قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الجمعة, 02 تموز/يوليو 2021 09:46

الاستشراف التربوي على الطريق نحو المستقبل

كتبه  الأستاذة نفيسة الزكي
قيم الموضوع
(0 أصوات)
لم يعد التعليم بمؤسساته بمأمن من التحولات و المستجدات العالمية بفرصها و مخاطرها، لذا فهو مطالب بتنظيم القدرات الفردية و المجتمعية للتعامل مع المستقبل؛ حتى نتفادى الأزمات التي ستمر بالمنظومة التعليمية، و حتى لا نجد أنفسنا مضطرين فجأة لإحداث تغيرات لا مفر منها في نظمنا التعليمية و بدون سابق تخطيط. فخياراتنا الإستراتيجية تتحدد منذ اليوم، و إذا لم نبدأ من اليوم في عملية تقويم المنظومة التعليمية و التخطيط الإستراتيجي لها، حيث لا يزال أمامنا فسحة من الوقت للاختيار بين القرارات و البدائل المتاحة لنا الآن بسهولة، فإن التغيير سوف يُفرض علينا سواء أردنا أم لم نرد، و تصبح كل محاولاتنا غير مجدية، و نفاجأ بالوصول إلى نقطة الكارثة.

و الاستشراف بصفة عامة يمكن أن يعرف على أنه “عملية فحص منهجي منظم للمستقبل طويل الأجل، و بناء المسارات المتصورة للمستقبل في مجال ما بشكل يؤكد النظر إلى القادم بنظرة ثاقبة، بغية تصور الواقع الحاضر و استيعابًا للماضي، و يقصد به أيضًا كل اجتهاد إنساني لاستطلاع أحداث الزمن الآتي في المستقبل مستهدفًا تحديد احتمال وقوعها، حيث يتناول أحداثًا لم تقع بعد و يشير إلى فترات زمنية لم تأت بعد، و استشرافًا لمستقبل يوجد في الذهن الواعي، و الخيال الابتكاري و إبداعاته، و الخطط التي يرسمها لاستباق الزمن القادم و محاصرة المشكلات المتوقعة قبل حدوثها”.

أما الاستشراف التربوي فيعرّف على أنه “رؤية نقدية مستقبلية واعية للمتغيرات العالمية و المحلية في مجالات التربية، و من خلاله يمكن التعرف على طبيعة التحديات المحتملة و تأثيراتها المباشرة على هذا القطاع، و تحديد الإمكانات و الخيارات المتاحة لمواجهة التحديات و التغلب على المعوقات، و التمكن من تطوير العمل التربوي بما يتناسب مع مطالب التنمية و استدامتها في المستقبل”.

و تأتي أهمية الاستشراف في المجال التربوي من كونه يمنح فرصًا أفضل لإعادة هيكلة نظام التعليم، و وضع أسس واضحة لصيغ الإنفاق المستقبلية على عناصر العملية التعليمية، و تحقيق التطور اللازم في المناهج لتتلاءم مع المستجدات و التطورات التي يشهدها المستقبل، كما تأتي أهميته من كونه يعطي رؤية مستقبلية واعية للمتغيرات العالمية و المحلية في المجالات العلمية و الاقتصادية و غيرها من مجالات الحياة، تؤدي إلى التعامل مع التحديات المحتملة و تأثيراتها المباشرة على التربية، و تحديد الإمكانات الممكنة و الخيارات المتاحة لمواجهة هذه التحديات و التغلب على المعوقات، و التمكن من تطوير التعليم بما يتناسب مع مطالب التنمية البشرية و استدامتها في المستقبل، كما أن أهمية الاستشراف التربوي تأتي من كونه يساعد على الوقوف على الاحتياجات المتجددة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية، و لتهيئة مؤسسات العمل و الإنتاج في المجتمع لمخرجات التعليم مستقبلاً، أضف إلى كل ما سبق أن الاستشراف التربوي يفضي إلى رؤية مستقبلية تساعد على وضع توجهات إستراتيجية عامة لتطوير التعليم، و إلى خطط عمل مناسبة تنفذ بآليات محددة في فترات زمنية متتالية، تُفصّل برامجها و مشروعاتها وفق الحاجات المتجددة و الظروف المتغيرة، كما أنه يهدف إلى ترشيد القرارات التعليمية بغية الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة؛ أي تحسين مستوى الكفاءة في توظيف الموارد العامة في مجال التعليم.

