قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 05 أيلول/سبتمبر 2021 14:24

أدوار المدرس في عالم متغير: الواقع والمأمول!

كتبه  الأستاذ مولاي المصطفى البرجاوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن مستجدات الحياة المعاصرة تفرض أن تكون للمدرس أدوار مختلفة و متميزة تبعًا لما تميله الطفرات النوعية التي تعرفها مختلف المجالات؛ إنْ على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو التقني أو الخبرات التعليمية.

فالنظم التعليمية لا يمكن الارتقاء بها و تطويرها ما لم يعد النظر جذريًا في نظام تكوين المدرسين، و إلا فسيكون تعليمها غير مواكب لكل المستجدات إلا ما كان من اجتهادات فردية لا يظهر أثرها بارزًا و إيجابيًّا في منظومة المجتمع، و لا أدل على ذلك مما تعرفه النظم التعليمية في الوطن العربي التي تراوح مكانها، بل تتذيل القائمة في كل منافسة و مسابقة تربوية عالمية.

و في هذا الإطار، ينبغي إعادة النظر في الأدوار الحديثة للمدرس، التي يحددها «وولفوك»  في: «الأدوار التعليمية، و الأدوار التربوية، و الأدوار الإدارية، و الأدوار الاجتماعية، و الأدوار الإنسانية، مع إعداد تكوينات مستمرة للمدرس، تقدم الخبرات و الأساليب التعليمية و الكفاءات العامة و النوعية التي تتناسب مع هذه الأدوار و تتفاعل إيجابيًّا مع ما تفرضه التطورات الحديثة من تغيير و تطوير لأهداف التعليم و محتواه و مصادره و أوعيته و طرائقه»[1]. لكن من يمعن النظر في واقع التعليم في الوطن العربي يجد ندوبًا و جراحات تخلخل المنظومة التربوية و تمس كيان و هيبة المدرس تدفع به إلى أرذل المقام بعدما كان نبراسًا و شعلة يستضاء بها!

إذن، الإشكال المطروح: من المسؤول عن تراجع هيبة و مكانة المدرس؟ و ما هي الأصناف الكبرى للمدرسين في ظل الاهتمام بالرسالة التربوية؟ و ما أدوار المدرس الأساسية في ظل المتغيرات في شتى مناحي الحياة؟

أولاً: أسباب تراجع مكانة و هيبة المدرس:

تعد مهنة التعليم من أرقى المهن في جميع المجتمعات، و لا شك أن العلم هو الركيزة الأساس لانطلاق و تطور الأمة في جميع مجالات الحياة، لكن - للأسف الشديد - في زماننا هذا تراجعت هيبة و كرامة المدرس و أصبح أيقونة للاستهزاء و السخرية و ذليلًا مهانًا من طرف مجتمعه، فاقدًا قيمته بين متعلميه، لدرجة بلغت معها الجرأة حد الاعتداء عليه جسديًّا و لفظيًّا.

إن تراجع مكانة المدرس تعود بالأساس إلى جملة من العوامل نذكر بعضها:

أ - العامل الاقتصادي، فراتب المدرس لا يكفي لسد حاجته، بالتالي يؤثر ذلك نفسيًّا عليه و على عطائه، و برغم ذلك نجد المدرسين يبذلون قصارى جهدهم للخروج بالتعليم من عنق الزجاجة، أضف إلى ذلك عدم الاهتمام بواقع المدرس و عدم استفادته من الحقوق الأساسية (المادية و المعنوية)، بل يعد في منظومة التربية و التكوين، الحلقة الأضعف في المنظومة التربوية، و توجه له سهام الاتهام في فشل أي مشروح إصلاحي تعليمي.

ب - العوامل القيمية: اختلال منظومة القيم الأخلاقية نتيجة قصور في التشريعات و القوانين التي ترفع شعار جعل المتعلم في قلب الاهتمام و التفكير و العمل، ثم في قلب العملية التعليمية، لكن في الآن نفسه تقلل من شأن المدرس و لا أدل على ذلك المذكرة الوزارية في المغرب الخاصة بالإجراءات التأديبية لمجلس القسم الذي منعته من توقيف المتعلم و لو أهان المدرس بل حتى لو أشبعه ضربًا.. مما يدل دلالة قاطعة على خلل في التشريعات القانونية المدرسية، التي تأتي من المكاتب المكيفة، دون أن تُعرض على مجهر الحياة المدرسة و على المدرس الذي يعيش هموم المنظومة برمتها، لكن أيادي خفية تعمل جاهدة على تركه في الهامش التربوي و الاجتماعي حتى لا تقوم له قائمة!

