قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 11 آذار/مارس 2015 12:14

دور المرأة المسلمة في صناعة الحضارة..مقاربة تأصيلية في ضوء إسقاطات الواقع 1 / 2

كتبه  البروفيسور عقيلة حسين
قيم الموضوع
(2 أصوات)

ساهمت المرأة المسلمة مساهمة فعالة في الحركة  العلمية منذ عصر النبوة إلى الوقت الحالي، فبرزت نساء عالمات، و فقيهات، و محدثات، و مفتيات، و أديبات، و شاعرات، و في مجالات الطب و الصيدلة و العمل الخيري، و الكتابة و الدعوة و التعليم، و بناء المداس و دور العلم، و وقف الكتب و المصاحف وغيرها .

و هذا البحث يجيب على التساؤلات الآتية :

  • فهل كان للمرأة اهتمام ونبوغ في العلوم والفنون ؟
  • وفيما اشتهرت ؟
  • وما هي صور الإسهام العلمي للمرأة ؟
  • وما هي مجالاته ؟
  • وماذا  أضافت المرأة المسلمة للإنسانية وللحضارة ؟
  • وما هي حواضر العالم الإسلامي التي نبغت فيها المرأة ؟
  • وما هو سر نبوغ الكثير من النساء؟
  • وما هي الدوافع التي جعلت النساء يساهمن بشكل كبير في الخدمة الإنسانية ؟
  • ولماذا تدهور حال المرأة، وأصبحت الأمية ضاربة في أوساط النساء في الكثير من المجتمعات؟
  • وما هي الأسباب التي حدت من فعالية المرأة المسلمة في ميدان العلوم والمشاركة الاجتماعية؟

المبحث الأول : التأصيل الشرعي لإسهام المرأة في العلوم

من سماحة الإسلام وتكريمه للمرأة، لم يفرق بين تعليمها وتعليم الرجل والنصوص كثيرة من هديه صلى الله عليه وسلم قولا و فعلا، فجعل صلى الله عليه وسلم : “طلب العلم فريضة على كل مسلم”1. فالخطاب الشرعي حث على التعلم، والتحصيل العلمي، وهذا الخطاب عام يشمل الذكور الإناث مع مراعاة الضوابط الشرعية المعروفة عند أهل العلم، المعلقة بالفروق بين الجنسين.

وقد اهتم المصطفى صلى الله عليه وسلم بتعليم النساء، وأولاه عنايته، حيث سألت النساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهن يوماً يعلمهن فيه، فأجابهن لذلك، فعن أبي سعيد الخدري2 رضي الله عنه  قال : قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً يلقهن فيه، فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن : “ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها، إلا كان لها حجاباً من النار”، فقالت امرأة : واثنين، فقال : “واثنين”3.

كانت النساء تحضر مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم، ويصلين الصلوات بالمسجد، ويحضرن الجمعة والأعياد فيسمعن ويحفظن، كما كانت الكثيرات من النساء في عصر النبوة يعرفن القراءة والكتابة، ولعل أول امرأة عرفت الكتابة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم هي الشفاء بنت عبد الله القرشية4.

ومنها تعلمت حفصة أم المؤمنين5 الكتابة بإقرار من الرسول صلى الله عليه وسلم، فعن الشفاء قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا عند حفصة فقال لي : “ألا تعلمين هذه رقية النملة (النملة قروح تخرج في الجنبين) كما علمتيها الكتابة؟”6.

وأول مثال على حرص المرأة المسلمة على التعلم، نراه ماثلاً في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبناته، فها هي عائشة أم المؤمنين7 رضي الله عنها، قد اختارها الرسول صلى الله عليه وسلم زوجة له؛ لتكون معلمة لنساء العالمين قاطبة، فرباها تربية علمية تثبت اهتمام الإسلام بتعليم النساء، فقال الزهري8 : “لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين، وعلم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل”9.

المبحث الثاني : الأمومة إسهام كبير في العلوم والخدمة الإنسانية

قد تكون الأمومة خاصية بيولوجية، لكل امرأة تنجب أطفالا، لكن الحديث قد يصبح قاصرا وظالما للمرأة التي تنجب فقط، بل هي تربي وتعلم وتلقن المبادئ واللمسات الأولى لشخصية ذلك الطفل الذي يكبر ويتطور في سائر الأيام، فيصبح عالما، ومبدعا، و يساهم في بناء الحضارة وتطور المجتمع وخدمة الإنسانية، فالأمومة أرقى وظيفة في المجتمع البشري، فهي ترتبط بإنتاج الإنسان نفسه، وصنع شخصيته، وذلك إنجاز لا يدانيه أي إنجاز، ولم تقصر المرأة المسلمة في هذا الجانب، بل كان وظيفتها الأولى و اهتمامها الأكبر.

