قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 12 تشرين1/أكتوير 2022 04:15

الكون .. ذلك الصديق الحميم

كتبه  الأستاذ عبد العزيز كحيل
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يحتلّ الكون مساحة كبيرة في الثقافة الإسلامية يتناسب مع عظمته و قوّة حضوره في حياة البشر و حياة جميع المخلوقات، نجد ذكره في القرآن الكريم و في سنّة الرسول صلى الله عليه و سلّم و سيرته و في أدبيات المسلمين المختلفة، لكن عصور التخلّف ألقت بظلالها على علاقة المسلم بالكون حتى فهم الناس أنّ بينهما جفاء و سوء تفاهم أو أن لا دخل للكون في الإسلام و لا دخل للإسلام في شؤون الكون، و أصبح هذا الموضوع شأنا دنيويا بحتا احتكر الاشتغال به الغربيون وحدهم فخسرنا نحن مبدئيا و عمليّا، و هذا الوضع يقتضي أن نعود إلى تأسيس علاقة صحية طيبة بالكون باعتبار ذلك عبادة لله و زيادة في المعرفة و واحدا من أهمّ طرق الرقيّ الإنساني.

و تكمن نقطة البداية في إرساء أساليب سليمة للتعامل مع الكون المحيط بنا من كلّ جانب، فكما تعلّم المسلم من دينه حسن التّعامل مع الله بالعبادة و مع الناس بالأخلاق الرّفيعة فقد تعلّم منه حسن التّعامل مع الكون بأنواع من المعاملات. و الكون هو ما يسمّونه الطبيعة و ما فيها من تراب و ماء  و بحار و جبال و نباتات و حيوانات و طيور و حشرات و أسماك و نحوها، و هي خلق من خلق الله بل بعضها أمم لها تنظيماتها و سنن تحكم حياتها و مسيرتها و علاقتها بمحيطها: (وَ مَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) [الأنعام: 38] و هي تؤدّي حقوق العبوديّة لله عزّ و جلّ بطريقتها الّتي ألهمها الله إيّاها (وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) [الإسراء: 44] وضع الخالق سبحانه هذا الكون الفسيح متنوّع العناصر في خدمة الإنسان، و هو ما يسمّيه القرآن الكريم التسخير (وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ* وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ) [إبراهيم: 32 – 33]. (وَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثيّة: 13] و قد كان فضل الإسلام على البشريّة عظيماً حين جاء بحقائق تبيّن أن الكون في خدمتها و ليس عدوّاً لها كما تصوّر بعض العقائد، و لا هو شيء مقدّس تعبده و تخدمه كما في عقائد أخرى، و هذا ما أتاح للعلماء و المستكشفين و المخترعين أن يبحثوا و يتعرّفوا على سنن الكون  و يستخرجوا خيراته بدل أن يصارعوه أو يخافوا منه أو يعبدوه، فالعلاقة بالكون تعني الاستكشاف المعرفي و الانتفاع الماديّ متنوّع الأوجه و الأشكال كما تعني الاستلهام الجمالي، يقول الله تعالى عن قطعان الحيوانات الأليفة: (وَ لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ)  [النحل: 6]، و يلفت النظر إلى جمال البساتين: (فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ) [النمل: 60] و يدعو إلى الاستمتاع بالنظر إلى الثمار في أغصان الأشجار: (انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَ يَنْعِهِ) [الأنعام: 99] و هكذا يجمع بين الإشباع الحسّي و الوجداني لحاجات الإنسان ليرتقي به ماديا و نفسيا و يحدث التوازن في شخصيته و حياته. و بذلك أنهى الإسلام العلاقة المرضيّة بالكون المتمثّلة في اعتزاله أو عبادته أو الصراع معه، و أسّس علاقة صحيّة تعود إلى وحدة الخلق من ناحية  و وحدة الخالق  من ناحية أخرى – لأنّ الإنسان جزء من الكون، و هما معا جزء من خلق الله الواحد –  و تتيح التّسخير للمنفعة الماديّة و الوجدانيّة بتنميّة الرّغبة في الاستكشاف و رهافة الحس الجمالي.

