قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 10 حزيران/يونيو 2014 02:42

مدخل إلى حوار الديانات -2

كتبه  عفاف عنيبة
قيم الموضوع
(0 أصوات)



2) ماذا بعد الحوار؟ 


ماذا بعد الحوار ما بين الديانات؟ بالإجابة على الأسئلة السابقة، يحين وقت الإنتقال إلى مرحلة حاسمة من عمر الحوار. و هى تكريس الأجوبة التى أفضينا إليها بفعل إجتهاد من رجال الديانات فى واقع الملايير من الأتباع، و دون التكريس الفعلى للأجوبة يتحول فعل الحوار إلى سفسطة. و لعل أهم تحدي يواجه الديانات السماوية و الوضعية أن يقع سن قانون تلتزم به الأنظمة على أى مذهب كانت، أن يعلو صوت الدين على أي تنظير من وضع البشر لنتمكن من ترسيخ التصور الرباني لمجتمع الإنسانية فى كوكب الأرض و إلا ما الجدوى من تنظيم جلسات حوار فى البقاع الأربع من البسيطة؟ فإعتراف الأنظمة الوضعية بأهمية و خطورة حوار الديانات، إعتراف بسلطان الدين على حياة الأفراد و الجماعات و المجتمعات و الأمم و التكتلات من أى نوع كانت. و بناءا على هذا و إنطلاقا منه، لا بد للقائمين على شؤون هذا العالم أن يعوا بأن الدين وحده من يأتي بالتصور الشامل الكامل المستوفي الشروط لدور الإنسان و المجموعة فى هذه الحياة الدنيا.

و ليس هناك إلا الدين الذي يتصف بالشمولية و الدقة و الحكمة و الموضوعية في آن. فأي نظام حياة من صنع بشري عاجز عن الإتيان بنموذج الحياة اللائق بالإنسان و ما إنهيار إيديولوجيات وضعية عبر العصور و آخرها الشيوعية و الإستبداد إلا دليل ساطع عن عامل الثبات الذي يتميز به الدين. فهو يخترق بشكل تلقائي و طبيعي كل الأبعاد البعد الزمكاني و بقية الأبعاد التي لم نكتشف بعد أسرارها. فهو يمر عبر الحجب ليخاطب عقل و فؤاد الإنسان بطريقة إعجازية لم يجد لها أي تفسير منطقي علماء العصور المتأخرة. فعلى رجال السياسة و الإقتصاد و الإجتماع و الثقافة أن يفهموا بأن الدين أكبر من عقولهم و طموحاتهم و أمالهم و أحلامهم و كوابيسهم و خططهم و إستراتجياتهم.

إن أدركوا هذا المعطى الحيوي، فالذهاب إلى أجوبة حوار الديانات يصبح فى عداد الممكن. و عملية تجسيد هذه الأجوبة هي التحدي الذي من أجله يجب أن تركز كل الجهود المعنوية و المادية لتمكين بني البشر من تجاوز مرحلة الإنفجار و الفوضى و الوحشية الذين يتخبطون فيها فى القرن الخامس العشر الهجري و الألفية الثالثة الميلادية. بهذا فى ظني نكون قد تخطينا فعليا في أرض الواقع حاجز الخوف و التحفظ و رفض الآخر صاحب الديانة و المعتقد المختلفين.

كمسلمين و كممثلي لآخر دين سماوي علينا بفهم معضلة أن نذهب للآخرين باستعداد كبير في الإختلاف معهم و لكن في نفس الوقت على ألا يتحول إختلافنا معهم الى نهج درب مغاير مما أرساه رسول الخلق و سيد الأنام و أكرم الخلق محمد صلوات الله عليه و سلم.  نكون قد إطلعنا على سيرة رسول الحق عليه الصلاة و السلام الذي لم ييأس أبدا من مخاطبة المشركين و أهل الكتاب، فهو لم يكف أبدا من إعتبار الآخرين الرافضين لدينه الإسلام قابلون دائما لمبدأ التفاهم و التعايش و إن لم يسلموا.

فرسول الحق صلى الله عليه و على آله و سلم دائما ما إتبع الأمر الإلهى {و جادلهم بالتى هى أحسن}  بتحسس روح و أخلاق هذا الأمر الإلهى العظيم. فإن إستطعنا كمسلمين أن ننجز مثل هذا الحوار بهذه المبادئ و الأخلاق النبوية و هذا رغم جراحنا و فجائعنا و مصائبنا و عذاباتنا و معاناتنا نكون قد حققنا وصف الله عز و جل العلي القدير لأمة الإسلام المطيعة له، المتعبدة له {كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر} . صدق الله العظيم.

