" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
- المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله -
لنكتب أحرفا من النور، لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار
لربما أكثر الشعارات توصيفا لسياستنا الخارجية أن" لدولة الجزائر ثوابت في علاقاتها الخارجية، لن تحيد عنها !" أما نحن و بالنظر للتحولات الكبيرة التي إجتاحت الساحة العربية الإسلامية من صعود قوتين إقليميتين إيران و تركيا و ثورة تونس و مصر و سقوط نظام القذافي بعد طول إستبداد و الإنتفاضات الشعبية في سوريا و اليمن و البحرين، كل هذا يجعلنا نقول أنه آن الآوان لنراجع مكونات السياسة الخارجية الجزائرية. فكثيرون في داخل الوطن لم يفهموا سياسة الصمت المطبق التي لزمتها دولتنا و هذا منذ بداية الإحتجاجات في تونس في ديسمبر 2010.
لم نفهم لماذا تأخر تأييدنا القوي للشعب التونسي و المصري و الليبي و اليمني و السوري في ثورتهم علي إستبداد حكامهم ؟ ثم من الغير المفهوم الإصرار علي المطالبة بالحوار في ملف سوريا بين شعب مظلوم و طاغية مجرم ؟؟؟ كيف يكون الحوار و علي ماذا و كل المحاولات باءت بالفشل لا لشيء سوي إصرار الحكام المستبدين علي إعتبار أنفسهم فوق المحاسبة !
مرة أخري نتساءل : لماذا تعتبر دولتنا إنصاف شعب كان في ليبيا أو سوريا أو اليمن شأن داخلي لا يعنيها و في نفس الوقت تعلن عن كامل إحترامها لإرادة الشعوب في تقرير مصيرها !! أليس هذا تناقض صريح في المواقف ؟
ثم أين الجزائر من ملف فلسطين ؟ كيف لدولة تحررت بقوة السلاح تبقي في الزاوية لتنظر من بعيد إلي قضية مقدسة مثل تحرير فلسطين و نصرة الشعب الفلسطيني ؟ و هل بعض الملايين التي تدفعها الجزائر إلي سلطة غير شرعية رخصة تعفيها عن لعب دورها الطبيعي ألا و هو الإنتصار للمقاومة المسلحة ؟
لماذا هذا الإنكفاء ؟ ممن نخاف ؟ من إدارة أمريكية فاقدة للمصداقية في الساحة الدولية، ما هذا التراجع الرهيب في سياستنا الخارجية ؟ كيف نكتفي بمتابعة التحركات الدولية دون أن نكون طرفا فعالا فيها ؟
أين صناع الموقف ؟ أين ثابت الحق في الإنتصار لطموحات الشعوب العادلة ؟ أين الوقوف في وجه سياسة الضغط اللاأخلاقية الممارسة من طرف الإدارة الأمريكية في ملفات مثل فلسطين، إيران، الطاقة و تقرير مصير الشعوب ؟ و كيف يهرع وزير خارجيتنا لإستدعاء من لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الفرنسي لتسائله مسائلة السيد لخادمه ؟ كيف نذل أنفسنا بأنفسنا ؟ لماذا بعد خمسين سنة من الإستقلال ما زال يحكم سياستنا ناحية فرنسا معيار التبعية الذليلة ؟
متي ندرك أن السياسة الخارجية هي ضمانة إلي إستقرار قوي في الداخل و أن قوتنا محليا تنعكس إيجابا علي صورتنا في الخارج و متي يفهم القائمون علي سياستنا الخارجية أن خدمة المواطن الجزائري أينما يكون تبقي أولوية الأولويات و علينا ببذل كل شيء لنحفظ حقوقه و ندافع عن مصالحه و كرامته ؟ ثم متي يكون التعيين وفق معايير الكفاءة و الوطنية بعيدا عن الحسابات الضيقة و المحسوبية و الوساطة ؟ لن تستقيم الأمور في الوزارات ذات السيادة دون تنصيب مسؤولين أصحاب كفاءة و نزاهة و صرامة و جد.