قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 26 أيلول/سبتمبر 2021 09:16

البحث العلمي في إسرائيل ومقارنته في بلاد العرب (1/2)

كتبه  الأستاذ ناجي ملاعب
قيم الموضوع
(0 أصوات)

بالعلم و البحث و الاكتشاف و الإبتكار، تقدمت دول و ارتفع شأنها، في حين تراجعت دول أخرى و قل شأنها نتيجة لعدم الاهتمام بالعلم و البحث و اكتفت بأن تكون مقلدة و مستهلكة، ما جعلها تابعة و فاقدة لإرادتها.

تعتبر إسرائيل من الدول التي فاق تقدمها العلمي حجمها و عمرها، و كان الفضل لعنصر التحدي، حيث أرادت أن تتفوق على المحيط العربي الذي زُرعت فيه حتى تحمي نفسها و تثبت أركانها في الكيان المغتَصب، فاتخذت من سفينة العلم و البحث العلمي وسيلة لإثبات ذاتها و فرض هيمنتها، و أوصلتها هذه السفينة إلى مصاف الدول المتقدمة و المتطورة في شتى المجالات، و لا زالت تسير بخطى ثابتة في ذات الطريق.

في الوطن العربي، مقارنة بالواقع العالمي، لا وجود لاستراتيجية واضحة للبحث العلمي، و لا ميزانية مستقلة و مشجعة، فضلاً عن افتقار أغلب المؤسسات العلمية و الجامعات العربية إلى أجهزة متخصصة بتسويق الأبحاث و نتائجها وفق خطة اقتصادية إلى الجهات المستفيدة مما يدل على ضعف التنسيق بين مراكز البحوث و القطاع الخاص. كذلك يسجل الخبراء غياب المؤسسات الاستشارية المختصة بتوظيف نتائج البحث العلمي و تمويله من أجل تحويل تلك النتائج إلى مشروعات اقتصادية مربحة. إضافة إلى ضعف القطاعات الاقتصادية المنتجة و اعتمادها على شراء المعرفة.

صانع القرار الإسرائيلي هو ابن البيئة العلمية، و نتاجها، لذلك كثيراً ما يلجأ إلى مراكز الأبحاث العلمية و أصحاب العلم و الاختصاص، من اجل اخذ الرأي و المشورة في القرارات المختلفة التي تهم الدولة، و تعتبر مراكز الدراسات المختصة بالفكر و البحث العلمي و استطلاع الرأي مؤثرة في سياسات صانع القرار الإسرائيلي.(1)

ما هو الدور الذي تقوم به مراكز أبحاث العلوم الإنسانية في إسرائيل؟ و ما هي أهم مراكز الأبحاث في الكيان الصهيوني؟ و هل لمراكز الأبحاث في إسرائيل دور مؤثّر في صناعة القرار؟

ما حفّزني لطرق هذا الموضوع لم يكن الفارق في الإهتمام الرسمي و الخاص ما بين دولة الكيان الغاصب و الدول العربية، فقط، بل، لقد لمست لمس اليد كباحث أو خبير في قضايا أمنية و استراتيجية أن المعلومات الموثوقة التي أستقي منها مواقفي هي صادرة عن مراكز بحوث أجنبية و نادرا ما تكون عربية، و وجدت نفسي أنني أصبحت “المتلقي” للدراسات الغربية ما يقودنا الى “تسويق” مفاهيم و أفكار غريبة عن مجتمعنا و أمتنا. و قد رمت من هذا البحث دق ناقوس الخطر قبل “الإستتباع اللا إرادي” للأفكار المفروضة علينا، لعل من يسمع!

سنتناول، بداية، في القسم الأول من هذا البحث، أهم هذه المراكز البحثية العلمية في إسرائيل، و اهتماماتها الرئيسة، و دورها في صناعة القرار الأمني و الإستراتيجي و الإقتصادي. فيما يتطرق القسم الثاني إلى سبر أغوار الإهتمام الرسمي العربي بالبحث العلمي، و نفصِّل المساهمة اللبنانية في هذا المجال، و نلقي بعض الضوء على أسباب ضعف البحث العلمي العربي و موقعه العالمي. و نعرض، في الختام، لرؤية منظمة الأونيسكو في تقريرها العلمي الأخير، 2015، للحلول الممكنة لواقع البحث العلمي العربي.

تبلورت في العالم الغربي مع نهاية الحرب العالمية الثانية نظرية تفيد بأنّ العلم و البحث العلمي هما الضامنان لنمو و رفاه المجتمع الحر، و بأنهما لن ينجحا دون تخصيص موارد كبيرة لهما من الميزانية العامة.(2) من أهم الوثائق حول هذا التوجه ما كتبه فانيفار بوش Vannevar Bush)، رئيس مكتب تطوير البحث العلمي في الحكومة الأمريكية عام 1945، بعنوان “العلم: جبهة غير منتهية” (Science the Endless Frontier, 1945). نصت الوثيقة على أهمية العلوم الاجتماعية و الفلسفة، و بأنها لا تقلّ أهمية عن العلوم الطبيعية، و قد نتج عن توصيات الوثيقة تأسيس الصندوق القومي العلمي بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1950، بهدف دعم البحث العلمي. تضمنت الوثيقة مصطلح رأس المال العلمي، الذي يمكن تحصيله من خلال مراكمة المعرفة و البحث العلمي، و تحقيق عدة متطلبات، من أهمها(3):

–  زيادة الاهتمام بالبحث العلمي في الجامعات و مراكز الأبحاث غير الرسمية.

 – تخصيص ميزانيات فيدرالية كبيرة لتمويل نشاطات البحث العلمي.

–  ضمان تدفق الدعم المالي للباحثين في مراكز الأبحاث، لفترة لا تقل عن 5 سنوات.

–  الاعتبار الوحيد لتخصيص الميزانيات للبحث العلمي هو التميز و الجودة العالية للبحث.

–  ضمان مطلق للحرية الأكاديمية للباحث، و عدم التدخل في أهداف البحوث و وسائلها.

–  تخصيص موارد فيدرالية لوضع خطط هدفها تدريب و تأهيل الباحثين عبر المنح، و دعم الباحثين الطلاب في مؤسسات التعليم العالي.

