قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 23 كانون1/ديسمبر 2015 07:57

تفعيل الأداء الاجتماعي للمرأة المسلمة من خلال الهدي النبوي الشريف 2/2

كتبه  د.فريدة صادق زوزو
قيم الموضوع
(0 أصوات)

المبحث الثاني:
آفاق مساهمة المرأة المسلمة في تفعيل الأداء الرسالي
يتحدد دور المرأة الريادي في مواجهة تحديات العولمة؛ من خلال الانطلاق من النظرة الإسلامية للمرأة، و استلهام النماذج الواقعية من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم و العهد الراشدي، إذ أن المجتمع الإسلامي آنذاك كان يشهد انتقالا جوهريا من مرحلة إلى مرحلة، و بالتالي فإن التحديات التي واجهت المرأة أشبه بحالها اليوم. و منه فإن دور المرأة المنشود يُستلهم من النماذج الرائدة للصحابيات.
و في هذا السياق فإن مما ينبغي للمرأة المسلمة التركيز عليه من أجل المساهمة في أداء دورها الرسالي لتتحقق وحدة الأمة فكريا و ثقافيا و سياسيا و حضاريا هو أن تضطلع بمجموعة من المسؤوليات أراها ضرورية من أجل أفق زاهر لها؛ أولها أن تستوعب دورها الحيوي في بيتها كأم و قيّم على البيت، و ثانيها القيام بدورها الاجتماعي، و ثالثها القيام بدورها الحضاري في دفع أسباب التخلف بها و بالأمة الإسلامية جمعاء.
1-     دور المرأة في بيتها كأم و قيِّم على البيت:
لا يمكن بحال من الأحوال تغييب دور المرأة الحيوي في هذه الحياة، ألا و هو إنجاب الأطفال، و لا يعني هذا أن وظيفة المرأة هي التوليد و الاستيلاد أي أن تكون مصنعا لتوليد الأطفال، بل إن المطلوب منها كمسلمة تعي وظيفتها الوجودية التي وجدت لأجلها في الحياة الدنيا و هي الاستخلاف، المطلوب منها لتحقيق الاستخلاف أن تنجب لنا خلائف آخرين، جيل المستقبل، و معنى هذا أن تنجب لنا طيارين لا أن تطير بنفسها فقط، كما قال أحد العلماء الجزائريين" الشيخ عبد الحميد بن باديس" :" لا نريد المرأة التي تطير بنفسها بل التي تنجب لنا طيارين".
فالمرأة أو بالأحرى الأم و هي تؤدي دورها الحيوي في الحياة "الأمومة" أن تستغل هذه الأمومة و مشاعرها، التي لا يمكن بأي حال الاستيعاض عنها بالخادمة أو بيت الحضانة، تستغلها في إعداد جيل المستقبل، خليفة الله في الأرض، بالرعاية الطبيعية الحياتية (المأكل و الملبس و النظافة)، ثم بالتربية و التنشئة الاجتماعية الدينية، فتكون الأم هي القيّم على نشر مبادئ و قيم و تعاليم الإسلام بين أولادها، من خلال التدريب اليومي على الأخلاق الإسلامية، و التنشئة الإسلامية.
و الوقت الذي تقضيه الأم بين أولادها يجب أن يستثمر لصالح الإسلام و الأمة المسلمة و ليس فقط في بث الحب بين الأولاد، و تضييع الوقت معهم في اللاشيء ! لتمر الأيام و الأم غافلة عن دورها، فهي ليست أما فقط بالمعنى البيولوجي و لكنها داعية و راعية على إنشاء جيل الاستخلاف، كما أنشأت الفلسطينيات جيل الانتفاضة بدءً من 1982م إلى يومنا هذا، و أنشأت قبلهن الجزائريات جيل الثورة الجزائرية، عام 1954م.
و إن التحديات التي تواجهها الأم و هي في عقر دارها، مثل تحدي التلفزيون و هو ينشر سمومه بين أطفالها، و هي عن هذا لاهية، و تحدي القيم الغربية التي تشاع في مجتمعاتنا الإسلامية، ناهيك عن أخلاق أطفال بعض الأسر المسلمة التي لا تعرف عن الإسلام إلا الصلاة و الصوم!
