(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Friday, 31 July 2015 07:57

العملة النادرة

Written by  الأستاذة كريمة عمراوي
Rate this item
(0 votes)

إنّ امتلاء القلب بالرحمة و العطف مع الإنسان و الحيوان توجب رحمة الرحمان الرحيم، كما بيّن لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( الراحمون يرحمهم الرحمان، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) السلسلة الصحيحة925.

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم مرة لأصحابه فيما رواه الطبراني :( لن تؤمنوا حتى ترحموا، قالوا  يا رسول الله كلنا رحيم، قال صلى الله عليه و سلم:( ليس برحمة أحدكم صاحبكم، و لكنها رحمة العامة)

و الرحمة في اللغة هي :" الرقّة، و الشفقة، و الحنان، و العطف، و الرأفة" أي تستهدف الرأفة بالآخرين، و التألم لهم، و العطف عليهم، و كفكفة دموع أحزانهم و آلامهم.

من أمثلة الرحمة عند المسلمين في التاريخ، إنشاء أوقاف ترعى و تصون هذه الرحمة، منها وقف الكلاب الضالة، توضع هذه الحيوانات في أماكن مخصوصة للرعاية  استنقاذا لها من عذاب الجوع، حتى تستريح بالموت أو الاقتناء.

وقف الأعراس : حيث يستعير الفقراء من الوقف الحلي و الزينة في مناسبات الأعراس و الأفراح، و بهذا يتيسر للفقير أن يظهر بمظهر جميل، فيكتمل فرحه، و ينجبر خاطره.

وقف مؤنس المرضى و الغرباء: للتخفيف عن المرضى و الغرباء بإلقاء الشعر و القصة بصوت رخيم.

وقف الزبادي: فكل خادم كسرت آنيته و تعرض لغضب مخدومه له أن يذهب إلى الوقف فيترك الإناء المكسور و يأخذ إناء جديدا بدلا منه، و بهذا ينجوا من الغضب و العقوبة.

هذا عدا وقف اطعام الجائع و سقاية الظمآن  و كسوة العاري، و إيواء الغريب و معالجة المريض ، و تعليم الجاهل و دفن الميت، و كفالة اليتيم، و إغاثة الملهوف، و مواساة العاجز، و مؤخرا علمت أنه كان يوجد أمام الحرم قديما و قف أعدّ للمطلقات تأوي إليه من لم تجد مأوى أمنا، فتجد في هذا الوقف الحياة الكريمة.

هذه الرحمة التي كانت تقام لها الأوقاف  و البنايات لإثباتها في الواقع، كان الناس أينما توجهوا يجدونها و حيثما حلو يصادفونها، هذه الرحمة استجلبت بحار رحمة الرحمان تبارك و تعالى التي لا شاطئ لها، و لا حدود لها فتوسعت الديار، و انخفضت الأسعار و انتشرت الثمار، و حصلت المنافع و الخيرات و المسار، كما انصرفت عنهم المكاره  و النقم و السيئات، و هذا كلّه من أثار رحمته تعالى، فالراحمون يرحمهم الرحمان.

بطاعتهم لله و رحمتهم لبعضهم رحمهم الله تعالى في الدنيا  بتوفيقهم إلى الهداية إلى الصراط المستقيم.

 كم من أب و من مربي اليوم يطلب الهداية لأبنائه و لا يوفق، أقول لك تفقّد الرحمة في قلبك، فإن لم تجدها فاغرسها و ارعها و توكل على الرحمان، فستتدفق الهداية على أبنائك، و يحصل لهم التسديد و التوفيق من الله الرحمان الرحيم.

و من رحمة الله للناس في الدنيا نصرهم على أعدائهم و دفع الشرور و المهالك  و المصائب، و رزقهم الحياة الطيبة النافعة التي تعود عليهم بالمنافع الدنيوية و الدينية، فمن أحاطت به أشواك المصائب و أحرقته نيران الشرور و المهالك، و صرف الغالي و النفيس من أجل أن يحي حياة طيّبة و لم يجدها، أقول لك : تفقّد الرحمة في قلبك، ابحث عنها في نواحي نفسك، هل بذلتها في ساعات نهارك و ليلك على القريب و البعيد؟

و  رحمة الله في الآخرة تتجلّى في أعلى مظاهرها و كمالها، في السعادة الأبدية في دخولهم جنات الله تعالى العلية، و التمتع برؤية رب البريّة.

و ليعلم المسلم أنّه لم يؤد حق النفس و لم يرحمها حتى يحطّ برحاله في الجنّة، و هناك فاز و أفلح، و الله الرحمان الرحيم من رحمته تعالى أنّه يجمع الرجل و أهل بيته في الجنّة في أعلى مرتبة الواحد منهم، أي من أهل البيت.

الرحمة هي العملة الصعبة المفقودة التي يجب أن نبذل الجهد و الوقت لتحصيلها، حتى نسعد في الدنيا و الآخرة و يرتفع عنّا الشقاء إلى الأبد.

Read 1812 times Last modified on Saturday, 22 August 2015 10:55