مفهوم البحث العلمي

بداية لا بد من توضيح مفهوم البحث العلمي حيث يعرف على أنه مجموعة من النشاطات و التقنيات و الأدوات التي تبحث في الظواهر المحيطة و التي تهدف إلى زيادة المعرفة و تسخيرها في عمليات التنمية لمختلف جوانب الحياة.(4) و يسمى البحث علمياً إذا اعتمد على تجميع معلومات كافية ناتجة من تجارب علمية يمكن قياسها و التحقق من دقتها عن طريق الملاحظة أو التجربة و تصنيف نتائجها و من ثم يصار إلى وضع فرضيات معينة لتفسير تلك الظواهر و تصميم تجارب أخرى لاختبار تلك الفرضيات و تحويلها إلى نظريات.

القسم الأول: مراكز الأبحاث في إسرائيل و اهتماماتها و دورها في صنع القرار

تتوزع اهتمامات مراكز الأبحاث الإسرائيلية على عدة مجالات. و رغم صعوبة تصنيفها، إلا أنه و بالرجوع إلى النبذة التعريفية المنشورة على المواقع الرسمية لتلك المراكز، و نتاجها البحثي، يمكننا استنتاج الجانب الأبرز لاهتمام كلّ مركز، و بالتالي يمكن توزيعها على تسعة مجالات متداخلة، و هي: الأمن، الأمن و السلام، التخطيط الإستراتيجي و السياسات العامة، القضايا الاجتماعية، الفكر، الاقتصاد، التعليم، التاريخ، تعزيز التعايش. و من المهم التنويه إلى أن التعريف بهذه المراكز، و نشاطاتها و اهتماماتها، يستند إلى النبذة التعريفية المنشورة على مواقعها الرسمية.(5) و على أهمية كل المراكز و اهتماماتها، سنعنى بالشق الأمني و الإستراتيجي من تلك المراكز البحثية، و هي:

أولاً: المراكز البحثية الأمنية

أ‌. معهد أبحاث الأمن القومي

تأسس المعهد عام 1977 ليكون مركزًا للأبحاث الإستراتيجية تابعًا لجامعة تل أبيب. تركزت أعماله في قضايا الأمن و الدفاع عن إسرائيل. في عام 1983 تغير اسمه ليصبح مركز يافا للأبحاث الإستراتيجية، و بعد أن تطوَّر المركز أصبح اسمه في عام 2006 معهد أبحاث الأمن القومي، و تحوَّل إلى مؤسسة أكاديمية تابعة لجامعة تل أبيب، لكنه يتمتع باستقلال مادي عنها.

قام المعهد بتوسيع مجالات اهتمامه لتشمل: الرأي العامّ، و العلاقات المتبادلة بين المجتمع و الجيش، و العلاقة بين المستويات العسكريّة و المدنيّة. يَصدر عن المعهد أوراق تقدير موقف، و مجلة “نظرة عليا”، بالإضافة إلى التقرير الإستراتيجي. (معهد أبحاث الأمن القومي، 2016).

ب‌. مركز دراسات الأمن القومي

تأسس المركز في جامعة حيفا عام 2000 لتعزيز البحث و المناقشة العامة فيما يتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي، و يهتم بتطوير البحوث متعددة التخصصات و واسعة النطاق، و التي تشمل مجموعة كاملة من مكونات الأمن القومي، السياسية و العسكرية و الاجتماعية و الاقتصادية، و المساهمة في تشكيل التصورات لدى صناع القرار و المسؤولين في النظام السياسي و العسكري، و ذلك بهدف فهم النظام الداخلي و السياق الإقليمي و الدولي.

و يسعى المركز إلى إضفاء الطابع المؤسسي على بناء علاقات مع مؤسسات الأمن القومي في العالم، كما يساهم عبر أبحاثه في تشكيل الخطاب العام المتعلق بأمن إسرائيل القومي، و في تدريب المسؤولين و كبار الضباط في هذا المجال، بالإضافة إلى تدريب الأجيال القادمة من الباحثين.

ج. المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب

تأسس المعهد عام 1996، ويهدف إلى تيسير التعاون الدولي ضد “الإرهاب”، وهو عبارة عن مؤسسة بحثية مستقلة هدفها توفير خبراء في “مكافحة الإرهاب”، و الأمن الداخلي وتقييم المخاطر، و التحليل الاستخباراتي و الأمن القومي و السياسة الدفاعية.

و يُعتبر المعهد بمثابة منتدى مشترك لصانعي السياسات و الباحثين الدوليين؛ لتبادل المعلومات و الخبرات من خلال توزيع الأوراق البحثية و المنشورات الأكاديمية، حيث يتم تنظيم عدد من الندوات و ورش العمل و المؤتمرات الدولية، من أجل تسهيل تبادل وجهات النظر و المعلومات و المقترحات.

يدير المعهد أكبر قاعدة بيانات على شبكة الإنترنت، تشمل الهجمات “الإرهابية” و المنظمات والناشطين “الإرهابيين”، بالإضافة إلى التقارير الإحصائية المتعلقة بهذا المجال. يتبع المعهد لمركز هرتسيليا متعدد المجالات، و يديره البروفيسور آريل ريتشمان (International Institute for Counter-Terrorism, 2016).

  1. مراكز أبحاث الأمن والسلام

أ‌. المركز الأكاديمي الإسرائيلي في القاهرة

تأسس المركز عام 1982 من قبل الأكاديمية الإسرائيلية الوطنية للعلوم، و ذلك بمبادرة من مؤسسات التعليم العالي و الجمعية الشرقية الإسرائيلية، و بعد التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و مصر عام 1979. و يُموَّل المركز من لجنة بناء السلام، و يديره في مجالات اللغة و الأدب وثقافة مصر الحديثة البروفيسور غابرييل روزنباوم، بينما يقوم راشيل غالون بتنسيق العلاقات في مجال العلوم الطبيعية.

المهمة الرئيسة للمركز الأكاديمي في القاهرة هي تعزيز العلاقات بين الجامعات و الباحثين في مصر و إسرائيل، و مساعدة الباحثين من كلا البلدين في الوصول إلى المكتبات و المحفوظات، و تشجيع المشاريع البحثية المشتركة. أُغلق المركز في سبتمبر 2011 عقب مهاجمة السفارة الإسرائيلية من قبل مجموعة كبيرة من المتظاهرين، و يُتوقع أنّ يعاد فتح أبوابه بعد عودة السفير الإسرائيلي، و فتح السفارة في عام 2016.

