قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 06 تشرين1/أكتوير 2016 09:54

الإقتصاد اللغوي موقعه من المقاصد اللغوية و أثره في إعراب و تفسير القرآن الكريم 2

كتبه  الأستاذة حميدة راشدي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

5-الاختصار:(ABREVIATION)الاختصار لغة1:جاء في لسان العرب أنّ اختصار الكلام إيجازه، و الاختصار في الكلام: أن تدع الفضول و تستو جز الذي يأتي على المعنى. و اصطلاحا عند النحويين :« هو الحذف لدليل2»و يضيف حسن عباس أنّ:« الاختصار أصل بلاغيّ، لا يختص بباب، و لا يقتصر على مسألة، و يراد به: حذف ما يمكن الاستغناء عنه من الألفاظ لداع يقتضيه و هو جائر بشرطين:أن يوجد دليل يدل على المحذوف و مكانه. و ألاّ يترتب على الحذف إساءة للمعنى، أو إفساد في الصياغة اللفظية3،و يرى السيوطي أن الاختصار هو هو جل مقصود العرب فقد وضعوا باب الضمائر لأنّها تقوم مقام أسماء كثيرة 4.

6- الاضمار و الاستتار

6-1الاضمار

الاضمار هو حذف العنصر اللغوي من سياق الكلام اختصارا بعد ذكره، فقد جاء في كتاب (التعريفات) «للشريف جرجاني»(740- 816 هـ ):« الإضمار هو إسقاط الشّيء.. »5 ثم يذكر الحالات التي يجوز فيها الإضمار قبل الذّكر، و هذا يعني أنّ الاضمار يكون غالبا  بعد ذكر العنصر السّاقط من الكلام.

1- لسان العرب، ابن منظور، ج5 ،ص 427

2- مغني اللّبيب، جمال الدّين بن هشام الانصاري،  دار الفكر، دمشق، د ت، د ط ،ج2 ،ص160

3- النحو الوافي، عباس حسن، دار المعارف، مصر ،دت، ط3 ،ج2 ،ص56

4- أنظر ـالاشباه و النظائر، جلال الدين السيوطي، ج1، ص35.

5- كتاب التعريفات علي بن محمد الشريف الجرجاني، طبعة جديدة، ص29

6-2 الاستتار

لغة 1 من ستر الشيء يستُره و يستِره ستْرا سَتَرا :أخفاه.

أمّا اصطلاحا  :فيعرفه «مهدي المخزومي» قائلا:« المستتر وصف للضّمير الذّي لا وجود له في اللّفظ و هو في الأرجح نوع من الضّمير المتّصل و قسيم للبارز. و استتار الضّمير نوعان:واجب و جائز ، فأمّا الضّمير المستتر استتارا واجبا فهو الضّمير الذي لا يخلفه ظاهر و لا ضمير متّصل .2 »، و الظاهر أنه لم يذكر الضمير المستتر جوازا، لأنه اعتمد على تعريف الواجب تاركا للقارئ استنتاجه. إذن، فالضمير المستتر جوازا هو الضمير الذي يمكن أن يقوم مقامه اسم ظاهر أو ضمير متصل.

6-2 الفرق بين الحذف، الاضمار و الاستتار

يستعمل كل مصطلح من هذه المصطلحات بمعنى خاص، فقد استعمل النّحاة  مصطلح الاستتار إذا تعلق الأمر بضمير فيكون الفاعل  ضميرا مستترا، و قد يستتر وجوبا أو جوازا، و هذا يعني أن استتار الضمائر قد يكون على وجه الاختيار أو الإجبار. أما إذا تعلق الأمر بالعوامل التي بقي عملها فيستعملون مصطلح الإضمار، فالمضمر موجود و لكنه غير بارز فبعد حتى و لام التعليل تضمر"أن " و قد يضمر الفاعل و يضمر الفعل أيضا إذا سبق ذكره قبل سقوطه أو إذا دلت عليه القرائن و كان في ذكره حشو.

 

1- لسان العرب ابن منظور ج4ص343

2- معجم المصطلحات النّحوية و الصّرفية، محمد سمير نجيب اللّبدي، ص103.

وفي هذا يقول مهدي المخزومي في كتابه (النحو العربي نقد وتوجيه) عارضا مثال قوله تعالى :﴿ و قيل للذين إتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة و لدار الآخرة خير و لنعم دار المتقين( 