ت - تراجع دور النقابة: فهذه المؤسسات الاجتماعية تراجع دورها بشكل كبير، و بناء على ذلك يفضل أغلب المدرسين عدم الانخراط في هذه اللعبة، ففي السابق كان دورها منصبًا على الاهتمام بهموم المدرس و انشغالاتهم، لكن حاليًا توجهت أنظارهم إلى العمل السياسي و التهافت على المناصب.

ث - العوامل التكنولوجية و المعرفية: أثرت التكنولوجيا الحديثة على أفكار المتعلمين و جعلهم غير مبالين بالتعليم، و يعدونه من قبيل مضيعة الوقت، خاصة في ظل الارتفاع الجنوني للمعطلين، بالإضافة إلى ضعف الحملات التوعوية الهادفة من الإعلام و جمعيات المجتمع المدني و الأسرة التي فقدت بريقها؛ كل ذلك قلل من كيفية التعامل مع مدرسيهم، و أيضًا لا بد من معرفتهم للعقوبات التي تترتب على إساءتهم لأي معلم لكي لا يفكروا بالإساءة إليه.

ج- ضعف تحسن ظروف الحياة المدرسية: من حيث بنية الأقسام و الحيز البيداغوجي للمدرس من الحصص اليومية  و الأسبوعية، و ضعف الإمكانات المادية و التقنية اللازمة لأداء عمله، و الخلل في أنماط الحكامة الإدارية و أساليبها بما يعود سلبًا على المدرس في تحسين كفاءته و من ثم مكانته.

و لكن في الوجهة الثانية للعملة، نجد أن إتقان المدرسين لأدوارهم و مسئولياتهم يرفع لا محالة من مكانتهم الاجتماعية و اكتسابهم رضا الجمهور المستهدف و المجتمع، برغم محاولات التشويه و التشهير. فعلى سبيل المثال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية يقول روبرت رتشى[2]: لقد تمت أغلب الإنجازات (في مهنة التعليم) عن طريق مجهودات المدرسين الذين كرسوا وقتًا ثمينًا في العمل الجماعي على كافة المستويات.

ثانيًا: أصناف المدرس في المنظومة التربوية وفق التصور المجتمعي:

في واقع ممارستنا التربوية، كثيرًا ما نسمع نعوتًا متعددة تطلق على المدرس، تنطلق من معايير و خلفيات مختلفة من ذلك: مدرس كفء، مدرس مجدد، مدرس تقليدي، مدرس ملتزم، مدرس مستهتر، مدرس صعب... و هلم جرًّا من النعوت.

و ارتباطًا بصلب هذا العنصر، و ما ينطلق به واقع الحال، يمكن الحديث عن ثلاثة أصناف[3]:

أ - المدرس المجتهد: ينشغل أساسًا بما يحرزه المتعلم من تقدم، فيجتهد في اقتراح الوضعيات الباعثة على التعلم، و يعنى بتسيير الأعمال، و تذليل الصعوبات، و الحفز على تحرير طاقات المتعلمين، و حفزهم على الانطلاق في عالم التعلم المديد و الرحب.

ب - المدرس المقتصد: يزاول مهنته باقتصاد، فيحرص على تنفيذ المقرر، بأقل جهد و أضعف كلفة، فيدبر وضعية التعلم، أو ينقل المعرفة.

ت - المدرس المقصر: و يتجلى تقصيره في الميل إلى التأخر، و الجنوح إلى الغياب، و الإخلال بمسئولياته، و تتسم عادة ممارسته المهنية بالاضطراب و التوتر و الفتور، فلا تخطيط و لا إعداد و لا رؤية واضحة، فهو يسير بلا غاية.

لكن كاميرا الإعلام و الوزارة الوصية على التربية و التعليم مثلًا في المغرب، توجه إلى هذا الصنف الأخير - على قلته - فتشوه سمعة المدرس مهنيًّا و تربويًّا و تقلل من مكانته اجتماعيًّا و ثقافيًّا، و يظهر ذلك من خلال البرامج التلفزيونية و المسلسلات الهزلية بل حتى وزير التربية الوطنية المغربي رشيد بلمختار، قال في مؤتمر صحفي، إن المدرس الكفء عملة نادرة إن لم نقل مفقودة!

