عشرين ولداً) فإن نصيب الواحد منهم سيكون أربعة أفدنة. فإذا قلنا إن أولئك الخمسة و العشرين من الأحفاد توفوا، و ترك كل واحد منهم أيضاً خمسة من الولد، فإن عددهم سيكون مئة و خمسة و عشرين، و سيكون نصيب الواحد منهم من تلك الأرض 80% من الفدان. و عليه أن يأكل من هذا القدر الضئيل و أن يبيع على نحو يمكنه من شراء كل حاجاته المتسعة و دفع تكاليف تعليم أبنائه و تطبيبهم و كسوتهم، حيث إن العولمة تدفع الحكومات نحو التخلص من كل الخدمات المجانية التي تقدمها؛ ليواجه كل واحد مصيره على نحو منفرد!.

و هكذا فعبر قرن من الزمان تنخفض حصة الشخص من الأرض إلى أقـل مـن 1%! و ليس هذا من صنع الخيال، بل هو الواقع المشهور و الملموس و ليس الذين يعملون في الرعي بأحسن حالاً؛ فالأرضي المخصصة للرعي هي الأخرى تتفتت و تزدحم فيها الماشية، و يزحف عليها العمران، و يقل عطاؤها بسبب تراجع كمية الأمطار في معظم أنحاء الوطن العربي.

إن نسبة الزيادة السكانية في العالم الإسلامي بشكل عام مرتفعة إذا ما قسناها بما لدى الدول الأخرى، فعلى سبيل المثال يزيد السكان في الدول العربية سنوياً بنسبة 3% في الحد الأوسط على حين أن الزيادة في بريطانيا تبلغ 1.% و في فرنسا 6.% . أما بلد مثل روسيا؛ فإنه يعاني من نقص في السكان يصل إلى نحو مليون إنسان في السنة، و ينقص عدد سكان ألمانيا نحواً من مئة ألف شخص في السنة. و حتى نعرف حجم الزيادة السكانية، و تطورها السريع؛ فإن من المفيد أن نعلم أن إجمالي سكان الوطن العربي كان عام 1400هـ نحو من 160 مليون نسمة. و يتوقع أن يكون وصل عام 1420هـ إلى 300 مليون نسمة، و إن بلداً مثل الجزائر يتضاعف سكانه كل 25 سنة، و من المتوقع أن يرتفع إلى 285 مليون نسمة خلال قرن!.

و يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الشعوب الإسلامية شعوب فتيّة، حيث إن حوالي نصف السكان هم من الأطفال و الأشبال دون سن الخامسة عشرة. و هذا يعني أن لدينا أعداداً هائلة تحتاج إلى تربية و تعليم و استيعاب نفسي و اجتماعي، ثم إلى فرص عمل و خدمات عامة كثيرة.

ليست الزيادة السكانية في حد ذاتها مشكلة .. على العكس إنها ميزة؛ حيث لا يمكن اليوم لدولة أن تصبح دولة عظمى إذا لم يصل سكانها إلى الخمسين مليوناً على الأقل. لكن علينا أن ندرك من وجه آخر أن الازدحام على موارد محدودة وعدم القدرة على تأمين الحد الأدنى من الحاجات الضرورية، و تأمين تعليم و تدريب جيدين؛ سيجعل من هذه الأعداد الغفيرة من الفتيان و الشباب أشبه بجيش جرار لم يتلقَّ من التدريب و لم يجد من التنظيم و لا من التسليح ما يكفيه؛ إنه في هذه الحالة يصبح هدفاً سهلاً للعدو، إنه يصبح أرقاماً غير ذات معنى، و بعض العنصريين من الغربيين يقولون باستخفاف: إن في العالم خمسة مليارات من البشر، منهم مليار – أي أبناء العالم الصناعي- مواطنون و الباقون سكان.

في حديث القصعة وصف واضح للكثرة العددية الفاقدة للكيف و المضمون. فقد قال صلى الله عليه و سلم: “يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قالوا: أو من قلة نحن يومئذٍ يا رسول الله؟! قال: لا. أنتم يومئذٍ كثيرون و لكنكم غثاء كغثاء السيل…”.

إذاً مشكلة المسلمين في آخر الزمان ليست مشكلة (كم) و لكن مشكلة (كيف) و (نوعية).

