(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Monday, 23 September 2013 07:01

مختار عنيبة و مفهومه للتربية 2

Written by  عفاف عنيبة

كان وجه صديق الوالد متجهما، و قد عبر لي عن غضبه العميق لم بدر مني:

-كيف تغادرين بعد الإفطار بيتي في غيابي، و بدون إذني يا ابنتي؟ سألني.

كنت أكره إضاعة الوقت في الشرح خاصة أن ذلك اليوم كان طويلا و كنت قد عدت متعبة . فأجبت الرجل ببرودة دم مقلقة:

-أتفهم تماما غضبك عمي، لكن في حدود علمي لم أقترف جريمة ! أعلم أنه كان يتعين علي استئذانك، لكنك كنت غائبا، و كنت ستتأخر، و فرصة زيارة صديقتي و بيتنا العائلي ما كانت لتتكرر مرة أخرى، لذا قررت بمحض إرادتي الذهاب، و الحمد لله لم يقع لي أي مكروه، و والد صديقة الطفولة يعرفه جيدا بابا و يثق به تماما.

فنظر إلي صديق والدي لبعض اللحظات غير مقتنع بكلامي، سكت هنيهات من الزمن ثم قال لي:

-سأتصل بعد قليل بوالدك. أنت لم تعتذري لي عن فعلتك و أنا غير راض على سلوكك.

لأول مرة ابتسمت ابتسامة شقية و قلت له:

-جميل اشتكيني لوالدي و أنا مستعدة لتحمل عقاب بابا ! تصبح على خير عمي.

و تركت الرجل مشدوها !

في وجبة السحور لم يتكلم أحد معي، و في صبيحة اليوم التالي، كنت أتوقع استدعاء من صديق والدي لكنه لم يفعل، فاضطررت لسؤاله قبل الإفطار بقليل:

-تكلمت مع والدي عمي بخصوص فعلتي البارحة ؟

-نعم تكلمت معه و لم يعجبه ما فعلتِ، أجابني صديق الوالد.

-و ماذا قرر بابا بشأني عمي؟

-لا شيء، لم يقرر شيء، طلب مني أن تكملي إقامتك في بيتي بشكل عادي.

كدت حينها أن أبتسم ابتسامة أكثر إشراقا و شقاوة، لكنني امتنعت عن ذلك احتراما لمُضيفي، و أمضيت عطلتي بشكل سعيد جدا و مفرح، و بعدها عُدت أدراجي إلى تونس.

كان بابا ينتظرني عند نزولي من الطائرة، فهو له تسهيلات بحكم منصبه لا يحصل عليها المواطن العادي، و بمجرد ما وقعت عيناي على أبي فهمت أنه غاضب مني، و كنت أعلم بالسبب. فتماسكت و سلمت عليه بحرارة ثم تبعته.

-بابا أنت غاضب مني، أليس كذلك؟

-نعم جدا، عفاف بنيتي كيف لا تستأذني صديقي لزيارة صديقة طفولتك ؟ هل هذا سلوك إبنة مطيعة و مهذبة ؟

قال لي و هو يحاول التحكم في نبرة صوته الغاضبة.

بهدوء شديد قمت بشرح موقفي و أنهيته بما يلي:

-بابا أعدك بأن مثل هذا السلوك لن يتكرر مني، لكنني شعرت حينها أنني أحسنت الفعل لهذا أقدمت على ذلك، و لم تكن نيتي بتاتا عدم احترام صديقك. بابا صدقني نيتي كانت سليمة.

بقي للحظات يرمقني غير راض، ثم عندما رآني صادقة في قولي له، هدأ و استطرد قائلا:

-جيد؛ أنت تعهدت بأن لا يتكرر مثل هذا السلوك منك.

أومأت برأسي و أنا أصعد معه السيارة، وضعنا الحزام الأمني بعدما حرص على وضع حقيبتي الصغيرة خلفنا.

حرك محرك السيارة، و بعد دقائق انطلق، ثم استدار إلي مبتسما:

-آه عفاف ! هل إستمتعت بعطلتك بنيتي؟

فضحكت من قلبي و قلت له:

-نعم بابا ! كانت رائعة عطلتي في الجزائر، أشكرك على ثقتك بي. أرجو منك أن تجيبني على سؤال واحد من فضلك؟

-ما هو عفاف؟

-حينما أخبرك صديقك بفعلتي تلك الغير اللائقة، لماذا لم تقرر معاقبتي و تطلب مني العودة إلى تونس؟

فأبتسم والدي رحمه الله :

-لم يكن يستدعي الأمر عقاب عفاف، فضلت أن أتركك ترتاحين و عند عودتك اكتفي بتوبيخك لئلا تكررين فعلك   !

هكذا رباني مختار عنيبة رحمه الله، رحمك الله بابا و جعلك من الراضيين المرضيين في جنة الفردوس إن شاء الله.

Read 2271 times Last modified on Monday, 19 November 2018 14:44