ليس هناك أكبر نعمة من أن يولد المرء مسلما عارفا بدينه و من هو رسوله و ما دوره في الدنيا و ما مصيره في الآخرة...
عندما كنت بين العاشرة و الحادية عشر من عمري، كنت أقيم في دولة أندونيسيا و درست السنة الخامسة و السادسة الإبتدائي من البرنامج التعليمي الجزائري في البيت...
من كان يلقنني مادة الفرنسية كانت معلمة اندونيسية مسيحية و في مرحلة ما أخذتها الحمية علي ديانتها المسيحية، فقررت تمسيحي من خلال الدروس، فكان يتخلل الدرس معلومات وافية عن سيدنا المسيح و قدراته الإلهية المزعومة، بذلت جهود الجبارة تلك المعلمة المسيحية الأندونيسية لإقناعي بأكاذيب و أساطير من وحي المخيلة البشرية الضالة لكنها في كل مرة كانت تصطدم بموقفي المهذب و الغير المصدق في آن...
كنت أنظر إليها بقدر كبير من السعادة "المسكينة لا تؤمن بالله الواحد الأحد، كم هي مثيرة للشفقة!!!"
و في لحظة ما، قررت قلب الأدوار و بدأت طرح عليها أسئلة تعجيزية عن ماهية المسيح الإلهية المزعومة، فأدركت سريعا المعلمة الأندونيسية المسيحية أن إيمانها المنحرف في خطر، فتوقفت تماما عن دعوتي إلي إعتناق ديانتها المحرفة و عادت إلي مهامها الأولي : تعليمي البرنامج الجزائري باللغة الفرنسية.
إيماني في 10-11 كان فطريا و مدعوم بمطالعة قوية في مجال العقيدة و التاريخ الإسلامي المعروض بشكل مبسط علي من هم في سني...
إيماني في 20 من العمر، بلغ طور هام جدا "عدم الإغترار بفتن و متاع الدنيا الزائلة" كنت شابة مسلمة مختلفة تماما عن شابات و شباب جيلي، مهمومة بأمر واحد "تحسين إيماني و الإجتهاد في مغالبة النفس الأمارة بالسوء " و طبعا لا أزكي نفسي...
عند 40، أصبحت من الزاهدات و قد بات بلوغ مرتبة اليقين هدفي الأوحد...
و أنا اشرف علي 60 من العمر، أقترب من قبري يوم بعد يوم و كل طموحي و منتهي مناي "إرضاء الرب تعالي و حمده و شكره بالأفعال عن خلقي مسلمة..."
نخلق مسلمين و أما الإيمان، فنجتهد لتجسيده فعليا، و حربنا علي إبليس و جيشه تغدو قضية مصير، لن نكترث كثيرا لمآلنا في هذه الدنيا بل لا بد لنا من العمل لمصيرنا في الآخرة و لا يهم إن لم نقطف شيء من ثمار الدنيا...