ب‌. مركز بيغن – السادات للدراسات الإستراتيجية

أَسَّس المركز عام 1993 الدكتور توماس هشت، أحد قادة الجالية اليهودية في كندا، و الذي أنشأ مركز أبحاث مستقل و غير حزبي، مرتبط بقسم العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية. سُمّي المركز على اسم مناحيم بيغن و أنور السادات بسبب جهودهما في إحلال السلام و تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي.

يبحث المركز في قضايا الأمن والسلام، خاصة في المجالات المتصلة بالأمن القومي الإسرائيلي و السياسة الخارجية، و مختلف القضايا الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، و يأخذ بمنشوراته و توصياته كبار صانعي القرار في المجال العسكري و المدني، و المؤسسات ذات الصلة في وزارة الدفاع و وزارة الشؤون الخارجية، و أعضاء السلك الدبلوماسي، و الصحافة و الأوساط الأكاديمية، و قادة الجاليات اليهودية في أنحاء العالم، و الجمهور المتعلم.

ج. معهد مراقبة وسائل الإعلام الفلسطينية

تأسس المعهد عام 1996، ويرأسه إيتمار ماركوس، الذي شَغَل منصب مدير “مركز مراقبة تأثير السلام”، باعتباره عضوًا في لجنة منع التحريض الثلاثية، الإسرائيلية الفلسطينية الأمريكية، التي أُنشئت في أعقاب اتفاق واي ريفر. و الغرض من هذا المعهد هو دراسة أيديولوجية السلطة الفلسطينية، و الفجوة بين تصرفاتها و بياناتها على مستوى الإعلام العالمي، بشأن موقفها تجاه إسرائيل و الصراع الإسرائيلي الفلسطيني و عملية السلام. لهذا السبب، يركز المعهد بصورة أقلّ على المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس، كونها لا تعترف بإسرائيل و عملية السلام.

و تُستخدم النتائج التي يتوصل إليها المعهد مصدرًا في تقارير “مؤشر السلام و ثقافة التحريض في السلطة الفلسطينية”، التي أعدت بانتظام من قبل وزارة الشؤون الإستراتيجية منذ 2010.

د. المركز الإسرائيلي – الفلسطيني للأبحاث و المعلومات

تأسس المركز في القدس عام 1988 عقب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987، و ذلك بهدف بناء جسور التواصل والتعاون بين المجتمع المدني الإسرائيلي و الفلسطيني، و يُعتبر المركز خزان التفكير الوحيد المشترك (إسرائيلي – فلسطيني) في العالم. و يهتم المركز بتطوير حلول عملية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس “دولتين لشعبين”، فهو يعترف بحق “الشعب اليهودي” و الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. مؤسس المركز و مديره هو غرشون باسكين، الذي يفخر بمشاركة المركز كقناة خلفية في مفاوضات مع حركة حماس، من أجل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليت، الذي كان أسيرًا لدى الحركة.

ينقسم المركز إلى قسمين: قسم البحوث و المعلومات، الذي يهدف إلى تطوير و مناصرة الحلول السياسية العملية لصناع القرار و المسؤولين، و ذلك بشأن القضايا الخلافية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مثل القدس و الحدود و المستوطنات والأمن، و قسم “بناء السلام المستدام”، الذي يهدف إلى تطوير و تعزيز الدعم الشعبي من أجل السلام و التعاون بين الإسرائيليين و الفلسطينيين، من خلال رأي عام مؤيد لحل سلمي عادل ومستدام (The Israel/ Palestine Center for Research and Information, 2016).

هـ. معهد هاري ترومان 

تأسس المعهد عام 1965 في الجامعة العبرية في القدس، بدعم شخصي من الرئيس الأمريكي هاري ترومان، و بهدف دفع عملية السلام، و يُعتبر المعهد الأول من نوعه في الشرق الأوسط. يُركّز المعهد على دول الشرق الأوسط، فضلاً عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما يهتم باحثوه بدراسة آسيا و إفريقيا وأمريكا اللاتينية، عبر اتّباع منهجية تعدد التخصصات (التاريخي والثقافي و النفسي و السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي).

يهتم المعهد بتسليط الضوء على قيمة التسامح و الحوار في تعزيز التعايش السلمي بين الشعوب و الأمم، و يُخصص منحًا دراسية للباحثين المحليين و الدوليين، لمراحل الماجستير و الدكتوراة و ما بعد الدكتوراة. و يَتْبع للمعهد مركز أبا إيبان للدبلوماسية الإسرائيلية، الذي تأسس عام 1992، و الذي يشارك في نشاطاته سفراء و وزراء خارجية، بالإضافة إلى صانعي السياسات من مختلف أنحاء العالم (The Harry S.Truman Research Institute, 2012).

و. مركز تامي شتاينمتس لأبحاث السلام

تأسس المركز عام 1992، و يرأسه البروفيسور مردخاي تمركين، و يتبع لكلية العلوم الاجتماعية في جامعة تل أبيب. يتّبع المركز منهجية تعدد المجالات، من أجل تطوير الأبحاث و التفكير المنهجيّ في المواضيع المتعلّقة بعملية صنع السلام وفضّ النـزاعات، و خصوصًا الصراع العربي الإسرائيلي. و يشرف المركز على بنك معلومات حول أطر التعاون الإسرائيلي – الفلسطيني و الإسرائيلي – العربي، و يعقد مؤتمرات و ورشات عمل، بالإضافة إلى نشر أبحاث تتعلق بهذا الموضوع (مركز تامي شتاينميتس، 2016).

  1. مراكز أبحاث تهتم بوضع خطط إستراتيجية و سياسات عامة

و سنكتفي بذكرها من دون التوسع في مهامها، و هي: معهد السياسات و الإستراتيجيات (مركز هرتسيليا وسوف نتوسع في دوره في صنع القرار الإستراتيجي)، معهد ميتفيم (المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية)، معهد يروشليم لدراسة السياسات، المركز اليروشيلمي، مركز أبحاث و معلومات الكنيست، مركز دانيال أبراهام للحوار الإستراتيجي، معهد الإستراتيجيات الصهيونية، مركز شاشا للبحوث الإستراتيجية، معهد شموئيل نيمان، و مركز موشيه دايان.

  1. مراكز أبحاث تهتم بالدراسات التاريخية

معهد كوهين لدراسة تاريخ العلوم و الأفكار و فلسفتها، معهد بن غوريون، مركز تراث الحاخام نسيم، مركز تراث تابينكين، مركز تراث يعاري، و مركز تراث إسحاق بن تسفي، مركز جبعات حبيبة، و المركز اليهودي العربي.

