قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 29 أيار 2022 12:11

نحو فقه سياسي مرشد للمجتمع المدني

كتبه  الأستاذة رغداء زيدان من سوريا الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

شهد مفهوم المجتمع المدني تحولات كبيرة منذ القرن الثامن عشر الميلادي، ففيما اعتبره ماركس ساحة للصراع الطبقي بأشكاله كافة (السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الإيديولوجية)، جاء الفيلسوف الإيطالي غرامشي ليعيد هذا المفهوم إلى الحيز الثقافي الأيديولوجي، حيث يحتوي المجتمع المدني عنده على العلاقات الثقافية الأيديولوجية و يضم كل النشاط الروحي ـ العقلي.

و مع اختلاف تعريفات المجتمع المدني اليوم التي تهتم بها مراكز الأبحاث المختلفة، فإنها تتفق بمعظمها على أنه مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة و الدولة، و هي بالطبع لا تتبع للهيكلية الحكومية، و يقوم عليها أفراد متطوعون خدمة للمجتمع و تنمية له.

و بينما يدخل في تكوين المجتمع النقابات المهنية و العمالية و الجمعيات الأهلية و الحركات الاجتماعية و التعاونية و الدفاعية و التنموية، فإن مجتمعاتنا العربية، و منها السورية، قد عانت و لفترات طويلة من فرط التسيس و سيطرة الدولة الاستبدادية و تدخلها في عمل منظمات المجتمع، حتى أحالتها لواجهات ممسوخة لا يكاد يكون لها أثر على الأرض، مما أفقد المواطنين الرغبة في العمل المجتمعي، و أفقد الباحثين أيضًا، القدرة على التحديد الصحيح و التعريف المطابق للواقع لمفهوم المجتمع المدني الذي نحتاجه في بلادنا.

قضية الوعي ليست قضية فكرية بحثية فقط، بل تجليات على أرض الواقع، تعكس تمامًا مدى استيعاب الشعوب و المجتمعات لمجريات الأمور و لحقيقتها

و ظهر خلال ثورات الربيع العربي أن كثيرًا من مثقفينا قد أصابتهم الصدمة من الطريقة التي اندلعت بها هذه الثورات رغم أنهم كانوا يعيبون على المجتمع سباته و يكيلون له الشتائم التي يتفنون بتدبيجها في مقالاتهم، فما كان منهم إلا أن تحولوا للمديح بشكل مبالغ فيه في أحيانٍ كثيرة، للشباب الثائر الذي انتفض طلبًا للحرية و الكرامة.

و كان أكثر ما نال ثناءهم و مدحهم أن هذا الشباب الثائر غير مسلح بفكر نضالي أو أيديولوجي و لا يخضع لأحزاب أو منظمات تقوده و تنظم عمله و تحدد أهدافه، فوصفوا الثورات بالعفوية و الشبابية و غير المؤدلجة، إلخ، و كأن في هذا ميزة تستحق الثناء و ليست ناقوس خطر يدق محذرًا من سيطرة جهل قد يسرق من الشباب كل ما قدموه من تضحيات في سبيل تحقيق أهداف ثورتهم التي سقوها من دمائهم، و يحتم على هؤلاء المثقفين السعي لترشيد تلك الثورات و الوقوف خلف الشباب، و تقديم إجابات على أسئلة راحت تتوسع يومًا بعد يومٍ حتى أدخلت الجميع في تيه فكري خلط الحابل بالنابل.  

و في سورية و بعد سنوات من التضحيات الجسام التي قدمها شعب طالب بالحرية و الكرامة و التخلص من الاستبداد، اختلطت المفاهيم، و تداخل المدني مع العسكري، و غاب مفهوم الدولة و الوطن و المواطن، بصورة أفقدت الثورة السورية كثيرًا من المكتسبات التي كان من الممكن تحقيقها فيما لو تم التمييز الصحيح بين الجانبين، و فيما لو تم التكامل بينهما، لا كما حدث من تغول للجانب العسكري على المدني واقعًا، حتى أحاله واجهة استعراضية لم تستطع تقديم نموذج بديل عن دولة استبدادية فاشلة أقامها نظام الأسد في سورية عن طريق البطش و التنكيل و التخويف. 