إن الاستشراف التربوي -تأسيسًا على ما سبق- إنْ أوليناه الأهمية التي يستحق، سيمكننا من معرفة “كيفية الانتقال من محوريات المعلم و المتعلم و المعرفة التي طغت في الستينيات و السبعينيات و الثمانينيات و نهاية القرن العشرين إلى محورية جديدة و حاسمة تتعلق بقدرة التعليم على تهيئة أجيال قادرة على خوض تجربة التعلم الذكي بما يشمل العلاقة الإيجابية مع العمل قيمة و تطبيقًا. و قد تكون من أهم سمات المقاربة الإصلاحية الجديدة، محورة قيم التعلم و تطبيقاتها حول العمل، كقيمة و كهدف للتعلم التطبيقي المنطلق من التعامل الذكي مع الوقائع و الظواهر و الأوضاع، كما قد تكون مواجهة أشكال الأمية الجديدة، أي أمية اللغات و تصاعد مؤشرات التعامل “الغبي” أو غير المنتج معرفيًّا مع التكنولوجيات الحديثة، هي من أولى خطوات اليقظة الممهدة لصناعة المستقبل”.

فبالاستشراف التربوي إذن، نستطيع تكوين جيل من المتعلمين، عدّته مجموعة من المهارات المختلفة التي ستمكنه حتمًا من مواجهة تحديات عالم سريع التغير، كما أنه بالاستشراف التربوي سيكون بإمكان المتعلمين “امتلاك معرفة تمكنهم من أن يكونوا سباقين في التفاعل، بدلاً من أن يكونوا دائمًا متلقين بسلبية في تعاملهم مع التحديات. فبدون استشراف سيصبحون على الأرجح ضحايا عالم متقلب، غير مجهزين للواقع الذي يعيشون فيه”.

و للقيام بعملية استشراف تربوي أكثر نجاعة، يؤكد المختصون على ضرورة توفر بيانات و معلومات إحصائية متكاملة عن السكان، و عن القوى العاملة، و عن الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى المعلومات التربوية المتعلقة بأعداد الطلاب و أفواجهم و نموهم، و القوى العاملة في الحقل التربوي، و المباني و التجهيزات، و نتائج البحوث التربوية، و مصادر تمويل التعليم و مخصصاته من الميزانية العامة للدولة و غيرها.. فتوفر هذه المعلومات و البيانات و الإحصائيات ذات العلاقة بالتربية و التعليم، أمر ضروري في أي دولة تسعى إلى إعداد خطط تنموية، اقتصادية أو تربوية، أمر ضروري للقيام بعملية الاستشراف التربوي، بل إن عملية الاستشراف التربوي تكون عملية عبثية ما لم تتوفر لها هذه المعلومات.

إن النظام التربوي بإجماع الدارسين بصفته متغيرًا تابعًا للتحول المجتمعي، و بصفته كذلك محركًا أوليًّا لهذا التحول، هو بحكم دوره و طبيعته أكثر جوانب المجتمع عرضة للتغيير. و بناءً على ذلك فالمتغيرات الحادة التي ينطوي عليها المستقبل و ما يفرضه من تحديات، ستُحْدِث بالضرورة هزات عنيفة في منظومة التربية؛ في فلسفتها و سياستها و دورها و مؤسساتها و مناهجها و أساليبها، مما يفرض على القائمين على هذا الحقل، ضرورة إعادة النظر في مسؤولياتهم و طرقهم في تهيئة الأجيال، و استشراف آفاق المستقبل للإعداد لها، و إيجاد صيغة مقبولة متوازنة للنظام التربوي، باعتبار أن الاستشراف التربوي السليم يقتضي تطويرًا متوازنًا و متفاعلاً لجميع عناصر العملية التعليمية. فالأمم التي تعي هذه الحقيقة و تعترف بها، تعمل من أجل الإعداد لهذا المستقبل، و تصبح التربية هاجسها الأول و هدفها الرئيسي، كما أنها تصبح حريصة على نوعية التعليم التي يتلقاه أبناؤها، لأن المرحلة القادمة -نظرًا للتطورات الاقتصادية و الاجتماعية و السكانية التي يشهدها عالم اليوم- يجب أن تشهد وضوحًا في النظرة المستقبلية للتعليم، و بشكل ينسجم مع حجم السكان و احتياجاته الفعلية، لكي ينتقل المجتمع و خاصة العربي من مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة الإنتاج، و من مرحلة التبعية إلى مرحلة القيادة، و من مرحلة الضعف إلى مرحلة القوة، و يستلزم ذلك وضع خريطة متكاملة لواقع التعليم و مستقبله، تحتوي على تحسين مناهجه و تطوير نوعيته، لتحقيق نتائج تساعد على تلبية متطلبات التنمية.