عدم وجود تنمية جيدة في معظم أنحاء العالم الإسلامي دفع بأبنائنا و إخواننا إلى الهجرة إلى الغرب، حيث يشتغل معظمهم في مهن وضيعة يترفع الأوروبي عن العمل فيها. و هناك يضيع نصف الجيل الثاني و معظم الجيل الثالث، حيث الانسلاخ شبه الكامل عن العقيدة و الهوية. و عيش أبنائهم في الغرب على هامش المجتمع، دفع بهم إلى الجريمة و الرذيلة و إدمان المخدرات، فصاروا يشكلون نسبة مخيفة من نزلاء السجون هناك!

و توجُّه فرنسا إلى منع الحجاب يشكّل نوعاً من التعبير القانوني عن الضيق من جاليات باتت تشكل عبئاً على المجتمع، و هي بادرة خطيرة، و ربما تحدو دول غربية أخرى حذوها، و يصبح الملتزمون من المسلمين في الغرب في وضعية أشبه بوضعية من وجد نفسه بين المطرقة و السندان.

و من واجبنا جميعاً أن نحول دون ذلك بكل وسيلة ممكنة.

لا أريد أن أتحدث أكثر من هذا عن الحاجة إلى تنمية اقتصادية تعتمد على أسس و منطلقات جديدة، و إنما أحب أن أركّز على نقطتين هنا:

الأولى: حتى يتحسن وضع فرص العمل، و حتى تفتح حقول جديدة لكسب الرزق، فإنه لا بد من الارتقاء بالتعليم و تشجيع الناس على أن يتخذوا من التدريب المنهجي مدخلاً لاكتساب المهارات و تنمية الشخصية.

إن التعليم في معظم أنحاء العالم الإسلامي يعد بالمعايير العالمية قاصراً عن الوفاء بحاجات العصر؛ فالفصول مكدسّة بالطلاب، و أسلوب التدريس مبني على أن يقوم المدرس بكل شيء، و يظل الطالب في موقع المتفرج و ليس المشارك و المتفاعل. و التجهيزات المدرسية معدومة أو عند حدها الأدنى. و الأهم من هذا و ذاك فقد المدرسين و الطلاب للحماسة المطلوبة لنجاح العمل التعليمي. و لا يختلف التعليم الجامعي في هذا كثيراً عن التعليم الأساسي، مع استثناءات قليلة.

و لا شك أن هناك الكثير من الاقتراحات و الحلول المطروحة للنهوض بالتعليم، لكن ستظل الأمور تزداد سوءًا ما لم تحدث تحولات جذرية في أوضاع المدارس و في العلاقة بين البيت و المدرسة. و قد آن الأوان ليساهم الآباء في تأمين تعليم جيد لأبنائهم من خلال تشكيل عدد كبير من مجالس التعليم في الأحياء و القرى، و يكون لها صلاحيات واسعة جداً في بحث أوضاع المدارس و توجيهها و محاولة النهوض بها، و لا بد من الآن فصاعداً من أن يخصص كل واحد منا جزءاً من ميزانيته الخاصة لمؤازرة المدارس في القيام برسالتها من خلال التوسع في مبانيها و تدعيم مختبراتها و تجهيزاتها المختلفة.

التعليم الجيد وحده هو الذي يوجد في نفس الطالب الولاء لمدرسته و من خلالها لوطنه و أمته. و التعليم السيئ يجعل الطالب زاهداً في كل ذلك، و إلى جانب تطوير التعليم لا بد من إرساء تقاليد ثقافية تمجد التدريب على اكتساب المهارات و الطرق الجديدة في إدارة الأعمال و تنفيذ المهام، فالتطور السريع الحاصل الآن في كل مجالات الحياة سيجعل كل ما لدى الواحد منا من مفاهيم و خبرات و مهارات محدود مدة الصلاحية، حيث تتسارع إليه الشيخوخة، و هو ما يزال في طور الصبا. و قد أدركت الأمم المتقدمة، و صارت تنفق بسخاء بالغ على التدريب انطلاقاً من هذه الحقيقة. إن مجمل ما تنفقه اليابان على التدريب يزيد على 80 مليار دولار في السنة. أما الولايات المتحدة فإنها تنفق ما يتراوح بين 120 مليار دولار و 180 مليار. و لا بد من الآن فصاعداً من أن نسلك كل سبيل لإقناع الناس بأهمية التدريب لدخول سوق العمل ثم الاستمرار فيه. و لا بد أن يكون واضحاً في العقود الجديدة تحديد ما ستقدمه المؤسسة أو الشركة أو المصنع أو الجامعة من تدريب و تعليم لمن سيعمل فيها.

