قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 03 نيسان/أبريل 2014 20:45

الرئيس جون كنيدي و القضية الفلسطينية 1/2

توطئة:

  نقل روبرت كنيدى عن أخاه الرئيس جون فيتزجيرالد كنيدي ما يلى :" كان الرئيس يحب أن يذكر دانت:( الأماكن الأكثر جحيما فى جهنم مخصصة لمن إلتزموا الحياد فى أزمات أخلاقية كبيرة) إذا ما نريد أن نستخلص درسا من حياتنا و موتنا،  فالذى يعيش فى هذا العالم عليه أن لا يسمح لنفسه بأن يكون متفرجا أو ناقدا على الهامش."[1]

   

   

     منذ زمن طويل كنت أرغب فى تقديم هذه الورقة حول موقف الرئيس كنيدى من القضية الفلسطينية، و قد إستغرق الوقت لتحضيرها أكثر من  عشرين سنة. لماذا ؟ لسبب بسيط، أنه كان يتعين علي أن أقوم بمراجعة دقيقة للوثائق و تنويع مصادر معلوماتي و حصر أهم ما جاء من مواقف له في قضية بخطورة قضية فلسطين، لأصل الى هذه النتيجة أن موقف الرئيس كنيدى من القضية الفلسطينية كان إحدى العوامل الذى كلفته حياته ! كيف ؟ سنرى ذلك لاحقا.                                                                                                          

    قبل أن أنتقل إلي الفصل الأول، أود إيراد  بعض الإشارات الهامة في بدايات مسيرة جون فيتز جيرالد كنيدي السياسية :

*عشرة دقائق بعد الإعلان عن قيام دولة إسرائيل المزعومة في تل أبيب في 15 ماي 1948، إعترف بها رئيس أمريكا السيد ترومان و أخذ مقابل ذلك مليونان دولار، فجاء وصف السيد جون كنيدي لهذا الرقم القياسي كما يلي و قد باح برأيه لصديقه الكاتب الروائي غور فيدال :"لهذا السبب (أي مبلغ مليوني دولار) جاء الإعتراف بإسرائيل بهذه السرعة."[2]

*إثر إعلان فوز الرئيس كنيدي في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية بفارق طفيف عن منافسه الجمهوري نيكسون و قبل أن يبدأ بتسيمة أعضاء حكومته جري بين الرئيس كنيدي و والده جوزيف كنيدي الأب هذا الحوار[3] :

-       جون عليك بالحذر من اليهود و ضعهم بعيدا عن المناصب الهامة في دولتك.

إبتسم الرئيس لأبيه، قائلا:

-       يا أبي مع كل إحترامي لك، اليهود  في مجتمعنا، جزءا من نسيجنا الديني و الإقتصادي و السياسي، لا أستطيع أن أضعهم جانبا.

-       صمت جوزيف كنيدي الأب، فأخذ الرئيس كنيدي يده اليمني و طمأنه :

-       تأكد أبي من شيء، أنني سآخذ حذري منهم.

-       فهز الأب رأسه راضيا.

-               

-* في واقعة أخري و أثناء حملته الإنتخابية و بحسب ما جاء في مقالة  مأخوذة من موقع سيناتور ولاية لويزيانا السابق السيد دافيد ديوك و  الذي تعرض فيها كاتبها فيليب فيس إلي أحد مواقف الرئيس الراحل من مال اللوبي الصهيوني و قد أدلي بحديث لصديقه الصحافي المقرب شارل ل.بارتليت قائلا له :" آب فنبرغ و أصدقاءه من رجال الأعمال أرادوا تمويل حملتي مقابل أن أسمح لهم بإدارة سياستنا الخارجية في الشرق الأوسط، إنهم يريدون السيطرة."

*في سابقة خطيرة تلقي جوزيف كنيدي الأب و إبنه جون فيتزجيرالد يستعد لخوض غمار الإنتخابات الرئاسية تهديدا من عصابة مافيا يهودية، لوحوا بقتل إبنه المترشح، فأقدم السيد جوزيف كنيدي الأب علي خطوة أخطر إستنجد بالمافيا الإيطالية الكاثولوكية لحماية إبنه و قد إنزعج من الأمر جون كنيدي غير أنه عمل علي إستغلال هذه الحماية لمعرفة عن كثب مدي تغلغل المافيا الأمريكية في مؤسسات الدولة الأمريكية.[4]

1-الرئيس كنيدي و ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية :

       

