قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 16 كانون2/يناير 2023 06:59

"قدموا بعضا يكن لكم قرضا و لا تخالفوا كلا فيكون فرضا عليكم"

كتبه  عفاف عنيبة

"أيها الناس، إنما الدنيا مجاز و الآخرة دار قرار...إن المرء إذا هلك قال الناس ما ترك ؟ و قالت الملائكة : ما قدم ؟ لله أباؤكم، فقدموا بعضا يكن لكم قرضا، و لا تخالفوا كلا فيكون فرضا عليكم."

سيدنا علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه بتصرف عن "نهج البلاغة"

لنتمعن جيدا في هذه التوصية للخليفة الرابع المغدور به، رضي الله عنه. من يتأمل سيرة سيدنا علي، سيقف علي أمر مهم : عامل علي ابن أبي طالب نفسه بشدة، و إنتصر للحق في حياة الرسول الكريم صلي الله عليه و علي آله و سلم و بعده.

و في خلافة من سبقوه لم يكن غرضه مغنم من مغانم الدنيا، فقد كان أحد أشد أصحاب الرسول صلي الله عليه و سلم وفاء و إخلاصا له و ما عايشه معه أهله لقيادة أمة الإسلام بعده و ما جري أعطي له الفرصة للثبات علي الحق. إن المتربصين بالإسلام و الكائدين له لم يغفلوا يوما، أما نحن فقد ضيعنا الأمانة و فرطنا في الرسالة و قد لخص الخليفة علي رضي الله عنه خير تلخيص في هذه الوصية مذهبه في الحياة.

فمن يصمد أمام إغراءات الدنيا، القلة الخيرة منا، من نسميهم بأهل الصلاح و الفلاح، فمن هي القلوب التي تعزف عن نداءات الفانية ؟

القلوب التي تكون قد عقدت العزم علي إقتفاء أثر الأنبياء و الصالحين، ثروة الرسول عليه الصلاة و السلام محمد الحقيقية كانت إيمانه الفذ بخالقه و مبدعه الله جل جلاله، و هذا ما يجب أن نكون عليه نحن المسلمين، و لكن هل هذا يخطر علي بالنا و نحن مقبلون بنهم علي مباهج الدنيا ؟ و الفشل في الإختبار الدنيوي لا يسمح لنا بمعاودة الكرة، و هذا الأمر نتجاوزه بقدر كبير من اللامبالاة. 

يحصد الموت ألوف الناس يوميا و ما يتبقي من ذكرهم أعمالهم و يظل العمل الصالح جاريا، أليست رائعة هذه النصيحة " قدموا بعضا يكن لكم قرضا، و لا تخلفوا كلا فيكون فرضا عليكم" لنقم بالبعض الذي نقدر عليه، فديننا دين يسر و هذا البعض نعم القرض عند الله و من تخلف عن هذا البعض أهمل الكل و فرط في الفرض، و عاقبته الخزي و العار في الدنيا و الآخرة.

نريد العيش في النعيم و لا نعمل علي إستحقاقه و نتهاون حيث لا يجوز التهاون. تصورنا لدورنا في هذا الوجود كدرته لهفتنا علي الفاني، لا نقيم وزنا للبعد الآخروي. إن للحياة إمتداد وراء حجاب الموت و الباقية دار الآخرة.

تقع علي عاتق المسلم مهمة العيش وفق نسق حضاري واضح المعالم، عليه أن يجسد في قوله و سلوكه، باطنا و ظاهرا أخلاق الإسلام و هذه الأخلاق ذات بعد إلزامي.