النحل30 : «...و لو شاء لأعاد لفظ الفعل، و لكنه ترك إظهاره أو ذكره هنا، اكتفاء بوروده في مفتتح الآية. و هذه الظاهرة ليست ظاهرة حذف الفعل ظاهرة إضمار، أو ترك الإظهار له لأنّ الفعل المدلول عليه بالقرائن و المناسبات و الملابسات لم يذكر، و قد ترك إظهاره و أضمر، لوضوحه بالقرائن و الدلائل.1» فبالرغم من أن بعض اللـّغويين المحدثين لا يرون  فرقا بين الحذف و الإضمار لكون كل ّمنهما تقديرا لعناصر ساقطة من النّص، إلاّ أن النحاة يفرّقون بينهما، إذ يوجد في الجملة ما يدل على المضمر و لا يشترط وجود ما يدل على المحذوف من قرائن و دلائل و بهذا يقدر المحذوف من خلال استنتاجه مما فهم من السياق. و يميل إلى ذلك علي أبو المكارم  قائلا:« فصيغة أذاكر كذلك تدل على أن المسند إليه متكلم مفرد...أما في حالة الحذف فلا يوجد في الصيغة ما يدل على المحذوف، و لا يستنتج إلا من السياق، ففي قولنا:« بخير» يكون (بخير): خبرا لمبتدأ محذوف، و الذي يحدد هذا المبتدأ هو السياق ذاته...2» أما «طه عبد الرحمن» فيميز بين أربعة مصطلحات: الإضمار، الحذف، الترك و الاستتار قائلا: «لقد وضع مصطلح "الإضمار للتعبير عن معنى" عدم التصريح المتعلق بالدليل.......لكن العادة جرت باستعمال ألفاظ أخرى للدلالة على نفس الغرض، و أكثرها تداولا (الحذف) في مقابل (التقدير) و(الترك) في مقابل (الذكر) و(الاستتار) في مقابل (الظهور)3»،

1- في النحو العربي نقد و توجيه، مهدي المخزومي، دار الرائد العربي، بيروت، 1986، ط2،  ص223

2- الحذف و التقدير في النحو العربي، علي أبو المكارم ، ص202 بتصرف

3- اللسان و الميزان و التكوثر العقلي ،.د طه عبد الرحمن،.المركز الثقافي العربي،.ببيروت، 1998، ط1 ،ص146

و يميّز بين الإضمار و الحذف موضحا أنّ كل مضمر محذوف لأنّ الاضمار هو أيضا إسقاط للكلام أو لجزء منه، و لا يصح حسبه أن يقال أن كل محذوف مضمر فالمحذوف قد يكون مجهولا  لدى المتكلم فلا يطالب بإثباته بينما اعتبر الاضمار حذفا لما هو معلوم لدى المتكلم المطالب باثباته1. و ميّز أيضا بين الإضمار و الترك موضحا أنّ الأوّل أعم من الثاني فكلّ مضمر متروك لأنّ التّرك هو إهمال لبعض الكلام أو لكليته، و لا يجوز أن يقال: إنّ كلّ متروك مضمر، لأنّ الترك هو نتيجة  لغفلة المتكلم، أمّا الإضمار فهو ترك مقصود لغرض يريده المتكلم، فالإضمار هو ترك مستفاد منه.2 ثم ينتقل إلى مصطلح أخر و هو الاستتار ليوضح أنّ كل مضمر مستتر و ليس كل مستتر مضمر، فالاستتار هو اختفاء للكلام أو لجزء منه، فيقع اللّفظ مستترا في كلام المتكلم من غير قصد منه، بينما الإضمار هو الاستتار المقصود إليه3. و خلاصة القول في هذه النقطة أنّ كلا من الاستتار و الإضمار يدخلان ضمن الحذف، إلاّ أنّ الاستتار هو حالة خاصّة من الإضمار و الذي يعتبر بدوره حالة خاصّة من الحذف، باعتبار القصد و الدليل. كما أنّ الإيجاز  و الاختصار يتحققّان عن طريق ظاهرة الحذف، التي لا تتم ّ إلاّ في سياق الكلام أي على مستوى الجملة، بينما يتم الاقتصاد على مستويات أخرى إذ يمكن أن يتحقّق في جزء من الكلمة و في الكلمة المفردة و في الجملة. فالاقتصاد إذا  يتميز بالشمول، لكون كل من الإيجاز و الاقتصار و الاختصار اقتصادا و ليس العكس، فبعض مظاهر الاقتصاد ليس فيها اختصار و لا إيجاز، إذ يمكنه أن يتحقق في اللّغة العربية بوسائل علاجية عديدة تتجاوز الحذف إلى مظاهر أخرى كزيادة الأصوات و نقلها و تقريبها و هذا ما سأوضحه بالأمثلة في المبحث التالي.

1-أنظر المرجع السابق، الصفحة نفسها                     

2- أنظرالمرجع نفسه الصفحة، نفسها

3- المرجع نفسه، الصفحة147بتصرف

المبحث الثاني : مظاهر الاقتصاد اللغوي في المستويات اللغوية

أولا:مظاهر الاقتصاد اللغوي في المستوى الصوتي

يقوم الجهاز الصّوتي للإنسان بعمليّات علاجيّة آليّة قد تصل إلى حدّ التعقيد أحيانا، محقّقة بذلك نزعة الاستخفاف التي يتطلّبها الذّوق اللّغوي للمتكلّم و المستمع معا، و لفهم كيفيّة حدوث هذه العمليّات  لا بدّ لي من التطرّق إلى عنصرين أساسيّين و هما معرفة مخارج الحروف و صفاتها و التعرّف على المقاطع الصوتيّة في اللّغة و معرفة الحيلة التي يتّخذها الجهاز الصّوتي للتخلّص من المستثّقل منها.

