(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Tuesday, 06 October 2020 19:35

عن غياب الفاعلية السلوكية

Written by  عفاف عنيبة

 المتأمل في أوضاع أوطاننا سينتبه إلي عامل هام جدا و المتمثل في إضمحلال الشعور بالمسؤولية الرسالية، المسلم يعيش يوم بيوم لا يعمل لآخرته و إذن لا يعمل كذلك لدنياه.

 في هذه الفترة الأخيرة خمنت طويلا في رغبة التغيير الأكيدة التي نلمسها لدي جميع الفئات خاصة في شبابنا و كهولنا هذا و قد علمتنا السنين و التجربة و المعايشة أن وجود الدساتير لم يكن ذات تأثير كبير علي سلوكات المسؤولين و المواطنين علي السواء. فالأنانية المفرطة مسيطرة علي رؤية الفرد منا، إنه يطمع في رفاهية مادية تحقق له إثبات نفسه ماديا لا اكثر و لا أقل و بأقل جهد ممكن و الذي يفيد هذه الحقيقة التعيسة : ما نرنو إليه من تطور بمثابة تطور أعرج لأن محركه ليس من صنع عقولنا  بل عقولنا تكلست من جراء هيمنة العنصر الفاسد في منصب القرار و ذلك الذي يمارس مواطنته بالتهاون في القيام بواجباته كإنسان مسلم و كمواطن. فنمط معيشتنا يثبت بأن الفرد مفعول به أكثر منه فاعل و أما أن يرتقي وعيه لمرتبة إنجاز صيرورته الحضارية فهذا بكل بساطة لن يحمل نفسه عناء تحقيقه لأنه مجهد للغاية و مكلف يتطلب منه تضحيات و مناعة أخلاقية. 

نحن إلي حد الساعة لم نفهم بعد أن مسلم هذا الزمان فاقد لفاعليته الحضارية، و كونه كذلك فهو غير قادر عمليا علي الخروج من الحلقة المفرغة التي يدور فيها منذ أكثر من خمسة قرون. نراه يشتكي سوء الحال و تدهور ظروفه المعيشية و لكنه في كل مرة ينسب كل هذا الإنهيار إلي عوامل خارجية و لا ينظر إلي نفسه علي انه السبب الأول في ذلك !! فالخلل أول ما طرأ، بدأ بإنصراف الإنسان عن اسباب الهداية و الإستقامة الأخلاقية، فهو حينما تتأزم حياته و تكثر مشاكله  يهرع إلي راق نصاب عوض أن يفحص علاقته بالله و يتدبر مليا في نواياه و سلوكه و لماذا أسكت ضميره ليعيش بلا بوصلة أخلاقية تحدد له الصحيح و الخطأ، و الملاحظ انه لا يختلف كثيرا عن الفاسدين في السلطة فهو مثلهم  يحيا بلا رسالة و لا وازع أخلاقي ؟

فالمنظومة الذهنية التي تتحكم في السلوك الفردي و الجماعي للمسلمين جامدة تتخللها الكثير من العيوب و تنزع  لتكريس أنانية الأنا بعيدا عن الوعي الرسالي. كأن المسلم ينتظر أن تحل كل مشاكله دفعة واحدة  بفعل فوقي و نراه ملهوف ليعيش الجنة الأرضية و لا يبذل أي جهد ليستحق هذه الجنة ببعدها المحدود.

فالحال علي ما هو عليه لا بد لنا لإصلاحه من إقرار هذا المعطي البالغ الأهمية  :"ليس في وسعنا تطليق اللافاعلية و الهوان و التخلف الحضاري الذي نحن عليه اليوم إن لم نعتمد خطة تغيير ما بالنفس وفق المنهج الرباني و إعادة بناء ذات الفرد و الجماعة و تحريرها من فلسفة التواكل."

Read 947 times Last modified on Monday, 13 February 2023 11:46