ثانياً: مجالات و استراتيجيات البحث العلمي في إسرائيل

تُعرّف وزارة العلوم و التكنولوجيا الإسرائيلية البحوث الإستراتيجية و التكنولوجية بأنها “البحوث التي يمكن إجراؤها أو القيام بها لتحقيق الاستثمار أو الاستغلال الأمثل للثروة الكامنة”. و تهدف إسرائيل من وراء هذه البحوث تحقيق هدفين رئيسيين: الأول، وضع مشروعات تكنولوجية موضع التنفيذ الفعلي و بحيث تتصف بالتقنية العالية، في جميع المجالات الصناعية بحيث تصبح إسرائيل طرفا أساسيا و فاعلا في سوق المنافسة العالمية. و الثاني: تضييق الفجوة أو بناء جسر يربط بين البحوث الأساسية و البحوث التطبيقية.

و تُعتبر المراكز البحثية من الجهات المؤثرة في صناعة القرار في إسرائيل، فعدا عن دورها في وضع الخطط و السيناريوهات المستقبلية، و اقتراح القوانين بهدف سنّها في الكنيست، فإنّ لها دور في تقييم أداء مؤسسات الدولة ككل، و مساعدة الحكومة و مختلف الهيئات العامة، في التعامل مع الفجوة القائمة في بنية النظام السياسي، و الحاجة للتصدي للتحديات الإستراتيجية التي تواجهها الدولة، و ذلك عبر التغلب على المعوقات التي تحول دون تحقيق الأهداف الإستراتيجية.(6)

و لا يقتصر دور مراكز الأبحاث على التوثيق و إجراء استطلاعات الرأي، بل يتعداه إلى التحليل و استشراف المستقبل، و محاولة إيجاد الحلول العملية للمعضلات التي تواجه إسرائيل، و تقديمها لصناع القرار فيها. و تشمل مجالات البحوث الإستراتيجية العلمية و التكنولوجية: تكنولوجيا المعلومات و الالكترونيات الدقيقة، تكنولوجيا صناعة الفضاء، و تكنولوجيا الصناعات العسكرية.

  1. في المجال العسكري

شهدت السنوات الأخيرة تزايداً ملحوظاً في عدد مراكز البحوث السياسية و الإستراتيجية العامة و الخاصة في إسرائيل، لتفوق 30 مركزاً، جزء أساسي منها أفرد نشاطه البحثي لخدمة المؤسسة العسكرية من دراسات و تقديرات موقف إستراتيجية و عسكرية، لذلك كان معظم الباحثين الإستراتيجيين العاملين فيه من خريجي المؤسسة العسكرية، و من ضباط الاحتياط.(7)

من أهم أهداف البحث العلمي و التطوير التكنولوجي في إسرائيل الحفاظ على الأمن القومي، لذلك أولت إسرائيل أهمية خاصة للصناعات العسكرية و عملت على تطويرها تكنولوجيا، حيث يوجد ما يقارب 150 شركة صناعية عسكرية إسرائيلية تملك الحكومة أهمها، و من بينها شركة(IMI)  التي تصنع دبابة ميركافا، و شركة (IAI) التي كانت تشرف على صناعة الطائرات ثم تحولت إلى صناعة أنظمة الطائرات الالكترونية، و قد بلغت مبيعاتها 3.6 مليار دورلار أمريكي عام 2004، و يتم تسويق مبيعات السلاح المصنع في إسرائيل إلى 62 بلد.(8)

يعتبر عام 1967 هو بداية عسكرة الاقتصاد الإسرائيلي، حيث تحول المجتمع الإسرائيلي بفعل التصنيع الحربي من الاقتصاد الزراعي المبني علي صادرات الحمضيات إلي المجتمع علي درجة عالية من التصنيع، و لا شك أن التطور الذي حدث في الصناعات العسكرية كان هو القاطرة الرئيسية لباقي القطاعات، بحيث يمكن القول أن الجيش كان هو حاضنة الطفرة التكنولوجية و كما قال البروفسير جادى اريفا من جامعة تل أبيب “أنك إن أردت أن تفهم صناعات التقنية العالية في إسرائيل فعليك أن تبدأ من الجيش” ففي الجيش يدخل الشباب و الشابات في سن الثامنة عشرة (موعد بدأ الخدمة الإلزامية بالجيش) و يتم إخضاعهم لتدريب مكثف علي علوم الكمبيوتر الأساسية ثم يعطونهم مسئوليات كبيرة في وظائفهم المختلفة في الجيش تفرض عليهم تحديات تجعلهم مضطرين للخلق و الإبداع . و يكفي لتقدير دور الجيش في الانطلاقة العلمية معرفة ما تم إنشاؤه من مؤسسات، فهناك هيئة تطوير الوسائل القتالية المعروفة اختصاراً “رفائيل” و مركز البحوث العسكرية الذي أنشا لدراسة و تطوير التكنولوجيا الحربي.(9)

كما تم توجيه أكثر من 76% حسب الإحصائيات الرسمية المتاحة عام 1980 من إجمالي الإنفاق الحكومي المخصص للبحث العلمي إلي الأبحاث العسكرية و قد أدت كل هذه الجهود مع الدعم العلمي و المالي الخارجي الكبير و خاصة الأمريكي إلي أن أصبحت مبيعات السلاح المصنع في إسرائيل يتم تسويقها في 62 بلد و تطور القطاع العسكري الصناعي إلي الحد الذي أصبح هو القطاع القائد في الاقتصاد في الثمانينات و تقدمت إسرائيل حتى احتلت المرتبة الخامسة بعد عمالقة الدول المصدرة للسلاح في العالم و يتجاوز حجم المبيعات السنوية للصناعات العسكرية (حسب المعلن) 2 – 2.5 مليار دولار و هذا الرقم اقل بكثير من الرقم الحقيقي.

  1. في مجالات دعم العلم والتكنولوجيا

أ‌. اللجنة الوزارية للعلوم و التكنولوجيا: تأسست اللجنة الوزارية للعلوم و التكنولوجيا في ديسمبر عام 1974، و أصبحت في عام 1980 سلطة في مجال البحث و التطوير بهدف الارتقاء بمستوى العلم و التطور التكنولوجي في إسرائيل، و قامت اللجنة بتقديم سياسة خاصة لتقدم و تنمية البحوث العلمية المختلفة و العمل على التنسيق بين الأنشطة العلمية داخل الوزارات المختلفة، و كان لها دور في تعيين علماء متخصصين في الوزارات المختلفة و إقامة هيئة قومية للبحث و التطوير، و إنشاء صناديق مالية خاصة بالبحث العلمي، و في عام 1982 تحولت اللجنة الوزارية للعلوم و التكنولوجيا إلى وزارة العلوم و التكنولوجيا.