1-مخارج الأصوات و صفاتها

1-1 مخارج الأصوات

يعرّف المخرج بأنّه النقطة التي يتكون فيها الصّوت من مجرى النّفس، أي الموضع الذي يعترض فيه الحاجز النّفس أثناء النّطق بالصّوت

 .1 و يتضح من الرسم السابق أن مخارج الأصوات كما جاءت عند اللـّغوين العرب القدامى سبعة عشر مخرجا1،هي كالتالي:

 

1 ـالاقتصاد اللغوي في صياغة المفرد، د فخر الدين قباوة، ص4

الشفتان، الأسنان العليا،  اللثة، الغار (الحنك الصلب)، الطبق(الحنك الرخو )، اللهاة، التجويف، الأنفي(الخيشوم(، الأسنان السفلى  ، طرف اللسان، مقدم اللسان، وسط اللسان، مؤخر اللسان، الحلقوم، الحلق، لسان المزمار، الجدار الخلفي للّسان،  الحنجرة و بها الأوتار الصوتيّة.

و قد تنبه لغويّونا قديما إلى دور تقارب مخارج الأصوات في ثقل الكلمة  فجعلوا أحد شروط فصاحة الكلمة تباعد مخارج الأصوات المتجاورة فيها، حتى تكون سهلة النطق، خفيفة على لسان المتكلم، و متقبلة من قبل المتلقى، و في هذا يقول السّيوطي نقلا عن  ابن دريد(223-321هـ):« اعلم أن ّالحروف إذا تقاربت مخارجها كانت أثقل على اللـّسان منها إذا تباعدت لأنـّك إذا استعملت اللـّسان في حروف الحلق دون حروف الفم و دون حروف الذلاقة كلفته جرسا واحدا و حركات مختلفة. ألا ترى أنـّك لو ألـّفت بين الهمزة و الحاء فأمكن لوجدت الهمزة تتحوّل هاء في بعض اللّغات لقربها منها نحو قولهم في أمّ و الله  "هم ّو الله" و قالوا في أراق "هراق" ،... و إذا تباعدت مخارج الحروف حسن التأليف1». و يرى د تمّام حسّان أنّ فكرة تباعد المخارج و تقاربها هي أساس ظاهرة التأليف في اللـّغة العربية، التي بنيت عليها ظاهرة نقدية أخرى سماها القدماء ظاهرة التنافر اللـّفظي، كما أرجع كلّ ذلك إلى الذّوق العربي الذي يتّجه إلى كراهية التنافر2.. فالنّزوع إلى الخفّة و الابتعاد عن الثّقل هما من مظاهر للاقتصاد اللّغوي فبالإضافة إلى تحقيق مايتطلبه الذّوق العربي من انسجام، فإنّ التّنقّل بين المخارج المتباعدة  أثناء صياغة المفردات و التراكيب، يسهّل النطق و التعبير و يخفّف على المتكلّم الكثير من الجهد العضلي المطلوب.

2ـ المزهر في علوم اللغة و أنواعها، عبد الرحمن  جلال الدين السيوطي، تحقيق مجموعة من الأساتذة، مكتبة دار التراث، القاهرة، دت، ط3، ج1، ص 191

3-اللغةالعربية معناها و مبناها تمام حسان  دار الثقافة، الدار البيضاء، د ت ط   ص229

و يجمع اللغويون العرب المعاصرون على التصنيف الآتي لمخارج الحروف1:

1-المخرج الشفوي: و يكون باقتراب الشفتين، و يقسم إلى قسمين
أ-الشفوي المزدوج BILABIALE)): و يتحقّق عندما تنطبق الشّفتان كلّيا، و تسدّان مجرى الهواء الصّادر، و هو مخرج الباء و الميم و الواو.
ب-الشفوي الأسنانيBILABIALE)): و يتحقّق عندما تتّصل الشفة السّفلى بالأسنان العليا مع حدوث تضييق في مجرى الهواء، و هو مخرج الفاء.
2-المخرخ الأسناني DENTALE)):و يتحقّق باتّصال طرف اللّسان بالأسنان، و تنقسم إلى أربعة أقسام :
أ-الأسناني المنبسط (APICALE.PLATE): و ذلك بانخفاض اللّسان نحو الأسفل.
ب-بين أسناني INTERDENTALE) ):حينما يوضع اللسان بين الأسنان العليا و السّفلى، و هو مجرج الظاء و الذال و الثاء.
ج –الأسناني اللثوي:APICALE.ALVEOLAIRE) ):و يحدث عند اتّصال طرف اللّسان بالأسنان العليا، و هو مخرج الضاد و الدال و الطاء و التاء و الزاي و الصاد و السين أو عند اتّصال مقدّمة اللّسان باللّثّة و هي أصول الثّنايا و هو مخرج اللام و الراء و النون.
د-الأسناني الرجعي PITALE) ): و يتمّ ذلك في حالة اتّصال سطح اللّسان بالحنك، و يقسم إلى ثلاثة أقسام:
د-1الغاري الأمامي (PREPALATALE): و يتمّ في حالة اتّصال سطح اللّسان بالجزء الأمامي من الحنك، و هو مخرج الشين و الجيم و الياء.
د-2الغاري الخلفي(POSTPALATALE ): و يتمّ ذلك باتّصال سطح اللّسان بمؤخّرة الحنك، و هو مخرج القاف.

