قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 18 تشرين1/أكتوير 2022 16:34

عن نسبية الحلّ الديموقراطي عند عزمي بشارة

كتبه  الأستاذ بلقاسم القطعة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

ما الديمقراطية؟ و ما الذّي تعدنا به؟ تتراوح الإجابة عن هذين السؤالين في الأكاديميا العربيَة بين المبالغة في تمجيد النظام السيّاسي الديمقراطي و تصويره حلًّا شاملًا، و بين تصغيره و التنفير منه و النزوع نحو تبرير السلطوية و تطبيعها. و بين هذين الخطيّن نجد اتجاهًا وسطيًا يُؤمن بالحل الديمقراطي دون تحمّيله ما لا طاقة له به، و يملك من الشجاعة و التواضع العلميين ليقول إنّه لا يدّعي أنّ الديمقراطية هي الحلّ على منوال الإسلام هو الحلّ، مُقّرًا بهذا بنسبية الحلّ الديمقراطي و حدود تطبيقاته الفعليَة.

"عزمي بشارة: الديمقراطية ليست هي الحل على نمط الإسلام هو الحلّ، و لكنها خيار في تنظيم المجتمع يضمن الحقوق و سيادة القانون"

كمثال على هذا الاتجاه الوسطي و النسبيّ في التطرق للحل الديمقراطي، نجد مساهمات المفكّر العربي عزمي بشارة؛ الذّي يعرّف نفسه ديموقراطيًا مع إدراك تامٍ لحدود ما يعدُ به هذا المفهوم، و ما يقدر على تغطيته من جوانب الحياة الاجتماعية الواسعة.

في كتابه المميّز "المسألة العربية: مقدّمة لبيان ديموقراطي عربي"، و تحديدًا في الصفحة التاسعة من الطبعة الثانية الصادرة عن "مركز دراسات الوحدة العربيَة" في بيروت، يُشير عزمي بشارة بوضوح إلى أنّ "الديمقراطية ليست هي الحل على نمط الإسلام هو الحلّ، و لكنها خيار في تنظيم المجتمع يضمن الحقوق و سيادة القانون أكثر مما يضمنه تنور الاستبداد المستنير". و على الرغم من أنّ هذه الطبعة صدرت سنة 2010، إلاّ أنّ مضمون الاقتباس أعلاه ما زال قادرًا على تفسير تعثّر التحول الديمقراطي من جهة، و فشل الإسلاميين من جهة أخرى، خاصة بالإسقاط على تجربة الاخوان المسلمين في مصر.

من الواضح أنّه من الصعب علينا فهم ما سبق دون استحضار مفهوم الأزمة. و هي التّي تعلمنا العلوم الاجتماعية و الإنسانية أنّها تنشأ حين يحدث تفاوت بين المتوقع و الواقع؛ فعندما يقدّم الديمقراطيون الديمقراطية، التّي لا تعدو عن كونها نظامًا سياسيًا في مقابل الاستبداد كما يُفهم من إسهام بشارة، و كأنّها حل متكامل يحتوي كلّ جوانب الحياة الإنسانية، فإن إمكانية حدوث الأزمات المجتمعية تكون أعلى، من منطلق أن المجتمع ينتظر قطاف ثمار الديمقراطية الملموسة، و التّي تنعكس على مجريات حياته اليومية البسيطة، و تحسن ظروف المعيشة أوّلها. نفس المنطق يُمكن سحبه على جعل الإسلام حلًا جامعًا شاملًا، و ما لذلك من عواقب. إذْ إنّه و من الأخطاء الشائعة التّي يرتكبها الإسلاميون تصوير أنفسهم خطابيًا باعتبارهم بديلًا مقدّسًا عن الآخرين، و كذا الاستعانة بمكانة المقدّس في نفوس الأفراد عوض الاعتماد على برنامج سيّاسي واضح التوّجهات و المعالم.

من البديهي التساؤل عن حدود الديمقراطية التّي تعبّر عنها أطروحة عزمي بشارة؛ و هي بالنسبة له "خيار في تنظيم المجتمع يضمن الحقوق و سيادة القانون". مبدئيًا لا تغدو الديمقراطية عند عزمي بشارة عن كونها خيارًا سياسيًا يقع ضمن خريطة واسعة من الخيارات الأخرى التّي مازالت حاضرة في عالمنا. فالمجتمعات الإنسانية المُعاصرة لا تعيش في مجملها في إطار ديموقراطيات، و إنّما نجد صفًّا واسعًا من أنظمة الحكم غير الديمقراطية التّي استقرّت بغَضّ النظر عن ديناميكيات الاستقرار و آلياته. في مستوى ثانٍ، فإن الديمقراطية عند عزمي بشارة وسيلة لتنظيم المجتمع؛ و ربّما بعبارة أخرى تنظيم الصراع المجتمعي حول السلطة. ففي كلّ المجتمعات الإنسانية توجد جماعات تتصارع فيما بينها بهدف التموقع على رأس هرم السُلطة؛ من هنا يأتي الخيار الديمقراطي لوضع حدّ لهذا الصراع عبر إنتاج معايير و قيّم يتم عبرها تنظيم عملية الوصول إلى الحكم و آجال البقاء فيه، و كذا طرق مغادرته.