       كان  الرئيس جون كنيدى ملزما بإحترام  أحد ثوابت السياسة الخارجية التى أرساها الرئيس ولدرو ولسون بوعده للصهاينة فى دعم حقهم لإيجاد وطن قومي لهم فى فلسطين الأرض الموعودة. إلا أن الرئيس كنيدى عندما وصل الى الرئاسة الأمريكية لم يكن متحمسا كثيرا لفكرة توثيق علاقة أمريكا  بإسرائيل. بل على خلاف ذلك كان يبحث على إرضاء الرئيس جمال عبد الناصر الذى كان فى سدة الحكم آنذاك فى مصر، و الذى جعله يغير رأيه فى جمال عبد الناصر  ليكون أول رئيس أمريكى يسلح الكيان الغاصب موفرا لهم سلاح أمريكى جد متطور هي الحرب التي قادها  الرئيس عبد الناصر نصرة للجمهورين اليمنيين بعد إنقلابهم على الملكيين اليمنيين و الذين كانوا يناصرون النظام السابق، أى نظام الإمامة الزيدية.  فتلك الحرب التى إندلعت و التى أرسل فيها جمال عبد الناصر سبعين ألف جندى مصري الى اليمن  كانت خطوة تهدد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية فى المملكة العربية السعودية ( آبار النفط)[5].

    

      لهذا لجأ الرئيس كنيدى الى الخيار الآخر و هو تسليح الكيان الغاصب، ففى مخيلته كان يتعين على اليهود الصهاينة  أن يضمنوا إمدادت النفط لأمريكا دون حاجة إلي تدخل الجيش الأمريكي مباشرة للدفاع عن مورد النفط الضروري لإقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، و ليس خير من الكيان الصهيوني لمواجهة ما حسبه الرئيس كنيدي أطماع جمال عبد الناصر ( هنا لاحظ رئيس تحرير مجلة العصر السيد خالد حسن أن الرئيس كنيدي كان ينظر إلي جيش العدو الصهيوني علي أنه جيش من المرتزقة). لكن علينا الإقرار بأن كنيدى فى بداية توليه الرئاسة الأمريكية لم يكن متوجسا خيفة من عبد الناصر بل على خلاف ذلك لم يكن متحمسا لنصائح بعض مستشاريه الذين كانوا يحذرونه من الخطر الذى كان يمثله الرئيس المصرى على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، ففى إحدى تصريحاته التى سبقت حرب اليمن، قال " ليس لى حسابات مع عبد الناصر أصفيها." فقد كان يريد أن يواصل سياسة سابقه الرئيس دوايت أينزهور الذى صرح يوما و أثناء العدوان الثلاثي علي مصر" أعطيت للوزارة الخارجية الأمريكية أوامر صارمة، بحيث كان يتعين عليها ان تعلم إسرائيل أننا سندير أعمالنا كما لم يكن هناك يهود فى أمريكا!!"[6]

   

     هذا الموقف للرئيس أينزهاور كان يريد الرئيس كنيدي الإستمرار فيه، إنما وقع إنقلاب فى موقفه باعتبار أن وصول الجيش المصرى إلى مشارف الحدود مع نظام المملكة العربية السعودية صار يشكل تحديا جديا لمصالح إدراة واشنطن من ناحية إمدادات النفط. و كما ظل متشبثا بموقفه أخاه الراحل السيناتور إدوارد مور كنيدى و هو القائل: " كل الحروب التى خاضتها و تخوضها أمريكا كان سببها أولا و أخيرا النفط![7]"

     إذن ذلك التنافس الذى كان قائما بين نظامين عربيين سعودى و مصرى هو الذى أودى بالموقف المتزن لإدارة كنيدى، فالرئيس الأمريكى و أمام هذا التنافس حسم أمره سريعا. فالتضاد بين السياسة القومية العربية و بين القوى المحافظة العربية أعده السبب الرئيسى فى تثبيت الموقف الأمريكى المساند لإسرائيل.

2- الرئيس كنيدى و حق اللاجئين الفلسطينين في العودة:  

      إشتكى الإسرائيليون طوال فترة حكم الرئيس كنيدى أنهم كانوا على خلاف عميق معه  فى ثلاثة قضايا، إحداها قضية اللاجئين الفلسطينيين. كان يشعر الرئيس كنيدى بأن مشكلة اللاجئين ستزيد متاعب الكيان الغاصب مع جيرانه العرب، فتقدم بطلب الى حكومة العدو الصهيوني بإعادة 800 ألف لاجيء فلسطيني إلى فلسطين 48، ففي ذلك الحين لم تحتل بعد فلسطين 67 . فقوبل طلبه برفض قاطع من حلفاؤه الإسرائيلين. و قد أبدى إمتعاضه لأخيه روبرت كنيدى من الرد الإسرائيلى أسابيع بعد ذلك قائلا له :" أريد أن أساعد هؤلاء الإسرائيليين و هم عوض ذلك يعسرون على المهمة، كل الجبهات مشتعلة من كوبا الى إسرائيل  الى الفيتنام، أتدرى إننى أشعر أننا سقطنا فى فخ، نصب لنا بدهاء شيطانى."

نرى فى هذا التصريح أن الرئيس كنيدى كان همه هو التخفيف من شدة الضغط الذى كان يمارس على إدارته من أزمات مندلعة فى النقاط الأربع من كوكب الأرض و قد رأي فى عودة  اللاجئين الفلسطينيين  نوع من تليين للمواقف العربية المتشددة فيما يخص جارهم الصهيوني العدواني.