إن هذه التحديات لا يمكن التغلب عليها بكلمات قليلة عابرة، بل بالمراقبة الدائمة لما يدخل إلى بيوتنا عبر شاشات التلفزيون، أو استعمال أجهزة الفيديو من أجل اختيار حسن لما يرد السوق من أفلام و برامج ترفيهية للأطفال.
و لا يمكن بحال أن ندع شركة (والت دينزني) هي المهيمن على برامج الأطفال في شاشة التلفزيون، و على السوق أيضا، من خلال تصديرها لصور مشاهير أبطالها في ألعاب، و حقائب دراسة أطفالنا، و مقلماتهم، و كراريسهم، و أغلفة كتبهم، ناهيك عن أغطية أسرتهم و وسائدهم، ثم ملابسهم الخارجية و الداخلية، فهل تجد غزوا أكثر من هذا، يتحداك و أنت لا تقدر على فعل أي شيء ؟ فما الحل ؟
هل الحل بيد الأم وحدها ؟ أم بمساعدة جهات كثيرة متخصصة ؟
سيكون جوابك سهلا و بدهيا: ليس الحل بيد الأم فقط.
أعرف هذا، و لكن  إذا ما قويت إرادة الأمهات المسلمات لمواجهة هذا الغزو الغربي، فإن الجهات الأخرى ستساهم بدورها في الجانب الذي يعنيها.
ليس هذا كلاما مثاليا ؟؟ و أصدق القول أن تكاتف الجهود، و قوة إرادة الأمهات هي الكفيلة بغلق الباب أمام الغزو الغربي ثقافيا كان أم صناعيا؟
أين هي الرموز الإسلامية؟ أين هي في كلامنا ؟ في شاشاتنا ؟ في قصص أطفالنا ؟ في سلوكنا اليومي ؟ هل ستقول أن التصوير حرام ؟
أين هي إذن في  أغاني الأطفال الإسلامية الحلوة البسيطة ؟
 أين هي في بساطة "الأقصى يا الجنة" لإيمان البحر درويش في استيعاب أطفالنا لحربنا الضروس مع اليهود ؟ أين هي سلاسة كلمات" طائر النورس"، و"نبع الحب" لشركة" سنا في إشاعة الأخلاق الإسلامية الصافية: حب مخلوقات الله، حب أفراد الأسرة، حب الحياة لأجل الآخرة ؟ أين هي أناشيد "الريحان" رياحين ماليزيا، في "25 رسول"، و" أشهد أن لا إله إلا الله" في إلمام أطفالنا بأصول و أركان عقيدتهم ؟ و غيرها كثير كثير.
هاهنا دور الأم في قيامها بوظيفتها الوجودية، في استخلافها هي لله تعالى، و في إنجابها لمستخلفي الله تعالى من بعدها...
إن الأم و هي تقوم بأشغالها اليومية ستمثل نموذجا حيا لطفلها، نموذج المسلم العامل، المسلم الفاعل، الكل يؤدي دوره بصبر و صدق و قوة عزيمة على التغيير؛ سواء أكان تغيير جو البيت من بيت وسخ غير مرتب إلى بيت نظيف مرتب تعبق منه رائحة النظام و الهدوء و الصحة؛ أو كان تغيير وجه المجتمع من بعض المظاهر و السلوكات غير الإسلامية، مثل الأكل في الأماكن العامة، أو الجلوس غير المحتشم أمام مرأى الناس، أو الصراخ و العراك، و غيرها كثير.
إن الطفل الذي يولد و هو صفحة بيضاء، للأم الدور المهم و الأساسي في ملئها، و الكتابة عليها بما تريده من طفلها و هي في ذلك تنطلق من وعيها لدورها كإنسان مسلم مستخلف في هذه الأرض على أطفالها، و على بيتها، و على مجتمعها، و على أمور دينها.