والأمثلة كثيرة جدا عن أمهات العلماء اللواتي كان لهن دور كبير في دفع أبناءهم إلى مجالس العلم، وملازمة كبار العلماء، كأم ربيعة الرأي، وأم الأمام مالك – رحمهم الله – وأكبر مثال هو أم الإمام الشافعي – رحمه الله - التي ربته يتيما، ورأت رؤيا بأن نورا يخرج من بطنها، ففسرت لها الرؤيا بأن ابنها سيكون عالما، فتعهدته بالتربية و الرعاية الخاصة ليكون عالما، وأرسلته إلى أهله وعمره 12 سنة بمكة وكانت تسكن بغزة ليتعلم الفصاحة، ومنها لازم الإمام مالك و رحل إلى بغداد وغيرها، وهاهو الشافعي إمام كبير في العلم و الفضيلة.

ولا شك أن كل عالم و مفكر هو مدين لأمه بكل الفضل، وبصمات الأمومة عند المسلمين غير خافية عن سيرة العلماء حتى ولو لم تذكر في كتب التراجم.

المبحث الثالث : المرأة المسلمة وطلب العلم

لم تتأخر النساء في تلبية النداء للإيمان والدخول في دين الله أفواجا، والإقبال على النهل من هذا النبع الصافي علوما كثيرة على رأسها القرآن، والحديث والفقه، يشجعهن في ذلك الرجال، بالسماح لهن بالخروج إلى المسجد وحضور الجماعة والسؤال.

المطلب الأول : المرأة و التعلم

وتجسد تعلم المرأة ابتداء من الجيل الأول للنساء القدوة المؤمنات الصالحات العالمات المعلمات، إلى العصور الزاهية للعطاء والإشعاع العلمي النسائي والحضور الاجتماعي الايجابي، والمساهمة في البناء الحضاري الذي شهد له العدو قبل الصديق، و شهد به من هم خارج هذه الحضارة، تقول المستشرقة الألمانية سغريد هونكه : “ظلت المرأة في الإسلام تحتل مكانة أعلى وأرفع مما احتلته في الجاهلية وسار الركب، وشاهد الناس سيدات يدرسن القانون، والشرع، ويلقن المحاضرات في المساجد، ويفسرن أحكام الدين، فكانت السيدة تنهي دراستها على يد كبار العلماء، ثم تنال  منهم تصريحا لتدرس هي بنفسها ما تعلمته فتصبح أستاذة و شيخة، كما لمعت من بينهن أديبات و شاعرات والناس لا تبدي في ذلك غضاضة أو خروجا عن التقاليد”10.

  • المطالبة بمجلس علمي من رسول الله صلى الله عليه وسلم خاص بهن فقط.
  • حرص أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن – على العلم والتلقي والسماع.
  • الجلوس إلى أمهات المؤمنين، وارتياد مجالسهن، وخاصة الصحابيات الصغيرات والتابعيات.
  • الرحلة من الشام وبغداد والبصرة في طلب العلم، وخاصة الرحلة إلى حجرات أمهات المؤمنين.
  • مجالس العلم داخل الأسر، وسماع المرأة من الوالد العالم، والزوج، والأخ.
  • عقد مجالس نسائية علمية للسماع والتعلم.
  • مواسم الحج وفرصة اللقاء، والتعلم، والتحمل والتبليغ11.

المطلب الثاني : المرأة المسلمة والكتابة

لم يثبت تاريخيا أن النساء المسلمات لم يتعلمن الكتابة والقراءة، بل الثابت أنّهن كن يعرفنها من الجاهلية، وليس في الإسلام فقط، وهو الذي ركز كثيرا على العلم، وتشتهر أم المؤمنين حفصة  بذلك وغيرها من النساء.

ومن الذين اشتهروا بحسن الخط وجودته، وليس بالكتابة فقط، عائشة بنت أحمد القرطبية التي قال عنها المؤرخون : “إنه لم يكن في زمانها من حرائر الأندلس من يعادلها علما، وفهما وأدبا وعزا، كانت تمدح ملوك الأندلس، حسنة الخط، تكتب المصاحف والدفاتر، وتجمع الكتب، وتعنى بالعلم، ولها خزانة علم كبيرة، ت : 400هـ”12.

المطلب الثالث : المرأة المسلمة والتخصصات العلمية

تكاد المصادر التاريخية، وكتب التراجم والطبقات تجمع على أن المرأة المسلمة، تعلمت علوما شتى، وأتقنت بعضها، وتخصصت في بعضها حتى أصبحت لا تعرف إلا بذلك الفن الذي أتقنته، ويعود ذلك إما لاهتمامات شخصية، أو بتوجيه من الأهل : الوالد، أو الزوج.

وأكثر العلوم التي كانت محل اهتمام المرأة عبر العصور التاريخية مشرقا ومغربا، العلوم الشرعية : القرآن الكريم، الحديث النبوي، الفقه، والتفسير، القراءات، العقيدة، والتصوف، العلوم اللغوية : من نحو وصرف وبلاغة، والتاريخ، بالإضافة إلى الطب و الفلك و الرياضيات و التمريض و الحساب و غيرها.