1- مباحث في علم اللغة و مناهج البحث اللغوي، د نور الهدى لوشن، المكتبة الجامعية الأزاريطية، الاسكندرية ،2000، د ط،  ص109ـ115

د-3 الطبقي (VELAIRE): و يتحقّق باتّصال سطح اللّسان بالطّبق، و هو الجزء الرّخو من مؤخّر سقف الحنك، و هو مخرج الكاف و الغين و القاف.
3-مخرج الصافرات و الشينات(SIFFLANTES CHUINTANTES): و يتحقّق هذا الخرج بامتداد اللّسان في قاع الفم، و يتّخذ شكل مجرى يسمح بمرور الهواء و ينقسم إلى قسمين:
أ-الصافرات (SIFFLANTES): تحدث في حالة اتّصال مقدمة اللّسان بالحنك الأمامي.
ب-الشينات (CHUITANTES): عندما تتّصل مقدمة اللّسان بالحنك الأوسط.
4- المخرج اللهوي (UVULAIRE): و يتحقّق عندما تتّصل مؤخّرة اللّسان باللّهاة.
5- المخرج الحلقي (PHARYNGALE)و يتحقّق بتقلّص جدران الحلق، و هو مخرج العين و الحاء.
6-المخرج الحنجري (LARYNGALE): و يتحقّق عندما تتوقّف حركة الوترين الصوتيين، و يتقلّص الغشاء الدّاخلي للحنجرة، و هو مخرج الهاء و الهمزة.
7-مخرج الخيشوم1 (NASALE): و هو أقصى الأنف و تخرج منه أحرف الغنّة التي هي :"النون الساكنة" و التنوين حال إدغامها بغنة و إخفائها، و الميم و النون المشدّدتان.

1-2 صفات الأصوات

تعرّف الصّفة بأنّها طريقة نطق الصّوت في المخرج و الموضع و الوترين الصّوتيين و شكل اللّسان2.

 

1- الصوت اللغوي و دلالته في القرآن الكريم، محمد فريد عبد الله، دار و مكتبة الهلال، بيروت2008، ط1،ص122

2- الاقتصاد اللغوي في صياغة المفرد، فخر الدين قباوة،ص47       

و تتميّز الأصوات العربيّة بازدواج الصّفات و يظهر هذا الازدواج جليّا في المقابلات بين الجهر و الهمس، الرّخاوة و الشدّة، الاستعلاء و الاستفال، الإطباق و الانفتاح، الاندلاق و الإصمات، التفخيم و التّرقيق. فهذه الظواهر الصّوتية المتضادّة، تتقابل فيها صفات قويّة و أخرى ضعيفة، ثم تتسرّب منها صفات ثالثة كالمدّ و الصفير و الانحراف و التكرار و الإشراب و التفشّي و الاستطالة و القلقلة و اللّين و الغنّة و غيرها من الصّفات. و يرى فخر الدّين قباوة أن هذا الازدواج في الصّفات يزود التركيب الصّوتي بنوع آخر من الاقتصاد اللّغوي، الذي يتحقّق من خلال تردّد هذه الصّفات و الصّفات المتسرّبة منها و توزيعها في النّسيج التّعبيريّ الّذي ينتج عنه تنوّع مستبعد للتّداخل و الثّقل و المعضلات مع ضرب من التّنغيم للأداء الصّوتي1 . و يمكننا أن نميّز بين سبع عشرة صفة تصنّف في زمرتين: زمرة الأصوات التي لها أضداد و زمرة الأصوات التي ليس لها أضداد.

أ-الأصوات التي لها أضداد

1- الأصوات المجهورة (ضد المهموسة): الهمس من صفات الضّعف  و الجهر من صفات القوّة و الأصوات المهموسة عشرة جمعها القرّاء في عبارة: (فحثه شخص سكت )2 ، و يربط «ابن الجوزي»(508-597هـ) ظاهرتي الهمس و الجهر جريان الحرف مع هواء الزّفير قائلا:« و الهمس الصّوت الخفيّ، فإذا جرى مع الحرف النّفس لضعف الاعتماد عليه، كان مهموسا، و إذا منع الحرف  النّفس أن يجري معه حتّى ينقضي الاعتماد كان مجهورا.3 »

 

1-المرجع السابق الصفحة نفسها

2- النشر في القراءات العشر، أبو الخير محمد بن محمد الذّمشقي  ابن الجوزي، ج1 ، ص 202

3- المصدر نفسه، الصفحة نفسها

فالمجهور تضيق معه فتحة المزمار، فيتقارب الوتران الصوتيان و يهتزان اهتزازا منتظما تكون عنه ذبذبات قويّة، تضخّمها الفراغات في المجرى. و ذلك في الحروف القويّة الجرس:ب،ج،د،ذ،ر،ض،ظ،ع،غ،ل،منو،ي. و في الممدود و الحركات التي تعدّ من الأصوات المجهورة، في التضخّم و القوّة1. أمّا المهموس و هو المقابل للمجهور فهو الّذي لا يهتزّ معه الوتران و يلزمان التّباعد، فيكون لهما ذبذبات خفيفة كالهمس، بمرور النّفس من الحلق و الفمّ، و يقتضي جهدا عضليّا ظاهرا، و هذا في:أ،ت،ث،ح،خ،س،ش،ص،ط،ف،ق،ك،هـ2.