الثانية: من المهم أن ندرك أننا في زمان فريد، بات ارتقاء الإنسان فيه منوطاً إلى حد بعيد بنوعية المهنة التي يعمل و التخصص الذي تعمق فيه، فنظراً للتنظيم و التصنيف المتنامي للأعمال و المهن، و نظراً لتحسّن وعي الناس بواجباتهم الوظيفية، صار الناس يبذلون جهوداً كبرى للوفاء بمتطلبات الوظيفة و المهنة، و ما تفرضه من تعليم و تدريب و تنظيم للحياة الشخصية. و نستفيد من هذا أن تحسين البيئة و رفع مستوى الناس يتطلب تأسيس توجهٍ إلى الأعمال المتصلة بالمعرفة الرفيعة و الجهد الذهني المركّز. و لك أن تقارن بين العاملين في القطاعات المهنية التي لا تتطلب أي جهد ذهني أو معرفة راقية مثل قطاع بيع التجزئة و قطاع الزراعة و قطاع الإنشاء… و بين العاملين في قطاع التعليم الجامعي و البحث العلمي و تقنية المعلومات و التدريب… و ستجد صدق ما أريد توضيحه.

إن المجال الواعد اليوم هو مجال (تقنية المعلومات) و كل ما يتصل بمجال الحاسب الآلي و تطبيقاته المتسعة، و هذا المجال بات اليوم القطاع الصناعي الأول حيث تزيد قيمة الأعمال فيه على (التريليون) دولار. و نحن أمة غنية بالموارد البشرية. و هذا المجال يحتاج أساساً إلى العنصر البشري المتعلم و إلى البيئة المنظمة تنظيماً جيداً. و لا يحتاج هذا و ذاك إلى أموال طائلة.

إن العالم كله اليوم يخوض سباقاً محموماً نحو ترسيخ أقدامه في هذا المجال، و قد وضعت بريطانيا خطة لتطوير البلد تقنياً، قيمتها خمسون مليار جنيهاً. و على ضخامتها فقد ذكر أحد الباحثين أنها غير كافية و جاءت متأخرة !.

و وصفت إحدى المنظمات الدولية الدول العربية بأنها جائعة معلوماتيًا على حين أنها وصفت (إسرائيل) بأنها دولة نَهِمَة معلوماتيًا. و قد أضحت (إسرائيل) اليوم الدولة الأولى في أمن المعلومات، و هي تصدر منتجات معلوماتية إلى أوروبا و أمريكا و الصين في غاية التطور و التعقيد، و تقبض أثماناً عالية لها.

إن من المهم جداً ألا نتأخر أكثر مما حدث عن الاستثمار في قطاع المعلومات و التقنية المتقدمة من أجل الارتقاء بالمسلم المعاصر و من أجل إيجاد فرص عمل للأجيال الجديدة في مجال هو الأسرع نمواً بين مجالات العمل المختلفة. و إذا لم نفعل ذلك فإن الأعداد المتزايدة من هؤلاء الذين تدفع بهم الأرحام سوف تتحول إلى قنابل موقوتة تدمر نفسها و بيئتها في آن واحد.

و مسؤولية التقدم في هذا الشأن ملقاة على عاتق الأسرة و المدرسة و الدولة و رجال الأعمال. و على كل راشد فينا أن يحاول مساعدة نفسه و الارتقاء بذاته حيث أعرض الآخرون عن مساعدته .

فقد كان مالك بن نبي – رحمه الله- لاحظ أن المجتمعات الإسلامية تعاني من (فرط تسييس)، حيث إن هناك ميلاً عارماً إلى مطالبة الدول بأن تقوم بكل شيء على حين يظل معظم الناس غافلين عاطلين. و ملاحظته – في ظني- في مكانها حيث إن كثيراً من الإصلاحيين على اختلاف مشاربهم يركزون باستمرار على ما على الحكومات أن تقوم به من إصلاح نفسها، و إصلاح غيرها، على حين أن كثيراً منهم لم يستطيعوا المساهمة العملية في نهضة الأمة؛ و كأن اعتقادنا بأن كلام المرء جزء من عمله، جعلنا نظن أننا بالخطب الرنانة و المقالات البليغة و الكتب ذوات المئين من الصفحات نستطيع أن نحل مشكلاتنا المستطيلة في الزمان و المستعرضة في المكان!.