لهذا فإعادة الاعتبار للمدرس تكون بتبني رؤية استباقية تجعل من المدرس مركز ثقل أي إصلاح، من خلال اعتماد خطاب يثمن الإيجابيات و المجهودات التي يبذلها في إطار دوره و واقعه المدرسي و التربوي و تأهيله مهنيًّا و بيداغوجيًّا و تربويًّا و اجتماعيًّا و ماديًّا و تمكينه من العدة الديداكتيكية التي تجعله يواجه الواقع التربوي و يبدع إزاءه و يرقى بممارسته التربوية خدمة للناشئة.

ثالثًا: الأدوار المختلفة للمدرس لمسايرة المستجدات:

لكي يقوم المدرس في مهمته المنوطة به أحسن قيام، ينبغي أن يؤدي دوره التعليمي، و في الوقت نفسه يتحتم عليه تقمص أدوار مختلفة والعمل فيها بفعالية: اجتماعية و نفسية و تربوية.

1 - الدور التربوي: و ينفرد التعليم بكونه مهنة مقدسة لأن الله سبحانه و تعالى نسبه إلى ذاته العليا، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ 1عَلَّمَ الْقُرْآنَ 2 خَلَقَ الإنسَانَ 3 عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: ١ - ٤]. كما اهتم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم بالتعليم اهتمامًا كبيرًا، و وردت عنه أحاديث نبوية شريفة تؤكد ذلك، فقد قال عليه الصلاة و السلام: «إن الله لم يبعثني معنتًا و لا متعنتًا، و لكن بعثني معلمًا ميسرًا»[4]. قال المناوي: «(إن الله لم يبعثني معنتًا) أي شقاء على عباده. (و لا متعنتًا): أي طالبًا للعنت و هو العسر و المشقة، (و لكن بعثني معلِّمًا)، ميسرًا من اليسر»[5].

و إذا كان للتربية و التعليم كل هذه الامتيازات و المكانة السامقة، فلا بد أن يتحلى المدرس بخصال تربوية حميدة تجعل محبوبًا لدى المتعلمين، فقيمة المدرس تتهاوى إلى الحضيض إذا صدر منه ما يخدش الحياء و يهدم الأخلاق، إذ كثيرًا ما سمعنا في وسائل الإعلام عن تحرش الأستاذ بتلميذاته بل اغتصابهن! فكيف يليق بهذا أن يكون القدوة و المثال للمتعلمين؟! و لله در الشاعر إذ يقول:

يا أيها الرجل الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ

هَلَّا لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ

تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَ ذِي الضَّنَى

كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَ أَنْتَ سَقِيمُ

ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا

فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ

فَهُنَاكَ تُعْذَرُ إنْ وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى

بِالْقَوْلِ مِنْك وَ يحصلُ التسليمُ

لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَ تَأْتِيَ مِثْلَهُ

عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ

هناك أمور هي التي تحقق للمدرس هيبته منها[6]:

إيمانه بأن التعليم رسالة يؤديها في الحياة لا مجرد وظيفة يكسب منها لقمة عيشه، و في سبيل أداء الرسالة يكون عظيم الصبر واسع الحلم.

دماثة أخلاق المعلم و حب المتعلمين له هو الذي يمنعهم من التجرؤ عليه، و لو حدث أن تجرأ أحدهم فهو الشذوذ الذي لا تخلو منه قاعدة و لا يلغيها، و هو ما تعرض له المصلحون و على رأسهم الأنبياء عليهم السلام و لم تطعن في شخصيتهم و لا هيبتهم.

زهده بما أيدي المتعلمين، إذ لما طغى الطمع  و الجشع على قلوب بعض المدرسين و جعلهم يتهافتون على الكسب المادي تحت سائر المبررات، و فتحوا باب الدروس الخصوصية وغ يره من الأبواب، سقطت هيبة المدرس في أعين الكثير من الناس.

كما أنه من مهام المدرس ترسيخ القيم و إشاعتها بين التلاميذ، حتى يتسنى الحد من المظاهر السلبية التي تنخر جسد المنظومة التربوية؛ كالعنف و تخريب المنشآت و التجهيزات داخل المؤسسة التعليمية.

