(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Friday, 25 April 2014 07:29

أفراح الروح حياة مضاعفة 2

Written by  الأستاذ سيد قطب رحمه الله
Rate this item
(0 votes)

إننا نعيش لأنفسنا  حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، و بقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا، و نضاعف هذه الحياة ذاتها في النّهاية
{{سيّد قطب}}
كلمات كانت ستظل حبرا على ورق لولا أنّ قائلها عاش لمباديء  الحق و دفع حياته ثمنا لها،
إن طعم الحياة لا يروق إلّا لمن جعلها هبة خالصة لخالقها ، و لكي نشعر بقيمة الحياة و جمالها و معناها لا بدّ لنا من المرور عبر قنواتها اللازمة، بحلوها و مرّها، و أن يكون مرورنا فاعلا متفاعلا، مع معطياتها و طوارئها و مشاقّها  و مباهجها
و كيف نحسّ بطعم الحياة و لم نتشارك في العبودية الحقّة فيها مع بقيّة الخلق الذين خلقوا لنفس الغاية التي خلقنا لاجلها {و ما خلقت الجنّ و الإنس إلّا ليعبدون } إنّها العبادة الخالصة و الإنابة التامّة و الطاعة المطلقة للخالق العظيم الذي خلق الخلق و أوضح الغاية و بيّن الوسيلة و حدّد الوجهة و أطلق العقول من قماقمها و حرّر القلوب من اقفالها فصارت الحياة بتفاعلاتها، و ابداعاتها و انطلاقتها، و ايجابياتها، هي العبادة، و غداإعمار الأرض و إقامة العدل فيها هو العبادة المراقبة من المعبود {فينظر كيف تعملون }

و لأنّ الخلق عيال الله، فإن نفعهم عبادة، و السعي في حاجتهم قربة،و العمل على هدايتهم واجب، و الجهاد لرفع الظلم عنهم فريضة، و الموت في سبيل نشر الملة السمحاء بينهم و دفع الظالم عنهم و اقامة شرع الله العادل فيهم شهادة في سبيل الله، تضاعف الحياة و تباركها، و تنقّي النفس من الذنوب و تطهرها، فالنفوس التي تسارع إلى الموت لأجل دينها، و لدفع الضرر عن إخوتها في الدين، اجل عند بارئها و ارفع من أن تصير إلى ما صارت إليه النّفوس القاعدة بلا همّة ول اعطاء، نفوس الباذلين ترتقي إلى منازل الخالدين المستبشرين الفرحين، اولئك الذين حرصوا على الموت فوهبت لهم الحياة الأبدية و الخلود المقيم في جنّات الفردوس ترزق و تحيا و تستبشر ، فهي و الله الحياة المضاعفة، و النّعيم المقيم و لكي نصل إلى أرقى مستويات الإنسانية، فإنّه ينبغي علينا أن ننطلق من فكرتنا العظيمة، و هي إخراج النّاس من عبادة العباد، إلى عبادة ربّ العباد، و هي الفكرة و الغاية التي تتمحور حولها دعوة الله و شرعته، و هي ذاتها الفكرة التي حمّل أمانة تبليغها كافة انبياء الله، عليهم صلوات الله و سلامه، و هي كذلك الإرث النبوي الذي حملته امة محمد صلى الله عليه و سلّم إلى الناس كافّة
إنّها الرسالة و الفكرة و الإرث و الفريضة المسؤولة عنها الامة في الدنيا و الآخرة، ألسنا الذين خوطبنا بالخيرية، و حمّلنا أمانة التبيين للنّاس، فإذا كانت الحياة الفانية هي الثمن الذي ندفعه في سبيل الارتقاء بالإنسانية من مهاوي الشرك و العبودية إلى فضاءات التوحيد و العبادة الحقّة، بما يحقق للبشرية الخير و الصلاح، فإنها و الله ثمن قليل للخلود الرضيّ و الحياة الممتدة  في جوار الحيّ الذي لا يموت{اللهم استعملنا و لا تستبدلنا و رضّنا و أرض عنّا يا رب العالمين }

Read 2033 times Last modified on Tuesday, 07 July 2015 12:38