المطلب الرابع : المرأة المسلمة وأماكن التعلم

أول  مدرسة ارتادتها النساء للتعلم هو المسجد منذ عصر النبوة، كما كانت حجرات أمهات المؤمنين منارات للإشعاع العلمي والثقافي، فكن يستقبلن النساء، اللواتي يسألن عن أمور دينهن أو يتحملن الحديث والعلم الشرعي بالسند، أو يتعرفن عن أمور تخص النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ العلم عن عائشة – رضي الله عنها – لوحدها حوالي (299) من الصحابة والتابعين، منهم (67) امرأة.

وهؤلاء كلهم يقصدونها في بيتها، الذي كان مدرسة و جامعة لمختلف العلوم، أما أم سلمة التي اشتهرت بالفقه، فقد روى عنها كثير من الصحابة والتابعين بلغوا حوالي (101)، منهم (23) امرأة.

وتطورت أماكن التعلم مع تطور الحضارة الإسلامية، واختصاص كل مؤسسة بمجال معين، فنشأت المدارس، وكان للنساء مدارس خاصة بهن للتعلم، وخاصة في الحواضر الكبرى، بغداد  والشام ومصر والأندلس والمغرب، ويدل على هذا كثرة أوقاف النساء على المدارس ولا يعقل أن توقف امرأة على مدرسة لا تخصص جزء منها أو جناح منها لتعليم للبنات.

ويذكر الدكتور عبد الهادي التازي في كتابه (المرأة في تاريخ الغرب الإسلامي) أن العديد من مدارس البنات التي كانت تعرف بـ (دور الفقيهات) كانت منتشرة في الكثير من أحياء المغرب، وأن بعض الوجيهات كن يشرفن عليها، انطلاقا من رغبتهن في تعميم المعرفة ونشر الخير والفضيلة في المجتمع.

المبحث الرابع : المرأة المسلمة والنبوغ العلمي لخدمة الإنسانية

ولم يقتصر عطاء المرأة المسلمة على الإيمان والهجرة والتضحية و التعلم فقط، بل امتد هذا العطاء إلى المجال العلمي والتعليمي، فظهرت الفقيهة والمُحدثة والمفتية، التي يقصدها طلاب العلم، ويأخذ عنها بعض أساطين العلماء، وتُستفتى في بعض الأمور التي تخص عامة المسلمين، وظهر من العالمات المسلمات من تعقد مجالس العلم في كبريات المساجد الإسلامية، ويحضر لها الطلاب من الأقطار المختلفة، وعُرف عن بعض الفقيهات والمحدثات المسلمات أنهن أكثرن من الرحلة في طلب العلم إلى عدد من المراكز العلمية في مصر والشام والحجاز والمغرب والأندلس، حتى صرن راسخات القدم في العلم والرواية، وكان لبعضهن مؤلفات وإسهامات في الإبداع الأدبي.

المطلب الأول : إسهام المرأة في العلوم الشرعية

ساهمت المرأة المسلمة بدور كبير جدا في تعلم العلم الشرعي، وتبليغه عبر العصور، وقد كانت النواة الأولى لذلك أمهات المؤمنين، وتلتهن أجيال كثيرة من النساء عبر الأزمنة والأمكنة في التحمل والتبليغ، روت الكثير من النساء الأحاديث النبوية المختلفة سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم كالصحابيات بمختلف طبقاتهن : المكثرات والمقلات، زوجاته وبناته وأهل بيته، أو عامة المسلمات.

ومن الصحابيات : أمهات المؤمنين، وخاصة عائشة، وروت نساء من التابعيات عددا من الأحاديث، ورواية الحديث كانت من الحرائر ومن الإماء، ومن الكبيرات والصغيرات، وقد تسمع المرأة من امرأة، وقد تسمع من زوجها، أو أبيها، أو أخيها، وقد يسمع منها نساء أو رجال؛ كأبنائها، أو أقاربها، أو مواليها.

لم تكتف هؤلاء الصحابيات برواية الأحاديث المختلفة المتعلقة بالقضايا الخاصة بالمرأة، أو الموضحة لأحكام مهتمة بالنساء فقط، وإنما كانت روايتهن للأحاديث عامة، وقد روت الصحابية أخبار السيرة النبوية، والمعجزات، وعلامات الساعة، كما روت أحاديث الوعظ، الترغيب والترهيب، وأخبار الجنة والنار، وروت أحكام العبادات، والمعاملات، وأحاديث الفضائل والمناقب وحسن السلوك، والتعامل مع المسلمين، وبالجملة فإننا لا نكاد نجد بابا من أبواب الحديث، إلا وكانت المرأة الصحابية  راوية لبعض أحاديثه12.

ومن أنواع المساهمة

الفرع الأول : السؤال الذي تلاه التشريع، أو تشريع أحكام بسبب سؤالها

جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله : إني امرأة أستحاض، فلا أطهر أفأدع الصلاة ؟

فقال : “لا إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي”13.