3) حوار الديانات ما بعد سقوط النظام العربي الإستبدادي:


و إن كنت متحفظة نوعا ما من إعلان سقوط النظام العربي الإستبدادي، لأن النظام في مصر و تونس و إن سقطت رموزه فدعاماته من الداخل و الخارج مازالت قائمة و لا بد من وقت و جهد و تضحيات جسام للقضاء عليه نهائيا لكن قمت بذلك، تبيانا لمدي دقة التوقيت الذي ندعى فيه إلي حوار الديانات، إنه توقيت قررته مؤسسات و مراكز التفكير و الأبحاث في واشنطن و عواصم غربية أخري ما تسمي بالإنجليزية بمؤسسات

ThinkTank.

علينا أن ندرس جديا السبل المتيحة لقيام حوار داخلي بين أنفسنا كمسلمين ثم ننتقل في خطوة ثانية إلى محاورة المسحيين أو اليهود الذين يعيشون بين ظهرانينا، فهؤلاء أولى بالحوار و الإستماع إليهم و أن يستمعوا إلينا بدورهم لنذهب في مرحلة أخيرة إلى الآخرين في بقية القارات و كما تنبأ السيد صاموئيل هاتنغتوتن المتوفي في 2008 قصة سيطرة الجنس الأبيض على الحضارة العالمية علي وشك أن تنتهي، فسيأتي زمن نطالب فيه بتقديم البديل الحضاري الناجع.

و لا بد عندئذ من تجربة حضارية رائدة نكون قد خضناها فنقدمها كبديل لتجاوزات و إخفاقات و جرائم الحضارة الغربية، حينها سيكون الحوار أكثر فعالية و أكثر تأثيرا علي الديانات المقبلة على مبدأ الحوار. فالحوار ما هو إلا وجه حضاري لإنتصار فكر و ذكاء البشر و نحن حاليا في منعرج خطير و هام جدا بالنظر إلى التطورات الهامة التي تبلورت في ثورات مدنية سلمية إكتسحت عالمنا العربي، فهذه ستنعكس آجلا أم عاجلا علي نوعية الحوار و كيف لنا أن نحاور إنطلاقا من رؤية إيجابية نكون فيها صناع مصيرنا بإستقلالية يرفضها الغرب المؤسساتي.

أعد أمر الإستقلالية الحضارية حجر أساس في بنيان الحوار الحضاري الشامل بين الديانات و المعتقدات، فكلنا نشترك في عامل الإيمان بقوة ما تقرر مصيرنا. الرؤية الإسلامية لدور الخالق الرب هي الأوضح و الأسلم لإنسانية تفتقد إلي تصور صحيح للغاية من وجودها و نشأتها كقبائل في البدايات و مع تطور و تظافر العديد من العوامل و الظروف ظهرت إلي النور الشعوب الصانعة لحضارات تكونت علي أساس صلب ليتفتت ذلك الأساس فيما بعد بإعراضها عن الدين و أخلاقه السامية فتسقط و تعرف فترات إنكفاء و ضمور.

حاملي هم الإنبعاث الحضاري للإسلام على مدي عقود إن لم نقل قرون، اليوم يشهدون تحرك داخلي جبار قاد و سيقود إلى تغيير نريده جذريا كي نتمكن من إعادة بعث الروح بشكل سليم في جسم أمة كانت خير أمة أخرجت للناس و أول ما نحتاجه في هذا التوقيت بالذات هو إيصال هذه الرسالة إلى المعنيين بالحوار بين الديانات من الجهة المقابلة:

حتمية التغيير الداخلي لشؤوننا قرار عليهم بإحترامه، و من جهة أخرى عليهم بالكف عن التكهن عن نوع النظام الذي سنحتكم إليه، فالديمقراطية كما ظلوا يبشرون بها منذ قرنين من الزمان أي منذ قيام دولة الولايات المتحدة الأمريكية فهذه الديمقراطية تأذن اليوم في الغرب بأفول حضارة البيض و قد ساهمت بقدر كبير كنظام سياسي وضعي في تعجيل  إنحطاط الغرب و وصوله إلى مأزق عدم ضمان ديمومته.

