" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
- المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله -
لنكتب أحرفا من النور، لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار
عندما أواجه تلاميذ في السنة النهائية و أجدهم غير مبالين بقيمة طلب العلم و ما يترتب عنه هذا الفعل المصيري، أدرك بأن أبناءنا لم يجدوا في البيت من يوجههم ! فالأستاذ المخلص يقوم بما عليه ناحية التلميذ و هو يشعر أحيانا أن كثافة ساعات التدريس و نوعية المواد لا تتيح له مناقشة التلميذ المناقشة الجادة المثمرة.
و من جهة أخري لاحظ لي أحد التلاميذ بأن الحجم الساعي لا يلاءمهم :" ليس لدينا فرصة في إلتقاط أنفاسنا، فلا نمارس رياضة و لا نتسلي. كيف نتمكن من إراحة عقولنا و الإستمرار علي هذا النحو يقودنا إلي الإرهاق الحاد و العجز أمام ضعفنا في بعض المواد."
إستفسرت عن ساعات الرياضة المدرسية، ساعتين فقط في الأسبوع ! هذا غير كاف و إضافة ساعات خصوصية خارج التوقيت العادي يزيد في معاناة التلميذ. لنتصور مراهق بين الرابعة عشر و السابعة عشر كان بنتا أم ولدا مع دروس مكثفة، وقت ضيق و ساعات نقل مرهقة و ضبابية الرؤية !!
هل فكر أولياء الأمور في توضيح بعض النقاط لأبناءهم المقدمين علي إمتحان البكالوريا أم أنهم ألحوا علي النجاح فيه و فقط ؟
التلميذ في حاجة إلي توجيه أي كان مستواه، و إلي تطمينات، فليجتهد بدون مبالغة. المجتهد الذي يفشل يكفيه مبررا أنه بذل ما عليه و المحاسبة تطال المقصرين الذين لم يدركوا أهمية الإنضباط و توظيف قدراتهم و ذكاءهم. كثيرا ما يشتكي الأستاذ من لامبالاة تلميذه و عدم تفاعله مع الدرس، إذا ما كان هناك تقصير من التلميذ، علينا أن نسئل أنفسنا : أن يقصر أحدهم هذا عادي أما أن تنطبق الظاهرة علي معظم تلاميذ الفصل، فهذا أمر مثير للقلق. هل المشكلة كامنة في طريقة التلقين ؟ كيف مع أن المنظومة التربوية الجديدة، تطالب التلميذ بجمع أكبر كم من المعلومات حول محتويات الدرس و هذا قبل الخوض فيه في القسم رسميا ؟
هل مثل هذه الطريقة في تحفيز التلميذ في أن يولي إهتماما خاصا بمضامين الدرس، ليست مفيدة ؟ أو كما لاحظت أستاذة :" لا يتعامل التلميذ مع المادة المدروسة بالجدية المتوقعة منه." أكثر ما يضر تلاميذنا عدم وجود حافز قوي للإجتهاد في مسيرتهم الدراسية. لا يعرفون من أين يبدأون و أين ينتهون ؟ لا يلعب الآباء دورهم، فهم يتهربون من مسائلة الإبن فيما يخص إنشغالاته، كل ما يريدونه هو المعدل. ليس هكذا نحل مشلكة ضعف المردود، و ليس كل التلاميذ في نفس مستوي الفهم و الإستيعاب و الإجتهاد. إذا ما ثلاثة تلاميذ هم نجباء في صف متكون من ثلاثين تلميذ، ماذا نفعل بالغالبية التي إقترن حضورها بالتأفف و الملل و اللامبالاة ؟
نحن نري الأعاجيب في مجال التربية و التعليم و آخر ما يأخذ بعين الإعتبار هو التلميذ، المعني الأول و الأخير بمهمة طلب العلم. لا بد لنا من تقييم دور التلميذ و مدي تفاعله مع البرنامج التعليمي، و لا خيار لنا في ذلك إذا ما كنا فعلا نريد مستقبلا مشرقا لهؤلاء التلاميذ.