ب‌. وزارة العلوم و التكنولوجيا و الفضاء: تولى تأسيس هذه الوزارة العالم الفيزيائي”يوفال نيومان” الذي يعتبر القوة المحركة لعلوم الفضاء، و تهدف وزارة العلوم و التكنولوجيا للنهوض و تشجيع و تعزيز العلم إلى أعلى مستويات الإنجاز و الإبداع في إسرائيل و وضع إسرائيل كقوة الكفاءة العلمية و التكنولوجية الرائدة، و تعتبر الوزارة البحوث العلمية و التكنولوجية أولوية وطنية، كما و تعمل هذه الوزارة على تطوير المال البشري و زيادة الحيوية الاجتماعية و الاقتصادية للمجتمع الإسرائيلي، و الحفاظ على تكافؤ الفرص في جميع مجالات العلوم و التكنولوجيا. و كما تشكل همزة وصل بين البحوث الأساسية و البحوث التطبيقية و التنمية الصناعية، إضافة إلى ذلك تشجيع التعاون العلمي الدولي بين الدول و المنظمات الدولية.

  1. عامل الهجرة و أثره في دعم العلوم و التكنولوجيا

مثلت الدول الغربية و الشرقية المتقدمة و في طليعتها الولايات المتحدة معيناً لا ينضب استمدت منه الدولة العبرية كل أشكال الدعم العلمي و التكنولوجي، و في ظل قانون الجنسية المزدوج أصبح كل عالم أو تقني يهودي موظفاً لخدمة المشروع الصهيوني يمده بأخر المنجزات التي دفعت الدول الأخرى ثمناً غالياً مقابل الحصول عليها، ثم إذا ما توافرت شروط هجرته الكاملة حمل خلاصة جهود زملائه العلماء و جهوده إلي الدولة الصهيونية هدية مجانية.

و نموذج يهود الاتحاد السوفياتي نموذج مثالي في هذا الصدد، و في دراسة أكاديمية نشرت أن نسبة العلماء اليهود المهاجرين قد بلغت عام 1968 حوالي 33% من مجموع المهاجرين في هذه الفترة و أشارت دراسات أخرى أن نسبة 86% من العاملين في القطاع الطبي من المهاجرين الوافدين، وأن نسبة الكفاءات (الأوروبية) = 65% من أساتذة الجامعة العبرية وفي عام 1963 كان هناك 547 أستاذ في الجامعة العبرية منهم 34% فقط ولدوا في فلسطين، كذلك فإن موجة الهجرة من الاتحاد السوفياتي من نهاية الثمانينات حتى منتصف عام 2000  حوالي مليون مهاجر كانت هجرة نوعية تمثل قطاعات رفيعة التعليم متميزة الدراسة و الكثير منها كان يعمل في قطاعات علمية و تكنولوجية شديدة التقدم و الحساسية قبل انهيار منظومة الاتحاد تعبير المعجزة الجديدة أستخدم  لوصف تدفق العلماء و المهنيون اليهود من الاتحاد السوفيتي إلي إسرائيل  من قبل إحدى المجلات العلمية المتخصصة لما كان له من تأثير هائل على مسيرة البحث العلمي في إسرائيل.(10)

و قد أنشأت اسرائيل “الحاضنة التكنولوجية” و هي مؤسسة تهدف إلي تقديم الفرصة للمبتكرين من اجل تطوير و تحويل ابتكاراتهم إلى مشروعات جديدة و تسويق منتجاتها، و قد دخل هذا النظام و قد بدأ المشروع عام 1991 بعدد 350 مشروع مبتدئ حيث تمتلك الحاضنة 20% من رأس مال المشروع و يهدف المشروع إلي دعم القدرات الإبتكارية في مراحلها المبكرة و مساعدة المبتكرين في تطبيق أفكارهم.

إضافة إلى ما سبق، فان حكومة إسرائيل لا تسمح لأي باحث مهاجر إليها بالعمل في مجال البحث العلمي إلا إذا كان حاصلا على شهادة الدكتوراه، كما أنها أسست مدرسة علمية متخصصة تتم الدراسة فيها على أساس الانتقاء الدقيق من بين الطلبة ذوي الميول البحثية و التفوق العلمي، كما و عملت الحكومة على توفير مناخ صحي للبحث العلمي فلا يمكن تحقيق علم دون ديمقراطية و لا يمكن تحقيق الديمقراطية دون نهضة علمية، هذا الدور الحكومي المميز أسهم بشكل كبير في انتعاش البحث العلمي و ازدهار و تقدم إسرائيل.

كما أن البحوث النووية و البيولوجية تابعة لرئيس الوزراء، بسبب وضعها الدقيق و الخاص، و يكفي القول إن إسرائيل تخطّط في إطار الشرق أوسطية لإنشاء عشر جامعات (إسرائيلية) متخصصة في ميادين الإنتاج و التكنولوجيا، لتكون المسيطرة علمياً و تقنياً على المنطقة.

  1. دعم البحث العلمي في مجال التعليم العالي

لأن البحث العلمي أولوية قومية في إسرائيل، أحسنت الدولة في وضع خطط للسياسة التعليمية و خاصة التعليم العالي و البحث العلمي بما يمكنها من توفير لكل قطاع أو فرع حاجته من الموارد البشرية و المالية، و تجدر الإشارة هنا انه في عام 1973 كان لدى إسرائيل 2400 عالم و بعد عشر سنوات ارتفع العدد 4600 عالم، و في عام 1990 كان لدى إسرائيل 25 ألف عالم، و في أواخر التسعينات ارتفع عدد العلماء إلى 135 لكل 10 آلاف إسرائيلي.(11)

قامت الحكومة الإسرائيلية بتخصيص ميزانيات كبيرة للجامعات الإسرائيلية، من اجل تشجيع البحث العلمي، كما و تقدم منحاً مالية خاصة للأبحاث العلمية، لعلمها بالعوائد الضخمة التي ستجنيها من نتائج هذه الأبحاث، علماً أن مخصصات البحث العلمي في ازدياد، و قد تطورت هذه النسبة من 1.5% عام 1965 إلى 2.2% عام 1977 إلى 3% سنة 1984 إلي 3.7% عام 2000 لتصل إلي 4.8% عام 2002 و إذا علمنا أن الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بلغ 110 مليار دولار فإن ما خص البحث العلمي منه بلغ حوالي 5.3 مليار دولار.

