ذلك الملاك داخله يريده خاليا من الذكريات...لأن ذاكرته انتقلت إلى كمبيوتر لا يملك حاسة الشم ولا الإدراك.. كمبيوتر لم يعر للمشاعر اهتماما.. ولا يستطيع التعبير عن الأشياء السحرية التي أوشكت أن تفتك به....

ظلت علاقته بدنيا الناس تتخبط لأنه يتعامل مع أشخاص من صنعه.. صنعهم من كتبه ومخيلته ويحللهم حسب ذوقه واجتهاده، ويفسر طوابعهم وطالعهم بما يحلو له، وما يعجبه او ما يدور في رأسه من فكر واحلام وخواطر.. يعلو ويرتفع مع التحليل ثم يغرق ويرى زوايا ليست هناك ويبني توقعات على ما يرى.. ثم تأتي الصدمة كالانفجار حين يكتشف أن الآخر أو ذاك الحدث قد خيب أمله وغرر به.. ثم يقضي اياما يتوجع أو أسابيع، ومع المرارة عدة أشهر لأن قلبه سال بعمق دمه ولأن احلامه ذابت كالملح.. لأن روحه هبطت كالظل.. لأنه يعود الى ما كان قبل القصة.. وقبل اللقاء.. يعود وحيداً يجتر الكتب ويرمم ما انهار من أحلام..

يتمنى أن يحلق فرحا.!! يتمنى أن يغفو كل ليلة بريئا طاهرا.. فلا يوقظه صوت ساعة الحائط والسعادة تغمره.!!.

"الإنسان البسيط يساء دائما فهمه ولهذا سيبقى دائما على الهامش. هامش الحياة والكلام... أحيانا يخسر في الحالتين.. إن تكلم أو لم يتكلم!!"..

تتشابه الوجوه والملامح، ولن تتشابه النوايا.. تتشابه الألوان، لكن المعنى يختلف.. أليس وهج الشمس فوق الوجوه، كوهج الجمر بين الضلوع.!!. "الذاكرة ليست محدودة أبدا.. تتبدل وتتغير.. تسحق وتعيد ترتيب ذاتها.. تبتكر ذكريات أليمة موجعة.. فكل منا يقاتل أشباحا خاصة به!!

لا بد للإنسان أن يتخلى عن مهام كئيبة ترهقه وعن وساوس غير معقولة تضنيه.. عن تصرفات تشقيه.. عن ردود أفعال تؤرقه.. لا بد أن يقوم ولو خلسة بأعمال جنونية، ويكون هو نفسه الشاهد الوحيد على جنونه..