الفرع الثاني : أحكام وأدلة شرعية لم تثبت إلا من روايتهن

فعن زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري : أخبرتها أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم  تسأل أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، وأن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا، حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم فقتلوه.

قالت : فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه ولا نفقة قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “نعم”، قالت : فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة، (أو في المسجد) ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم (أو أمر بي فنوديت له) فقال : “كيف قلت ؟”، قالت : فرددت  عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، قال : “اسكني في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله”، قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت : فلما كان عثمان أرسل إلي فسألني عن ذلك، فأخبرته فأتبعه وقضى بي14.

الفرع الثالث : أحاديث وأحكام فقهية لم تبلغها إلا النساء

وقد تبلغ الراوية الذروة في الوعي والحفظ والأداء، عندما تنفرد وحدها، برواية حديث الجساسة الطويل، وصفة خروج الدجال15؛ وهو من رواية الصحابية الجليلة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، فحدثته بحديث الجساسة، وقال فيه ابن عبد البر :” وهذه كلها آثار ثابتة صحاح من جهة الإسناد والنقل”16.

الفرع الرابع : استدراكات النساء على الرجال في العلم

تمثل هذا المنحى القوي في العلم، والنبوغ، والتفوق، أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي استدركت على كثير من الصحابة في أحاديث لم تثبت إلا من طريقها17.

الفرع الخامس : المرأة يُروى عنها صحيح البخاري بالسند العالي ويعتمد سندها

إنها المحدثة كريمة بنت أحمد المروزية، التي قصدها العلماء، من المشرق والمغرب لسماع صحيح البخاري، وأخذ الإجازة عنها بسبب السند العالي والثقة، وقال الذهبي : “كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية، أم الكرام المجاورة بمكة كانت كاتبة فاضلة عالمة … وكانت تضبط كتابتها، وإذا حدثت قابلت بنسختها، ولها فهم ومعرفة حدثت بالصحيح”18.

المطلب الثاني : إسهام المرأة في العلوم الأخرى

أسهمت المرأة المسلمة في التطور العلمي والثقافي لمجتمعها، وكان لها حضور وإبداع في مجالات علمية كثيرة؛ منها الشعر والأدب، والطب والصيدلة، والهندسة والرياضيات، وغيرها.

وفي صدر الإسلام ساهمت المرأة بخبرتها في الطب والصيدلة في الغزوات والحروب التي خاضها المسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم  وبعد وفاته، ورفيدة الأنصارية التي هي من جيل الصحابيات، أحسن مثال على ذلك.

فسعد بن معاذ لما أصابه سهم بالخندق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد حتى أعوده من قريب، وكانت امرأة تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، وقال البخاري في الأدب المفرد : لما أصيب أكحل سعد يوم الخندق، فقيل حولوه عند امرأة،  يقال لها رفيدة وكانت تداوي الجرحى19.

إن ظهور نساء في مجالات تعتبر مقدسة في الدين الإسلامي؛ يعني أنّه كان هناك أيضا عالمات في علوم طبيعية، مثل الرياضيات والفلك والكيمياء، وأنّه لو تم توسيعنا البحوث عنهن في بطون التاريخ لوجدنا المزيد، بالأخص في مجالات كالطب والصيدلة لأنّهن شاركن في الحملات والمعارك والجيوش، ومن بين النساء اللواتي، تخصصن في علم الرياضيات؛ سُتيتة البغدادية وهي عالمة كبيرة عاشت في العصر العباسي20.

المطلب الثالث : المرأة والتصنيف

وكانت نساء كثيرات يتخذن نسخ الكتب حرفة لهنّ، وتختص بهذه الحرفة نساء عالمات جليلات، بل إن منهن من أشاد بهن علماء الأمة، كشهادة ابن حبان القرطبي لـ (عائشة بنت أحمد القرطبية) التي قال عنها : “إنه لم يكن  في زمانها من حرائر الأندلس من يعادلها علما،وفهما وأدبا وعزا، كانت تمدح ملوك الأندلس، حسنة الخط، تكتب المصاحف والدفاتر وتجمع الكتب، وتعنى بالعلم، ولها خزانة علم كبيرة، توفيت سنة 400هـ21.

هذه بعض الأمثلة – لا الحصر – على اشتغال النساء بالتصنيف، ونسخ كتب العلماء سواء من أجل الحفظ والتعلم، أو من أجل حرفة النسخ، وهناك نساء صنفن دواوين، وكتبن شعرا وهن كثيرات، أو كتبن في علوم الشريعة، لكن المصادر شحيحة جدا في ذكرهن، ومن الذين صرحت المصادر بأنهن صنفن كتبا : (عائشة بنت يوسف بن أحمد الباعونية)22.