حذت إسرائيل حذو العالم الغربي بوضع البحث العلمي على رأس اهتماماتها. فحسب الجهاز المركزي للإحصاء في إسرائيل، فإنّ نسبة الإنفاق القومي على الأبحاث و التطوير و التنمية المعرفية و الثقافية في عام 2015 وصلت إلى 4.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يقارب من 50 مليار شيكل (ما يعادل حوالي 13 مليار دولار). كما وصل الإنفاق على الأبحاث للفرد الواحد عام 2015 إلى 1,537 دولار، و الذي يُعتبر من بين أعلى المعدلات في منظمة التعاون و التنمية – OECD (12) الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي، 2016). و حسب الأكاديمية الإسرائيلية للعلوم، فإن 1% من الأوراق والمقالات البحثية المنشورة في العالم هي من إنتاج باحثين إسرائيليين، و أنّ إسرائيل تحتل المرتبة الرابعة على مستوى العالم في نسبة الأوراق البحثية المنشورة مقارنة بعدد السكان.(13)

ثالثاً: دور البحث العلمي في صناعة القرار الإسرائيلي

  1. أهمية المعلومات في صنع القرار

إن اتخاذ القرار السياسي هو ما تهدف له العملية السياسية، و تعرف عملية صنع القرار بأنها مزيج من القوة و النفوذ، و من الرشد و العقلانية، في إطار قيم الجماعة، تتفاعل جميعا لصياغة القرار كحل توفيقي بين جميع الاعتبارات. فالقرار عملية سياسية تعبر عن توزيع القوة و الموارد السلطوية، و تتضمن تمثيل المصالح، كما تهدف إلى تحقيق أفضل النتائج الممكنة من الموارد المتاحة.(14)

من المعلوم ان وجود الدولة و استقرار نظامها يرتبط ارتباطا وثيقا بالمعلومات، و المعلومات هي القاعدة الأساسية التي يعتمد عليها صانع القرار في اتخاذ الإجراءات و القرارات المناسبة، لذلك عملية جمع المعلومات من اعقد و أصعب العمليات التي يجب أن تتوفر لصانع القرار من جل أداء مهمته بنجاح، و تعود صعوبة ذلك، إلى ضخامة المعلومات و تنوعها، و الى أن صانع القرار بحاجة إلى جميع أنواع المعلومات و معرفة كل ما يدور حوله و هي كثيرة و متنوعة.

برعت إسرائيل في جمع المعلومات التي يعتمد عليها صناع القرار، فاستقاء المعلومات يكون من مصادر رسمية و غير رسمية، قانونية و غير قانونية، و من اهم مصادر المعلومات التي يعتمد عليها: أجهزة الإعلام المختلفة، و أجهزة المخابرات و الأمن حيث تمتلك إسرائيل جهاز مخابراتي متفوق يمتلك أفضل وسائل التكنولوجيا إضافة إلى اعتماده على العملاء و المتعاونين، إضافة إلى مراكز الأبحاث و الدراسات، و المؤتمرات الدولية و الإقليمية، و شبكات المعلومات ”الانترنت”، وسائل التقدم التكنولوجي كأقمار التجسس التابعة للحكومة الإسرائيلية، و المعلومات المزودة من قبل الحلفاء، كالولايات المتحدة الأمريكية.

  1. دور و أهمية مراكز الدراسات و الأبحاث في أروقة صنع القرار

أصبحت مراكز الأبحاث ظاهرة واضحة و مهمة في حياة الدول و المجتمعات و غدا لها دور و مكانة جيدة في أروقة صنع القرار. و تنبع أهمية مراكز الدراسات و الأبحاث، من اهتمامها بالدراسات السياسية و الإستراتيجية حيث تسعى إلى تطويرها، كما أنها تحظى باهتمامات الدول و الأنظمة و الحركات السياسية و المفكرين، كونها مرت بتطورات و تغيرات كثيرة تبعا لتطور و تعقد العلاقات السياسية و الإستراتيجية، و بسبب نشوب الحروب، أصبحت مصدرا للتوجيه و التوعية و بلورة الرأي العالم و وسيلة لتكريس شرعية صنع القرار في الدول المتطورة.

وفق دراسة نشرتها مؤسسة القدس للدراسات الإسرائيلية سنة 2004، فان هناك أكثر من 20 مركز دراسات في إسرائيل معترف بها على أنها خزانات تفكير حقيقية، و تلعب دورا مهما في المشهد السياسي الإسرائيلي، حيث تركز في أبحاثها على القضايا الإستراتيجية مثل الأمن القومي، و قضايا التسوية السياسية، و القضايا المتعلقة بالسكان العرب في الخط الأخضر إضافة إلى القضايا الاجتماعية و السكانية.

أ‌. دور مراكز الأبحاث الحكومية

يوجد في إسرائيل مراكز أبحاث لكل وزارة أو مؤسسة حكومية يديره متخصصون و متميزون، هدفهم البحث و الدراسة و تقديم التوصيات المختلفة و المتعلقة بكل وزارة حسب تخصصها، و يشار إلى أن دور هذه المراكز لم يتوقف على صناعة القرار السياسي بل تجاوزته إلى دراسات اهتمت في تفسير أو إعادة تفسير الأحداث التاريخية، و خاصة في الشؤون التي تخدم الأهداف البعيدة للدولة و تغليفها بالشرعية الدينية التوراتية و التلمودية لتبرير سياساتهم المختلفة، و تهيئة الظروف الملائمة لتحضير الرأي العام الإسرائيلي و الغربي و الدولي و حتى العربي، لأي سياسة او إجراء قد تقوم به إسرائيل، كما ان هذه المراكز تساهم في بلورة المفاهيم المختلفة حسب ما ترغبه الإستراتيجية الإسرائيلية، كمفاهيم العنف و الإرهاب و الاستيطان و الأمن الإسرائيلي و غيرها.