إن الوعي ضرورة لازمة لنجاح أي مجتمع يسعى نحو الفاعلية، بعيدًا عن الاستبداد المعيق لكل تطور و نهضة، لذا فإن العمل على ترسيخ مفهوم المجتمع المدني الصحيح في مجتمعاتنا، من أجل تفعيل القوى الكامنة أمر لا بد منه و لا يمكننا التغاضي عنه.

كما أن الفقر في الأبحاث التي تبين موقع الدولة و وظائفها و علاقتها بالمجتمع المدني، و تحديد دور كل منهما في إطار تكاملي و ليس إقصائيًا، أمر لافت لم يتم تداركه حتى الآن، إننا بحاجة لأبحاث و دراسات تهتم بتحديد و توضيح معاني الحرية و الديمقراطية و التعددية و المشاركة و التنظيم المجتمعي المدني القادر على تحقيق فاعلية ملموسة على الأرض بما ينعكس على الواقع العملي المنشود و يحقق الأهداف المرجوة من الثورة، مع الانتباه و الاهتمام بخصائص المجتمع و هويته التي تبلور المفهوم الصحيح للمجتمع المدني الذي يتوافق مع ثقافتنا و قيمنا و لا يكون نسخة مقلدة عن نماذج مجتمعية محددة، تختلف اختلافًا جذريًا عن مجتمعاتنا و يكون في تعميمها و تقليدها إعاقة لدور المجتمع المدني الخاص بنا و المميز لنا.

سنوات مرّت أشعل فيها النظام و حلفاؤه حربًا انتقامية ضد كل من يطالب بالحرية و نبذ الاستبداد، و قسّم البلاد إلى محورين: معه (وطني) أو ضده (إرهابي)، مما أوقع السوريين في أزمة، لم تقتصر على التصنيف الفرزي، بل تعدت إلى إطلاق حكم "قيمة أخلاقية"، خلقت جوًّا مشحونًا و مضطربًا اختلطت فيه الأمور، و انعدم التمييز بين ثورة شعب قامت ضد الاستبداد و حرب راحت تحرق كل ما أمامها تحقيقًا لمصالح مشعليها المتكاثرين يومًا بعد يوم.

مع اختلاف تعريفات المجتمع المدني اليوم التي تهتم بها مراكز الأبحاث المختلفة، فإنها تتفق بمعظمها على أنه مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة و الدولة

و مع تعامي العالم عن جرائم النظام و حلفائه تغلّب منطق القوة و الهيمنة على منطلق الحق و العدل، فأطل التطرف بوجهه المتخبط و تشظى المجتمع و تجذرت الطائفية و عمّت الفوضى الفكرية و الأخلاقية و عاش العقل محنة كبرى وضعته في موقف المتفرج المندهش لما يجري، و عجز عن التفسير و التحليل السليمين، فضلًا عن التخطيط المدروس المستند إلى معرفة واعية مطابقة للواقع، كل هذا جعل من ضرورة البحث عن فقه سياسي أكثر تفسيرية يؤسس لفكر واعٍ بصورة واضحة و صحيحة، و يكون قادرًا على إخراج الأمة من نفق التبعية و الضعف و الاستبداد، أمرًا ملحًا. 

قضية الوعي ليست قضية فكرية بحثية فقط، بل هي تجليات على أرض الواقع، تعكس تمامًا مدى استيعاب الشعوب و المجتمعات لمجريات الأمور و لحقيقتها، و مسؤولية التوعية ليست مجرد كتابات و شعارات ترفع، بل مسؤولية أخلاقية من جهة، عملية واقعية ضرورية من جهة أخرى.

لا نريد وعيًا قاصرًا أو نخبويًا أو فئويًا عقائديًا، بل نطالب بوعي مجتمعي عام، يميز السوريون من خلاله ذاتهم، و يدركون مسؤولياتهم، و يؤمنون بإمكاناتهم، و يعرفون جوانب قصورهم و أمراضهم، نحن بحاجة لوعي قادر على رفع المجتمع و تفعيله ليبدع و يمارس مسؤوليته الحضارية تجاه بلده و مستقبله أمام العالم كله. 

قراءة 682 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 01 حزيران/يونيو 2022 09:14

أضف تعليق


كود امني
تحديث