قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 27 آب/أغسطس 2022 09:10

و آفة حضارتنا الجفاف !

كتبه  الأستاذ السنوسي محمد السنوسي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الجفاف الذي يضرب أوروبا، في موجة لم تشهدها منذ فترة طويلة، و أدى إلى هروب المياه من بحيرات و أنهار عتيقة؛ ليس هو الجفاف الوحيد الذي أصاب عالمنا، و لعله أراد أن يلفت أنظارنا إلى هذه الأنواع الأخرى من “الجفافات”، و التي لا تقل خطورة! إن أزمتنا الحضارية يمكن أن نراها موجزةً من خلال “الجفاف”، و ما يَعنيه من رمزية شديدة الكثافة..! فالجفاف مرتبط بالماء، الذي هو أصل الحياة؛ {وَ جَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء: 30).. ما يعني غيابَ الخضرة: رمز الراحة النفسية، و علامة الحياة النابضة.. و غيابَ الزرع: قوت الإنسان.. كما يعني حضورَ التصحر: بما فيه من صلادة و قسوة.. و حضورَ تشققات الأرض: مؤشِّرةً إلى تشقاقات المجتمعات، و تصدعِ الإنسان المعاصر.. ألم أقل لكم : إن الجفاف له رمزية شديدة الكثافة!

و أما أنواع الجفاف الأخرى التي أصابتنا، فمنها: جفاف العقول.. جفاف العلاقات و المشاعر.. جفاف السياسات.. جفاف حتى في الخطاب الديني..!

جفاف العقول

المتأمل في ما يحوطنا من مشكلات تستنزف طاقاتنا، و تهدد إنسانيتنا، و تجعل الحياة البشرية في مهب الريح، و في مكمن الخطر.. لا بد أن يخلص من ذلك إلى أن ثمة خللاً في طريقة تعاطينا مع ما يواجهنا من تحديات! لقد عقمت العقول أن تجد حلولاً مبدعة، و أن تفتح لنفسها “ممرات آمنة”! و بعضنا ركن عقله جانبًا و اكتفى بتنفيذ ما يُملى عليه، أو ما يزيَّن له.. و لا يتعب نفسَه حتى في التفكير في ذلك لينظر صوابه من خطئه! و بعضنا استسلم للطرق المعروفة من قبل، و كأنه يخشى الخروج عن المسار، و لا يدرك أن الخروج عن المألوف كثيرًا ما يكون فيه الحل و الإبداع؛ فإن من يسلك الطرق ذاتها عليه ألا يتوقع نتائج مغايرة لما حدث من قبل!

و بعضنا راح يسفِّه عمل العقل من الأساس، و يصطنع تناقضًا بين العقل و الشرع، و كأنّ الشرع يخاطب أبداننا لا عقول فيها، و يريد “حركة ميكانيكنة” لا إبداع فيها و لا اجتهاد.. صحيح أن ثمة فريقًا أساء استخدام العقل و سلك به دروبًا ليس مؤهَّلاً للسير فيها، مما أوجد ردَّ فعلٍ معاكسًا يخشى من إعمال العقل و يتوجس خيفة من أصحاب الدعوة إلى التفكير.. لكن : متى كان سوء الاستخدام حجةً على أصل الفكرة! إن فداحة المشكلات التي تواجهها الإنسانية المعاصرة تتطلب إبداعًا في التفكير، و إعمالاً للعقل على نحو يسلك دروبًا جديدة غير مطروقة.. فالعقل نور من الأنوار التي منحها الله تعالى للإنسان، و عليه أن يعرف كيف يستخدمه و يفعِّله، حتى لا يشتط و لا يتوه.

جفاف العلاقات و المشاعر 

“الإنسان مدني بطبعه”؛ هذه حقيقة مقررة في الفكر و الواقع مذ زمن بعيد.. و لا تطيب حياة الإنسان إلا بالمؤانسة مع غيره.. و”الزوجية” سنة من سنن الله تعالى في الكون وفي الاجتماع البشري: {وَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (الذاريات: 49). و المجتمعات لا تستغني عن دفء التواصل و التفاعل، و لا عن قيم التراحم و التعاطف؛ مهما بلغت قدرة الفرد فيها نماءً و ثروةً و اكتفاءً.. فليس بالمادة وحدها يحيا الإنسان! و ما أصاب علاقتِنا الإنسانية من تفكك و تشرذم و”جفاف”.. على مستوى الأسرة، و الصداقة، و الجوار، و زمالة العمل، و غير ذلك.. لا بد أن يستنهض الجهود للتفكير في أسباب ذلك، و في طرق معالجته..


