(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Thursday, 07 May 2015 06:50

لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها...

Written by  الأستاذ محمد العلمي السائحي
Rate this item
(0 votes)

لا أحد يشك في أن الجزائر باتت مريضة، و أن مرضها مرض عضال يحتاج من القائمين عليها، و المتنفذين فيها، أن يعجلوا بعرضها على الطبيب، على أن لا يكون هذا الطبيب مجرد طبيب، بل يجب أن يكون هذا الطبيب طبيبا نطاسيا مختصا في علاج الأمراض المستعصية، و الأدواء الخبيثة المزمنة، ذلك لأن المرض الذي ابتليت به اليوم، يبدو من أعراضه الظاهرة للعيان، و التي من أهمها أن أهلها لم يعودوا على كلمة سواء بينهم إذ اختلفوا حول اللغة الجامعة، و نظام الحكم الذي ينبغي ان يسود، و استشرى الشعور بينهم بالحيف و الظلم، باتت الدولة عاجزة عن ردع من شذ عن الجماعة، و شق عصا الطاعة، بحيث أصبح المواطن الواحد، بوسعه أن يقطع الطريق  العام و يعطل حركة المرور، أو أن يغلق البلدية أو الدائرة و يمنع هذه أو تلك، عن تقديم خدماتها للمواطنين. و منها عجز المؤسسات الخدماتية الرسمية عن تقديم خدمات في المستوى المطلوب للمواطنين، في المجال الصحي و التعليمي و الاتصالات و النقل، بحيث اضطر المواطن على طلب تلك الخدمات في البلاد الأخرى، و منها اليأس الذي أطبق على النفوس حتى أن الناس صاروا يتدافعون إلى الهجرة إلى الغرب طلبا لفرص أرجى لحياة أفضل، و منها ارتفاع وتيرة الانتحار بحيث ما من يوم إلا و تطلع علينا صحفنا اليومية  بأخبار انتحار هذا أو ذاك شنقا او حرقا، و منها توالي الاحتجاجات الاجتماعية التي تؤكد أن وطأة الحياة باتت لا تطاق، و منها استشراء العنف حيث صار الجزائري لا يأمن لا على نفسه أو عرضه أو ماله، و منها الفساد المالي الذي عم و طم حيث تتعرض الخزينة العامة بسببه إلى نزيف حاد، مما أصاب المواطن بالقنوط، حيث يرى المال الذي جمعه بكده و جهده ينهب و يهرب إلى الخارج، و الدولة عاجزة عن وضع حد لهذا النزيف، الذي بات يهدد البلاد و العباد بالموت الأكيد، تلك هي بعض الأعراض التي تكشف بجلاء، عن طبيعة المرض الذي بات يفتك بالجزائر اليوم، و الذي أصبح من الضروري أن تتجند كل القوى الحية في البلاد، للتصدي له، و بذل ما في وسعها لعلاجه، و افتكاك الجزائر من براثنه، قبل أن يأتي عليها.

 فماذا علينا أن نفعل حتى ننقذ وطنا شارف على السقوط، و شعبا أطبق عليه القنوط؟

لو ذهبنا نتقصى أسباب تمكن هذا الداء من الجزائر، لوجدناها تنحصر أساسا في:

1) إننا لم نتفق على الغايات الكبرى و الأهداف المرحلية في بناء الجزائر مما جعل جهودنا في خدمتها تتعارض و تتناقض بدل من أن تتلاحم و تتكامل.

2) إننا اعتمدنا في مواجهة مشاكلنا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و حتى الثقافية على الحلول المستوردة في حين كان الأولى بنا و الأحرى استلهامها من حضارتنا و تاريخنا و ثقافتنا.

3) إننا لم نعط للتخطيط حقه من العناية و التقدير، و ذلك ما صعب علينا عملية المراقبة لجهودنا في مختلف القطاعات فاستحالت علينا معرفة ما إذا كنا نتقدم أم مازلنا نراوح مكاننا، و ما إذا كنا نتقدم في الاتجاه الصحيح، أم حدنا عنه و انحرفنا.

4) إغفالنا العناية بتربية و تعليم الفرد الجزائري، بالطريقة التي تجعله متشبعا بعقيدته، مقدرا لحضارته، معتزا بثقافته، محبا لوطنه، مخلصا لأمته.

5) جَبُنّا عن حسم المشكل اللغوي مما فسح المجال للاختلاف حول اللغة الرسمية التي ينبغي أن تسود و أن تكون هي لغة التفكير و التعبير و التسيير فمهد ذلك الطريق للدعوات الانفصالية، و استغل الموالون منا لفرنسا هذا الوضع الشاذ للتمكين لهيمنة اللغة الفرنسية على حساب العربية و الأمازيغية على حد السواء.

و من هنا تطرق ذلك المرض العضال إلى الجزائر و السبيل إلى إنقاذها منه لا يكون إلا باعتماد النهج الذي نهجته ثورة التحرير المباركة و تجسيد بيان أول نوفمبر و تحقيق ما جاء فيه من مطالب، إذ لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها...

Read 1785 times Last modified on Monday, 03 August 2015 18:04