ب‌. المؤسسة العسكرية والقرار السياسي

لا أجد مقدمة لهذا الموضوع الشائك أفضل من إهداء ورد في كتاب أصدرته وزارة الدفاع الإسرائيلية سنة 1979 بعنوان: “الحلم و تحقيقه… قيادة وعمل في الصهيونية”، لمؤلفه الجنرال رفائيل إيتان، رئيس هيئة أركان الجيش آنذاك، ورد فيه: “إلى قائد جيش الدفاع الإسرائيلي… الدولة… هي أنت، أنت تحدد مستواها، و طابعها في الحاضر و لأجيال قادمة.”(15)

فالأمن قضية مركزية عند دولة إسرائيل، و هو من أهم العوامل التي تؤثر على صناعة القرار السياسي في الأمور الإستراتيجية، و كل القرارات المصيرية التي تصدر، تأخذ بعين اعتبارها الأمن القومي الإسرائيلي. لذلك اهتمت المؤسسة العسكرية منذ نشأتها بإنشاء هيئات داخل الجيش تساعدها في قراءة الواقع و صنع القرارات، فممثلو المؤسسة العسكرية عندما يحضروا اجتماعات صنع القرار، يكون في حوزتهم معطيات و تحليلات و معلومات و مقترحات و بدائل ناجمة عن عمل هيئات مختصة و متمكنة، مما يجعل لرأيهم تأثير على القرار المتوقع صدوره من المؤسسة السياسية.

و مما يدل على تأثير المؤسسة العسكرية على صنع القرار ما قاله شلومو جازيت، المدير الأسبق للاستخبارات العسكرية، و المنسق الأسبق للأنشطة في الضفة و القطاع، و عضو مؤسسة دراسات الأمن القومي “إن المؤسسة العسكرية لديها أدوات للتخطيط السياسي، و التقييم السياسي، و التفكير المتماسك، و تقديم العروض بشكل منهجي، في حين انه ليس هناك إلية بديلة، أو عامل يمكن أن يشكل خيارا أخر مبنيا على الدرجة نفسها من التحليل و التقييم الممنهجين”. لذلك في كل مرة يطرح فيها قضية امن قومي، يتساءل المرء فوراً، ما الذي تقترحه قيادة الأركان، و ماذا تقول الاستخبارات العسكرية؟

ج. “أمان” أقوى وأهم مؤسسة في قراءة الواقع و تقديم المقترحات

تعزز مجموعة من العوامل مكانة المؤسسة العسكرية، ممثلة برئيس هيئة الأركان العامة للجيش في عملية صنع قرار الحرب، أو في اتخاذ قرار القيام بعملية عسكرية كبيرة قد تقود إلى حرب. و أهم هذه العوامل على الإطلاق هو احتكار المؤسسة العسكرية في إسرائيل، منذ إنشائها و حتى اليوم، قراءة الواقع و تفسيره و تقديم مقترحات القرارات و مشاريعها إلى الحكومة أو إلى الكابينت السياسي الأمني. و رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية هو المسؤول عن توجيه إنذار للحكومة الإسرائيلية أو للكابينت عن إمكانية نشوب حرب ضد إسرائيل. و قسم الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، التابع للجيش الإسرائيلي، هو أهم مؤسسة في الجيش، و في إسرائيل قاطبة بلا منازع، في قراءة الواقع و تفسيره.(16)

و من الصعب للغاية أن تنافس أي مؤسسة أخرى هذا الجهاز و قسم الأبحاث التابع له؛ فهو يتفوق عليها جميعًا تفوقًا واضحًا للغاية؛ من حيث الميزانية، و عدد الباحثين فيه و نوعيتهم، و المعلومات الاستخبارية التي في حيازته، و شمولية المواضيع التي يعالجها، و المناطق الكثيرة التي يتابعها. و كان يعمل في مركز الأبحاث التابع لأمان 600 شخص في عام 2003، منهم 200 باحث متفرغ، بينهم 120 باحثًا متخصصًا في مجالات البحث العسكري و الاستخبارات العسكرية، و80 باحثًا منهم متفرغون للبحث في المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الدينية، أمّا الباقون فيعملون في جمع المعلومات و توثيقها و في مجالات أخرى مرتبطة بالبحث.(17)

د. أسباب تأثير المؤسسة العسكرية على القرار السياسي

امتلاك المؤسسة العسكرية سيطرة تامة على المعلومات الاستخباراتية التي يحتاجها الجسم السياسي، كما أن الجيش الإسرائيلي هو المؤسسة الوحيدة القادرة على توفير المعلومات و التحليلات، و تقديم المشورة لرئيس الوزراء و الحكومة.

دائرة التخطيط و السياسة التابعة للمؤسسة العسكرية، و هذا يجعلها تحتكر التخطيط الاستراتيجي، فهي لا تكتفي بالتخطيط العسكري فحسب بل انها تسهم في التخطيط السياسي، و خدماتها مقدمة لرئيس الوزراء و وزير الدفاع و الحكومة، و هذا يؤدي إلى التأثير المباشر على عملية صنع القرار.

قسم الأبحاث في جهاز المخابرات – أمان ليس أهم مؤسسة في الجيش الإسرائيلي فحسب، بل في إسرائيل كلها، فهو المؤسسة التي لا تزال تحتكر قراءة الواقع و تفسيره في إسرائيل، كما انه يحتكر المعلومات المتعلقة بالأمن القومي حيث كان يعمل في “قسم الأبحاث” التابع لجهاز المخابرات العسكرية 600 شخص في العام 2003، منهم 200 باحث متفرغ، بينهم 120 باحثاً متخصصاً في مجالات البحث العسكري و المخابرات العسكرية، و80 باحثاً منهم تفرغوا للبحث في المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الدينية، أما الباقون فيعملون في جمع المعلومات و توثيقها و في مجالات أخرى ترتبط بالبحث.

علاقة المؤسسة العسكرية بالإعلام، تسمح لها بان تؤثر على القرار السياسي، فالمؤسسة العسكرية تحتكر بشكل كبير عملية تزويد الإعلام بالمعلومات، و بالتالي فهي تمتلك النفوذ على المؤسسات الإعلامية.(18)

و مثال على تأثير المؤسسة العسكرية على القرار السياسي، هو ما جرى في أواخر الثمانينات، حيث كان الجيش الإسرائيلي هو الذي قرر انه من مصلحة إسرائيل إن تدخل في عملية سلمية، و قد أشرك رابين المؤسسة العسكرية ليس فقط بصفتها منفذا للعملية السلمية، و لكن بصفتها صانعة سياسات و شريك مفاوض.