افتقدنا هذا الدفء في التواصل الذي يكون رفيقًا و مؤنسًا للمرء في أزماته و حالات ضيقه؛ بحيث يجد يدًا تربت على كتفه، و كلمةً حانية تمسح عنه الألم و تنير له الطريق، بل و يجد الدعم المادي إن احتاجه.. أليست هكذا تكون الحياة، و لا معنى لها دون ذلك! حتى القدرة على التفاهم و النقاش، و الالتزام بأدب الخلاف، و إدارة حوار جاد حول القضايا.. صار ذلك كله عزيز المنال! و صارت “الشخصنة” و”الذاتية” سيدة الموقف و موجِّهة مسار النقاش! و مع غياب دفء العلاقات، حلَّ محلَّه الصراع، و التنافس غير الشريف، و التنازع الموغل في الشقاق، و الخصومة غير المتحرّجة في وسيلة، و غير المقصِّرة في مكر! لقد أصبح الإنسان المعاصر غريبًا ليس فقط في عالمه أو في محيطه، بل ربما داخل أسرته الصغيرة أيضًا!
جفاف السياسات 
إن الصراع الذي بات عنوانًا على المشهد العالمي، بل و الإقليمي و المحلي، حتى لا تكاد تخلو دولة من نزاع مع جيرانها، أو في داخلها.. لهو خير دليل على ما أصاب العقلَ السياسي المعاصر من جمود، و ما وقع فيه من أزمة ! لقد صارت الدول رهينة لسياسات قاصرة، ترى في التنوع تضادًا بدلاً من التكامل، و في الثروات فرصة للاستنزاف بدلاً من التنمية؛ و لم تعد مصلحة الإنسان- من حيث هو إنسان- هي المحدِّد الرئيس، و لا الموجِّه المصوِّب.. تمت مصادرة القرار لصالح فئات بيدها القوة و النفوذ، و لا تبالي في سبيل مصالحها الشخصية أن تجرف الإنسان في طريقها، أو تشعل الحرائق من بعدها ! و لا تكاد تخبو أزمة دولية حتى تنشب أخرى.. و كأن عالمنا لا يجد حياته و متنفسه إلا في الصراع و الشقاق.. و أصبح هذا الوضع البئيس له منظِّروه و مفكروه، و تروِّج له كتابات موجَّهة في الغالب، و من الصعب أن تكون نابعة من ضمير يقظ أو تفكير حر!


فإلى متى تظل القسمة بين شمال و جنوب، و شرق و غرب.. و متى تَضيق الفجوة بين دول عالمنا؛ هذه الفجوة التي يراد لها أن تتسع و تمتلئ بلهيب الحرائق!

جفاف الخطاب الديني 
و”الخطاب الديني” هو الآخر لا يُستنثى من أزمة الجفاف! بعد أن فقد القدرة على تطوير آلياته و مراجعة بعض مضامينه، و على الإنحياز للإنسان في مواجهة من يريد سحقَ إنسانيته، أو حَرْفَ فطرته، أو من يغلبه على أمره و يبخسه حقوقه! “الدين” أنزله الله تعالى هدايةً تحفظ الإنسان من الزيغ و الضلال، و منهجًا يُسعده في الدنيا و الآخرة، و طاقةً تدفعه لعمارة الأرض و التمتع بما أحل الله من الطيبات، و ضمانةً تقرر للإنسان حقوقه و تمنعه من أن يعتدي على غيره أو يسكت على اعتداء غيره عليه.. و أيّ فهم للدين سوى ذلك؛ من تسويغ انحراف، أو تبرير غبن، أو ترويج عزلة؛ إنما هو فهم خاطئ يجعل الدين في مواجهة الإنسان لا عونًا له، و يسيء للدين بقدر ما يسيء للإنسان! و من المهم أن يعي الخطاب الديني حقيقة الرسالة المنوطة به، و أن يدرك ثقلها و شرفها و مكانتها؛ حتى يبذل في سبيل القيام بها قصارى جهده، و لا يدّخر وسعًا، أو يقصِّر في وسيلة، أو يركن لقديم من القول لم يعد تكراره مفيدًا..


و”الدين”، من حيث هو دين، غير عاجز عن معالجة هموم الإنسان و مواكبة تطلعاته.. بقي على “أهل الدين” أن يدركوا ذلك، و أن يكون على مستوى “الحقيقية الدينية”.. نسأل الله تعالى ألا يَطول جفافُ عالمنا في مختلف تشققاته، وأن يَهبنا ماءً عَذْبًا فُرَاتًا يروي ظمأ الأرواح و العقول..!
 
قراءة 510 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 31 آب/أغسطس 2022 07:58

أضف تعليق


كود امني
تحديث