إن كل ما تخطه الأم في ذهن ابنها ليدل عليها أصالة، لأنه يدل على مدى وعيها، و مدى علمها، و مدى ثقافتها، و أخيرا مدى استيعابها لدورها الاستخلافي.
ثم إنها لا تنتظر حتى تُواجه بالبدايات المضلة و المنحرفة لأولادها على مشارف سن المراهقة، أين يكون الطفل و الذي أصبح الآن شابا قد خرج عن طوعها، و أضحت توعيته و إرجاعه إلى جادة الصواب من الأمور الصعبة نوعا ما؛ فإن المعالم التربوية، و فضائل الأعمال التي تصقلها في أبنائها و هم رضع، هي الكفيلة بالمحافظة عليهم من قرناء السوء، و من الانحدار نحو السلوكيات المريبة التي تتفشى في الأوساط الشبابية حيث يجد الشيطان ضالته معهم و بينهم.
و إن من أخطر هذه الغوائل، الفراغ، هذه الكلمة التي تطيح بأسر كثيرة نتيجة اتجاه أبنائها نحو المجهول، لا لشيئ إلا لأن الفراغ ملأ حياتهم، فأين كانت الأسرة، و أين كانت الأم في القديم و هي تقدم لابنها طعاما أو شرابا، أو تلبسه فاخر اللباس أو بسيطه، و لم تكن  تملأ الصفحة البيضاء فيه بفضائل الأخلاق و محاسن الآداب ؟
الأبناء أمانة عند آبائهم، فكيف نحافظ على هذه الأمانة لتحقق الاستخلاف في الأرض ؟
هل ندع هؤلاء الأبناء، و في هذا العصر بالذات (عصر العولمة) أين الانفتاح على العالم بأسره، على ثقافاته، و تقاليده، و عاداته، الحسن منها و القبيح، على الانفتاح على وسائل الترفيه و التسلية، في يسر الحصول عليها، و على مواقعها، في سهولة تلبية رغبات و شهوات النفس بما لذ و طاب، من دون خوف أو حرج، إلا الخوف منه تبارك و تعالى إذا وجد الأبناء هذا الخوف و هذه الخشية منقوشة و مصقولة في قلوبهم قبل عقولهم التي تميز النافع من الضار.
و التحكم في الأبناء و هم صغار أيسر بكثير من التحكم فيهم و هم شباب، و تعليمهم و تربيتهم و هم صغار أيسر من تعليمهم و هم كبار، و صدق من قال: التعلم في الصغر كالنقش على الحجر.
و من جهة أخرى عندما تضطلع المرأة بدور القوامة على بيتها فإنها بذلك تحقق ذاتها. إنها بذلك تتخلص من عبوديتها للنماذج المشوهة المستوردة عن المرأة و الأم. و بذلك  تستطيع أن تسد الثغرة التي ينبغي أن ترابط عليها فلا يؤتى الإسلام من قبلها.
وعي المرأة بذاتها و بدورها كقيم على الأسرة و حارس على القيم و المبادئ يعني في ميزان القيم أنها تعي تماما دورها و حقيقتها، و أنها تعرف معرفة حقيقة وجودها و وظيفتها و أنها خليفة الله في الأرض، عابدة له وحده دون سواه، و بالتالي تتميز عمن يخالف سلوكها و أخلاقها و اعتقادها، و تحاول التأثير فيه لا التأثر به.
إنها بذلك يمكنها أن تواجه تحديات العصر بكل ثبات و أهلية و جدارة، و تستطيع القيام بسد الثغرات التي لا يمكن أن يسدها الرجل لأنها من فطرتها لا من فطرته. فلا يحدث بينها و بين أخيها الرجل تزاحم على أدوار غير مخصصة له أصلا أو مخصصة لها و شاركها فيها، بل تتمكن بوعيها من معرفة مواقع التفاضل بينها و بين الرجل فتتقد في المواقع التي تفضله فيها و تتأخر في المواقع التي يفضلها فيها. كما تدرك مواقع التكامل بينها و بين الرجل فيتقدم كلاهما مدركين أن تلك المواقع مما يحتاج إليهما معا، فلا يقع تزاحم على مواقع و فراغ في مواقع أخرى.