في البداية أحب أن أؤكد أن من المهم أن يشتغل بعض الناس في العمل السياسي من خلال نشر الوعي بطبيعة هذا المجال و من خلال ممارسة النقد و دخول الانتخابات و تشكيل الأحزاب؛ إنني لست ضد هذا، و لا أهوّن أبداً من شأنه، و لكن الشيء الذي لا أرى أنه صواب هو الظن بأنه حين تقوم دولة حسب المواصفات المطلوبة سوف نتخلص من كثير الأزمات و المشكلات الموجودة.

إن هذا أحد أكثر الأوهام انتشاراً. و كثير من الجماعات الإسلامية المشتغلة بالسياسة علقت كل توازنها على الحكومة العظيمة التي ستشكلها في المستقبل حين تصل إلى الحكم. و بما أن المجال السياسي، لا يتسع لكل الناس، و لا يستطيع كثيرون العمل فيه، فإن أعداداً كبيرة من شبابها عاطلون عن أي عمل دعوي أو اجتماعي نافع!.

وجود الدولة في الأصل شيء مكروه من النفوس؛ لأنها تمثل سلطة و قوة، و هي – على المستوى الوظيفي – أميل إلى أن تكون كابحة و ضابطة أكثر من أن تكون بانية أو مُصْلحة. و إذا استطاعت الدولة حماية النظم السارية و تطبيقها دون تحيز إلى جانب دعم استقلالية القضاء و تسهيل حركة الفرد مع حد مقبول من المرافق العامة؛ فإنها تكون قد قامت بأشياء عظيمة جداً. و معظم دول العالم ما زالت تخفق في تحقيق ذلك.

العمل الأساسي الذي يُنْتَظر من الجميع المساهمة فيه هو العمل الاجتماعي – بأوسع ما تحمله هذه الكلمة من دلالة –. في العالم اليوم قطاع يسمونه (القطاع الثالث) أو (القطاع اللاربحي) إنه شيء غير القطاع العام الذي تكون مؤسساته ملكاً للدولة وغير القطاع الخاص المملوك للأفراد، إنه القطاع الذي تملكه الأمة. مهام هذا القطاع أوسع بكثير مما نتصوره و إن الأمم من خلاله تستدرك على قصور النظم المختلفة، إنه يشكّل كرة أخرى على طريق العدالة الاجتماعية و إيصال الحقوق لأصحابها. إن أنشطته تغطي حاجات أولئك الناس الذين لا يقع الاهتمام بهم تحت مسؤولية أي وزارة أو مؤسسة حكومية، و إنه يهتم بالقضايا التي لا تهتم بها أي جهة حكومية. و أستطيع أن أقول دون أن أشعر بالحرج: إن اتساع هذا القطاع يدل على نحوٍ قاطع على خيرية المجتمع و تضامنه و فاعليته و استحقاقه باسم (مجتمع). و على مقدار ضيق هذا القطاع و ضعفه يكون ضعف المجتمع و تفككه و خموله. و قد لا يستحق لاسم (مجتمع) و يكون جديراً باسم (تجمع)!

إن ما ينشر من إحصاءات عن هذا القطاع يدل دلالة واضحة على أن العالم الصناعي يتمتع بمجتمعات غنية بالمؤسسات و الأنشطة اللاربحية. و قد استطاع هذا القطاع أن يجمع من الناس في الولايات المتحدة الأمريكية عام (2002) مبلغاً قدره (212) مليار دولار. و هو رقم فلكي لا يمكن جمع نصفه أو ثلثه في أي دولة من العالم. في أمريكا مليون و نصف مؤسسة لاربحية و ثلاثة و عشرون ألف مؤسسة وقفية. و في فرنسا ستمئة ألف مؤسسة لاربحية. و في (إسرائيل) ثلاثون ألف مؤسسة لا ربحية و يستوعب القطاع اللاربحي 11% من القوة العاملة هناك في العالم الغربي لكل ثلاثمائة شخص تقريباً مؤسسة لاربحية من نوع ما وعندنا في العالم العربي لا يحصل الـ (5000) شخص على أكثر من مؤسسة، أي إن الفارق يتمثل في خمسة عشر ضعفاً. و يجب أن نأخذ بعين الاعتبار إلى جانب هذا أن الذين يحتاجون إلى العون في مجتمعاتنا أكثر بكثير من المحتاجين في مجتمعاتهم.

