في هذه الصبيحة، إستوقفتني هذه المقولة لأوجين لابيش "الأناني، شخص لا يفكر في...". في زمن، إستبدت الأنانية بالنفوس، خاصة علي مستوي النخب الحاكمة، كل أحد يريد الإستفراد بالحكم و جمع كل النفوذ بين يديه و الذي أعانه علي فساده و إستبداده عوام، كل فرد منهم يفكر في نفسه و فقط، فالكون يبدأ من نفسه و ينتهي إليها.
تنتصر الحضارة حينما تكون محمولة من الجميع كمشروع خلاص و تنتكس عندما يصبح هم كل أحد منفعته الشخصية لا أكثر و لا أقل. و في عالمنا الإسلامي و كمجتمع مسلم، صرنا بموجب منطق السوق الوحشي نعيش كأفراد مهوسين بكل ما يخدم مصالحنا الضيقة. و عوض أن نفكر بالضمير الجمعي للأمة، ترانا أكثر مادية من الماديين الغربيين أنفسهم. و هذه الأنانية المادية كبلتنا، معطلة أي حركة واعية للنهوض. ننظر إلي كل شيء من حولنا من خلف عدسة "مصلحتي و فقط"و طبقا لهذه الرؤية الغير الصحية، فقدنا الكثير علي مستوي التماسك الإجتماعي و المناعة الأخلاقية و قد اصبنا بعقم الأفكار و الشيخوخة المبكرة، لا وقت لنا لفعل الخير، هذا العمل الذي رسخه الإسلام من أجل الحصول علي مجتمع مسلم متكافل و سليم.
فالعلاقات الإنسانية التي مثلت للإسلام أهم ركيزة في البناء الحضاري، تشكو اليوم من تلاشيها و إختفاءها لصالح إعتبارات تضع الأنا في المقدمة، و هنا نتساءل : كيف يقدر لنا إسترداد المبادرة الحضارية من الغرب المتهالك إن لم يتخلص المسلم من نرجسيته المفرطة ؟
فالأزمة التي يعيشها المجتمع المسلم، ليست سطحية، فقد قامت الأنظمة الإقتصادية و لوثة الفكر الغربي اللاديني بصياغة الضمير الفردي للمسلم. غلبة التفوق المادي للغرب و الشعور بالدونية الذي نلمسه في سلوك المسلم و التوصيف الخاطيء لبعض النخب ممن رأت في التمسك بأخلاقنا و قيمنا الإسلامية مكمن الداء مسخ الفرد و قلص حظوظه في الخروج من دائرة الفراغ الذي يدور فيها منذ جلاء قوات الإستدمار الغربي عن أراضينا و قصة الإنحدار مستمرة إلي ما شاء الله ما لم نهدم الأنا المتضخمة فينا و نعيد بناء الذات المسلمة السوية.