و في هذا السياق، فإن تزاحم المرأة و الرجل في الأسواق و المعامل و الإدارات، بدعوى الحق في العمل و تحقيق الذات فيه خلط بين مواقع التفاضل و مواقع التكامل. لأن ذاتها لا يمكن أن تتحقق  في أماكن فيها انتهاك لحرمات الله من جراء الاختلاط و نزع الحجاب و التزين للغير دون الزوج و التبرج و غيرها، بل إن ذاتها و دورها يتحققان بشكل أفضل في بيتها و عند أولادها و ليس في التخلي عن البيت و ترك الأولاد للفراغ و الخدم و أنواع البرامج الإعلامية غير المحروسة سواء في التلفاز أو في الحاسوب و شبكة الإنترنت.
إن المرأة المسلمة المثقفة الواعية بدورها الرسالي كقيم على البيت تدرك تماما أن ثغر البيت لا يمكن أن يسده الرجل، بل أنها هي المسؤولة الأولى عنه؛ أين ستقوم برعاية أبنائها و زوجها ، و بالتالي تساهم في بناء مجتمعها و الحفاظ على استقراره و أمنه؛ فهي بالتزامها بنداء الفطرة تكون قد أمنت المرابطة على ثغر من الثغور الحساسة ألا و هو القيام بشؤون البيت و تربية الأبناء التربية التي تؤمِّن جانبهم من تأثير الأفكار الفاسدة التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة.
و لا يعني ذلك أن مسؤولية المرأة المسلمة تنتهي عند قيامها على بيتها، بل لها دور اجتماعي مهم و دور حضاري أيضا، غير أنهما لا يلغيان دورها الأساس و الجوهري في التنشئة الأسرية.
2-          الدور الاجتماعي للمرأة :
لا يقتصر دور المرأة على بيتها فقط كما قلنا، و إن كان هو الدور الحيوي لها؛ إنما دورها في الأوساط النسائية يتسع و يزداد كل حين بازدياد المنكرات و المفاسد التي تتفشى في هذه الأوساط؛ فإن النساء و هن يجلس مجالسهن ينسين نهائيا أنهن مسلمات، و يتناسين الآداب الإسلامية، فيلغى الجو الإسلامي تماما، فينشر بينهن شياطين الجن و الإنس...
و المسلمة الفاعلة لا تغفل في أي مجلس تجلسه، أو أي مكان تلجه أنها المسلمة الداعية، التي اصطفاها الله لتذكر اسمه كل حين و كل مجلس، فتذكر أخواتها و جليساتها بأن الأفضل لهن أن يكون مجلسهن مجلس ذكر تحفهن الملائكة إلى حين تغادر كل واحدة منهن إلى المقصد الذي ترنو إليه.
و المسلمة و هي تلفت النظر إلى تبرج سافر، أو نمص حاجب، أو تفليج سن،  و قد جاء عن نافع عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة [12]؛ أو لبس البنات لما لا يتماشى و إسلامنا، و هي عالمة بحديث المصطفى صلى الله عليه و سلم الذي جاء فيه:" صنفان من أهل النار لم أرهما. قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، و نساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة و لا يجدن ريحها و إن ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا" [13]، أو هي تدير الحديث من غيبة في جارة تغافلت عن دعوة إحداهن لحفلة شاي إلى التماس العذر حتى المرة السبعين كما جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه و سلم، أو أن الجارة الفلانية ظنت بها سوءً، أو أنها لبست فستانا ثمنه يوازي راتب الزوج، أو إن إحداهن قالت في زوجها كلاما ما... و هكذا فإن حديث النساء يملأه الشيطان بما لذ و طاب من الغيبة و النميمة و قول السوء، و كفران العشير، و هذا واقع كائن، و إلا فلم قال الرسول صلى الله عليه و سلم: "يا معشر النساء! تصدقن و أكثرن الاستغفار. فإني رأيتكن أكثر أهل النار" [14].