فالإيمان الذي لا يدعمه الفعل و العمل لا وجود له في أرض الواقع، و تكريس الإيمان كموقف إيجابي و تفاعلي، هذا ما يتوجب علينا القيام به. الحياة دفتا كراس لنا أن نملأه بالحسنات و الأعمال النافعة، فهي أكبر من مجرد أداء واجب و فقط. إن الأعمال الصالحة خير مقدمات لنا، لماذا لا نعمل بالإستناد إلي مرجعيتنا الأولي في غياب الكيان الحضاري : الإسلام ؟ ألا نستطيع إلتزام أخلاق الإسلام و طلب العلم ؟ أليس بإمكاننا تقديم البعض بتعبير سيدنا علي عوض أن نخرج من الدنيا فارغي الأيدي ؟ إن الواقع لا يثبت علي حال و عملية تطويعه عملية شاقة و مضنية، إنما ليست بمهمة مستحيلة، كل ما طلبه الله منا طاعته و في طاعة المولي عز و جل سمو لنا و تكريم. تفرض رحلة الإيمان علي الإنسان أن ينتصر فعليا للحق الإلهي و في إنتصاره هذا إنتصار له و الذي يكسب وجودنا فعالية قصوي هو الدين و ليس إلا الدين و الوضع المؤلم الذي نعيشه أظهر بما لا يدعو مجالا للشك، أننا كلما إبتعدنا عن الخلق القويم و تعاليم الإسلام كلما تضاءلت حظوظنا في حياة متوازنة و سليمة. حاليا، نحن لا نعاني فقط من الإبتعاد عن الدين، نحن ببساطة لا نعمل به و لم نع بعد أن وجودنا كما هو الآن عبأ علينا و علي الآخرين.

فنحن معنيون بإستعادة علاقتنا مع الله، فصاحب العقيدة القوية لا يخشي عليه. لكن أيننا من هذا النموذج الصالح و المفتقد في مجتمعاتنا ؟ و قد بات تعاطينا مع تفاصيل الحياة تعاط بلا روح و بلا معني، و قد غدت الدنيا المنتهي، فأي مصير هو مصيرنا و نحن علي هذا الحال المبكي ؟ إن من فتحوا العالم لنشر الإسلام وضعوا حياتهم علي كفة و لم يتراجعوا و لم يتخلفوا.

نحن أمامنا مهمة البناء الحضاري، و من دون تحقيق الشروط الموضوعية لذلك لن نذهب بعيدا، نحن بحاجة إلي طالبي علم و دين، إلي متوكلين علي الله، إلي أهل الخير الذين يحرثون للدنيا و للآخرة، نحن نطمع في إيجاد مجتمع مسلم يعمل بما أنزل الله، و لا نطالب بشعب من المتواكلين، المتخاذلين أو من الزاهدين و إنما لكل شيء حدود و ما زاد علي حده إنقلب إلي ضده.

جاء الإسلام لإقامة المجتمع العادل الكامل، فماذا نقول عن الملايين من المسلمين ممن ينفقون وقتهم و مالهم للعيش وفق إنماط حياة مغايرة تماما لنهج الإسلام ؟

ماذا نقول عن مواطن مسلم لا يعرف عن دينه إلا ما توارثه عن أسلافه في الإسلام، و ما لم نقر بذلك و ما لم نشرع في إيجاد الحلول الناجعة، نكون قد خسرنا الدنيا و الآخرة.

إن الوقت لا يرحم، فلنا أن نكف عن التعامل السلبي مع مجريات الحياة و كل واحد منا مدعو و بإلحاح إلي ربط وجوده بصيرورة حضارية إسلامية، فأي خطوة بناءة في هذا الإتجاه ستنتشلنا من الفراغ. لنتمثل جيدا هذه الحقائق، فالموت حق و يوم البعث حق و الحساب حق و لا سبيل للتهرب، تاه اليهود عن فلسطين أربعين سنة، أما تيهنا نحن عن الصراط المستقيم فقد طال أمده، نحن علي هذه الحال من قرون، لا نتقدم خطوة إلي الأمام إلا و نتراجع عشرات الخطوات إلي الخلف.

بيدنا خلاصنا و شقاؤنا و تحصيل البعض خير من تفويت الكل و علي الله نتوكل و به نستعين.

 

 مقتطف من كتاب عفاف عنيبة "كوة نور شجون إنسانة مسلمة" دار نشر سمر، طبعة 2006.

قراءة 392 مرات آخر تعديل على السبت, 13 كانون2/يناير 2024 18:20

أضف تعليق


كود امني
تحديث