تتّم ترجمة هذه الضوابط في شكل دستور ديموقراطي ملموس و قيّم ما وراء دستورية، تلتزم بها الأطراف السياسية المؤمنة بالحلّ الديمقراطي.  في هذا الجانب يسجّل النظام الديمقراطي تفوّقه على الأنظمة الأخرى، فحدوث أزمة التداول و انتقال السلطة نادرة في الديمقراطيات مقارنه بالأنظمة غير الديمقراطية التّي قد يصل فيها الأمر  حدّ الحروب الأهلية.

يُضاف إلى ما سبق، قدرة الخيار الديمقراطي على خلق ضمانات متعلقّة بمسألة الحقوق، و كذا سيادة القانون. ففي الظروف العادية تُزوَّد الأنظمة الديمقراطية بآليات حقوقية و رقابيَة من شأنها ضمان حقوق المواطنين و جعلهم متساوين أمام القانون، دون الحاجة إلى تدخّل وسائط بدائية لإحقاق تلك الحقوق كالطائفة و القبيلة و العشيرة و الإثنية و غيرها؛ لتُصبح بذلك صفة المواطنَة كافية للولوج لعالم الحقوق المشروط دائمًا بحزمة من الواجبات، المترتبة عن كون الفرد عضوا في جماعة مواطنيَة.

"الديمقراطية عند عزمي بشارة وسيلة لتنظيم المجتمع؛ و ربّما بعبارة أخرى تنظيم الصراع المجتمعي حول السلطة"

من هذا المنطلق تتفوّق الديمقراطية عن غيرها من الأنظمة في نظرتها للفرد باعتباره جزءًا من جماعة وطنية مواطنية، يُمسك رابط المواطنة القانوني أجزاءها. و على الرغم من أن العديد من الأدبيات النظرية النقدية، رأت في المواطنة حالة إقصائية تجاه أولئك الموجودين في الخارج، إلاّ أنّها تعدّ أقلّ ضررًا من تقسيم المجتمع إلى مجموعات ثانوية دينية أو غير دينية، يُتيح الانضمام إليها حصة أكبر أو أصغر من الحقوق و الموارد الماديّة و المعنوية.

المثير للاهتمام في تحديد عزمي بشارة لماهية الحلّ الديمقراطي هو عدم اعتباره خيارًا جيّدًا لذاته؛ و إنّما حين يقارن بما هو أقّل منه، و هو الاستبداد، المستنير تحديدًا. نفهم من هذا أنّ الديمقراطية باعتبارها ظاهرة اجتماعية لا تقيّم بِمعزلٍ عن الظواهر المحيطة بها، و إنّما عبر مقارنتها، و استنتاج محاسنها و قدراتها على إعادة انتاج نفسها مع أقّل قدر من الخسائر. من جهة أخرى، يمكننا الفهم أنّ مقارنة الديمقراطية بما ليست هي؛ تُتيح لنا مقارنتها بما هي. أي مقارنة بين الديمقراطيات. فالديمقراطية ليست حلًا جامدًا يتم سكبه داخلَ إطار مجتمعي ليشتغل بطريقة ميكانيكية، إذْ هي حالة متحركة تحمل ثنائية السلبية و الايجابية و تملك القدرة إما على التقهقر و التراجع أو التطوّر و التحسّن. و كما أنّ السلطوية سلطويات، فإنّ الديمقراطية ديمقراطيات تشترك إجمالًا في قدرتها على تنظيم الصراع السلطوي داخل المجتمع و ضمان قدر متميّز من الحقوق و سيادة القانون، إذا ما قورنت بغيرها من نماذج الحكم.

إذًا، تبدو لنا مساهمة المفكّر العربي عزمي بشارة القاضية بأنّ الديمقراطية ليست ذلك الحلّ الذي يُحاكي اعتقاد الإسلاميين بأنّ الإسلام هو الحلّ، كعملية لإعادة الديمقراطية إلى طريقها الطبيعي و إبعادها عن المزايدات و التلميعات الأيديولوجيَة المتعصبّة و الجامدة. أي أنها دعوة للتواضع في طرح المشروع الديمقراطي كبديل للاستبداد و الطغيان السياسيين، دون المبالغة أو التفريط فيه. و الأهّم من ذلك تفادي أي أزمة توقعات من شأنها تقويض الحلّ الديمقراطي، و استغلال ذلك من طرف قوى غير ديموقراطية تتغذّى على فشل الديمقراطية، أو بعبارة أكثر دقّة فشل الديمقراطيين.

كنقطة ختام، فإن نسبية الحلّ الديمقراطي عند عزمي بشارة تُبنى أوّلًا على كون الديمقراطية خيارًا من بين خيارات مجتمعية عدّة. و ثانيًا، على أنّها نظام سياسيّ جيّد، ليس لذاته، وإنّما إذا ما قُورن بغيره من الأنظمة.

الرابط: :https://www.azmibishara.com/ar/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA/%D8%B9%D9%86-%D9%86%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%91-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%B9%D8%B2%D9%85%D9%8A-%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9

قراءة 617 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 19 تشرين1/أكتوير 2022 04:28

أضف تعليق


كود امني
تحديث