و الحديث عن تربية الأولاد و وسائله حديث شيق و مثير، و يتنوع بتنوع الثقافات النسوية و تحديات المجتمع، و هو مجال خصب لتفعيل دور النساء فيما بينهن.
أو حلقة ذكر أسبوعية أو نصف شهرية لشرح آية أو حديث، أو قراءة القرآن يُفَعل دور المرأة في بيتها و أمام أخواتها و صديقاتها و ليس أسهل من هذا.
أو تنظيم زيارة لصديقة، أو عيادة مريض... مما يعود بالنفع على السيدات و على المجتمع.
فالمرأة و هي تؤدي دورها الاجتماعي بعيدا عن التقييدات و عن الإلزام ستحس أنها عنصر فاعل، حقيقة و واقعا، فهي لم تؤد هذا الدور مثلا قصرا أو إلزاما أو للضرورة، و بذلك ستقدم نموذجا حيا لتفعيل دور المسلمة. و البدء بالأمور اليسيرة البسيطة و المداومة عليها أحسن و أفضل من ارتباطها بأعمال لا تقدر عليها إلا بعد جهد أو مما يحتاج إلى ترتيبات و تهيئ طويل معقد.  
ثم إن ما ينتظره المجتمع من المرأة هو ألا تتخلى عن دورها الحيوي في تربية و تنشئة الأولاد، و كذا المشاركة الفعالة و الإيجابية مع أخيها الرجل في أدوار الحياة المختلفة داخل المجتمع، و ذلك من دون إلغاء للفروق الخلقية و الوظائف الفطرية المنوطة بكل منهما، و لا يفهم من هذا الكلام أنه دعوة لإلغاء أنوثة المرأة بمعنى ترجيلها، و لا ترهيل الرجل أو تأنيثه على مذهب دعاة التحرر و التعري و التبدل. بل بمنطق التكامل الذي سبق الحديث عنه.
و على المرأة من جهة أخرى أن تتخذ خطوات إيجابية شجاعة من أجل مراجعة النفس و إعادة الأمور إلى نصابها، و التفكير بجدية في تصحيح مسار و طرق تعليم المرأة و تثقيفها بالمعنى الذي يخول لها القيام بدورها الكامل في المجتمع و بحسب متطلبات العصر، لأنها أساس أي بناء للمجتمع. ذلك أن نجاح المرأة في هذا يُفعل دورها في المساهمة في ازدهار المجتمع و الأمة، أما إن بقيت سلبية اجتماعيا فإنه ستكرس التخلف و الفرقة.
3-          دور المرأة الحضاري في دفع أسباب تخلف الأمة:
إن دور المرأة في النهوض الحضاري للأمة الإسلامية دور مكمل لأدوارها السابقة الذكر؛ في قيامها بواجبها الحيوي "واجب الأمومة"، و في قيامها بدورها الاجتماعي الذي تحاول من خلاله استنهاض و إفاقة شرائح كبيرة من المجتمع و هي شريحة النساء، و لأنهن شق المجتمع فبنهوضهن و وعيهن بدورهن الحضاري، هو النهوض الحضاري نفسه للأمة جمعاء. و إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد قبل بيعة النساء المؤمنات مثلهن مثل الرجال في القَبول على الأمر العظيم في الأمة الإسلامية ألا و هو مبدأ الإمارة و البيعة عليها؛ فعن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت: كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يُمتحن بقول الله عز و جل:{ يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا و لا يسرقن و لا يزنين}الممتحنة: 12 إلى آخر الآية. قالت عائشة: فمن أقر بهذا من المؤمنات، فقد أقر بالمحنة. و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أقررن بذلك من قولهن، قال لهن رسول الله صلى الله عليه و سلم:" انطلقن فقد بايعتكن"، و لا. و الله ! ما مست يد رسول الله صلى الله عليه و سلم كف امرأة قط، غير أنه يبايعهن بالكلام [15].
 و من الواجب أن توضع المرأة هنا و هناك حيث تؤدي دورها خادمة للحضارة [16].