بهذا الانسجام بين البشر و الكون يصبح هذا الأخير عاملاً من العوامل الّتي تدلّ على الخالق و تقود إليه : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَ قُعُودًا وَ عَلَى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 190 – 191] (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصّلت: 53] فالكون مصدر للمعرفة العلميّة – و هذا ما يسلّم به الجميع –  و المعرفة الإيمانيّة – و هو ما يعتقده المسلمون –  باعتباره كتاب الله المجلوّ الّذي تتناغم آياته الصامتة مع آيات الكتاب الناطقة لتسوق الناس إلى ربّهم بملاطفات الإحسان ، و كم أجرمت الحضارة الغربيّة في حق الدين و العلم و الإنسان حين ألغت الدلالات الغيبيّة لآيات الكون و قصرت التعامل على المعرفة الماديّة و الاستغلال من منطلق الصراع مع الطبيعة و قهرها و إخضاعها للرجل الأبيض، ثم أجرمت مرّة أخرى حين تقدّمت ركب البشر في الاستغلال الفاحش لثروات الكون الأرضيّة و الجوفيّة و الجويّة فاختلّ التوازن البيئيّ بشكل ينذر بالوبال على البشرية كلّها، أمّا الإسلام فقد علّم أتباعه التعامل مع الكون برفق للمحافظة على التوازن  بين بقائه إلى ما شاء الله و بين إشباع حاجات الخلائق كلّها، لذلك ينبغي صوغ منظومة معرفيّة و سلوكيّة قوامها صيانة ثلاثيّة للكون من التلف و التلوّث و التبديد بالإسراف نجد أصولها في القرآن و السنة ، النهي عن الإسراف و التبذير، النهي عن التبوّل في الماء، النهي عن إبادة أيّ فصيل من الحيوانات أو الحشرات، الإشادة بأعمال الزرع و غرس الأشجار، الأمر بالاعتدال في الاستهلاك. كون صديق للإنسان  الثقافة المستقاة من القرآن و السنّة تبني تصوّراً متكاملاً لعلاقة المسلم بالكون نجد فيه أن هذا الكون صّديق للإنسان و كأنّه كائن حيّ له إحساس و شعور (وَ لَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ الطَّيْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ)   [سبأ: 10] “أحد جبل يحبّنا و نحبّه ” – حديث رواه البخاري و مسلم – فكأن للجبال عواطف نسجت شبكةً من التجاوب بينها و بين عباد الله الصالحين ملؤها الحب و التعاضد في تمجيد الله تعالى، بل إن جبل أحد اهتزّ هزّة طرب شعر بها من كان عليه، فخاطبه الرسول – صلّى الله عليه و سلّم –: ” أثبت أحد فإن فوقك نبيّاً و صدّيقاً و شهيدين”. و تبلغ رعاية الكون للإنسان مداها حين يحتضنه و يرعاه في ظروف قاسية، فالنار تحسن معاملة إبراهيم – عليه و السلام – بدل أن تحرقه كما أراد خصوم دعوته : (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَ سَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)  [الأنبياء: 68-69]. و البحر يحتضن موسى – عليه السلام – و هو رضيع فارق أمّه و أهله و يحفّه بالرعاية حتّى يبلغ مأمنه : (وَ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَ لَا تَخَافِي وَ لَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَ جَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص7:] و الكهف الموحش – و هو مظنّة الهلاك – يؤوي الفتية المؤمنين الفارّين بدينهم فيجدون فيه السكينة الّتي افتقدوها في الدور القصور بين أهلهم الكافرين : (وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا) [الكهف: 16] الريح تسارع  بحمل البشرى إلى يعقوب عليه السلام قبل أن يصله قميص يوسف بأنّ ابنه المفقود حيّ يرزق: (وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ) [يوسف:94] و يرفق البحر و الحوت معا بيونس – عليه السلام – فيخرج من المحنة العجيبة سالما لم يغرقه الماء و لم يأكله الحوت  و إنّما ابتلعه فحسب : (وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ *فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصّافّات: 139-144] و يصطفّ الكون مع المسلمين في معركتهم الفاصلة ضدّ اليهود فينادي الشجر و الحجر المسلم و يدلّه على مخبأ اليهوديّ ليخلّص الأرض من رجسه و ظلمه – من حديث رواه البخاري و مسلم . الكون مهدنا و مصدر رزق الله لنا و كتاب مفتوح نقرأ فيه آيات التوحيد و نلمس دلائل القدرة والعظمة : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 14] و ما زال في هذا الكون البديع من الأسرار و المنافع و المفاتيح ما يغري المسلمين بالسعي في جنباته و استكشاف كنهه و استخراج خيراته و سلوك دروبه للوصول إلى الحقائق العلمية و الإيمانية التي تزيدنا رفاهية و تزيدنا علما بالله تعالى و قربا منه .

الرابط : https://islamonline.net/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86-%D8%B0%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AF%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%85/

قراءة 480 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 12 تشرين1/أكتوير 2022 06:06
المزيد في هذه الفئة : « هل السقوط حقيقة ؟! "الكبر" »

أضف تعليق


كود امني
تحديث