وفد أسهمت المرأة المسلمة عبر العصور في نهضة أمتها انطلاقا من :

  • العقيدة السليمة والفكرة الصحيحة والنية الخالصة.
  • طلب العلم والجلوس إليه.
  • الوعي بالتكليف والاستخلاف والرسالة.
  • فهم الخطاب القرآني والنبوي.
  • السعي للأجر العظيم والامتثال والطاعة.
  • استشعار المساواة بينها و بين الرجل في التكاليف و العمل.

قال تعالى : “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)” – التوبة، وقد خصص المقري حصة مهمة من كتابه : (نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب) لتراجم نساء الأندلس من اللائي كانت لهن اليد الطولى في الصياغة والبلاغة، وعلل المقري اهتمامه الخاص بهذا الموضوع؛ بأن باعثه على ذلك، كي يعلم الناس أن الحضارة أصيلة في أهل الأندلس وحتى في نسائهم وصبيانهم!.

وكذالك كان غرض كل من خصص كتبه لتراجم النساء الفضليات وسيرهن العطرة في حفظ القرآن ورواية الحديث والفتوى والأمومة والوقف، وجميع دروب الخير التي زاحمن فيها الرجال من مبدأ التعاون والتكافل والمشاركة وتقاسم المهام والأدوار؛ لبناء الحضارة وتعمير الأرض والجزاء الحسن في الدنيا والآخرة.

المبحث الخامس : أوقاف نسائية لخدمة العلم و أهله

لا يجادل اثنان في كون المرأة إنسان مكرم في جميع الأديان، والرسالة الخاتمة جعلت المرأة في مرتبة عالية من الكرامة الإنسانية، وسوت بينها وبين الرجل في التكليف بالعقائد والشرائع وفي الجزاء والثواب، وإن كانت لها خصوصيتها التي تختلف عن الرجل، والهدف من هذا الاختلاف إقامة الحياة، والتعاون والتكامل وإحداث توازن داخل الأسرة، وفي المجتمع، وتكمن أهمية الوقف النسوي في جوانب كثيرة جدا منها أوامر القرآن والسنة التي لا تفرق بين النساء والرجال في البدل والعطاء والصدقات، وفي المشاركة في الحضارة.

عن جابر قال شهدت الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم قام متوكئا على بلال حتى أتى النساء، فوعظهن، وذكرهن، وأمرهن بتقوى الله، قال :  “تصدقن”، فذكر شيئا من أمر جهنم، فقامت إمرأة من سفلة النساء، سفعاء الخدين، فقالت : لم يا رسول الله قال : “لأنكن تفشين الشكاء، واللعن، وتكفرن العشير”، فجعلن يأخذن من حليهن، وأقراطهن  وخواتيمهن يطرحنه في ثوب بلال يتصدقن به، أخبرنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا23.

وهناك مجالات لا تتقنها إلا المرأة كالقضايا الأسرية ورعاية اليتامى والنساء الأرامل.

المرأة لها دور فعال جسدته نساء السلف الصالح اللواتي فهمن الرسالة ووعين الواجب، وتسابقن إلى الخيرات؛ رجاء الثواب أولا وبناء وتعمير الأرض ثانيا، فهي إذن ليست نصف المجتمع المعطل كما أراد لها البعض عبر الفتاوى والخطابات التي تكبل حركتها وتحد من  نشاطها وعملها في إطار الشريعة ومقاصدها.

المبحث السادس : الانجازات العلمية النسوية عبر الوقف

كثيرة هي إنجازات النساء في مجال الوقف العلمي بمختلف وظائفه فهن مساهمات بشكل كبير من مختلف الأعمار والطبقات وفي مختلف المجالات والبلدان والحواضر الإسلامية، ومن مختلف المذاهب والطوائف، وتعتبر المدارس والمساجد والجوامع والربط والزوايا أكثر المعالم الحضارية، وأعظم مؤشر للنهضة والتقدم فيها هو كثرة هذه المعالم وتنوعها، ومعظم الرحالة والمؤرخون الذين وصفوا التقدم والنهضة ربطوها بكثرة هذه المعالم24.

المطلب الأول : المساجد ودورها في النهضة العلمية

هي مساجد كثيرة كان لها الدور الريادي في النهضة العلمية في تاريخ المسلمين ابتداء من مسجد قباء إلى الحرمين الشريفين إلى مساجد الدنيا كلها؛ التي كانت الدعامات الأساسية لحفظ الدين والهوية والنهوض بالمجتمعات المسلمة علميا وحضاريا، ولا غرابة أن تنطلق مصداقية العالم وشهرته ومكانته من المسجد، فالمساجد هي الوجه الأول للنهضة عند المسلمين وهي أول ما يبنى في أول حاضرة إسلامية، وهو مؤسسة دينية علمية ثقافية حضارية ولهذا كان المسلمون رجالا ونساء في كل الحواضر الإسلامية، مشرقا ومغربا، سباقون إلى تأسيس المساجد والعناية بها لتشع منها النهضة والحضارة، وكانت في كل العصور المزدهرة بالعلم والنهضة والتقدم، هي الأماكن التي تكلأ القلوب نورا والنفوس أمنا والرؤوس علما، لذلك تنافس في بناءها وتعميرها المتنافسون من المؤمنين و المؤمنات.