و بعبارة أخرى فإن الدور الحضاري للمرأة يكمن أساسا في مساهمتها في توجيه و حماية القيم الحضارية الإسلامية، و في صناعة الأجيال الحاملة للفكرة الإسلامية و العاملة على إحياء و بعث الحضارة الإسلامية من جديد قوة مساهمة في صناعة مصير الإنسانية.
و الحضور النسائي له مجالاته المتعددة مثل التطبيب و التمريض، و التعليم، و غيرها من المجالات التي يمكن للمرأة المساهمة فيها بحسب تخصصها، و بحسب قدراتها التي لا يمكن أن تتعارض مع أداء وظيفتها الطبيعية "الأمومة"، فإن الرسول صلى الله عليه و سلم لم يمنع النساء في المشاركة في أعظم فرض كفائي ألا و هو الجهاد فخرجت النساء للقتال، و لمداواة الجرحى كما ورد في السنة، فعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغزو بأم سليم. و نسوة من الأنصار معه إذا غزا. فيسقين الماء و يداوين الجرحى [17].
و هذه أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا فكان معها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم:"ما هذا الخنجر؟" قالت: اتخذته، إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه. فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يضحك [18].
و مشاركة المرأة المسلمة لا يتأتى إلا من خلال " تهيئة المناخ الملائم لإقامة مجتمع ديني مثقف يفتح المجال أمام المرأة للمسلمة مع أخيها الرجل في بناء الحضارة الإسلامية" [19]، مراعية في ذلك قدراتها، و(كل ميسر لما خلق له) [20] فلا نطالبها بما لا يليق بها، و هي التي أكرمها العلي القدير من فوق سبع سموات، فلا تخوض النساء فيما لا داعي له مطالبة بالمساواة الكاملة و التامة بدعوى قيامها بواجبها اتجاه أمتها في النهوض الحضاري.. إلى غيرها من الدعاوى الباطلة التي لا تستند إلى أي دليل راجح، و التي في معظمها تُفقِدها دورها الأساس، و هي مخزن العواطف الإنسانية، الشعور بالعاطفة نحو الأسرة، و بذلك تكون قد فقدت وظيفتها من حيث هي وسيلة لحفظ الأسرة، و بقاء المجتمع، فهي شق الفرد، كما أن الرجل شقه الآخر، قال صلى الله عليه و سلم :"إنما النساء شقائق الرجال" [21]، "فالمرأة والرجل يكونان الفرد في المجتمع" [22].
و إن للمرأة حضور كبير و مهم أو بالأحرى قوي في المدارس، حيث تتم تنشئة النشء تنشئة اجتماعية تربوية ثقافية، و تحصينه بالتعاليم الإسلامية من التحديات الخارجية للغزو الفكري التغريبي، و خاصة في المراحل التعليمية الأولى، إذ أن النشء يحس و كأنه يتلقى من أمه تماما و إن التلقي منها أيسر من التلقي من الرجال في هذا المجال، فتبقى عاطفة الأمومة هي المحرك و الموجه لقدرات النشء العقلية.
و بما أن تحدي العولمة تحدٍ كبير و له آثاره الاجتماعية الكثيرة على الأفراد قبل المجتمعات، و للمرأة أن تقوم بدورها الرسالي "دور المرأة المسلمة الرسالية" في مواجهة هذه التحديات حفظا للكرامة الإسلامية، و حفظا للثقافة الإسلامية، و الأخلاق الإسلامية، و أخيرا حفظا للأمة جمعاء من الانصهار في هذه البوتقة بفعل الانبهار و سلوكيات بعض المستغربين من جهة، أو بفعل التدين الخادع المزيف الذي جرف المرأة إلى عقود التقليد و عصور الجاهلية؛ و بين هذا و ذاك يضيع الشق الثاني للفرد المسلم.
