(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 24 آب/أغسطس 2019 15:26

للسخاوي 85 شيخة.. الموقعات عن الله يفتين ويناظرن ويخطبن على المنابر الجزء 2

كتبه  الأستاذ إبراهيم الدويري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مفتيات عبر الأزمنة و الأمكنة
و إذا تطرقنا إلى مجال الفقه و صناعة الفتوى تحديدا؛ فسنجد أنه لم يخلُ قُطر من أقطار الإسلام في عصر من العصور من وجود نساء "موقعات عن الله"؛ ففي القرن ‏الثالث الهجري نلاقي في القيروان "فقيهتَيْ تونس" -حسب تعبير المؤرخ للثقافة التونسية ‏حسن حسني عبد الوهاب- الأولى: أسماء بنت أسد بن الفرات (توفيت نحو 250هـ) ‏التي تعلمت على يد أبيها، و شاركت في مجالس المناظرة و السؤال التي كان يعقدها، و تفقهت على مذهب أبي حنيفة رغم شهرة أبيها في المذهب المالكي. أما فقيهة ‏تونس الثانية فهي خديجة بنت الإمام سحنون (توفيت نحو 270هـ) المؤسس الثاني ‏للمذهب المالكي و ناشره في الغرب الإسلامي، وصفها مترجم رجال الفقه المالكي ‏القاضي عياض بأنها: "من خيار الناس".

و غير بعيد عن تونس و في العصر نفسه؛ نجد في مصر الفقيهة أخت إسماعيل بن يحيى المُزَني (توفيت 264هـ) -ناصر المذهب ‏الشافعي- التي كانت تنافسه و تناقشه، و من طريف أثر منافستها له أنه أغفل ذكرها فكانت تعرف فقط بـ"أخت المزني". و أفاد السيوطي (ت 911هـ) في ‘حسن المحاضرة‘ بأنها "كانت تحضر مجلس الشافعي"؛ فقد علق الفقيه الرافعي على قولٍ "رواه المزني في ‏المختصر عمن يثق به عن الشافعي" بقوله: "و ذكر بعض الشارحين أن ‏أخته روت له ذلك عن الشافعي... فلم يحب تسميتها"‏.

و كما أغفل أخوها المزني ‏اسمها فإن كتب التراجم أهملت أخبارها و تاريخ وفاتها، سوى ما قاله السيوطي من أنها "ذكرها ابن السبكي و الإسنوي في الطبقات". و الظاهر أنها هي والدة الإمام أبي جعفر الطحاوي الأزدي (ت 321هـ)؛ إذ إن المزني خاله و لم يُذكر له غيرها من الأخوات.

‏و في الأندلس ذكر مؤرخها ابن عميرة الضبي (ت 599هـ) فاطمة بنت يحيى بن يوسف المُغامي (ت ‏‏319هـ)، و وصفها بأنها "عالمة فقيهة ورعة، استوطنت قرطبة و بها توفيت...، و لم يُرَ على نعش امرأة ما رُئي على نعشها" من كثرة المشيعين. و في العراق نجد أم عيسى بنت ‏إبراهيم الحربي (ت 328هـ) "كانت عالمة فاضلة تفتي في الفقه"‏، و أمة الواحد ابنة القاضي الحسين المحاملي (ت 377هـ) "برعت في مذهب الشافعي، و كانت تفتي ‏مع أبي علي بن أبي هريرة"‏ شيخ الشافعية (ت 345هـ)‏.‏

و في خراسان بأقصى الشرق؛ تخبرنا كتب التراجم عن أم الفضل عائشة بنت ‏أحمد الكُـمْساني المروزية (ت 529هـ) التي وُصفت بأنها ‏‏"امرأة عالمة فقيهة...، سمعت جدتها عيني بنت زكريا المكي ‏الهلالي"‏. و في ‏القرن نفسه نقرأ عن "العالمة.. التقية شهدة بنت أحمد" الإبَري (ت 574هـ)، و قد "برعت في العلوم...، اشتهر فضلها في الآفاق و نما بالعراق، ‏و لها مشاركة في كثير من العلوم و لا سيما الفقه..، و كانت تجلس ‏من وراء حجاب و تقرئ الطلاب، و تتلمذ عليها خلق كثير".‏

و من أشهر الفقيهات اللاتي مارسن الفتوى و تركن بصمات في المذهب الحنفي: المفتية فَاطِمَة ‏بنت علاء الدين السَّمرقَنْدِي (توفي والدها نحو 540هـ) مؤلف كتاب ‘تحفة الفقهاء‘، و زَوْجَة الإِمَام عَلَاء الدّين الكاساني (ت 587هـ و توفيت هي قبله) صَاحب كتاب ‘بدائع الصنائع‘. فقد "تفقهت على أَبِيهَا و حفظت مصنفه ‘التُّحْفَة‘.. [و] كَانَت تنقل الْمَذْهَب نقلا جيدا، وَ كَانَ زَوجهَا الكاساني رُبمَا يهم ‏في الْفتيا فَتَردهُ إِلَى الصَّوَاب و تعرّفه وَجه الخطأ فَيرجع إِلَى قَوْلهَا.. وَ كَانَت تُفْتِي... وَ كَانَت الْفَتْوَى أَولا يخرج عَلَيْهَا خطها وَ خط أَبِيهَا السَّمرقَنْدِي، فَلَمَّا تزوجت ‏بالكاساني صَاحب ‘الْبَدَائِع‘ كَانَت الْفَتْوَى تخرج بِخَطِّ الثَّلَاثَة"‏‏، أي توقيعاتهم.