جامع القرويين في فاس

يعتبر هذا الجامع الذي أصبح فيما بعد جامعا وجامعة من أقدم أوقاف نساء الغرب الإسلامي، وتأكد المصادر التاريخية أن منشأة هذا الجامع هي فاطمة بنت محمد عبد الله الفهري25؛ الذي توفي وترك لابنتيه مريم وفاطمة ثروة هائلة أنفقتاها في وجوه الخير والبر والإحسان، حيث قدمتا من القيروان واستقرتا بفاس، فنسب القرويين لفاطمة ونسب جامع الأندلس لمريم26.

وكان الشروع في بنائه سنة 245هـ، ولم تزل قائمة عليه إلى أن أكملته، وصلت فيه شكرا لله تعالى، وقد لعب هذا الجامع الذي أصبح جامعا وجامعة دورا كبيرا في الحياة العلمية في بلاد المغرب في حفظ الحياة العلمية والدينية، ولقنت فيه جميع العلوم، وتوافدت عليه الوفود من جميع العالم لطلب العلم، مما اضطرها إلى جعل جامع أختها مريم ملحقا من ملحقات الجامعة، فهو الجامعة الأولى في العالم، تأسست سنة 1050م، قال (دلفان) في كتابه حول فاس وجامعتها : “إن فاس هي دار العلم وأن القرويين هي أول مدرسة في الدنيا”.

وقال المؤرخ المغربي الكبير عبد الهادي التازي : “وكان هذا الجامع يتوفرعلى 140 كرسيا علميا، منها كرسيان اثنان خصصا للنساء يوجدان في أماكن خاصة تساعد من حيث موقعهما على تمكين المرأة من الاستماع مباشرة إلى كبار المشايخ مثل ما يسمعه الرجال، وهكذا كان في استطاعة المرأة أن تتابع ما يعطى من أعلى هذين الكرسيين لمختلف الحاضرين من الطلبة وغيرهم، والملاحظ أن الكرسيين المذكورين ظلا معا إلى اليوم يؤديان واجبهما العلمي والتثقيفي وكان هناك العديد من مدارس البنات التي كانت تعرف باسم (دور الفقيهات) وكل حي من أحياء المدينة، بل وكل درب ومنعرج كان ينعم ببعض هذه الدور التي كانت من إنشاء سيدات محسنات أخذن على عاتقهن أن ينصبن أنفسهن لتعميم المعرفة ونشر الفضيلة”27.

وقد حافظ جامع وجامعة القرويين على المرجعية الفكرية والفقهية للمغرب الأقصى خاصة للمغرب العربي عامة، فقد اعتمد تدريس الفقه على المذهب المالكي منذ نشأته ومازال إلى يومنا هذا يقوم بذات الدور ليس في مجال الفقه فقط بل في جميع العلوم الشرعية، ولم تمر شهرة عالم من المغرب أو تونس أو ليبيا أو الجزائر إلا على هذا الجامع.

جامع الأندلس بفاس

أنشأته مريم بنت محمد الفهري28 والتي كانت لها ثروة كبيرة وأختها فاطمة، فكان لهما أن بنتا القرويين والأندلس المسجد الجامع الذي ما زال إلى الآن، وقد كان له دور تاريخي كبير في نشر الدين والعلم والحفاظ على الهوية الإسلامية وتقدم النهضة.

جامع السيدة

وهو مسجد بالجزائر العاصمة بنته سيدة محسنة و كان أعظم جامع في الجزائر، في العهد العثماني، وقد ذكره (أد. أبو القاسم سعد الله) في كتابه : (تاريخ الجزائر الثقافي) إلا أنه لم يذكر شيئا عن هذه السيدة، من هي وكيف بنت المسجد، واقتصر على بعض أوصاف المسجد قائلا : “جامع السيدة كان من بين السبعة الرئيسية منذ القرن 16م – 10هـ، وأقدم الوثائق التي تتحدث عنه ترجع إلى سنة 1564م ، تحدث عنه هايدو الاسباني سنة 1581م وعده الثالث في الأهمية من بين المساجد السبعة بالعاصمة، واتخذه الباشوات مصلى لهم لقربه من قصر السلطان والحكم، واعتبره ديفوكس من جوامع الدرجة الأولى، لجماله وفخامته، وكان ديفوكس  حاضرا لهدمه سنة 1830م – سنة احتلال فرنسا للجزائر – وقد هدمه الفرنسيون خوفا من أن يتخذه المسلمون مركزا لهم ونقطة تجمع و مظاهرات، وذلك يدل على أهمية جامع السيدة من الناحية المعنوية”29.

