(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Sunday, 02 February 2014 14:33

أستبشر...رغم كل شيء

Written by  الدكتور وصفي عاشور أبو زيد
Rate this item
(0 votes)

استبشرت خيرا - رغم حزني الشديد - من تواصلي الدائم مع الشباب الذين بدأوا ينطبق عليهم قوله تعالى: "لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)". سورة النساء. أمام هذا العدوان الغاشم الذي لم نقرأ عنه في مصر من قبل، و لم نر احتلالا يفعل هذا بمحتلين !

و استبشاري هو أن الوصول لدرجة الأخذ بكل ما يمكن، و استفراغ الوسع هو بداية التدخل المباشر من العناية الإلهية: "حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَ لَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)". سورة يوسف.

استبشرت لأن الظلم و القتل بلغا مبلغا عظيما، و الله يغار على خلقه، و هو أرحم بهم من أمهاتهم: "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ (19)". سورة الشورى. و إذا قدَّر قدرًا على خلقه فإنه يكون مصحوبا بلطفه و رحمته، قال ابن عطاء: "من ظن انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره"!.

استبشرت لأني لم أسأل أحدا: "هل تعرف أحدا كان ضد الانقلاب و أصبح معه"، إلا كانت الإجابة بالنفي "لا".

استبشرت لأني لم أسأل أحدا: "هل تعرف أحدا كان مع الانقلاب و أصبح ضده"، إلا كانت الإجابة بالإثبات: "نعم".

استبشرت لأن كثيرًا من أبناء الشعب استفاقوا و انتبهوا، و علموا حقيقة ما جرى و يجري، و البقية تأتي.

استبشرت لأن المنقلبين و من معهم في أشد الارتباك، و هذا يفسر سرعة قراراتهم و تواليها بشكل هستيري: من انقلاب إلى مذابح متوالية إلى تزوير إلى تفويض إلى ترقية إلى رئاسة ... إنه الصعود بأسرع ما يمكن إلى الهاوية و حبل المشنقة !

استبشرت لأن "فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَ يَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ وَ جُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)". سورة القصص.

استبشرت لأن الذين يرتقون كل يوم من خيرة شباب الأمة: علما و خلقا و سلوكا.

استبشرت لأن العالم كله يقف في وجه كل ما يمت للإسلام بصلة، و هذا سر حصار غزة، و سر تآمر العالم على مصر، و سر الحرب على تركيا، و سر محاولات إفشال الربيع العربي كله.

استبشرت لأن سنن الله في أخذ الظالمين أخذ عزيز مقتدر: أن يمهلهم، و يملي لهم، و يمد لهم الطِّوَلَ الْـمُرْخَى، لكن ثِنْياه بيد مَن لا يظلم مثقال ذرة، و من حرَّم على نفسه الظلم، و من لا يغفل و لا ينام، حتى إذا أخذهم لم يفلتهم: "وَ كَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَ هِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)". سورة هود.

استبشرت لأن القراءة التاريخية لمنحنى الأمم و الحضارات، و للرسم البياني للطغيان و الحرية ينبئ بأن الطغيان في آخر محاولاته، و في نهاية معاركه، و بعدها سترفل الشعوب في الحرية الكاملة و الكرامة التامة، و ما ذلك على الله بعزيز!

نحن لا نواجه انقلابيين في مصر فحسب، و إنما نواجه حربا عالمية على مصر و على الحرية فيها، و على إرادة الأمة التي إذا أتت بما لا تهوى أنفس المجرمين تجبروا و استكبروا، ففريقا كذبوا، و فريقا يقتلون.

استبشروا خيرا أيها الأبطال الصامدون المرابطون على ثغور الحرية و الكرامة، و المواجهون للعالم في تآمره و انقلاب موازينه، الذي يكيل بألف كيل، و لنردد قول الحق سبحانه: "قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَ نَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)". سورة التوبة.

المصدر:

http://www.mnfonline.net/Articles-17934

Read 1809 times Last modified on Sunday, 05 July 2015 18:18