قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 12 آذار/مارس 2015 12:28

حرية الشرق في مفهوم الغرب 2 / 2

كتبه  الأستاذ محمد شعبان صوان من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

●لحظات الاعتراف و كشف الحساب

و كانت هذه هي نفس السياسة الاستئثارية المغلفة بدعاوى الحرية التي تعامل بها الحلفاء معنا لحظة انتصارهم في الحرب الكبرى الأولى التي خاضوها في الميدان الشرقي بزعمهم بهدف وحيد هو "التحرير التام و النهائي للشعوب التي طال ظلم الأتراك لها، و إقامة حكومات قومية و إدارات قومية تستمد سلطتها من الإرادة المستقلة و الاختيار الحر يعبر عنه السكان الأصليون" كما جاء في تصريح بريطاني-فرنسي مشترك في7/11/1918 [14]، و رغم الوعد الصريح بالاعتراف بالحكومات القومية "بمجرد تأليفها" فإن الفرنسيين و البريطانيين لم يفوا بوعدهم و ساروا خلف مصالحهم الأنانية، و بهذه المفارقة أقر مستشار الرئيس الأمريكي ويلسون في سنة 1919 بعد رفض الأوروبيين تطبيق حق تقرير المصير-الذي نادى به رئيسه-على بلادنا، فقال:"بالرغم من الدعاية بشأن تحرير الأعراق المضطهَدة، فإن البريطانيين و الفرنسيين يعملون فقط من أجل مصالحهم في الشرق الأدنى"[15]، و هي نبرة لا نسمعها إلا نادراً و ذلك إذا اختلف اللصوص فيما بينهم أو إذا تحدثوا إلى أنفسهم في لحظات الاعتراف النموذجية أو إذا وصلت بهم الثقة بالنفس إلى درجة لا يخشون فيها التحدي، و قد اعترف وزير الخارجية البريطاني السابق اللورد كيرزون بذلك أثناء توزيع الغنائم بين الحلفاء تحت عنوان الانتداب الذي يُفترض أنه لصالح تحرير الشعوب الضعيفة و الذي جعل سعادتها و تقدمها "وديعة مقدسة في يد العالم المتمدن" كما جاء في المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم[16]، فقال هذا الوزير موضحاً أن بلاده تدخل المنافسة الاستعمارية دفاعاً عن مصالحها و ليس مصالح الضعفاء(1919):"علينا أن نلعب لعبة حق تقرير المصير بأي ثمن، لأننا نعرف في قرارة أنفسنا أننا سنستفيد من ذلك أكثر من أي طرف آخر" فعقب عليه المستشار العسكري للرئيس ويلسون بسخرية لاذعة فضحت الأثرة البريطانية و إن كان ذلك لأنها تنافس السياسة الأمريكية :"أينما كان الانتداب يغطي آبار نفط و مناجم ذهب فإن بريطانيا العظمى ستحصل عليه، و سنطلب من الولايات المتحدة أن تقوم بالانتداب على كل أكوام الحجارة و تلال الرمال المتبقية"[17].

●"الحقوق"الاستعمارية مازالت سارية إلى اليوم: تحرير العراق يتطلب إبادة أبنائه !