إن هناك أشياء مشتركة بين الأمم، و هناك أيضاً خصوصيات لكل أمة.

إن المجتمعات الإسلامية بحاجة إلى الكثير الكثير من المؤسسات اللاربحية و سأذكر منها هنا نماذج فقط:

– مؤسسات و مشروعات لدعم الالتزام و المحافظة على الأخلاق و الوقوف في وجه التحلل الخلقي عن طريق الاتصال المباشر و الحوار مع الناس و وضع لوحات في الطرق و إعلانات في الصحف.

بل إن القطاع اللاربحي يحتاج في الحقيقية إلى فضائية  و إذاعات خاصة حتى نؤصل حب العمل الخيري في نفوس الناس. أضف إلى هذا تأسيس جمعيات لمحاربة العادات السيئة مثل الإدمان على التدخين و الخمور و المخدرات و مثل عادات الإسراف و التبذير في المأكل و المشرب و الملبس و المسكن و إرشاد الناس إلى بعض الطرق الاقتصادية في كل ذلك، كما هو الشأن في كثير من الدول.

– مؤسسات للاهتمام بالأسرة و توجيهها في مسائل التربية و مساعدتها على حل المشكلات التي تواجهها و توفير مرشدين تربويين و مرشدات تربويات لإصلاح العلاقات الأسرية و تنمية وعي الناس بأهمية التضامن الأسري، و توضيح مسؤولية كل طرف في ذلك، و نشر عدد كبير من الكتيبات و النشرات التي تعلم الناس أصول التربية الجيدة، كما توضح لهم الأخطاء التربوية التي يقعون فيها.

– مؤسسات و جمعيات و روابط لدعم العلم و التعليم، حيث إن الدول ما عادت تستطيع توفير ما يكفي من المدارس و التجهيزات المدرسية لهذه الأعداد المتدفقة من الأطفال و الفتيان. و التعليم الخاص الحالي هو أقل في كثير من الأحيان من المستوى المطلوب، و هو إلى جانب ذلك ينشر الطبقية الاجتماعية و المعرفية، فأبناء الأغنياء يجدون مدارس ممتازة لأنهم قادرون على الدفع، و أبناء الفقراء لا يجدون في بعض الأحيان حتى المدارس السيئة. و بعض الدول الإسلامية – مثل باكستان- لم تستطع إلى الآن إصدار تشريعات لجعل التعليم الابتدائي إلزامياً بسبب عدم قدرة الدولة على توفير المدارس الكافية. و هناك دول لا تستطيع توفير الكتب المدرسية لأبنائها – كما هو الشأن في بلاد عديدة مثل إندونيسيا – و هكذا..

قد آن الأوان ليقوم الناس بدعم التعليم الحكومي و المساهمة في توجيه أنشطته و ممارسة نوع من الرقابة عليه بما يخدم التقدم العلمي في البلد. كما آن الأوان لتأسيس عدد كبير من المدارس الخيرية التي يجد فيها أبناء الفقراء فرصاً للتعلم. و في بعض الدول – مثل تركيا- أنشئت مجالس كثيرة جداً لدعم التعليم الجامعي و توفير منح للطلاب الفقراء، حيث إن الجامعات الحكومية لا تستوعب سوى 10% من المحتاجين للتعليم الجامعي.

إن من المهم أن تنظم حملات واسعة من أجل قيام الأثرياء بتأسيس شبكات من المدارس و المعاهد العلمية و التقنية لأبناء الفقراء و المعدمين و الإنفاق عليها عوضاً عن تبذير المال في السياحة في الغرب أو إنفاقه على مظاهر كاذبة لا تزيد صاحبها إلا خبالاً وسأماً!.

– في الأمة اليوم مظالم كثيرة، و لا يكاد يخلو مجلس من المجالس من ذكر مظلمة من المظالم! و قد صارت مهمة المحامين في كثير من الدول الإسلامية- مع الأسف الشديد- طمس الحقيقة و إضاعة الحقوق و العمل على تأجيل المحاكمات إلى ما لا نهاية و تسربت الرشوة إلى سلك القضاء مع استثناءات مقدرة! إن هذه الوضعية تستلزم قيام مؤسسات و روابط و منظمات لنصرة الضعيف و رفع الظلم عن المظلوم و مؤازرة المضطهد و فضح أشكال الحيف. و قد أثنى – صلى الله عليه و سلم- على حلف الفضول الذي أقامته قريش في الجاهلية، و حضره – عليه الصلاة و السلام- و قـال: ” و لو دعيت إلى مثله لأجبت”. و قال أيضاً في حديث صحيح: ” إنه لا قُدَّست أمة لا يأخذ الضعيف حقه فيها غير متعتع”.

