(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Thursday, 17 December 2015 15:06

أدب طلب الرزق

Written by  الأستاذة كريمة عمراوي
Rate this item
(0 votes)

أعظم الأسباب في حصول الرزق هو التوكل كما جاء في الحديث :( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصا و تروح بطانا ) و الطير من أضعف المخلوقات، ليس لها قوة على كثير من طعامها.

أما ما يتعلق بكيفية الطلب و السعي في الرزق يجب أن يأخذ العبد المال بسخاوة نفس حتى يبارك الله فيه و ليس بإشراف نفس، بسخاوة نفس أي بكرم نفس و عدم الشّح، ربما حمله الشّح على التدقيق في الأمور أو ذم الناس، أو أخذه بأي طريق كان، و لو بالتطفيف في الوزن، أو الغش في التجارة، لا يأخذه بهلع و تطلّع نفس.

الهلع هو شدّة الحرص على الشيء، و إنما يأخذه بطيب نفس و ليكن المال بمنزلة الخلاء.

و سخاوة نفس تقتضي الترفع عن الدخول في المكاسب المحرمة و التفريط في بعض الواجبات في مقابل طلب الرزق، و لا يطلبه بذّلة و استفراغ الوقت في طلب المال، فإذا طلبه بهلع نفس يكون كالعبد لهذه الأموال كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم :(تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة..) و هذا في بيان الكيفية و الهيئة التي يطلب بها الرزق، المقصود أن يكون المال وسيلة و ليس غاية، أي أن يكون المال مسخّر لخدمة الإنسان، و ليس الإنسان هو الذي يكون مسخّرا لخدمة المال كما قال صلى الله عليه و سلم ( نعم المال الصالح للعبد الصالح) يستعين به على طاعة الله، يطلب المال للحاجة إليه دون أن يتعلق القلب به، و المال كلّما ازداد كلّما تعلّقت القلوب به، و لهذا لا تجد غنيا أو تاجرا من التجار وقف يوما و قال يكفيني ما عندي، بل يزدادون في الطلب، و يرغبون في ذلك، و كلّما توسعت أموالهم كلّما توسعوا في طلبه، و أمّا إذا استغنى الإنسان بما أغناه الله من المال فهذا هو الاعتدال، لأن الإنسان مسؤول عن المال فيما أنفقه و كيف اكتسبه، يسأل مرتين، يسأل عن الطريقة فقد يطلب المال بطريقة محرمة. هذا يدل على شدّة الحساب على الأموال.

حرص الحريص على الدنيا لا يحقق له شيئا، و إنما يجلب له شتات الأمر ، و لا يأتيه منها إلا ما كتب له و الدليل قوله صلى الله عليه و سلم :( من أصبح و الدنيا أكبر همّه، شتت الله عليه شمله، و فرق عليه ضيعته، و لم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، و من أصبح و الآخرة أكبر همه جمع الله له شمله و جعل غناه في قلبه، و أتته الدنيا و هي راغمة.) حديث مرفوع رواه الترمذي و غيره، و أخرجه الألباني في صحيح الجامع . لولا وجود الاهتمام لما قضيت الأعمال، لكن لا يجعل أكبر همه الدنيا.

الضيعة هي الصنعة أو الحرفة أي لا يتمكن من تأدية عمله على الوجه الصحيح. طلب الدنيا و أخذ الدنيا يكون بسخاوة نفس، و لا يأخذها بهلع و استشراف نفس، و أن يأخذ منها قدر الكفاية، دون أن يشتغل بها هذا هو المنهج الصحيح في طلب الدنيا، إذا أدّى الإنسان عمل الأخرة، جاءت الدنيا و هي راضية، و من أصبح و الآخرة أكبر همه رزقه الله عز و جل القناعة و هذا هو الغنى في القلب، الغنى نوعان: غنى معرض للزوال و هو الأعراض التي بأيدي الناس، و غنى النفس، و هذا غير معرض للزوال، قال أحد العلماء :" الغني بنفسه أكمل من الغني بغيره".

من أصبح و الآخرة أكبر همه تحققت له مطالب الآخرة، و أتته الدنيا و هي راغمه، أي اجتمعت له الدنيا و الآخرة، و من أصبح و الدنيا أكبر همه تفرّق أمره في الدنيا، و فرّط في أمر الآخرة و هذا أمر خطير. أنت محتاج إلى نصيبك في الدنيا و إلى نصيبك في الآخرة أنت أحوج. سئل الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن إشراف النفس قال: " بالقلب" أي تعلق القلب، كذلك الإشراف هو شدّة الولع و الرغبة في الشيء. شتت الله عليه أمره أي لا تستقيم له الأمور، و يصبح مشتت الحال و الذهن و العمل و الوقت، فرّق عليه ضيعته أي المهنة، لا تستقيم له الأمور و لا يأتيه من الدنيا إلا ما كتب له، فعظم الاهتمام بالدنيا لم يقرّب الدنيا، و لم يزد في كسبها، إنما يحصل له نقص بشتات الأمر و تفريق الضيعة، أما بالنسبة لمن كانت الآخرة أكبر همّه فيجمع الله تعالى له شمله، أي وفقه و أعانه و اجتمع له الأمر و الشأن فيما يريد، فيبارك له في وقته، و نفسه، و عمله، و رزقه، و علمه، و جعل غناه في قلبه، من أسباب سعة الرزق الإقبال على الآخرة، إنما يطلب الآخرة أهل العقول، و أهل الحكمة و يرغب في الدنيا أهل الجهل و أهل الضعف في العقول، و طلب الآخرة هو طلب الآخرة و الدنيا، و جماع الخير هو الاستعانة بالله تعالى في طلب الآخرة و الدنيا، الاستعانة جماع الخير في كل ما يطلب.

Read 1670 times Last modified on Friday, 18 December 2015 06:40