عاشت أميرة وحيدة، ليس لها إخوة أو أخوات، فقد كانت قليلة الكلام، كثيرة التدبر. بدأت أم هاني في سرد ذكرياتها مع بنتها أميرة كما سمتها ا.
-سيبدو الأمر عجيبا لكنها لم تكن لها مشاغل الفتيات، نضجت باكرا و قد كانت تميل إلي الوحدة، ليس لها صديقات مقربات و قد كان وقتها موزعا بين الإعتناء بوالدتها الكريمة و جدها السيد إبراهيم و بين دراستها ثم عملها. لم تكن تبخل بالعمل التطوعي، في مجالات مختلفة.

-أرجو منك أن تذكري لي ايامها الأخيرة، كيف كانت ؟
-كانت طبيعية، لم يتغير شيء في سلوكاتها. كانت منهمكة في ثلاثة الشهور الأخيرة في مشروع بحث يتصل بعملها، فقد كانت تنهض مع الفجر، تؤدي الصلاة و تعمل أربعة ساعات متواصلة لتتوجه بعدها إلي الجامعة، فهي كانت تدرس هناك مرتين في الأسبوع و في باق الأيام كانت تعفيني من الخروج للتبضع. و قد كانت مرة في الأسبوع غالبا يوم الإثنين بعد الظهيرة، تذهب إلي مكتبها في الكلية لتستقبل الطلبة. كان وقتها يخضع لبرنامج عمل صارم، لا تهتم بنفسها كما يهمها إنجاز أهدافها.
-قلت لي سيدتي الفاضلة، أنها كانت مشغولة بمشروع بحث، هل حددت ماهيته بالضبط ؟
-شخصيا لا أفهم كثيرا في مادة تخصصها الرياضيات، لربما ستعطيك فكرة أوضح عن الموضوع خالتها الحاجة نفيسة. ردت المربية التي نهضت من مقعدها.
-سأجلب لكم عصير و بعض المكسرات، لحظة من فضلكم.
-أرجوك لا تتعبي نفسك، قالت هجرة.
-كل شيء جاهز، فقط أحمله لكم.
عند عودة ام هاني، سألت هجرة:
-سفرها إلي بلدي كان مبرمجا من مدة أم قررته في آخر لحظة ؟
-كانت تنوي السفر منذ زواج صديقة طفولتها أروي لكن لم تحدد التاريخ.
-متي حددته ؟
-يوم واحد قبل سفرها.
-عجيب و من كان علي علم بسفرها ؟
-جدها طبعا لأنها إستأذنته في السفر، أروي، أنا و خالتها الحاجة نفيسة.
- هل أعلمت الجامعة بتغيبها ؟
-لا، لأن سفرها كان ليومين فقط.