إن التعليم و القضاء يشكلان محورين أساسين في حياة أي أمة و إن في فسادهما فساد الحياة كلها، فعلينا أن نصلح من شأنهما قدر الاستطاعة و لن يكون ذلك إلا من خلال توفير رقابة شعبية واسعة، و لن تكون تلك الرقابة فعالة إذا لم تنظم وتؤطر على نحو جيد.

– الأمية في العالم الإسلامي ضاربة أطنابها، و مازال المعدل الوسطي لها يدور في فلك الـ(40%) و هذا شيء مخيف في زماننا فقد احتفلت اليابان بتعليم آخر أمي في أواخر القرن التاسع عشر. و لدينا أناس يعرفون القراءة و الكتابة لكنهم لا يقرؤون. و كما قال أحدهم: ما الفرق بين الأمي و بين من يحسن القراءة و الكتابة لكنه لا يقرأ؟! إن حالة القراءة و طلب العلم و الحرص على معرفة الجديد في حالة من التردي المستمر في عالمنا الإسلامي. و الكتاب يفقد في كل يوم جزءاً من أرضه لصالح ما يمكن أن نسميه (اللهو المطلي بالمعرفة) و هذا يلقي علينا مسؤولية هائلة. إني أفترض أن يكون لدينا في كل حي من الأحياء مكتبة عامة يضعها أحد الأثرياء في زاوية من داره ليرتادها أهل الحي و تكون مكاناً لالتقائهم و مناقشة أمور حيهم. و أتعشم أن يكون هناك برامج لدعم الكتاب الجيد و أن يكون هناك من حانات للقراءة و مكتبات متنقلة لنشر العلم و إعارة الكتاب. و قد سبقتنا دول كثيرة إلى هذا، و لم يعد لدينا وقت لإضاعته. إن من غير شغف حقيقي بالعلم و اتخاذه أساساً للتطوير لن نستطيع أن نتجاوز الأوضاع الصعبة التي نعيش فيها.

– العولمة تشجع الحكومات على أن تنفض يديها من كل الخدمات المجانية و الرخيصة التي تقدمها، و منها (العلاج الصحي).

و الخدمات الصحية الحكومية في كثير من بلدان العالم الإسلامي في حالة من التدهور حيث يلجأ الناس إلى الطب الخاص، و هناك تجد أشكالاً من التحايل و الابتزاز مما يوجب قيام مؤسسات طبية لا ربحية يعمل فيها الأخيار من الأطباء و تتقاضى أجوراً تكفي فقط لتشغيلها. و قد قامت تجارب رائدة في بعض البلدان الإسلامية في هذا المجال، إنها تقدم أفضل علاج، لكن بسعر لا يزيد على 30% مما لدى غيرها. إني أتصور أن يكون هناك جمعيات للعناية بأصحاب الأمراض المزمنة و المستعصية و جمعيات لتوفير الدواء لمن لا يجد ثمنه و جمعيات لدعم المستشفيات الحكومية بالأجهزة و هكذا.

و لا أريد هنا أن أتحدث عن قضية الفقر لأنني سأفرد لها حديثاً خاصاً في المستقبل بإذن الله.

إن العمل الخيري التطوعي يستهدف أولاً الارتقاء بنفوس فئة كبيرة من المجتمع و ربطهم بالله – تعالى- و هذه الفئة هي العاملون و المحتسبون في المجال اللاربحي. و يستهدف ثانياً سد حاجات العناصر الضعيفة في المجتمع، و هي في عالمنا الإسلامي كثيرة جداً بل تشكل النسبة الأكبر من الناس.

و سنظل نعيش على هامش العالم ما لم نبدع في إيجاد الحلول للمشكلات التي جاءت بها الحضارة المعاصرة .

و الله ولي التوفيق.

 بتصرف
قراءة 584 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 08 حزيران/يونيو 2022 08:01

أضف تعليق


كود امني
تحديث