(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Wednesday, 06 December 2023 17:53

"لا بد لنا الرحيل عفاف...إنتهت مهمتي في أندونيسيا...نعم بابا ...إنتهت سنوات البراءة و الثراء المعرفي الذي لا مثيل له...

Written by  عفاف عنيبة

في شتاء 1979، كنت جالسة في غرفة من الطابق السفلي الوحيد لبيتنا الأخضر في جاكرطا بشارع جلان لمبانغ....

كان ذلك اليوم الأخير الذي أمضيته في بيت اندونيسي في حي من أحياء العاصمة الأندونيسية الراقية...تلك الأحياء التي بني أثرياءها و موسيرها بيوت تتناسب و هويتهم و لم ينسخوا نماذج الغرب في الفيلات الفاخرة.

كنت ارمق أبي الذي كان ينظر إلي ساعته، فبعد دقائق قصيرة ستأتي سيارة أجرة لتقلنا إلي فندق ساحة الحرية لنقضي فيه آخر ايامنا قبل أن تأخذنا طائرة الخطوط الجوية الأندونيسية إلي دولة سنغافورة و من هناك تعود بنا إلي أوروبا و منها إلي الجزائر.

كنت أنظر إلي أبي بحزن عميق، في اليوم الذي أخبرني بنهاية مهمته كمستشار في سفارة الجزائر بأندونيسيا شعرت بأسي و لوعة كبيرة. إعتدت العيش في جزيرة جاوا...إعتدت التعامل مع الأندونيسيين و تشربت لغتهم و أجواءهم الهادئة الوديعة و تقمصت العديد من عاداتهم الحميدة في الذوق الرفيع و الجد في العمل و حسن التعامل مع الناس بأخوة إسلامية فائقة.

كنت أنظر إلي الغرف الفارغة، فقد أمضي موظفي شركة تغليف و ترحيل الأثاث يومين و هم يطبقون و يطوون كل أثاثنا و ها أن صاحب البيت وصل، سلمه أبي مفاتيح البيت و زار معه كل البيت ليؤكد له اننا تركنا داره في أحسن الأحوال نظيفة و صالحة للإستئجار بمجرد مغادرتنا.

شكر لنا صاحب البيت الأندونيسي حسنا الحضاري العال و ودعنا و هو يقف علي عتبة البيت.

إغرورقت عيناي بالدموع، ودعت سنوات الطفولة و بداية المراهقة الجميلة جدا قضيتها في بلد من اروع ما يكون... إلهي كم اندونيسيا جميلة شكلا و مضمونا و كم شعبها راق بفقراءه و أثرياءه، ببسطاءه و نابغيه، بمواطنيه و علماءه.

وصلت إلي جاكرطا في سن 9 و رحلت عنها و أنا أشرف علي 12 سنة من عمري و الكم الهائل من المعارف و الأثار النفسية الجميلة التي حملتها معي من أندونيسا لازلت إلي اليوم أغرف منها كلما تكتسحني كآبة رداءة المجتمع الجزائري...ليس هناك أي وجه مقارنة بين أندونيسيا و الجزائر...إلا أنهما الإثنان اجزاء فسيفساء مسلمة باهرة.

 

Read 649 times Last modified on Sunday, 24 December 2023 16:04