و هذا الأمر ليس من مخلفات الماضي الاستعماري، فمازالت الإمبريالية الغربية بعد نهاية الحقبة الاستعمارية و تغير طرق الهيمنة تعد ثروات الشرق الطبيعية حقاً طبيعياً لها وجد بطريق الخطأ الجيولوجي تحت باطن الأرض الشرقية و لا بد من تصحيح ذلك[18]، و لم يتورع كبار مسئوليهم مثل كارتر و كيسنجر عن الإشارة إلى "خطأ الرب" في ذلك، و لهذا لا يتحرج ساسة الغرب من الحديث عن نفط العرب بصفته "نفطنا" أي نفط الغربيين كما صرح بذلك الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون أثناء أزمة الخليج التي اندلعت سنة 1990[19]، و قد تصرف الغرب آنذاك وفقا لهذا المفهوم و كان هياجه مركزاً على ألا يستحوذ العراق على احتياطي نفطي ضخم و اتخذ ساسته من تحرير الكويت ستاراً وهمياً لنواياهم، و لهذا لم يكن من الغريب أن يؤدي "تحرير الكويت" إلى تدمير العراق تدميراً شاملاً، لأن الحرية التي كان يمكن تحقيقها بطرق عديدة أخرى-كمبادرة الأمير سلطان مثلاً- لم تكن الهدف بقدر تحقيق الأطماع التي كان الدمار العراقي هو سبيلها الوحيد، و هذا الجشع هو ما تدل عليه أفعال الغربيين دائماً إذ توضع سياسات تتجاهل الحقوق الجمعية لبلادنا بل تتجاهل وجودنا و تدعي وجود "الفراغ" في المنطقة منذ مغادرة الجيوش البريطانية[20]، و هو فراغ على الولايات المتحدة أن تملأه في تكرار لفكرة الأرض بلا شعب التي لا تعترف بوجود بشري يملأ العين الغربية سوى الوجود الغربي، و لا ينحصر تطبيقها على فلسطين وحدها، و لذلك تشن الحروب علينا للاستيلاء على أراضينا "الفارغة" لإقامة كيان غربي غاصب فيها أو لضمان تدفق ثرواتنا الطبيعية التي وجدت في هذا "الفراغ"و يحتاج إليها و يسير بها الاقتصاد الغربي، و تحت عنوان التحرير تتحقق المصالح الغربية و لو احتاج الأمر إلى تدمير أوطان نائية و سحق شعوب آمنة بدعوى تحريرها و لكن المراقب الحصيف لا تخطئ عينه أن من تحرر هي البلاد من أهلها و الأملاك من أصحابها، و إلا كيف يمكننا أن نصدق أن عملية "تحرير" العراق هي نفسها إبادة نصف مليون من أطفاله (حتى سنة 1996) مع سبق الإصرار و الترصد الأمريكي  و الدفاع عن ذلك الإجرام و كونه مؤد إلى "الحرية"، على رءوس الأشهاد[21]، و ذلك حتى يتبدل الأمر بالمقاومة بفعل سنة التدافع.

●الاستنتاج: سهولة قلب مفهوم التحرير إلى حقيقة الاستعباد

ارتباط الحرية بالاستعباد أو حتى اعتمادها عليه ليس أمرا مستهجناً في حضارة الغرب و لا هو أمر قليل الحدوث فيها أيضاً، فالأمريكي مثلا اكتشف أن عمل الإفريقي كأرض الهندي كان مورداً حيوياً للأمة الأمريكية الوليدة، و لهذا قام أصحاب المصالح بالتأكيد على أن وعود أرباب الثورة الأمريكية بجنة الحرية و المساواة لم تكن تتصف بالمساواة، و أنها لا تشمل جميع البشر[22]، و ذلك لأنها كانت مؤسسة على اضطهاد الآخرين، فالأمريكي لم يكن حراً في اضطهاد الهندي و الإفريقي و حسب، بل كان الاستيلاء على أرض الهنود و ما تطلبه من إبادة و نهب شرطاً رئيساً لإقامة صرح مجتمع الديمقراطية و المساواة[23]، بين البيض طبعاً، و لهذا شرعوا في سلب حرية السكان الأصليين فور حصولهم هم على حريتهم من بريطانيا بعد الثورة الأمريكية[24]، و كذلك أسست بقية الأمم الغربية ديمقراطياتها على استغلال الآخرين و تصدير المشاكل إليهم، كما كان الاستيلاء على جهد الأفارقة،  و ما تطلبه ذلك من عنف و استعباد، شرطاً رئيساً لبناء مجتمع المزارعين البيض الأحرار[25]، و أصبح سكان الجنوب الأمريكي مع الوقت "يرون في تمسكهم بنظام الرق تعبيراً عن حقهم في الحرية" و لا مانع أيضاً من ادعاء أفضلية هذا النظام للعبيد أنفسهم[26]، أليس ما هو خير للأمريكي هو خير للعالم أجمع[27]، كما سيتكرر ذلك في التاريخ الذي أتى فيما بعد؟