2-الأصوات الرخوة (ضد الشديدة و المتوسطة): و هي صفات يتحكّم فيها  انحباس هواء الزفير أو عدم انحباسه أثناء التقاء عضوي التّصويت3، فالشدّة و التي تعدّ من صفات القوة هي امتناع الصّوت أن يجري في الحروفو تنحبس معها النّفس انحباسا تامّا، بالتقاء عضوي التصويت، فإذا تمّ تكوّن الحرف، انفصل العضوان، و حدث انفجار صوتيّ، و ذلك في الحروف:أ،ب،ت،ج،د،ض،ط،ق،ك4.

أما الرّخوة و هي المقابلة للشّديدة هي التي يضيق مجراها و لا ينحبس معها الهواء فيكون للنّفس احتكاك بالمجرى له صفير خفيف و هذا في :ث،ح،خ،ز،س،ش،ص،ظ،غ،ف،هـ5                                     

.و أمّا المتوسطة بين الشدة و الرّخاوة و هي التي يكون معها التقاء عضوي التّصويت غير تامّ، فيتسرّب النّفس بلا صفير و لا حفـيف و هي: ر،ل،ع،م،ن،و،ي6.

 

1- الاقتصاد اللغوي في صياغة المفرد،  د فخر الدين قباوة، ص48            

2- ـالمصدر نفسه، ص 48-49

3- المصدر نفسه، ص 49      

4-ـ المصدر نفسه، الصفحة نفسها      

5 -ـ المصدر نفسه،  الصفحة نفسهـا 

6- المصدر نفسه، الصفحة نفسها

3- الأصوات المطبقة (ضدها المنفتحة):

فالمطبقة هي التي يرتفع معها مؤخّر اللّسان نحو آخر الحنك، و ينطبق عليه حتى يحصر الصّوت، مع تقعّر و تراجع إلى الوراء، ليكوّن حجرة رنين فيخرج الصّوت مفخما من منفذ آخر أيضا و ذلك في الأحرف : ص، ض ،ط، ظ1. . و المنفتحة هي التي يلزم معها اللّسان وضعها العادي دون ارتفاع إلى الحنك، و هذا في الأربع و العشرين حرفا الباقية بعد المطبقة

4- الأصوات المستعلية (المستفلة) :

 فالمستعليّة هي التي يرتفع معها اللّسان نحو آخر الحنك، فيضيق المجرى، و يكون احتكاك النفس بهما في المضيق، و ذلك في الحروف المفخّمة مضافا إليها :خ ،غ، ق3.و يجمعها قولك: قظ خض ضغط4أمّا المستقلة فهي التي يلزم اللّسان معها قاع الفم، و لا يرتفع نحو الحنك، و هذا في الواحد و العشرين حرفا الباقية بعد المستعلية 5 .

5- أصوات الذلاقة (ضدها أصوات الإصمات):

فالذّلاقة : هي إخراج الحروف من ذلق اللّسان، أي طرفه و هي: الراء،اللام،النون  أما الفاء و الباء و الميم فشفويّة و تجمعها عبارة «فرّ من لب»6أمّا الإصمات: و سميّت بهذا الاسم لامتناع اجتماع أربعة منها في كلمة7 .

1-ـالمرجع السابق، الصفحة نفسها

2- المرجع السابق،  الصفحة نفسها

3-المرجع نفسه، الصفحة نفسها

4ـ-النشر في القراءات العشر ابن الجزري، ج1 ، ص  202ـ       

5- المرجع نفسه، الصفحة نفسها.

6- ـالصوت اللغوي و دلالاته في القرآن الكريم،  فريد عبد الله، دار و مكتبة الهلال، بيروت، 2008ط1، ص124.

7- المرجع نفسه، الصفحة نفسها

ب-الأصوات التي لا أضداد لها
1- الصفير: هو صوت زائد يخرج من الشّفتين عند النّطق بحروفه و حروفه: ز،س،ص.
2-القلقلة: هي إظهار نبرة للصّوت عند النّطق بحرف من حروفها، و حروفها هي: قطب جد.
3-اللين : هو مدّ حرفي الواو و الياء السّاكنتين بعد فتحة عند الوقف مع لين و سهولة، و عدم كلفة على اللّسان، مثل :عوْف، خوْف، زيْت،بيْت
4-الانحراف : هو ميل مخرج الراء و اللام إلى طرف اللّسان.
5-التكرير: هو ارتعاد طرف اللّسان عند النّطق بالرّاء.
6- التفشي : هو انتشار الرّيح من الفم و حرفه هو الشين.
7- الاستطالة : و حرفها هو : الضاد.