     و فات الرئيس كنيدي ما أشار إليه عقد من السنين بعد مقتله أحد المحللين الصهاينة فى صحيفة "معاريف"  أن ذلك الطلب الذي قدمه لحلفائه الإسرائيلين أول من طرفهم على أنه تنازل أمريكي غير مقبول لأعدائهم العرب. هذا بالإضافة أن ما يجب أن ندركه أن أى رئيس أمريكى من أى إتجاه كان يتحرك وفق معطيات الواقع و قد كانت الدفة آنذاك لصالح الكيان الغاصب و أما العرب و إن كانوا ملتفين حول القومية العربية، فقد فشلت هذه الأخيرة فشلا ذريعا فى تحقيق الحد الأدنى من إنتزاع حقوق الشعب العربى المسلم و النصرانى فى فلسطين.

    

    فالإدارة الأمريكية عندما كانت تتعامل مع اليهود الصهاينة كانت تخاطب جهة واحدة و هى المتمثلة فى الكيان الغاصب الممثل لكل يهود العالم بينما عندما كانت تتوجه الى العرب، فكانت تخاطب  دول عربية متنافرة مع بعضها البعض لا يجمعها مشروع وحدوى و لا أهداف مشتركة و حتى القضية الفلسطينية لم تحوز على إجماع بين العرب فى كيفية تحريرها كلية و هذا فى أوج توهج عصر ما يسمي بالقومية العربية.

     لهذا من غير المعقول أن نتوقع من الرئيس كنيدى أن ينهج سياسة إنصاف و هو قد  حاول و لو محاولة متواضعة للسماح ل800 ألف لاجيء فلسطيني بالعودة الى أرضهم. و أما القضية الثانية الذى إختلف فيها مع العدو الصهيونى كانت المساعدات الإقتصادية التى طالب بها اليهود الصهاينة الدولة الأمريكية، عند تسلمه مثل هذا الطلب سارع فى رفضه،  معللا رفضه ذاك بما يلى:"أنا أول من سن قانون تسليح إسرائيل ضد جيرانها العرب و لكن لست مستعدا لمد إسرائيل  بمساعدات مالية و إقتصادية لسبب بسيط،  الإسرائيليون أغنياء بما فيه الكفاية، فهم قادرون على بناء دولتهم دون حاجة إلينا." فكانت ردة فعله هذه مثار سخط الصهاينة، و تجرأ بعضهم على شم رائحة اللاسامية فى موقف الرئيس الأمريكى و كما شهد بذلك السفير الإسرائيلى أبا إيبان لدى الأمم المتحدة :" علاقة إسرائيل بالرئيس كنيدى فى فترة حكمه كانت إحدى الفترات الأكثر فتورا و برودا فى علاقات بلدى بالولايات المتحدة الأمريكية."[8]                                                                                              

   ما هى الخلفية التى كانت وراء هذا الموقف للرئيس كنيدى ؟ لماذا إعتبر أن الوجود الإقتصادى للإسرائيلين يجب أن يكون مستقلا عن المعين الأمريكى؟

    لأنه فهم بأن ليس هناك أفضل من اليهود الإسرائليين فى الإبتزاز. إبتزوا بشكل أو آخر مسألة دعمه لهم بالسلاح لأنهم كانوا يتحينون الفرص لإقناعه بتسليحهم و بأحدث أنواع الأسلحة الأمريكية و ها هم يريدون الآن أن يبتزوه على المستوى الإقتصادى و إثقال كاهل ميزاينة الدولة الأمريكية بمساعدات مالية و قروض لم يكن يعتقد أنها مناسبة.



[1]ميشال لافون  الحياة الإستثنائية لجون فيتزجيرالد كنيدى  لريد غادنى منشورات

 "لهذا السبب جاء إعترافنا سريعا بإسرائيل"(جاء علي لسان غور فيدال، مقدمة إسرائيل شاهاك، القصة اليهودية، الدين اليهودي 1994)[2]  

[3]  هذا الحوار لا نملك أي وثيقة عن صحته و إنما بعض الشهادات الشفوية التي قدمت بتحفظ شديد من بعض المقربين من عائلة كنيدي و الذين رفضوا ذكر أسماءهم مخافة أن يتهموا باللاسامية.

[4] أرجو من القراء أن يراجعوا كتاب سام جنياكانا منشورات لافون بعنوان "رجلنا في البيت الأبيض"

[5]من كتاب "محالفة أى صديق رؤية الرئيس كنيدى للشرق الأوسط و كيفية بناء الحلف الأمريكى الإسرائيلى" لجاكوب هيلبرون.

[6]نفس المصدر السابق.  

[7]تصريح إدوارد كنيدى لقناة أب س فى حرب الخليج الثانية سبتمبر 1991.

[8]أخذت هذه الفقرة من مقالة  فى جريدة المجاهد بالجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية فى سنوات الثمانينات و التي للأسف لم أحتفظ برقم عدد الجريدة.

نشر في بحــــــوث