لقد كان الأمريكي انتقائياً في تعامله مع حرية الآخرين و إنسانيتهم بما يفيد مصالحه الذاتية وحدها، و أوضح مثل على ذلك الطريقة التي تعامل بها مع إنسانية العبيد في مساومات دستور الثورة الأمريكية : فالعبيد يحسبون من البشر عندما يكون ذلك في مصلحة قوة الجنوب التمثيلية في المؤسسة الحاكمة و لا يحسبون بشراً عندما تكون إنسانيتهم ضد مصالحه لو أُعطوا هذا الصوت ليعبروا عن أنفسهم، فولايات الجنوب"تريد تعداد الرقيق ضمن سكانها، ليس تمثيلهم بل تعدادهم فقط، بحيث أن العبد يساوي الأبيض، حتى تزيد نسبة تمثيلها في مجلس النواب"[28]، و لهذا تصادر وزن العبيد البشري لصالحها فقط دون مصالحهم و تدخل في جدال مع نظيراتها الشمالية التي ترفض بدورها هذه المعادلة و لكن حرصاً على نفوذها الذاتي أيضا و ليس على حرية العبيد أو إنسانيتهم و تصل المساومة بين الآباء المؤسسين لحرية العالم إلى عد الإفريقي ثلاثة أخماس إنسان دون صوت (!)

و ما زال "تحرير" الشرق مرتبطاً باضطهاد أبنائه و سلبهم بل إبادتهم إذا لزم الأمر في ميزان العدالة الأمريكية كما اتضح ذلك جلياً من النموذج العراقي.

●الخلاصة

كما كان الإفريقي بشراً عندما يريد الأبيض ذلك و ليس بشراً عندما يرفض السيد ذلك، و تصادر حريته و إنسانيته لصالح سيده دون نفسه ، نظر الغرب و ما يزال إلى حرية الشرق و إنسانية أهله من زاوية نظرياته المتعلقة بالحقوق الغربية في هذه المنطقة و التي تسمو على حقوق أهل البلاد في بلادهم، و هذه الأفضلية تؤكدها نظريات الحقوق التاريخية و الرسالة الحضارية و عبء الرجل الأبيض و القدر الجلي التي يسند بعضها بعضا و يملأ بعضها فراغ البعض الآخر و مازال مفعولها يسير السياسة رغم زوال عصر الاستعمار إذ يرى أصحاب التفوق الحضاري أن الهيمنة على الغير و نهبه –مع ادعاء تحريره و تحضيره-من حقوق هذا التفوق الذي تدعمه القوة المسلحة التي لا حرج عليها فيما تفعله كما يشهد بذلك التاريخ المظلم للاستعمار و حتى لو عادت بنا في بعض الأمثلة المعاصرة إلى عهد الاحتلال العسكري الذي تحول-بألاعيب الحواة المبتدئين من تلاميذ مدرسة المارينز-إلى تحرير لبلادنا، و لكن حقائقه المرة أوضح من أن تخطئها العين أو تخطئ فهم المقصود بهذا التحرير، و لهذا فإن علينا أن نعي جيدا أن تحرير بلادنا-من وجهة النظر الغربية- لا ينفصل عن "الحقوق" الغربية في هذه البلاد و في ثرواتها و مواقعها الهامة و في الهيمنة عليها، لصالح القاصرين من أبنائها طبعا (!) و إذا كان اضطهاد الأفارقة في الولايات المتحدة قد فقد شيئاً من دوافعه النفعية فإن المصالح في بلادنا مازالت قائمة و مازالت تدفع باتجاه ادعاء تفوق الحقوق.

●الهوامش




[1] -الدكتور بشارة خضر، أوروبا وفلسطين من الحروب الصليبية حتى اليوم، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2003، ص107.

[2] -مايكل أورين، القوة والإيمان والخيال:أمريكا في الشرق الأوسط منذ عام 1776 حتى اليوم، كلمة، أبو ظبي، و كلمات عربية للترجمة و النشر، القاهرة، 2008، ترجمة: آسر حطيبة، ص271-274.