وقد فصل في كيفية تهديم الاستعمار له وكيف برر المستعمرون من الطبقة المثقفة من أن الهدم لم يكن بدافع عاطفة معادية للإسلام وإنما كان لضرورة فتح الطرق العمومية، والحقيقة لو لم تكن هذه المساجد و الزوايا والربط تؤدي دورا حضاريا وتسهم في النهضة وحفظ الهوية لما تعرضت لكل هذا العدوان، وفرنسا تعرف جيدا هذه المعاني وقيمة المعالم الحضارية والدينية والثقافية في صناعة الوعي والنهضة لذلك هاجمتها، وتشاء الأقدار أن تكون هذه المعالم الحضارية الإسلامية الوقفية هي السبب المباشر في خروج فرنسا و نهاية الاستدمار.

مسجد ورباط و زاوية لالة فاطمة نسومر

ذكره (أد. أبو القاسم سعد الله) في موسوعته تاريخ الجزائر الثقافي30، أسسته امرأة مناضلة مجاهدة عابدة زاهدة وكان بالمسجد رباط و زاوية لتحفيظ القرآن الكريم خلال القرن 18م، وعندما دخل الاستعمار الفرنسي هدم معظم المساجد والربط والزوايا، وحول هذا المسجد إلى سكنى عسكرية، لم يذكر عنه المؤرخون تفاصيل كثيرة  سوى أنه تعرض للهدم كل من المسجد والرباط، والزاوية للهدم والاستيلاء.

جامع القرافة

هو أحد منشآت السيدة تغريد زوجة الخليفة المعز وأم العزيز بالله31، ولما كان بناء جامع القرافة عام (366هـ – 976م) فهو يعد ثاني جامع أقامه الفاطميون في مصر بعد الجامع الأزهر، وكان هذا الجامع كسائر الجوامع الكبيرة في مصر والقاهرة تقام فيه صلاة الجمعة وقد تعرض للحريق عند خراب الفسطاط عام 564هـ – 1168م، ثم اتخذت إلى جانبه قصراً لها، ويقول المؤرخون إن تغريد أنفقت أموالا طائلة في بناء هذا السجد.

مسجد ست غزال

التي بنت مسجداً حمل اسمها عام 536هـ – 1141م، ويذكر عنها أنه كان لها منصب كتابي في قصر الخليفة ولا تعرف شيئاً إلا أحكام الدوى والليق ومسح الأقلام والدواة، وكان برسم خدمتها مأمون الدولة الطويل.

مسجد الخفافين في بغداد

من إنشاء السيدة زمرد خاتون32، زوجة الخليفة العباسي المستضيء في بغداد، الذي تعتبر منارته أقدم منارة معروفة في بغداد، قال عنها ابن كثير في البداية والنهاية : “الست الجليلة زمرد خاتون أم الخليفة الناصر لدين الله زوجة المستضئ، كانت صالحة عابدة كثيرة البر والإحسان والصلات والأوقاف …”.

المسجد الكبير في جنين

من إنشاء السيدة فاطمة خاتون حفيدة السلطان قانصوه الغوري.

المطلب الثاني : المدارس والجامعات ودورها الريادي في النهضة العلمية

هذه بعض الأمثلة عن دور النساء وإسهامهن في مجال الوقف، وأبرز هذه الانجازات هي المدارس بمختلف تخصصاتها ومستوياتها والربط ودور العلم وملحقاتها كدور الطلبة وأجور العاملين في المدرسة وغيرها :

1- زمرد خاتون صفوة الملوك بنت الأمير جاولي الدمشقية33، أخت الملك الدقاق لأمه وزوجة تاج الملوك يوري (ت سنة 557هـ – 1162م)  روت الحديث واستنسخت الكتب وحفظت القرآن، وبنت المدرسة الخاتونية البرانية بدمشق وبنت المسجد الكبير الذي في صنعاء ووقفت مدرسة للحنفية وهي من كبار مدارسهم وأجودها معلوماً34.

2- أم الخليفة الناصر لدين الله، وهي زمرد خاتون، بنت مدرسة أم الخليفة 35 وأوقفت هذه المدرسة على الفقهاء الشافعية بجوار تربتها عند مقبرة الشيخ معروف الكرخي ببغداد، وقد درس بهذه المدرسة كبار العلماء.

3- خاتون بنت نور الدين أرسلان بن أتابك (ت : 640هـ)36 أنشأت المدرسة الأتابكية ودار الحديث الأشرفية التي درس بها كبار العلماء كالذهبي والسبكي وابن الصلاح.

4- الست العذراء بنت أخي صلاح الدين الأيوبي (ت : 580هـ) أنشأت المدرسة العذراوية وهي على مذهب الشافعية والحنفية بدمشق، ودرس بها كبار العلماء منهم، وخرجت عشرات طلبة العلم والفقهاء و المحدثين37.