و قد تشترك بعض الحروف في أكثر من صفة، و إن اختلفت في المخرج ممّا يؤدّي إلى نشوء تنافر متمثّل في الازدواج الصّوتي أثناء التّفاعـل أو التّقارب أو المجاورة أو التّماسّ فيتدخّل جهاز النّطق لتحقيق الانسجام في الإيقاع أي تحقيق الاقتصاد المناسب للأداء1 ، فالراء تفخمان إذا وقعتا بعد أحرف الإطباق، فيتحقق الانسجام من خلال ترقيقها أو تفخيمها مراعاة للذوق اللغوي، و الهمزة ترقق قبــل أحرف الإطباق أو الأحرف الحلقية، و السين يخشى ذهاب استفالها و انفتاحها بفعل جذب حرف مطبـــق بعدهـا لهـا2 ، و الأمثـلـة فــي هـذا كثـيـرة.

ـ و يؤدي هذا التفاعل بين الأصوات المؤثّرة المتأثّرة فيما بينها نتيجة التّماس أو الامتزاج و الاحتكاك إلى نشوء نسيج صوتي جديد، مشكلا مجموعة الوحدات المتواصلة المتتاليّة في صيغ الكلام و الذي يعتبر المقطع الصوتي أصغرها3.

1- مباحث في علم اللغة و مناهج البحث اللغوي، نور الهدى لوشن، ص122

2 - الصوت اللغوي و دلالاته في القرآن الكريم، محمد فريد عبد الله، ص 124ـ125

3-ـ الاقتصاد اللغوي في صياغة المفرد، فخر الدين قباوة  بتصرف،  ص  49ـ50 

2-المقاطع الصوتية :

 2-1 تعريف المقطع الصوتي:

يعرفه فخر الدين قباوة بأنه «أصغر وحدة صوتيّة يمكن فصلها من تركيب الكلمة، و يتكوّن من صامت مع حركة أو صائت، و يمثّل مجموع العناصر التي تنتج من خفقة صدرية لغويّة، أي من ضغطة للحجاب الحاجز على الرئتين للتصويت، يكون عنها جهد عضلي يتصاعد إلى القمّة، ثم يهبط حتى ينعدم، و هذه الضّغطة هي المدّة الفاصلة بين وقفتين، من عمليات جهاز الصّوت، تولّد وحدة كميّة متميّزة في التّركيب ..1.

2-2 أنواع المقاطع الصوتية:
2-2-1 المقطع القصير المفتوح: و هو مكون من ص ح نحو:فَ  بِ   تُ .
2-2-2المقطع المتوسط الممدود: و هو مكون من ص  م نحو: يا ، في.
2-2-3المقطع المتوسط المغلق: و هو مكون من ص ح ص نحو : لو. 
2-2-5المقطع العنقودي : و هو مكوّن من ص ح ص ص نحو: جمع.
2-2-6المقطع الطويل العنقودي بمتماثلين: و هو مكوّن من ص ح صص نحو : همّ.
2-2-7المقطع المديد العنقودي بمتماثلين: و هو مكوّن من ص م صص نحو: حادّ .

و يكثر في اللغة العربيّة  استعمال المقطعين المتوسّطين  لكونهما أخفّ المقاطع جهدا2 .

 

1-  المصدرالسابق  ص 54

2- المصدر  نفسه، الصفحة نفسها   

فاستعمالهما يجعل المتحدث يقتصد مجهوده فلا يبذل جهدا عضليا مضنيا و في نفس الوقت يقتصد في الزمن اللازم لانتاج الكلام، و هذا من الاقتصاد الذي يتحقق في اللغة العربية بصورة آلية.

3-الأسس المتحكمة في تحقيق العمليات السياقية :

 إن الانسجام  و التوافق الذي نلمسه في الأصوات اللّغوية المتتالية و المؤتلفة في السّلسلة الكلامية راجع إلى تدخّل جهاز النّطق . و هذا وفق مجموعة من الإجراءات، يطلق عليها فخر الدّين قباوة الإجراءات العلاجيّة. و تتمثل هذه الإجراءات في مجملها في بعض التعديلات التي تختلف باختلاف الإشكال الصوتي الذي يلم ّبالصّيغة، كتوالي المثلين و المتقاربين و المتعارضين، متسبّبا في ثقل النّطق الذي تتمّ إزالته بالتقريب بين الأصوات أو بالتّباعد بينها أو بحذفها و غيرها من الإجراءات التي تتّصف أحيانا بالتعقيد و التـي  يسميـها تمام حسان بالظواهر السّياقية فيقول:« فإذا أردنا أن نعبّر عن جميع ذلك بعبارة شاملة قلنا إنّ الأساس الّذي يتحكّم في تحقيق الظّواهر السّياقيّة إنّما هو : كراهيـة التقـاء صوتيـن أو مبنيــن يتنافى  التقاؤهما مع أمن اللّبس أو مع الذوق الصياغي للفصحى، فتحدت الظّـاهرة لعـلاج موقف التقى فيه هذان الأمران فعلا و ذلك نتيجة لما قضى به أحد أنظمة اللغة للمباني خارج السياق... »2مؤكّدا أنّ الأسس التي تتحكّم في تحقيق الظّواهر السياقيّة لا تتحتّم أن تبنى جميعا على ثقل العمليّة النّطقية بالضرورة و إنّما تبنى كذلك على مراعاة أمن اللّبس و على الاعتبارات الذّوقيّة في صياغة السّياق العربيّ. و يردّ تمّام حسان كلّ هذه الظّواهر إلى ظاهرتي المماثلة و المخالفة.

