(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Thursday, 12 November 2015 08:09

الفساد قضية الجميع

Written by  الأستاذ عبد الباقي صلاي
Rate this item
(0 votes)

أتعجب أيما تعجب عندما أسمع الكثير من المواطنين يلقون باللائمة على الإدارة و أنها السبب الأول و المباشر في شيوع الفساد في البلاد بين العباد، و أصاب بالإحباط عندما يتكرر مشهد الفساد مع الأغلبية التي تمارس الفساد لكن بطريقة مغايرة حيث تسهم هذه الفئة من الناس في إفساد حتى الإدارة ذاتها.

الفساد الذي يعم الجزائر الجميع شركاء فيه، و أكبر شريك في هذا الفساد هو المواطن الذي إما بسكوته عما يجري من فساد إداري، أو بمشاركته المباشرة في تشجيع الفساد، و تقنينه واقعيا لأن الذي يقبل أن يعطي الرشوة و يعطي القهوة كما يسميها الكثيرون في الجزائر فهو ليس فاسدا فقط بل مفسدا، و يستحق العقوبة الصارمة كأكبر مجرم محطم للأخلاق و للاقتصاد.

لقد جمعني حديث مع مسؤول كان صريحا معي في تناول قضية الفساد، و أوضح لي أن الأغلبية من المواطنين الذين لديهم ارتباطات مهنية مع الإدارة هم الذين يفتحون المجال أمام الإداري كيف يكون طماعا، و يدخل في زمرة الفاسدين. فلو حسب هذا المسؤول النظيف كل مواطن دافع عن حقه و لم يستسلم أمام –لو سلمنا جدلا فساد الإدارة- فساد الإدارة و الإداريين لقل الفساد. فأي مواطن له الحق أن يشكو إداريا للسلطات العليا كي يحاسب على ما اقترفه،أما و أن كل واحد يستسهل الأمر، و ينساق للفساد، ثم يتأفف منه، و من ظلم الإدارة فهذا أمر غريب و عجيب حقا. فالمواطن هو الذي يقبل أن يعطي الرشوة، و المواطن هو الذي يقبل أن يحابي الإداريين، و هو من يقبل أن يكرم الإداريين إكرامات خارجة عن نطاق أي عمل، أو لها علاقة بالمهنية المحترمة.

بالفعل لقد وجدنا أن هناك من يدفع الثمن عندما يتجرأ و يأخذ رشوة، و وجدنا مواطنين وراء هذا الفضح المشكور عليه، فلو كلنا جميعا وقفنا على قلب رجل واحد لقضينا على الفساد و المفسدين، و لحققنا نتائج عجيبة في مجالات عدة، و لأصبح الاقتصاد الوطني قويا.

صحيح أن الإدارة الجزائرية ما يزال فيها عفن كبير ليس من السهل القضاء عليه بين عشية و ضحاها، لكن عندما يكون المواطن فطنا، ذكيا محبا لوطنه، عارفا لمسؤولياته، فإن الإداري يخضع للواقع و يطبق ما يجب أن يكون عليه. و لا يغرننا كثيرا ما نلوكه كجزائريين أن العيب في الإدارة فقط ففي المواطن الكسول الذي لا يقدم شيئا لوطنه كل العيب، ففي المواطن الذي ينتقد الحكومة دونما تقديم ما يجب أن يكون عليه أيضا عيب و عيب كبير.فعار علينا أن ننتقد الآخرين و نحن مثلهم لا نقدم شيئا، و ممكن الذين ننتقدمهم من الإداريين أشرف منا مهنة و أخلاقا و دينا.

لقد أصبح الحديث عن الفساد موضة جزائرية على كل لسان، و لكن دون أن يكلف الواحد عناء القضاء عليه على مستواه الشخصي. و يختلف الفساد كمدلول أخلاقي من موقع لآخر، و لنقف على تعريفه قبل الحديث عن القضاء عليه مع الدكتور عبد الله الغانم الأستاذ بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية بالكويت الذي: "أكد أن الفساد بكل أشكاله سواء كان اقتصادياً أم سياسياً أم اجتماعياً يوجد في كل المجتمعات الإنسانية، إلا أن القضية تختلف نوعاً ما من حيث نوعية ذلك الفساد أو من حيث درجته. ففي بعض الدول تكون ظاهرة الفساد الاقتصادي أكثر بروزاً من الاجتماعي أو السياسي، و في بعض الدول الأخرى يكون العكس صحيحاً إلا أنه و من وجهة النظر العامة كل قضايا الفساد مرتبط ظهورها و انعدامها بقضية مهمة و هي درجة الوازع الديني الذاتي و الرقابة الجماعية. فكلما كان المجتمع أكثر التزاماً بمبادئه الدينية و كانت الرقابة الجماعية وثيقة كلما كان المجتمع أبعد عن انتشار ظاهرة الفساد و العكس صحيح. كما لا بد أن نعرف أن هناك ارتباطاً كبيراً بين كافة أنواع الفساد و لا يمكن الفصل بينهما فصلاً تاماً؛ فالدولة التي تعاني من وجود فساد اقتصادي لا بد أن تكون أيضاً تعاني فساداً سياسياً لانعدام الرقابة و المحاسبة الحكومية على القطاع الاقتصادي و على المتنفذين فيها بل قد يكون الفساد السياسي هو سبب الفساد الاقتصادي، و ذلك لأن بعض أفراد السلطة السياسية يستغلون سلطتهم في تحقيق مصالح اقتصادية ذاتية و هذا الأمر و للأسف الشديد مستشرٍ في أغلب دول العالم الثالث. و الفضائح السياسية لكثير من رؤساء دول العالم الثالث أبرز مثال على ذلك".

فالوازع الديني كما بينه الدكتور عبد الله غانم غائب للأسف الشديد في مجتمعنا على الرغم من أننا ندعي التدين، و ندعي التقرب إلى الله إلا أننا ما نزال نعيش حالة الفوضى الدينية. فلو كان هناك وازع ديني قبل أي وازع أو رادع لكنا من أنقى الناس، و لكان الفساد مجرد كلمة عابرة لا نسمع بها على الإطلاق.

فالدولة مطالبة أن تسن قوانين صارمة من أجل الحد من الفساد، و حتى تسمح أيضا للمواطنين كي يطردوا الخوف عنهم، و يكونوا أمام مسؤولياتهم الوطنية و الدينية، كما أن المواطنين عليهم أن يراجعوا أنفسهم حيال الفساد، و يفهموا أن الإنسان لا يخلق فاسدا، و إنما هو من يفسد نفسه بجشعه و طمعه، و عدم الثقة في الله، و أن الرزق مضمون.

و من يعطي الرشوة لإداري أو أي فرد يعمل في سلك الإدارة بمختلف تفرعاتها، فهو أكبر الفاسدين، و من يقبل أن يعطي الرشوة ليأخذ مشروعا قبل أي شخص آخر فهذا من أكبر المجرمين و ماله حرام عليه و على من يعيلهم. فيجب التفهم و التدبر قبل فوات الأوان.

إعلامي و مخرج

http://www1.albassair.org/modules.php?name=News&file=article&sid=4466

Read 1468 times Last modified on Friday, 13 November 2015 07:04