قَضَى كَاتِبٌ نَاشِئُ مِنْ الشَّبَابِ ثَلَاثَةٌ عَشْرَ عَامًا فِي كِتَابَةِ رِوَايَةِ عُنْوَانِهَا *توأم رُوحِيٍّ *متأملا أَنْ تَرَى النُّورَ فِي يَوْمٍ مِنْ الأَيَّامِ بَعْدَ نَشْرِهَا. كَانَ حُلْمُهِ أَنْ يَنْشُرَهَا فِي إِحْدَى دُورِ النَّشْرِ الكُبْرَى.. لِهَذَا كَانَ يَتَرَدَّدُ عَلَى كَاتِبٍ مَعْرُوفٌ طَلَبَا لِمُسَاعَدَتِهِ فِي تَحْسِينِ رِوَايَتِهِ. وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ يَذْهَبُ فِيهَا إِلَى ذَلِكَ الكَاتِبِ المَعْرُوفُ كَانَ يَضَعُ لَهُ مُلَاحَظَاتٍ وَاِنْتِقَادَاتٌ عَلَيْهَا وَالشَّابُّ كَانَ يَأَملُ أَنْ يَسْتَفِيدَ مَنْ خِبْرَتُهِ.. فِي كُلِّ زِيَارَةٍ لَهُ لِلكَاتِبِ المُبَجَّلِ كَانَ الكَاتِبَ يُمْطِرُهُ بِوَابِلٍ مِنْ المُلَاحَظَاتِ وَالاِنْتِقَادَاتِ القَاسِيَةُ. كَانَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ يُحَطِّمُهُ وَيَحْبَطُهُ.. يَشْعُرُهُ أَنَّ رِوَايَتَهُ لَيْسَتْ بِالمُسْتَوَى المَطْلُوبِ. وَإِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ فِيهَا.. اِسْتَمَرَّ الحَالُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ مَا يُقَارِبُ ثَلَاثَةً عَشْرَ عَامًا!! وَالحَالُ كَمَا هُوَ "وَابِلٌ مِنْ المُلَاحَظَاتِ وَالاِنْتِقَادَاتِ اللَّاذِعَةُ.. كَانَ ذَلِكَ المُبَجَّلَ يَتَكَلَّمُ مَعَ الشَّابِّ بِصِيغَةٍ الفَوْقِيَّةَ والاستصغار لِذَلِكَ الشَّابِّ.. نَسِيَ ذَلِكَ الكَاتِبُ المُحْتَرَمُ بِدَايَاتِهُ فِي الكِتَابَةِ, وَنَسِيَ مِنْ أَخْذٍ بِيَدِهِ إِلَى طَرِيقِ الشُّهْرَةِ والنجومية!!. فِي بَعْضِ المُقَابَلَاتِ لَهُ, كَانَ يَتَنَكَّرُ لِمَنْ سَاعَدَهُ فِي بِدَايَاتِهِ, مُتَشَدِّقَا أَنَّهُ قَدْ صَنَعَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهُ. كُلٌّ هَذَا كَانَ يَسْمَعُهُ لِذَلِكَ الشَّابِّ المُبْتَدِئِ... مَرَّتْ سَنَةٌ إِثْرَ أُخْرَى وَالشَّابِّ صَابِرَا عَلَى صلافة الكَاتِبُ وَكَبُرَهٍ مُتَأَمِّلًا أَنْ يُحَقِّقَ حُلْمَهُ.. وَلَمْ يَفْقِدْ الأَمَلُ لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ الحُلْمِ.
بَعْدَ مُرُورِ سَنَوَاتٍ عَلَى تَرَدُّدِهِ عَلَى (أَرْنْسْتْ هِمَنْغُوَايْ) العَرَبِيِّ المُحَطِّمُ لِلآمَالِ وَالطُّمُوحَاتِ, وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ سِوَى المُلَاحَظَاتِ القَاسِيَةُ والاستصغار, قَرَّرَ ذَلِكَ الشَّابُّ أَنْ يُلَخِّصَ كِتَابًا هُوَ أَصْلََا لِذَلِكَ الكَاتِبِ كَانَ قَدْ أَصْدَرَهُ مُنْذُ خَمْسٍ عَشْرَةَ عَامًا. بَدَأَ الشَّابُّ بِتَلْخِيصِ الكِتَابِ لِعِدَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ قَدْ غَابَ عَنْ الكَاتِبِ فِيهَا.... جَاءَ إِلَى الكَاتِبِ لِيُخْبِرَهُ أَنَّهُ كَتَبَ رِوَايَةً جَدِيدَةً وَتَرَكَ رِوَايَتَهُ *توأم روحي*لأنها حَسَبَ كَلَامٍ (أَرْنْسْتْ هِمَنْغُوَايْ العَرَبُ) لَا تَرَقَّى إِلَى المُسْتَوَى المَطْلُوبُ.!!. طَلَبُ الكَاتِبِ مِنْ الشَّابِّ أَنْ يَتْرُكَ لَهُ الرِّوَايَةَ الجَدِيدَةَ لِيَتَفَحَّصَهَا وَيُبْدِي مُلَاحَظَاتِهُ عَلَيْهَا.. بَعْدَ عِدَّةِ أَيَّامٍ, اِسْتَدْعَى السَّيِّدُ هِمَنْغُوَايْ الشَّابُّ إِلَى مكتيه. وَعِنْدَمَا حَضَرَ الشَّابُّ أَمْطَرَهُ بِأَقْسَى الكَلِمَاتِ وَالاِنْتِقَادَاتِ. ظِلُّ الشَّابِّ صَامَتَا مطأطئا رَأْسُهِ مُعْتَقَدًا أَنَّ المُحْتَرَمُ اِكْتَشَفَ أَنَّهَا رِوَايَتُهُ!!. بَعْدَمَا أَنْهَى الكَاتِبُ الكَبِيرُ كَلَامَهُ وَتَوْبِيخَهُ لِلشَّابِّ وَضَعَ أَمَامَهُ مُلَاحَظَاتِهُ وَاِنْتِقَادَاتِهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الجَدِيدَةُ!! كَانَتْ الصَّدْمَةُ كَبِيرَةً عَلَى الشَّابِّ, لِأَنَّ المُلَاحَظَاتِ كَانَتْ عَلَى الرِّوَايَةِ قَاسِيَةٌ جِدًّا. فَقَالَ الشَّابُّ: بِرَأْيِكَ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تُصْلِحُ أَبَدًا? أَجَابَ الكَاتِبُ: هَذِهِ مَكَانَهَا سَلَّةُ الزُّبَالَةِ!! عِنْدَهَا تَنَفُّسٌ الشَّابُّ الصُّعَدَاءَ وقال;تلك رِوَايَتُكَ يَا سَيِّدِي قَبْلَ خَمْسٍ عَشْرَةَ عَامًا!! سَأَعُودُ إِلَى رِوَايَتِي، لِأَنَّهَا وَبِشَهَادَتِكَ أَفْضَلَ بِكَثِيرٍ مِنْ رِوَايَتِكَ. كَانَ أَوَّلُ شَيْءَ فِعْلِهِ ذَلِكَ الشَّابُّ أَنْ غَيَّرَ اِسْمَهَا مِنْ *توأم روحي*إلى *طلعت رُوحِيٌّ *