فالديمقراطية أفردت للحرية هامشا كبيرا جدا و مبالغ فيه و قد إستغله شر الإستغلال الإنسان الغربي بحكم قوته الإقتصادية و العسكرية و كانت النتيجة وخيمة ليس فقط على الشعوب المتخلفة التي عانت من هيمنته و جبروته بل تعدت سلبيات هذه الهيمنة إلى المجتمعات الغربية نفسها! و هذا كفيل بأن يعطينا أملا في المستقبل و في نوعية الحوار الذي سيستمر مع ممثلي الديانات بإعتبار أننا لا نحاور الآخر من موقع الغطرسة أو الثقة الزائدة في النفس إنما نحاور الآخر لأنه لدينا ما نقدمه له من حلول سيعرف نجاعتها و يلمس صوابها حينما نبادر بتجسيدها في أنفسنا وفي واقعنا.

ليس هناك أفضل من لغة الفعالية التي رسخها الإسلام عبر مفهوم العبودية و الدين معاملة، فالإيمان ليس ما وقر في القلب و لم يغادره إلى السلوك و الفعل المؤثر.

العالم اليوم في أمس حاجة لمعرفة مخارج لأزماته المتعددة، فالديمقراطية مكنت قلة غنية متنفذة من تحويل سكان العالم إلى رهائن رغباتها الجشعة و الدارس للنظام التمثيلي الأمريكي عبر مجلس الشيوخ و غرفة النواب سيدرك سريعا و بدون عناء كبير أن الديمقراطية الأمريكية التي تجري في كواليس مقر الشيوخ و النواب هي نظام سياسي رهيب يخدم بالدرجة الأولي مصالح الأغنياء و العرقيات القوية بنفوذها المالي و الصناعي و الطاقوي!!

لهذا يتعين علينا الخروج من دائرة اللافاعلية و الهامش الذي حصرنا فيه أنفسنا حينما أدرنا ظهورنا و عقولنا عن قيمنا الإسلامية، لنرسم معالم عالم أكثر أنسنة و أكثر تكافلا و إنسجاما، فليكن صراع الحق و الباطل صراع يأخذ بنا إلى تجاوز الكراهية و الأحقاد التي زرعها الظلم الذي كان أصحابه تارة يهود و تارة مسيحيين و تارة مسلمين.

فلنقم العدل بموازينه الواحدة و التي تنطبق على كل البشر، فلا نخترع عدلا خاص بمقاس اليهود و آخر بمقاس المسيحيين و الآخر بالمسلمين، لنؤكد عبر حوار الديانات أن لغة القصاص كما أنزلتها الشريعة السماوية لا تفرق بين عربي و أعجمي و بين مسلم و يهودي وأننا أمام الخالق سواسية، فأكرمكم عند الله أتقاكم.

خاتمة:
في ختام هذه الورقة المتواضعة، علي بالإشارة إلي بعض النقاط التي إستنتجتها من مشاركتي في برنامج حوار الديانات بين 11 نوفمبر 2006 و 2 ديسمبر 2006 في الولايات المتحدة الأمريكية من تنظيم مؤسسة ميرديان الأمريكية و تمويل وزارة الخارجية الأمريكية. كنت شخصيا قد رفضت ترشيحي لمثل هذا البرنامج لحوار الديانات في أمريكا بإعتبار أنه لا يجوز لي محاورة أناس تحت إشراف إدارة أمريكية محاصرة لشعب فلسطيني في غزة و محرضة على العدوان الصهيوني السافر على لبنان و داعمة للمشروع الصهيوني في فلسطين.
لكن قبولي للمشاركة في النهاية كان يتضمن إرادة شخصية في معرفة نقاط ضعف و قوة من نحاورهم من كنائس أمريكية و معتقدات سماوية محرفة و أخرى وضعية و أيضا نقاط ضعف و قوة الإدارة الأمريكية العدو.

و ما عايشته على مدي واحد و عشرين يوما في خمسة ولايات أمريكية بداية من العاصمة الفيدرالية واشنطن إلى كنساس سيتي مرورا بلوس أنجليس و هانتسفيل و نهاية بنيويورك، جعلني أقتنع بهذه الحقيقة المحزنة و الإيجابية في آن: نحن أصحاب العقيدة الصحيحة من مكنا الآخر من أنفسنا بشكل جد ساذج و أحمق، لأنه من غير المعقول أن نسمع ليهودية و زوجها اليهودي في مأدبة عشاء في بيتهم يصرحون بصريح العبارة أنهم كيهود لم يكن لديهم خيار في فلسطين في 1948، كان لا بد لهم من قتل و تشريد شعب فلسطيني ليحتلوا مكانه و أرضه!!! فمثل هذا التصور لحوار الديانات أكد لي أمرا: أنه لا ينفع حوار مع قتلة!

 

*إستلم سعادة السفير الأمريكي السيد روبرت س. فورد نسخة عن هذه المحاضرة.

قراءة 2972 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 18 كانون2/يناير 2023 09:29

أضف تعليق


كود امني
تحديث