‏و في القرن السابع تصادفنا فاطمة بنت الإمام السيد أحمد الرفاعي الكبير (ت ‏‏607هـ) كانت "فقيهة في دين الله"‏، و العالمة الفاضلة "زينب ابنة أبي القاسم الشهيرة بأم ‏المؤيد... أدركت جماعة من أعيان العلماء، و أخذت عنهم رواية و إجازة...، ‏ و ممن أجازها.. ‏الزمخشري (ت 539هـ) مؤلف [تفسير] ‘الكشاف‘، و ممن أجازتهم من أكابر العلماء العلامة المؤرخ.. ‏قاضي القضاة ابن خلّـكان‏ (ت 681هـ)". ‏

و قد اشتهر القرن الثامن بكثرة المحدثين و الفقهاء الموسوعيين، و تسعفنا الموسوعة التي ترجم فيها ‏الحافظ ابن حجر لأعيان هذا القرن ‘الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة‘ ‏بتراجم لكثير من الفقيهات و العالمات و المحدّثات كما تقدم. و قد شاع في هذا العصر إطلاق أسماء و ألقاب على العالمات ذات دلالة طريفة، و من تلك الأسماء و الألقاب: سِتُّ العلماء، و ست الفقهاء، ‏و ست القضاة، و ست الكَتَبة، و ست الوزراء، و ست الملوك.

و ممن أطلق عليهن ذلك: سِتّ الْعلماء بنت شيخة رِبَاط درب المهراني ‏‏(ت 712هـ)؛ و سِتّ الْفُقَهَاء أمة الرَّحْمَن ابْنة إِبْرَاهِيم ‏الصالحية الحنبلية (ت 726هـ)؛ و سِتّ الْفُقَهَاء بنت الْخَطِيب شرف الدّين العباسي (ت 765هـ)، حدثت هِيَ و أخوها عَلَاء الدّين مَعَ الْحَافِظ أبي الْحجَّاج ‏الْمزي بأجزاء من أمالي الْجَوْهَرِي؛ و أختها سِتّ الْقُضَاة بنت الْخَطِيب. كما ذكر الحافظ الذهبي كلا من: ست الوزراء بنت عمر بن المُنجى (ت 716هـ) فوصفها بـ"مسندة الوقت"؛ و ست الملوك ‏فاطمة بنت علي بن أبي البدر‏ (ت 710هـ). ‏

و في القرن التاسع حصر بعض الباحثين ‏عدد الفقيهات اللائي لهن علاقة بمكة المكرمة ‏إقامة أو جوارا أو زيارة بحوالي 270 فقيهة، كما ذكرت إحدى الكاتبات‏ أن عدد ‏النساء اللاتي ترجم لهن السخاوي في كتابه ‘الضوء اللامع لأهل القرن التاسع‘ ‏يصلن لـ1080 سيدة، معظمهن من الفقيهات المحدثات. و هذا يدل على أن الجهد ‏النسائي في جانب الفقه و الفتوى يحتاج لإعادة تدوين و تقييم. ‏

و من بين أعيان القرن العاشر الهجري تبرز لنا "الشيخة.. العالمة العاملة" أم عبد الوهاب بنت الباعوني الدمشقية (ت 922هـ)، و هي "أحد أفراد الدهر.. حُملت إلى القاهرة و نالت من العلوم حظاً وافراً، و أجيزت ‏بالإفتاء و التدريس". و في القرن الحادي عشر ‏تلاقينا في مكة المحدثة قريش بنت عبد القادر الطبري (ت 1107هـ)، كانت "فقيهة.. ‏من بيت علم كبير..، كانت تُقرأ عليها كتب الحديث في منزلها"، و قد عدها ‏صاحب ‘فهرس الفهارس‘ من "مسانيد الحجاز السبعة الذين قويت بهم شوكة الحديث في ‏القرن الحادي عشر و ما بعده"‏.

الرابط https://www.aljazeera.net/news/cultureandart/2019/8/8/%D9%84%D9%84%D8%B3%D8%AE%D8%A7%D9%88%D9%8A-85-%D8%B4%D9%8A%D8%AE%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%8A%D9%81%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%88%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B8%D8%B1%D9%86-%D9%88%D9%8A%D8%AE%D8%B7%D8%A8%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%A8%D8%B1

قراءة 1821 مرات آخر تعديل على الأحد, 01 أيلول/سبتمبر 2019 09:52