1- الاقتصاد اللغوي في صياغة المفرد، فخر الدين قباوة، ص 157

2- اللغة العربية معناها و مبناها، تمام حسان، ص263

*المماثلة(ASSIMILATION)

هي تأثير صوت على صوت آخر يخالفه فيتحوّل إلى مماثل له، و في هذا يقول إبراهيم أنيس:«...و الأصوات في تأثّرها تهدف إلى نوع من المماثلة أو المشابهة بينها ليزداد مع مقاربتها قربها في الصّفات أو المخارج و يمكن أن يسمّى هذا التقارب بالانسجام الصّوتي بين أصوات اللّغة...1 »

*المخالفة (DISSIMILATION)

هي ظاهرة شائعة في الكثير من اللّغات، مثلها مثل ظاهرة المماثلة، فهي إجراء يفضي إلى المخالفة بين صوتين متماثلين متتاليين في السّلسلة الكلاميّة و يعرّفها إبراهيم أنيس  بقوله :« ...و هي أنّ الكلمة قد تشمل على الصّوتين المتماثلين كلّ المماثلة فينقلب أحدهما إلى صوت آخر لتتمّ المخالفة بين الصّوتين المتماثلين. 2».

و قد لخصّ تمّام حسّان هذه الظّواهر في الجدول التّالي3

اتجاه الذوق العربي الظاهرةالموقعيةالناتجة تفسيرها

-كراهيّة توالي الأضداد

ظاهرة التّأليف

الضدّان هنا هما الصّوتان المتنافران في النّطق

2- كراهيّة توالي الأضداد

ظاهرة الوقف

الضدّان هما الحركة و هي مظهر الاستمرار والصّمت و هو مظهر التوقّف
- كراهيّة توالي الأضداد

ظاهرة المناسبة

الضدّان قيمتان صويتان متنافرتان

1-الأصوات اللغوية إبراهيم انيس، مطبعة النهضة، مصر ،د:ت ،د: ط ، ص 106

2-المصدر نفسه، ص13

3-اللغة العربية معناها و مبناها، تمام حسان، ص، 263 -264

                                                         

اتّجاه الذّوق العربي الظّاهرة الموقعية الناتجة تفسيرها

4- كراهيّة توالي الأضداد

5- كراهيّة توالي الأمثال

6- كراهيّة توالي الأمثال

7- كراهيّة توالي الأمثال

8- كراهيّة توالي الأمثال

9- كراهيّة توالي الأمثال

10- كراهيّة توالي الأمثال

ظاهرة الإعلال و الإبدال

ظاهرة التوصّل

ظاهرة الإدغام

ظاهرة التخلّص

ظاهرة الحذف

ظاهرة الإسكان

ظاهرة الكميّة

الضدّان صوتان في تجاورهما ثقل في النّطق

المثلان هما الصّمت قبل النّطق و السكون في أوّله

المثلان أو المتقاربان صوتان مشتركان في أكثر خصائصهما

المثلان السّاكنان المتواليّان


الأمثال نونات أو تاءات أو غيرها

الأمثال هنا حركات متواليّة

توقّي الأمثال هنا بتوزيع الحركة و المدّ على النّطق

 

اتجاه الذوق العربي الظاهرة الموقعية الناتجة تفسيرها

11- كراهيّة توالي الأمثال

12- كراهيّة توالي الأمثال

13- كراهيّة توالي الأمثال

ظاهرة الإشباع و الإضعاف

ظاهرة النّبر

ظاهرة التّنغيم

توقّي الأمثال هنا بتوزيع القوّة و الضّعف بين الأصوات و بين الكلمات

توقّي الأمثال يكون بتوزيع المقاطع

توقّي الأمثال يكون بتوزيع النّغمات

     إلاّ أنّ مظاهر الاستخفاف التي تعرفها اللّغة العربيّة أكبر من أن تستوعبها ظاهرتا المماثلة و المخالفة، فخصوصيّة اللّغة العربيّة تجعلها غير خاضعة تماما لقوانين تنطبق على غيرها من اللّغات. و هذا ما دفع بعض اللّغويين العرب إلى استنباط ظواهر تستوعب أنماط الاستخفاف التي تعرفها اللّغة العربيّة، و من بين هؤلاء «فخر الدين قباوة» الذي ردّ على المتأثّرين بالنظريّات الغربيّة محاولين تطبيقها على اللّغة العربيّة، قائلا :«...ثم جاء اللّغويّون المعاصرون من العرب يتابعون البحث و التنقيب فإذا هم مؤيدون بإنجازات المستشرقين و النظريات الغربية الصّادرة على لغة العرب وقعوا في دوامتها يدورون معها زاعمين أنّ المماثلة و المخالفة إطار يستوعب كلّ مظاهر و الاستخفاف ...1»

