(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Sunday, 15 January 2017 13:02

الحكيم من اعتبر بغيره..!

Written by  الأستاذ كمال أبو سنة
Rate this item
(0 votes)

لقد انتقل الزمان بنا إلى قرن التكنولوجيا و الفتوحات العلمية و الاقتصادات القوية و نحن ما نزال نـئن تحت وطأة نفس المشاكل، و نتردى في هاوية نفس الأخطاء و الهفوات، و نعيش رهائن حسابات شخصية أنانية فارغة، في حين أن الأمم المتحضرة تخطط لآفاق أوسع في هذا العصر الذي تحوَّل العالم فيه إلى قرية صغيرة..! 



إن بناء بكلِّ رِيعٍ المصانع و المنشآت و غيرها يجب أن يوازي تنمية و إعداد الإنسان الجزائري القوي الأمين و الحفيظ العليم، فإن المؤسسات الثقيلة و الخفيفة لا تسيِّر نفسها بنفسها، فهي لا تملك لذاتها ضرا و لا نفعا، و إنما يُسيِّرها ذووا الأيد و الأبصار من الأناسي النامين فكريا و روحيا كما أُمروا، و المالكين للضمير المحصن الذي يهديهم إلى سواء السبيل...و لا يُرجى البناء أبدا ممن اتخذ إلهه هواه، و مذهبه الهدم..!

إن المحاباة في تقليد المسؤوليات شيء مردود، و غير مقبول، فالنبي – صلى الله عليه و سلم – علمنا أن الأمانة تُعرض على المؤهلين (نفسيا و فكريا) ليوفقوا في تحملها، فقد جاءه صادق اللهجة، أبو ذر الغفاري – رضي الله عنه-،طالبا منه أن يقلده مسؤولية، كما قلّد غيره، فتبسم النبي – صلى الله عليه و سلم-، و قال له فيما رُوي عنه:" يا أبا ذر إنك امرئ ضعيف، و إنها أمانة، و خزي و ندامة، يوم القيامة ". و في رواية مسلم أن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال له:" يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، و إني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تَأَمَّرنَّ على اثْنينِ، و لا تَوّلّيَنَّ مال اليتيم".

إن الجزائر للأسف تعيش أزمات خانقة في مجالات عدة، و أزمة "الإنسان" من أكبر المشكلات التي نذهل عنها، إذ حبى الله الجزائر من الطاقات البشرية و المادية في البر و البحر، و غيرها من النعم الظاهرة و الباطنة التي تؤهلها لتكون من أرقى الدول و تتبوأ المراتب الأولى في مصف الأمم القوية، و لكننا فشلنا، سلطة و شعبا، في تحقيق الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتي في عيشنا، و هذا ما فتح الباب واسعا لأسباب الفتن و القلاقل و الثورات التي يسعى خصومنا للاستثمار فيها عبر وكلائهم من أبناء جلدتنا...  

بعضهم في السلطة و في المجتمع المدني يعولون على "فوبيا العشرية الحمراء" لفرملة المتحمسين، من أبناء شعبنا، عن الثورة ضد ما نحياه من أوضاع أقل ما يقال عنها، أوضاع غير محتملة، و هذا أمر في منتهى الخطورة، لأن الأحوال تتبدل، و الأجيال تتغير، و المتربصين ينتظرون الفرصة لإذكاء نار الفتنة، و لهذا آن الأوان ليتحرك العلماء و الحكماء و الوطنيون و الغيورون من مختلف المشارب و التوجهات و يصطفوا في سبيل واحد من أجل توجيه رسالة حكيمة، بعيدا عن البزنسة السياسية، لربان السفينة في الوطن لنقف بعض الوقت لمراجعة مشروعنا الوطني العام و الخروج بحلول حقيقية تنقذنا من التيه الذي نعيشه في أغلب المجالات...

و في نفس الوقت لا بد أن يدرك أبناء الجزائر أن أي سلطة ليست هي الدولة، فالدولة بمؤسساتها و شعبها أكبر من السلطة التي هي معرضة للتغيير و التبديل، أما الدولة فتبقى بإذن الله ما بقي الشعب و مؤسساته السيادية، و السعي في إفساد مؤسسات الدولة العامة و الخاصة لا يضر السلطة بقدر ما يضر الشعب، و الفوضى لن يذوق ويلاتها إلا البسطاء...

كلنا نتفق أننا ضد الفساد و الظلم و المحسوبية، و لكن من الحكمة أن نعبر عن رفضنا استمرار تردي أوضاعنا الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية بالطرق الحضارية و السلمية من دون تعطيل لمصالح الناس و إضرار بمصالح الوطن...و على السلطة أن تعتبر بغيرها قبل أن تصبح عبرة للآخرين فتصحح المسار قبل خراب الدار...

الرابط : http://www1.albassair.org/modules.php?name=News&file=article&sid=5079

Read 2252 times Last modified on Monday, 16 January 2017 19:44