(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأربعاء, 01 نيسان/أبريل 2015 09:18

شيخوخة شبابنا

كتبه  الأستاذ خالد روشة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كثير من شباب أمتنا أصابتهم شيخوخة من نوع فريد، فأعمارهم صغيرة، و قوتهم فتية، إلا أن طموحهم منكسر، و عزيمتهم غائبة، و رؤيتهم تائهة، و نظرتهم للمستقبل مظلمة قاتمة.

فتراهم و كأنهم قد بلغ بهم العمر أرذله، و نخرت الشيخوخة في عظامهم فأثنت ظهورهم، و نكست رؤوسهم، و رهّلت جفون عيونهم!

بالطبع فهؤلاء الشباب لا يقوون على الصمود أمام مشكلات الأيام، و عقبات الحياة و صعب المواقف، فلا عجب عندئذ إذا رأينا الأمراض النفسية قد حاصرتهم، و قد أكل الاكتئاب بسماتهم، و افترس اليأس نشاطهم و حيويتهم.

الأسباب وراء شيخوخة شبابنا كثيرة، لكن هناك سببان هما الأكثر تأثيراً، أولهما ضعف الإيمان و الآخر ضياع الهدف.

فالإيمان بالله - سبحانه - هو حياة القلوب و النفوس، و هو عمودها الصلب الذي يقيمها فلا تنكسر، و يثبتها في مواجهة الرياح من حولها.

و الإيمان بالله - سبحانه - ينبت الشجاعة في قلوب الشباب، فيتلاشى خوفهم من المخلوقين، و ينبت ثقتهم في أنفسهم إذ يتوكلون على القوي العزيز، و يطرد اليأس إذ الأمل دوما في الله - سبحانه -.

فإذا آمن شبابنا بربهم و استقر الإيمان في قلوبهم هانت عليهم الخطوب، و صغرت في أعينهم الملمات الصعاب، و انتظروا اليسر بعد العسر، و المنحة بعد المحنة.

و إذا استحضروا مآلات الحياة، و عملوا بإخلاص لوجه ربهم المتعال، و جعلوا الآخرة نصب أعينهم، قويت شوكتهم في مواجهة الباطل، و تضاءلت أمامهم المطامع، و تألقت في أعينهم معاني العزة الإيمانية، و صاروا يتركون بصماتهم المضيئة المصلحة في كل مكان مروا به.

و أما وضوح الهدف فهو الدافع الأول نحو العمل الإيجابي النافع، و هو المثير نحو التميز، و المشجع تجاه التقدم و التفوق  و التسابق بل و الفوز.

و إذا فقد الشاب هدفه، وجد نفسه في تيه لايدرى أوله من آخره، قد أحاطت به ظلمة مغيبة، فلا يكاد يرى طريقه، فهو يسير سير التائهين، و يتخبط بين الأقدام.

و قد يستغرب البعض من حديثنا عن فقدان الإيمان و غيبة الهدف لدى شباب أمة يكثر حديثها عن الإيمان في كل موطن، و ينتشر حديثها عن الأمل و الطموح في أدبياتها و أشعارها، بل و في أحاديثها و أحلامها!

و الحقيقة، أن كثيراً من هؤلاء يتحدث عن قوة الإيمان و يستمع إلى الحديث عنه، لكن تذوقه له لم يكتمل، و مخالطة بشاشة الإيمان قلبه لم تستقر، فهو لم يربط رباطا وثيقا من محبة الله - سبحانه - و لا الإخلاص له في قلبه، و لم يخطو خطى نحو العبودية الحقة، فيحمل رسالة أمره ربه بحملها، و يأخذ قرارا واضحا بالاستقامة.

كما أن الكثيرين من شبابنا استبدل حاجاته بأهدافه، فصار سعيه في الحياة لجلب حاجاته فحسب، فذابت أهدافه ذوبانا لم يبق معه شيء منها، و طغت متطلباته فوسعت حياته بأجمعها، سواء في ذلك الأغنياء و الفقراء!

هناك أزمة اجتماعية و ثقافية حقيقية نعاني منها، لم نستطع معها تكوين بيئة مناسبة لتربية هؤلاء الشباب و نشوئهم نشأة صحيحة، على الرغم من حبنا الشديد لهم، و على الرغم من تضحياتنا الكبيرة لأجلهم، لكننا و لابد لنا أن نعترف نكاد أن نفقدهم في غمار هذا المعترك المضني مع تقلبات الحياة و صراعات أعداء الحق.

يجب أن تكون لدينا تصورات واضحة تجاه هؤلاء القادمين، الذين سيتولون رغما عنا دفة قيادة المجتمع عن قريب، كيف إذن سيكون شكل ذلك المجتمع مع هذا الكم الثقيل من اليأس و التيه و ضعف الإيمان؟!
  

http://www.denana.com/main/articles.aspx?article_no=14424&pgtyp=66

قراءة 1541 مرات آخر تعديل على السبت, 29 آب/أغسطس 2015 06:41