  1الاقتصاد اللغوي في صياغة المفرد، فخر الدين قباوة،  ص158

و يفسر رأيه بقوله :« و الحقّ أنّ ما سلكته العربيّة في مسيرتها الاقتصاديّة هذه أكبر من أن تستوعبه المماثلة و المخالفة إلاّ إذا قلّمنا استطالته و حشرناه في ذلك بالضّغط و الإكراه و نحن واجدون له سبلا أكثر استيعابا و أرفق تناولا للمظاهر المختلفة تساعد على الإجمال و التّفصيل و تمثل أنماط الاستخفاف في الاقتصاد العلاجيّ و هي ما يكون في الأصوات من التّقريب و التّوحيد و النّقص و الزّيادة و الثّقل...1»

و قد عرض جميع الأنماط الاقتصادية من خلال هذه الظواهر الخمسة مشيرا إلى احتمال ورود بعضها في عدة مواطن معللا ذلك بإمكانية وجود أكثر من عمليّة استخفافية في النمط الواحد مع توزيع إجراءاتها في اتّجاهات متعددة و اتّصال بعضها ببعض أو تداخلها خالصا إلى أنّه :«... لابدّ لكلّ نمط من جهة يكون فيها أظهر فيستحقّ أن ينتسب إليها في التّحليل و الصّياغة2».

4-مظاهر الاستخفاف التي يتحقق من خلالها الاقتصاد الصوتي في اللغة العربية :

فالاقتصاد الصّوتي في اللّغة العربيّة لا يتحقّق حسبه  إلاّ من خلال خمسة مظاهر استخفافية3 هي : ظاهرة تقريب الأصوات و ظاهرة توحيدها و ظاهرة نقصها و ظاهرة زيادتها و ظاهرة نقلها،

 

1- المصدر السابق، المصدر نفسه

2- المصدر نفسه، الصفحة نفسها

3المصدر نفسه، ص:159218   

 

                                                                                                                      

         

أولا تقريب الأصوات

و يطلق على بعض هذه  العمليّات اسم المضارعة أو التجنيس وتندرج تحتها الأنماط التّالية

أ-المشاكلة

و هي أن يصير الحرفان المتنافران و هما متماسان أو متجاوران متوافقين في التّصويت، بتقريب أحدهما من الآخر في إحدى الصّفات الغالبة .1

و أمثلة هذا النوع كثيرة عند العرب، و منها :

نحو: يتخطرف يتغطرف2 في قول «الفرزدق»(الطويل) :

إذا اجتبت لي دارم عن غاية      جريت إليها جري من يتغطرف

وقعت الغين المجهورة بين صامتين مهموسين  «التاء و الطاء»فتحولت إلى الخاء المهموسة و التي تشترك معها في المخرج لمشاكلتهما.

و نحو :يبدنيبتن3

في قول «الفرزدق»(الوافر):

لقد ترك الهزيل لكم قديما    مخازي لا يبتن على إرابا

وقعت التاء و هي مهموسة و خالية من الحركة بين صامتين مجهورين فاكتسب سمة الجهر و تحولت التاء إلى نظيرها المجهور.

و نحو :ازتهر ازدهر   فالزاي مجهورة رخوة و التاء مهموسة شديدة فتحولت إلى الدال و هو حرف حرف شديد مجهور يشترك معها في نفس المخرج (اسناني لثوي )، فأصبح بين الزاي و الدال شيء من التقارب.

و نفس الشيء يقال عن السين في كل من سقر و سراك سوط التي تتحول إلى صاد لتقريبها من الأصوات المستعلية التي تليها.

 

1ـالمصدر السابق ص159

2-الفكر اللغوي عند العرب في ضوء علم اللغة الحديث، (أبو عبيدة)رضوان منيسي عبد الله جاب الله، دار النشر للجامعات، القاهرة 2006،  ط1 ،ص107

3-المصدر نفسه ، ص 116

ب-المجانسة

و هي أن يصير الصوتان المختلفان المتماسان أو المتقاربان من  جنس واحد، أي مشتركين في المخرج مختلفين في الصفة، و يقع هذا بين حركة و حرف أو بين حرفين1.

ففي تصغير شاعر تنقلب الألف واوا لمجانسة الضمة : شُويعر.

و في كلمة رئاسة تبدل الألف ياء بعد الكسرة فتصبح رياسة.

و من الأمثلة التي ذكرها ابن جني في الخصائص2 : بئس بيس : انقلبت همزتها ياء لمجانسة الكسرة، و يومئذ يومذ في قول ابن ميادة :

                       فكان له يومذ أمرها

و مما يدخل في المجانسة انحراف النون الساكنة عن مخرجها و دخولها حيز الميم إذا وقعت قبل الباء لمجانسة الميم للباء في المخرج الشفوي :عنبرعمبر

قراءة 3147 مرات آخر تعديل على الإثنين, 10 نيسان/أبريل 2017 10:39

أضف تعليق


كود امني
تحديث