بالاستشراف التربوي إذن، نستطيع طرح نموذج جديد لمدرسة المستقبل، مدرسة تستطيع بما تتملكه من عناصر قوة و أدوار متعددة و أشكال متنوعة من “مواجهة الأخطار و التحديات؛ فعالم اليوم و عالم المستقبل هو عالم التكنولوجيا المتقدمة، عالم سريع التغير و التطور، و هو ليس بمعزل عن ثقافة المجتمعات التي تصدره، و بالتالي يترك تأثيره في ثقافة المجتمعات التي تستورده، لذا من الطبيعي أن تتغير أهداف المؤسسة التعليمية بتغير أهداف العصر و مستجداته، كما أن عصر القرن الحادي و العشرين ستتضاعف فيه المعرفة، و بالتالي تصبح الإحاطة بها كاملة، أمرًا غير ممكن، و إنما الممكن هو أن يهيأ الأفراد من خلال التعليم لمتابعة حركتها، و القدرة على الوصول إليها، و الاختيار منها، و التحقق من دقتها. كما أن من ملامح القرن الجديد -الحالي- إزالة الفواصل و الحدود بين الدول و المجتمعات، فبفضل التكنولوجيا الجديدة و التطور التقني زالت كثير من الفواصل و الحدود، و بالتالي سيترتب على المؤسسة التعليمية أن تعيد النظر في فلسفتها و أهدافها من جديد؛ بغية صياغة جديدة للقدرات و المكونات و المهارات التي تريد أن تنميها في الفرد”.

من هنا، نرى ضرورة تسطير أهداف واضحة لعملية التدريس في القادم من الأيام في مقدمتها “التدريس من أجل المستقبل”، و لن يتحقق هذا الهدف “إلا إذا تم التخطيط و تدريب القائمين على الشأن التربوي على استخدام الأساليب و الإستراتيجيات التدريسية التي تعتمد على تنمية مهارات المستقبل، من خلال الأنشطة التعليمية التعلمية المختلفة التي تشحذ قدرات المتعلمين، و تساعد على تنمية مهارات البحث و الاطلاع و التنبؤ بالأحداث و المواقف المستقبلية، على اعتبار أن ممارسة المتعلمين لتلك الأنشطة يساعد على نمو قدراتهم و ميولهم، إلى جانب تعديل سلوكهم في ظل العمل و المشاركة و التعلم بما يتفق مع استعداداتهم”.

ختامًا، يمكن القول بأن الاستشراف التربوي بصفة خاصة و استشراف المستقبل بصفة عامة، ليس عملية تنبؤية فحسب، “و إنما هو محاولة لرسم صورة واضحة بمنهجية علمية محددة تكشف عما يمكن أن يحدث مستقبلاً، و ذلك في ضوء معطيات الحاضر الذي نعيشه، بل يتخطى ذلك إلى إيجاد علاقات جديدة، إبداعية، تستلزم إطلاق العقول و الخيال و وضع تصورات و إسقاطات علمية، تفترض الواقع تارة، و المأمول تارة أخرى، دون أن تنتهي إلى قرار بتحقيق أي من هذه الصور، فهذا أمر يدخل في حيز التخطيط، و القصد هو اطلاع القيادات بوصفها القوى الفاعلة في المجتمع، لكي تعمل على تغليبها على غيرها من الصور، و توعيتهم كذلك بالنتائج التي يمكن أن تترتب على بدائل معينة قد تبدو مقبولة بالنظر إليها نظرة جزئية، في حين أن النظرة الكلية لها، تبرز العكس”.

إن الاستشراف التربوي يمنح المنظومة التعليمية القدرة على التطور و النهوض و التقدم، و ذلك من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لها، اعتمادًا على طرق علمية و إحصاءات و معادلات رياضية تبدأ بدراسة الماضي و الحاضر، و ربطهما بالمستقبل من أجل السيطرة عليه و التحكم فيه و تجاوز منزلقاته، و لهذا يصعب التفكير في المستقبل دون أن نفكر في التعليم و مؤسساته، أو أن نخطط للمستقبل دون أن نخطط للتعليم. 

(*) باحثة في علم النفس / المغرب.

الاستشراف التربوي يفضي إلى رؤية مستقبلية تساعد على وضع توجهات إستراتيجية عامة لتطوير التعليم، وإلى خطط عمل مناسبة تنفذ بآليات محددة في فترات زمنية متتالية، تُفصّل برامجها ومشروعاتها وفق الحاجات المتجددة والظروف المتغيرة.

الرابط : https://hiragate.com/25064/

قراءة 1134 مرات آخر تعديل على الجمعة, 02 تموز/يوليو 2021 12:24

أضف تعليق


كود امني
تحديث