هـ. مؤتمر هرتسيليا و القرار السياسي

مركز هرتسيليا هو مؤسسة أكاديمية خاصة غير ربحية، و هي مؤسسة للنخبة فقط، لا تتلقى تمويلا من الميزانية القومية، لأن في ذلك ضمان لحريتها الأكاديمية و الإدارية. تهدف هذه المؤسسة إلى إعداد قيادات إسرائيلية مستقبلية، و ذلك من خلال توفير أعلى درجات الدعم للقادة في المجالات المختلفة، كمجال الإعمال، و التكنولوجيا و السياسة، و علوم الفضاء. و يحتوي هذا المركز على سبع كليات ينتسب إليها ثلاثة آلاف طالب، و من الكليات الموجودة بها كلية لودر للحكم و  الدبلوماسية و الإستراتيجية، التي تعد المتخرجين لتولي المناصب العليا في القطاعين العام و الخاص، كما و يضم المركز المؤسسة الدولية لمواجهة الإرهاب، و هي مركز دراسات مستقل، توفر باحثين متخصصين في الإرهاب و محاربته، و الأمن القومي المحلي، و تقدير المخاطر و غيرها من المجالات المختلفة.

و يضم المركز مؤسسة السياسة و الإستراتيجية التي تنظم مؤتمر هرتسيليا السنوي المتخصص في موازنة قوة و امن إسرائيل القوميين، و هي جزء من كلية لودر، تم تأسيسها عام 2000، حيث تهدف إلى دعم صياغة السياسة القومية في قضايا مهمة في الدولة مثل الأمن القومي، و السياسة الخارجية، و المؤسسة العسكرية، و الإستراتيجية، و البنية التحتيه، و العديد من القضايا التي تهم دولة إسرائيل.

كما أن مؤتمر هرتسيليا يعرف بـ “ميزان المناعة والأمن القومي”، و يشرف عليه المركز المتعدد المجالات، حيث يستقطب اهتمام داخلي و خارجي، إقليمي و دولي لما يطرح من موضوعات إستراتيجية مهمة، و يشارك فيه رئيس الوزراء و كبار الوزراء وق”ادة المؤسسة الأمنية و العسكرية و آخرين من الخارج، و يطلق عليه “العقل الجماعي الاستراتيجي المدبر لدولة إسرائيل.(19)

و من أهم القضايا التي ناقشها خلال السنوات الماضية: مراجعة الحسابات و أداء الحكم. صعود الإسلام السياسي في المنطقة. إنتاج الغاز و استقلال إسرائيل في مجال الطاقة. احتواء طموحات إيران النووية. تحديد أولويات التنمية البشرية. الدور الاستراتيجي للولايات المتحدة و أوروبا و حلف شمال الأطلسي. إسرائيل و السوق العالمية. و أخيراً، أين يتجه المجتمع الإسرائيلي.

و قد أصبح مؤتمر هرتسيليا حدثا مهما في السياسة الإسرائيلية، حيث تتبنى الحكومات الإسرائيلية كثيراً من القرارات الصادرة عن المؤتمر، فهو يرسم تصورات حول ما ينبغي لإسرائيل أن تقوم به لمواجهة التحديات المختلفة التي يمكن أن تواجهها.

*عميد متقاعد، و عضو اللجنة العلمية لمجلة الدراسات الأمنية، و باحث في مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري – “إينغما“.

المراجع:

(1) أشرف صوافطة، المركز الديمقراطي العربي، 13 يناير/كانون الثاني 2016، على الرابط:

 https://democraticac.de/?p=25826

(2) جوري زليخا. (2007). تقرير لجنة فحص منظومة التعليم العالي في إسرائيل. تأليف دوح هافعده لبحينات معرخت هاسكلاه هاجبواه بيسرائيل (تقرير لجنة فحص منظومة التعليم العالي في إسرائيل) (الصفحات 101-102). القدس: تقرير حكومي.

(3) Science the Endless Frontier. (1945, July 1). Science the Endless Frontier.

\https://www.nsf.gov/od/lpa/nsf50/vbush1945.htm

(4) محمد أديب السلاوي، موقع “أخبارنا، 25/8/2018، على الرابط :

https://www.akhbarona.com/mobile/mobile/writers/250651.html

(5) أشرف بدر،  مركز رؤية للتنمية السياسية،11/3/2016، على الرابط:

http://www.vision-pd.org/AR/Articles/Article8

(6) أشرف بدر، “مراكز الأبحاث الإسرائيلية و دورها في صناعة القرار”، 113/2016، موقع رؤية الإلكتروني، على الرابط:

http://www.vision-pd.org/AR/Articles/Article8

(7) على الرابط التالي:

https://bit.ly/2KXuyjl

(8) بلال اللقيس، الأمن القومي الإسرائيلي بعد العام 2006، موقع جملون، على الرابط:

https://jamalon.com/ar/3093991.html

(9) م. عبد المعطي زكي، إستراتيجية البحث العلمى فى إسرائيل 2 ـ 3 موقع الوفد الالكتروني، بتاريخ 19/11/2011. على الرابط:

https://bit.ly/30muD6B

(10) المرجع السابق.

(11) المرجع السابق نفسه.

(12) الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي. 31/8/2016، على الرابط:

http://www.cbs.gov.il/www/hodaot2016n/12_16_270b.doc

(13) جوري زليخا. مرجع سبق ذكره. نقلاً عن “القدس: تقرير حكومي”، صفحة: 107.

(14) شرف صوافطة، مرجع سبق ذكره.

(15) محمود محارب، سياسة إسرائيل النووية و عملية صنع قرارات الأمن القومي فيها – نقلاً عن “عوفر شيلح” الصحفي المتخصص في الشؤون العسكرية، و وثيق الصلة بصناع القرار من المستويين السياسي و العسكري في إسرائيل (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2013)، ص: 83 – 86.

(16) محمود محارب، ص: 83 – 86.

(17) المرجع السابق

(18) المرجع السابق نفسه.

(19) عدنان ابوعامر،مؤتمر هرتسيليا يرسم خارطة القلق الاسرائيلية، المعرفة: مقالات راي (تحليلات)، الجزيرة نت:

https://bit.ly/2Hfeloz

المصدر:  Future Concepts

مصدر الصور: فلسطين اون لاين – المركز الفسطيني للإعلام – العربي الجديد – middle-east-online.

الرابط : https://sitainstitute.com/?p=5610

قراءة 906 مرات آخر تعديل على السبت, 02 تشرين1/أكتوير 2021 09:33

أضف تعليق


كود امني
تحديث