(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Thursday, 05 October 2023 05:57

جناية الإلقاء!!!

Written by  أ.د: عبد الحليم قابة/
Rate this item
(0 votes)

يرى بعض المتابعين للشأن الثقافي والمشاركين في بعض منتدياته أن أفضل المحاضرين في الملتقيات والندوات هومن يهز الحاضرين بحماسة وقوة إلقائه وتفنُّنه في خطابه .
ويرى بعضٌ آخرُ منهم أن الأفضل هو من يعرض عن ذلك وينصرف إلى الجوهر والأصل، وهو موضوع المحاضرة، وحسن التبويب والتفريع، والإبداع في نتائجها وخلاصتها.
ويرى كاتب هذه السطور أن الأكمل هو الجمع بين الحسنيين بما يناسب المقام، ويقتضيه المحل والحال، قدر المستطاع.
فلَكَم شهِدنا محاضرين في موضوعات تُرجمت بعناوين كبيرة لا يقدر عليها إلى كبار المختصين في ميدانها، لا يأتون بشيء يُذكر ويَلجَؤون إلى تغطية قصورهم بالإثارة والحماس والوقوف على ما يثير العوام، فتمتلئ القاعات بالتصفيق أوالتكبير، وتسمع بعد ذلك عبارات الثناء والإعجاب، فلا تملك – أنت ومن كان مثلُك – إلا التسبيح والاحتساب بعد الاسترجاع.
ولَكَم شهِدنا محاضرين كبارا لهم في ساحات الفكر قدم راسخة بل لعلهم من صُنَّاعِه وقادةِ جحافلة، شهدناهم يحاضرون في موضوعات عظيمة وقضايا خطيرة ، ولكنّ أساليبهم لا تشد السامعين ، وإلقاؤهم فيه ضعف كبير، فكان ذلك سببا في أن لا ترى لكلامهم الدقيق تأثيرا على جمهور السامعين ، ولا لما طرحوه وجودا في المناقشات والتعقيبات إلا في القليل النادر فلما استحضرتُ الصورتين ؛ قلت :سبحان من جمع الحسنيين عند بعض كبار علمائنا ومفكرينا، فعمّ النفعُ بهم وبعطائهم، ووَدِدت لو أن من رسخت قدمُه في ساحة الفكر والثقافة يسمع نصيحتي فيتدرب على الإلقاء الناجح المؤثر لتصل جواهره إلى الناس في قوالب تجعلهم يقبلونها، ولا يردّونها أو يزهدون فيها أو يُخْطئون في تقييمها.
وودِدت – أيضا- لو أن بعض من غرّته تصفيقاتُ عوامّ الجماهير وبعض خواصهم، تقليدا، أو دفعا للعتب، أو رفعا للحرج – وددت لو أنهم أكثروا من المطالعة، واهتموا بتعميق تخصصهم، واجتنبوا الكلام فيما لا يحسنون، إذن لَتَحقَّق ما ترجوه وأرجوه، ولسَلِمت دنيانا، ونجونا في أخرانا.
(من سلسلة رُؤى التي صدرت في كتاب مستقل بحمد الله تعالى)

Read 678 times Last modified on Thursday, 05 October 2023 06:04