 و للخروج من هذه الثنائية المتناقضة  و إعادة صياغة دور المرأة الرسالي، و تفعيل آدائها  يجب أن يقوم عمل كبير و كبير جدا يتولاه المثقفون الحقيقيون و في مقدمتهم المرأة المثقفة،  و قد لا يتأتى هذا الأمر و لا يتيسر  إلا من خلال العمل المؤسساتي المتخصص، الذي تشترك فيه النساء كل بحسب تخصصها و وقتها، و الذي يجب أن يقوم على أساس نظرة شمولية في النهوض بالمجتمع و الأمة الإسلامية من خلال تفعيل " دور المرأة الغائب"، لا الانطلاق من أزمة أو مشكلة المرأة كما يتصور الكثيرون. هذا العمل الذي يوجه عمله لعلاج مشكلات المرأة على وجه الخصوص في مناحي الحياة المختلفة و المتعلقة بها، و مشكلات الطفولة و الشباب بخاصة، و ذلك من خلال  تنظيم جمعيات و دورات توعية، بغرض توفير الحصانة الفكرية و العقدية، و في البناء التربوي الإيماني و الدعوي للمرأة [23]، و خاصة في الأرياف و المناطق النائية أين تخمد عشرات الطاقات النسائية الكامنة، و التي تُواجه بتقاليد و عادات اجتماعية قاتلة للإنسانية قبل أن تكون قاتلة و مدمرة للمرأة نفسها، و ريفنا اليوم لا ينشط فيه إلا  الجمعيات النسوية العلمانية، أو الجمعيات ذات الأفكار و المعتقدات الشاذة عن مجتمعاتنا و أمتنا الإسلامية، و التي تنشط على نطاق واسع يساعدها في ذلك الإعلام المشوه الذي يفتح لها الباب على مصراعيه، في تلقي الدعم و السند المادي و المعنوي من خلال الإشهار المكثف و الدعاية المجانية، ناهيك عن  المبشرين من النصارى و اليهود و عبدة الشيطان، فهم يتكبدون المعيشة القاسية لأجل تحقيق أغراضهم الدنيوية؛ فكيف بالمسلم لا يتحرك في هذه الدائرة ابتغاء وجه الله و مرضاته في تفعيل المسلمين الذين يعيشون سباتا طويلا، لا يفيقون منه إلا لطلب لقمة العيش و جريا وراء طلب الرزق!!.
نتائج البحث و التوصيات:
من أهم النتائج و التوصيات التي رأيت أن المرأة المسلمة بها تستطيع استعادة المبادرة و تسجيل دورها الرائد في التوحيد الفكري و التجديد و بناء أمتنا الإسلامية القوية الرائدة هي:
_ لن نتحدث عن دور فاعل للمرأة المسلمة إلا إذا استطاعت أن تحقق نقلة جذرية و نوعية في وعيها للأمور و ما يحيط بها من تحديات.
_ أن تعي المرأة المسلمة أن التحرر معناه وعيها بذاتها و مسؤولياتها المنوطة بها كإنسان رسالي مستخلف في هذه الأرض.
_ أن تعي المرأة أن دورها لا ينحسر في الإنجاب فقط بل في إنتاج  نشء فاعل متميز بالرسالية.
_ لا تتعلم المرأة المسلمة من أجل التباهي و إنقاص في أرقام الأميين في البلاد الإسلامية؛ بل من أجل مواجهة الاستغراب، و ترقية الإنسان المسلم عموما في مواجهة العولمة و أخطبوطها.
و من أجل تحقيق ذلك لابد من :
_ إعداد دورات التأهيل الأسري بغرض بيان رسالية الأسرة المسلمة، و أن لا عيب في الوظيفة الطبيعية للمرأة " الأمومة".
_ إعداد قياديات نسوية من أجل نشر ثقافة" أهمية وعي المرأة المسلمة بدورها الاستخلافي".
_ إعداد دورات للتأهيل الحضاري للنساء المسلمات لمواجهة الاستغراب.
و صل اللهم و سلم على سيدنا و حبيبنا محمد و على آله و صحبه الأطهار
*أستاذة الفقه و أصوله المشارك في جامعة الملك فيصل بالأحساء.
الهوامش والمراجعhttp://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=5063

قراءة 1877 مرات آخر تعديل على الخميس, 31 كانون1/ديسمبر 2015 17:31

أضف تعليق


كود امني
تحديث