5- زهرة خاتون بنت السلطان العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب38 أنشأت سنة 609هـ المدرسة العادلية الصغرى، ثم ملكتها لابنة عم أبيها الخاتون بابا خاتون ابنة شيريكوه، الدار المذكورة، وقرية من قرى لبنان، والحصة من قرية بحلب، وأماكن أخرى، والحمام المعروف بابن مرسك، فوقفت بابا خاتون ذلك جميعه على زهرة خاتون الملكة، ومن بعدها تكون مدفنا ومدرسة ومواضع للسكنى، وشرطت للمدرسة العادلية مدرسا ومعيدا وإماما ومؤذنا، وبوابا، وقيما وعشرين فقيها، ووقفت الجهات المذكورة منها على مصالح المدرسة ومصاريفها وبعضها على أقاربها39.

6- ست الشام خاتون، أخت السلطان العادل40 واقفة المدرستين اللتين بظاهر دمشق وبداخلها المدرسة البرّانية والجوانية، وَكَانَتْ سيّدة الملكات فِي عصرها كثيرة البرّ والصدقات، كَانَ بابها ملجأ كلّ قاصد، والمدرسة البرّانية هي من أكبر المدارس وأعظمها وأكثرها فقهاء وأكثرها أوقافاً41،ومن أشهر من درس بها العالم المحدث الكبير ابن الصلاح42.

7- زوجة الخليفة العباسي المستعصم بنت (المدرسة البشيرية) و (المدرسة المعتصمية) في بغداد، وتشح المصادر في ذكر تفاصيل عن السيدة المحسنة واسمها وغيرها ولكن نجد تفاصيل عن العلماء الذين درسوا وارتادوا هذه المدرسة للعلم وخاصة من المذهب الحنفي.

8-الجارية بنفشا (ت : 598هـ – 1201م) جارية الخليفة العباسي المستضيء43 فهي واقفة المدرسة الشاطئية، وكانت مباني المدرسة في الأصل داراً لنظام الدين أبي نصر المظفر بن جهير وزير المقتفي بأمر الله، وافتتحت المدرسة في سنة 570هـ – 1174م، وحضر افتتاحها قاضي القضاة وفقهاء بغداد وعدد كبير من الناس وفوض التدريس فيها إلى ابن الجوزي (ت : 597هـ – 1200م) عالم بغداد الشهير وأوقفت عليها وقوفاً وداراً، وقد كتب على حائط هذه المدرسة : “وقفت هذه المدرسة الميمونة الجهة المعظمة الرحيمة بدار الرواشتي في أيام سيدنا ومولانا الإمام المستضيء، بأمر أمير المؤمنين على أصحاب الإمام أحمد بن حنبل، وفوضت التدريس بها إلى ناصر السنة أبي الفتح بن الجوزي”.

9- مدرسة العالمة ودار الحديث : غربي الصالحية، بنتها الشيخة العالمة أمة اللطيف بنت الشيخ الناصح الحنبلي المتوفاة عام 653ه‍44، وأوقفتها على الحنابلة، وقد دثرت.‏

10-الخازندارة المرأة المحسنة التي بنت بعض كليات الأزهر والمسجد الجامع الفخم بمصر، يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله : “أجيال كبيرة من علماء الأزهر تخرجوا في كلية أصول الدين مدينون أدبيا وماديا لامرأة محسنة وقفت مالها لله، وأنشأت مؤسسات يتفجر الخير منها منذ عشرات السنين وأنا واحد من الذين نالهم ذلك العطاء الدافق وتلقيت الدروس من أفواه جملة من أكابر علماء الأزهر وقادة الفكر الإسلامي، أتيحت لهم فرصة التعليم في قاعات المبنى الذي أنشأته (الخازندارة) ملحقا بمسجدها الجامع الفخم وأثناء تلقينا الدروس بمبنى الخازندراة، بدأنا نسمع ضجيج بناء عمارة كبيرة فتساءلنا : ما هذا؟ قالوا : مستشفى الخازندراة الحق أني دعوت من أعماق قلبي للمرأة الصالحة تبني معهدا ومسجدا وملجأ ومستشفى تنشر العلم وتحمي العبادة وتربي اليتامى وتداوي المرضى؟ أي قلب زكي في صدر هذه المرأة التي أقرضت الله قرضا حسنا؛ وادخرت عنده ما ينضر وجهها”45.

هذه بعض الأمثلة القليلة على مدارس في دمشق وبغداد وفي فترة محدودة، وقد كان لها دور كبير في الحفاظ على العلم ومواصلة النهضة، وتكمن مكانتها العلمية ودورها العظيم في أن كبار العلماء من مفسرين و محدثين و فقهاء ومؤرخين جلسوا إلى التدريس بها، وكان يدرس بها مختلف العلوم، لقد أحصى النعيمي في كتابه الدارس في تاريخ المدارس عشرات المدارس العريقة، التي تعتبر في زماننا بمثابة جامعات، أنشأتها نساء فاضلات ووقفتها على العلماء و طلبة العلم رجالا و نساء.

http://andalusiat.com/2015/02/10/

قراءة 5534 مرات آخر تعديل على الأحد, 12 تموز/يوليو 2015 09:40

أضف تعليق


كود امني
تحديث