يقع الكثير من الآباء و الأمهات في خطأ تربوي كبير قد لا يقدرون نتائجه السلبية إلاّ بعد سنوات و ربما و لا يدركونه أبدا ..هذا الخطأ يبدأ مع بداية تحرك الطفل و حبه للاطلاع على كلّ شيء و لمس أي شيء و اللعب بكلّ شيء .. و إن كان هذا الأمر طبيعي في كلّ طفل و له معالجته الخاصة إلاّ أنّ هذا يضايق الوالدين كثيرا، و هذا للأسف منشأه خطأ ثان و هو اعتقادهما بأنّ طفلهما يجب أن ينشأ مربيا و مأدبا و هادئا ..
و كل شيء جميل يجب أن يكون فيه من البداية، لكن الموضوع يحتاج لتربية و صبر و متابعة و وعي في التعامل مع هذه البراءة التي كثيرا ما نخدشها في مهدها، فتبدأ إهانة الطفل و التلفظ معه بكلمات قد لا يستوعبها عقله الصغير أصلا .. أنت غير مؤدب .. أنت ( جن ، طاير، أنت غبي .. ) و غيرها من الكلمات التي تزيد قسوتها كلما كبر الطفل، و الوالدين و المجتمع من حولهما لا يجيدان شيئا من التربية غير إهانة هذا الولد ..
فيتبرمج هو على مثل هذه الإهانات التي تتطور إلى عقد و إلى كره و سخط على كلّ من حوله و هذه بداية العند و العصيان، لأنّ الطفل في النهاية تستقر في نفسيته هذه الأوصاف – المهينة – ليعتقد من غير شعور منه أنّه كذلك و يتصرف مستقبلا على أساسها، و هذا الذي يحدث للأسف في معظم بيوتنا، و أنا أقول للجميع أنّ هذا الطفل إنسان لا يجوز بأي حال من الأحوال إهانته حتى يكبر سويا في تفكيره، سويا في مشاعره، سويا في تركيبته النفسية و الخلقية .. و الأخطاء التي يقع فيها الولد مهما كانت لها طرقا مختلفة لمعالجتها معالجة حكيمة دون اللجوء إلى إهانته و من ثمّ ظلمه في الحاضر و المستقبل.