[3] -نفس المرجع، ص275.

[4] -زين نور الدين زين، الصراع الدولي في الشرق الأوسط وولادة دولتي سوريا ولبنان، دار النهار للنشر، بيروت،1977، ص138.

[5] -نفس المرجع، ص229، هامش رقم1.

[6] -دي براون، تاريخ الهنود الحمر، دار الحوار، اللاذقية، 1982، ترجمة: توفيق الأسدي، ص145-146.

[7] -Howard R. Lamar (Ed), The New Encyclopedia of the American West, Yale University Press, New Haven, 1998, p. 676 : Manifest Destiny.

[8] -منير العكش، أميركا والإبادات الجنسية: 400 سنة من الحروب على الفقراء والمستضعفين في الأرض، رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2012، ص147-148.

[9] -مايكل أورين، فصل: "المصير الحتمي (أو القدر الجلي) للشرق الأوسط"، ص133-157.

[10] -صوفي بيسيس، الغرب والآخرون:قصة هيمنة، دار العالم الثالث، القاهرة، 2002، ترجمة : نبيل سعد، ص 53.

[11] -بسام العسلي، المقاومة الجزائرية للاستعمار الفرنسي (1830-1838)، دار النفائس، بيروت، 1986، ص56.

[12] --يشير المؤرخ الاقتصادي شارل عيساوي إلى أنه في سنة1912 كان خُمس المستوطنين الأوروبيين في الجزائر من الفرنسيين في الوقت الذي كان فيه أربعة أخماسهم من إسبانيا و إيطاليا و مالطا و بقية السواحل الأوروبية المتوسطية، و هو ما يذكرنا بتساهل الكيان الصهيوني في توثيق الهوية اليهودية للمستوطنين الأغراب الذين يجلبهم من خارج فلسطين، أو لتهويد شعوب بعيدة في سبيل ملء فراغه السكاني و حل مشكلته الاستيطانية.

-Charles Issawi, An Economic History of the Middle East and North Africa, Routledge, London, 2010, p. 82.

[13] -يوجين روجان، العرب من الفتوحات العثمانية إلى الحاضر، كلمات عربية للترجمة والنشر، القاهرة، 2011، ص307.

[14] -دكتور حسن صبري الخولي، سياسة الاستعمار والصهيونية تجاه فلسطين في النصف الأول من القرن العشرين، دار المعارف بمصر،1973، ج1ص286.

[15] -مايكل أورين، ص371.

[16] -د. وهيب أبي فاضل، موسوعة عالم التاريخ و الحضارة، نوبليس،2007، ج5ص53.

[17] -مايكل أورين، ص372.

[18] -عبد الحي يحيى زلوم، حروب البترول الصليبية و القرن الأمريكي الجديد، المؤسسة العربية للدراسات و النشر، بيروت، 2005، ص81-82.

[19] -باسيل يوسف بجك، العراق و تطبيقات الأمم المتحدة للقانون الدولي (1990-2005)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2006، ص179.

[20] -جاك بنوا ميشان، الملك سعود: الشرق في زمن التحولات، دار الساقي، بيروت-لندن، 2010، ترجمة: نهلة بيضون، ص27-29.

[21] -جيف سيمونز، التنكيل بالعراق: العقوبات و القانون و العدالة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 12/ 1998 ، ص 257.

[22] -Colin G. Calloway, The American Revolution in Indian Country, Cambridge University Press, 1995, p. 300.

[23] - دان لاسي، مولد أمة، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ص 141.

[24] -Colin G. Calloway, p. 300.

[25] -Edmond S. Morgan, American Slavery, American Freedom, History Book Club, New York, 2005, Front flap.

[26] -د. محمد النيرب، المدخل في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية:الجزء الأول حتى 1877، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، 1997، ص223.

[27] -Howard R. Lamar, p. 676.

[28] -د. محمد النيرب، ص115.

قراءة 1808 مرات آخر تعديل على الأحد, 12 تموز/يوليو 2015 15:28

أضف تعليق


كود امني
تحديث