2 - الدور التعليمي: من بين الأدوار الجوهرية التي ينبغي للمدرس أن يتسلح بها في ظل المتغيرات المعاصرة لتطوير أدائه التعليمي؛ إتقان مهارات التواصل و التكوين و التثقيف الذاتي (الاطلاع على مستجدات التربية و التكوين و ما مدى تطبيقها في العملية التعليمية - التعلمية)، و التمكن من المادة المدرَّسة، و ذلك بالتعمق في المادة العالِمة، و التمكن من التكنولوجيا الحديثة و تطبيقها ديداكتيكيًّا في الممارسة الصفية حتى يتأتى تنويع عرض المادة الدراسية و في الآن نفسه لا يحس المتعلم بالملل الناجم عن التدريس التقليدي، بل الأكثر من هذا تهيئة الأجواء بالإدارة الصفية الفاعلة بتفعيل «البيداغوجيا الفارقية»، و القدرة على استخدام التقويم التكويني المستمر و التغذية الراجعة أثناء التدريس.

«و لا تقتصر أيضًا أهمية المدرس على دوره المباشر في تنمية الإبداع و إنما تتعداه إلى ما يتبنى المعلم من اتجاهات إيجابية نحو الابتكارية، و هذا الأمر يتطلب إعادة النظر في تكوين المعلمين قبل الخدمة و تدريبهم أثناء الخدمة بأن يمتلك المعلم صفات المعلم المبدع، و هي: مرونة شخصيته، و الثقة غير المشروطة في قدرات الطالب و الإقلال من التقييم و النقد الخارجي، و إشعار الطالب بالأمان و عدم الخوف و استخدام التشجيع و الإثابة، و إدراك الفروق الفردية بين المتعلمين و إثراء الموقف التعليمي بالأنشطة الإبداعية، و إظهار قيمة أفكار الطلاب، و الإلمام بسمات الطلاب المبدعين، أو تشجيع الطلاب للتعبير عن أفكارهم الشخصية و مشاعرهم الذاتية و امتلاك القدرة على التسامح و البهجة و الحرية»[7].

لتحقيق الدور المتغير للمعلم ينبغي تحقيق ما يسمى بالتعلم الفعال: فالتعلم الفعال هو التعلم الذي يلبي الحاجات الفردية لذلك فإن تحقيق الحاجات للمتعلم يستثير دافعيتهم للتعلم و يتم ذلك وفق ظروف الدروس التي يقدمها المعلم. و هكذا يفرض على المدرس استخدام إستراتيجيات مناسبة لتلبية حاجات المتعلمين الفردية، و بذلك تتم استثارة دافعيتهم للتعلم، ومن هذه الإستراتيجيات[8]:

- تشخيص الحاجات الفريدة، و الميول، و الأهداف للمتعلم.

- مساعدة المتعلم لتحديد أهدافه الشخصية  و ربطها بهدف التعلم.

- ربط هدف التعلم العام للمتعلم بحاجاته و ميوله و هدفه.

- صياغة أهداف التعلم و أنشطته لتحقيق نجاح المتعلم.

- مساعدة المتعلم على صياغة أهداف التعلم.

- أن تكون أهداف التعلم ضمن خصائص يمكن تحصيلها: معقولة، واضحة و قابلة للقياس، مرغوبة.

3 - الدور التعاوني: من خلال الانخراط في فريق تربوي - تعليمي، سواء في مجالس الأقسام لمناقشة الاختلالات التي تعرفها الممارسة الصفية، و تبادل الخبرات و التجارب بين المدرسين و أيضًا من خلال الأندية التربوية، التي تعد من الأنشطة الموازية التي تخرج المتعلم من التعلم التقليدي، و تنقله إلى أفق أرحب من الإبداع، بل قد تكتشف فيه المواهب المدفونة في الممارسة الديداكتيكية التقليدية، و قد بينت التجربة مدى تأكد نظرية «غاردنر» صاحب «نظرية الذكاءات المتعددة».

4 - الدور الاجتماعي: فهو رائد اجتماعي يسهم في تطوير المجتمع و تقدمه عن طريق تربية الأطفال تربية صحيحة تتسم بحب الوطن و الحفاظ عليه، و تسلح تلاميذه بطرق العمل الذاتي التي تمكنهم من متابعة اكتساب المعارف  و تكوين القدرات و المهارات و غرس قيم العمل الجماعي في نفوسهم، و تعويدهم على ممارسة الحياة و الديمقراطية في حياتهم اليومية[9].

