قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 26 كانون1/ديسمبر 2020 09:56

لا يعرف الكتابة

كتبه  د. سامي الكيلاني
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مع اقترابه من طرف الشارع الرئيسي في الجزء المؤدي إلى الساحة الرئيسية، إلى "الحارة" كما كان يسميها في طفولته، و ما زال الكثيرون يسمونها كذلك، يطالعه طيف الجالس على الكرسي الموضوع في الزاوية الشمالية الشرقية من المساحة المسقوفة في مقدمة مطعم اليافاوي. و مع التقدم يتضح الطيف عن جسم بملامح تتجلى شيئاً فشيئاً بحيث يستطيع أن يتعرف على هوية الجالس في هذه الزاوية. مع تمدد إقامته الجبرية، التي فرضها الاحتلال، في البلدة الصغيرة صار يعرف من الجالس على ذلك الكرسي من مسافة أبعد و أبعد. الآن يستطيع أن يعرف هوية الجالس على ذلك الكرسي بمجرد وضع قدمه على بداية انفتاح الشارع على استقامته عند ساحة وقوف سيارات الأجرة.

في هذا الوقت من النهار بين الضحى و الظهيرة، في أيام العمل، يكون المقعد محجوزاً للرجال الذين لا يعملون. تبرز صورة الواحد من الجالسين فتفتح الذكريات التي تعيد له صورهم أيام طفولته. يتذكر الواحد منهم بصورة مهيبة كانت تجعله يراه في عين طفولته طويلاً أكثر و عريضاً أكثر، و يأمل أن يرى والده يوماً يجلس على هذا الكرسي كواحد منهم، والده المزارع الدائم العمل الذي لا وقت لديه للجلوس في المقاهي. أبو صبحي كان أحد هؤلاء الرجال. يتذكر صورته القديمة بنظارته الطببية و يتذكر طريقة حديثه و قنبازه و معطفه الثلثيني الذي تظهر من جيبه الصدري الخارجي ثلاثة أقلام، كان منظرها يترك في نفسه أثراً كبيراً، فيقول لنفسه "هذا رجل مهم وفهيم". و منذ إقامته الجبرية في البلدة كان يمر بأبي صبحي على الكرسي ذاته فيطرح عليه السلام و يستمع للرد دون أن يسمع منه دعوة للجلوس كعادة الآخرين. و في أغلب الأيام يجد أبو عدنان يجلس في مقعده عند جدار المبنى المقابل مستخدماً جدار المبنى مسنداً لظهره واضعاً ساقاً على ساق يدخن سجائره البلدية و يحتسي كاسة الشاي الثقيل التي يحضرها صبي المطعم إلى حيث يجلس. يطرح عليه السلام و يتلقى الرد مع دعوة يستجيب لها مسروراً، فيجلس معه و يتبادلان أحاديث كثيرة. الرجل الستيني لا يخاف من طرق أحاديث السياسة مع الشاب الثلاثيني الخاضع للإقامة الجبرية في بلدته محروماً من الوصول إلى عمله في المدينة.

ما أن انعطف نحو ساحة موقف السيارات حتى تذكر ما حدثه به أبو عدنان قبل أسبوع. صارحه أبو عدنان عما دار بينه و بين أبي صبحي. قال له "الرجل يستغرب من جرأتي بالجلوس معك و الحديث معك أمام الملأ، و يستغرب أكثر أنني أزيدها و أصرّ على دعوتك لنشرب الشاي معاً، إنه يعتقد أن أسداً بداخلي حتى أستطيع عمل ذلك"، و أضاف أن الرجل قال "أنه لولا الحرام و الحلال فإنه يخاف أن يرد عليك السلام حين تمر عنه و تحييه". ضحك الشاب الثلاثيني و الرجل الستيني يومها طويلاً على الخوف الذي استوطن في قلوب أمثال أبي صبحي، و علق الشاب تعليقاً مؤدلجاً على الحديث قبل أن يستأذن ليمضي في جولته الصباحية في شوارع القرية، التي أصبحت سجنه منذ فرضت عليه الإقامة الجبرية فيها، "هذا هو الخطر الحقيقي أن نصل إلى الاعتقاد بأنهم يعرفون عنا حتى أنفاسنا و يستطيعون عدّها".

قطع ساحة سيارات الأجرة و ظهرت الزاوية إياها، اتضحت الملامح. ملامح غريبة، أبو صبحي على الكرسي، إنه ما غيره. طيف الرجل الجالس على الكرسي لم يولّد صورة الهيبة المعتادة. الرجل الجالس على الكرسي حاسر الرأس، بملابسه الداخلية الطويلة دون "القنباز" أو المعطف ذي الأقلام الثلاثة. ما أن اقترب حتى رأى الرجل الجالس على الكرسي ينهض و يترك الكرسي و ينزل إلى الشارع، يضرب الهواء بيديه بقوة طارداً عن رأسه أسراباً من الذباب و الصمل و يركض هارباً. لا أحد من الجالسين على البسطة الاسمنتية للمقهى يتقدم لنجدته. الجالسون على البسطة الإسمنتية الشمالية للمقهى المقابل لا يأبهون بما يدور حولهم. أبو صبحي يفرّ باتجاه الجنوب و أسراب الذباب و الصمل تلحق به و لا أحد ينهض عن كرسيه. اقترب من المكان، و أبو صبحي يكاد يختفي خلف الزاوية المؤدية إلى المسجد الكبير مع سحابة الذباب و الصمل التي تكبر من خلفه. أبو عدنان يجلس مسنداً ظهره إلى الحائط كالمعتاد و الصينية التي تعلوها كاسة الشاي الثقيل أمامه و السيجارة بيده غير عابئ بالمنظر.

في منتصف الساحة رأى معطفاً مغبراً ملقى على الأرض، تقدم و رفع المعطف الفاخر، سحب الأقلام من الجيب الخارجي، تفاجأ، كانت أغطية أقلام ليس إلاّ.

قراءة 1146 مرات آخر تعديل على الخميس, 31 كانون1/ديسمبر 2020 10:06

أضف تعليق


كود امني
تحديث