5 - الدور النفسي: فالمدرس لا ينبغي أن يقتصر دوره على عرض المادة الدراسية و تلقينها و تقويمها، بل ينبغي أن يكون قريبًا من المتعلم، للمساهمة في معالجة همومه و مشاكله التي تحول دون مسايرته الفاعلة و الفعالة في التحصيل الدراسي. و لا أدل على ذلك من التجربة الرائدة في بعض المؤسسات التعليمية التي أنشأت ما يسمى بمراكز الإنصات للحد من الاضطرابات النفسية التي يعيشها المتعلمون نتيجة مشاكل أسرية و اجتماعية و اقتصادية.

6 - الدور التنموي: ينظر علماء «التنمية البشرية» للمدرس على أنه يشكل المصدر الأول للبناء الحضاري و الاقتصادي و الاجتماعي للأمم، من خلال إسهاماته الحقيقية في بناء البشر، و الحجم الهائل الذي يضاف إلى مخزون المعرفة، و عبرت عنه نظرية «رأس المال البشرى» بأنه كلما نجح المدرس في زيادة المستويات التعليمية لأبناء الأمم، كلما ارتفعت معها مستويات المعرفة، و من ثم ترتفع مستويات الإنتاج القومي العام، و الذي بدوره ينعكس على زيادة مستويات دخل أبناء الأمم و تحقق الرفاهية الاجتماعية[10].

على ضوء ذلك، ينبغي إعادة صياغة برامج إعداد المدرسين في ضوء تحديات العولمة لجعلهم قادرين على أداء أفضل، و الأخذ بمبدأ النمو المهني المستمر للمعلم و تحسين الظروف الاجتماعية و الاقتصادية للمعلمين حتى يشعروا بالأمن الوظيفي و يتنافسوا في أداء رسالتهم و ترسيخ مبدأ التعبد بالعلم[11].

و ختامًا، فالمدرسة المبدعة و المواكبة للمستجدات، لا ينحصر دورها فقط في تغيير المناهج و إصدار كتب جديدة و إدخال التكنولوجيا الحديثة في التعليم، بل ينبغي أن يرافق كل ذلك تشبث المدرس بالقيم الراقية الراسخة في ديننا الحنيف، و ثورة و تغيير في بيداغوجيته و طرائق تدريسه، من خلال التكوين الذاتي و المواكبة في التكوين المستمر من طرف الأخصائيين في علوم التربية و الديداكتيك و علم النفس التربوي، بالإضافة إلى تشجيعه ماديًّا و تحفيزه على إثر كل عطاء إبداعي.

________________

[1] Woolfolk, A. (1998), Educational psychology (7th ed.). Boston, MA: Allyn & Bacon (660 pp.)

[2] روبرت رتشي (1982) التخطيط للتدريس، مدخل للتربية، ترجمة محمد أمين الفقي وآخرين، الرياض : دار المريخ للنشر.

[3] عبدالله زروال، المدرس و أسئلة المهنة، مجلة علوم التربية، العدد 2015، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص 60-61.

[4] مسلم، ح (1478).

[5]  فيض القدير المناوي 2/254.

[6] عبدالله الكمالي (2008)، الطريق إلى التميز التربوي، دار ابن حزم، بيروت، لبنان، ط2، ص55.

[7] شحاتة، حسن (2004): مداخل إلى تعليم المستقبل في الوطن العربي، الدار المصرية للكتاب، القاهرة، ص107.

[8] يوسف قطامي، ونايفة قطامي (2000)، سيكولوجية التعلم الصفي، دار الشروق، ط1، عمان الأردن، ص269-270.

[9] بشارة، جبرائيل (1986): تكوين المعلم العربي و الثورة العلمية التكنولوجية، المؤسسة الجامعية للنشر و التوزيع، بيروت، ص 28، بتصرف يسير.

[10] غنيمة، محمد متولي (1996) القيمة الاقتصادية للتعليم في الوطن العربي «دراسات و بحوث»: سياسات و برامج إعداد المعلم العربي و بنية العملية التعليمية التعلمية، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، ص10.

[11] أبو دف، محمد خليل (2002): مقدمة في التربية الإسلامية، مكتبة آفاق، غزة، فلسطين، ص203.

الرابط : https://eyooon.net/view.aspx?id=33371

قراءة 909 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 08 أيلول/سبتمبر 2021 09:28

أضف تعليق


كود امني
تحديث