(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Saturday, 08 September 2012 16:16

الحوار مع التلميذ

Written by 

 

سأخوض للعام الثاني إن شاء الله تجربة الإستماع إلي صبيان في نهاية سنوات المراهقة بداية فترة الشباب و هم تلاميذ في الثانوية. و علي بالمناسبة طرح في بداية الدخول المدرسي، خطة عمل أتبعها طوال العام لأتوصل في نهايته إلي النتيجة المرجوة.

في العام الماضي، كانت هناك فرصة التعارف بيني و بين التلاميذ، شعرت حينها بأنه يتوجب علي الإستماع إليهم بإهتمام بالغ، فقد كنت أمام جيل الغد، و هؤلاء قلما نستمع إليهم في فوضي الأزمات. راكمت كم كبير من الآراء و الإنطباعات، و قد لفت هؤلاء التلاميذ إنتباهي إلي أمر مهم جدا:

هم فعلا يريدون الخروج من الدروب المعهودة و يبحثون عن أدوات تعبر بحق عن آمالهم و ذكاءهم و لكن في كل مرة يصطدموا بالذهنية الإدارية المحبطة للغاية.

لازلنا متخلفين عن الركب فيما يتعلق بمعاملة التلاميذ، النظام الذي دشنه عصر النهضة العربية الأولي لم تليه فترة مراجعة و إستخلاص الدروس، فالتلميذ اليوم ليس هو ذلك الذي كان يقطع المسافات علي الأقدام أو علي ظهر دابة ليصل إلي مكان المدرسة.

و العملية التعليمية في حد ذاتها طرأت عليها تغييرات جمة، أهمها : كيف نكون تلميذ لمرحلة النضج العلمي و نحضره للتكيف مع معايير سوق العمل ؟

أحيانا تنتابني حالة حيرة و أنا أنظر إلي وجوه غضة، مترقبة لا تدري من أين تنطلق و إلي أين هي ذاهبة ؟ فأي تطور حزنا عليه و أبناءنا لا يفقهون بعد أبجديات التدرج و المثابرة. هل سنستمر علي هذا النهج و العالم من حولنا تحول إلي المهن المنزلية ؟ و هل طلب العلم أصبح من التعقيد ما جعلنا ننصب أنفسنا أوصياء علي هؤلاء الصغار ؟

أذكر أنه من عامين، تحصلت علي كشف نقاط لتلميذ في السنة الأولي بالمدرسة الكندية العمومية، فأنتبهت إلي ملاحظات المعلمة فيما يخص السيرة الأخلاقية للتلميذ و طباعه، فهم يضعون الطفل تحت المجهر، هدوءه، نسبة تركيزه، إنضباطه، حرصه علي النظافة، روح التعاون لديه هل هو صاحب مبادرة ؟ كيف يتفاعل مع الرياضة، هذا و الكشف كان خاليا من النقاط، كأن الصفات الأخلاقية للطفل مفصلية بالنسبة لمسيرته العلمية و بالفعل، هذه الرؤية صائبة.

بينما نحن نتعامل مع أطفالنا من منظار مختلف تماما، كيف نخضعهم لمنهج تعليمي يسفه ذواتهم الصغيرة ؟

كيف نحصل علي نتائج مرضية و نحن نعامل الطفل علي أنه مشروع مواطن قاصر!!!

أحيانا كثيرة مثل هذه السياسات تسد المنافذ أمام أبناءنا، فيكون الملل و الكسل و اللامبالاة و النتائج الهزيلة، لا أدري و لكن أن يشعر الطفل أنه ذاهب إلي سجن و ليس إلي مدرسة، هذا أمر مقلق للغاية. متي نفهم أن أطفالنا هم تلاميذ زمانهم و ليس زماننا ؟ و أن عجلة التطور تمشي إلي الأمام و ليس إلي الخلف و إستراتيجية التعليم بإغفالها للعامل البشري و هو المعني التلميذ، فلا خير كبير يرتجي منها.

ماذا نريد من التعليم نفسه ؟ تخريج جيل من المتواكلين أو صنف من الأذكياء المقدامين، فالنهضة فعل إرادي مدروس و هي حركة تلتقي فيها كافة الإيرادات و التطلعات و الجهود، فكيف بنا نعلم التلميذ مراكمة المعلومات دون التفاعل معها و إستخلاص العبر منها ؟ و كيف نعين هذا الطفل في مسيرته العلمية و نحن نكدس المواد و الواجبات علي كاهله ؟

نحن نحاسب التلميذ علي أداءه من خلال إختبارات آخر السنة، و لا نلاحظ أن الضغط الذي مورس عليه طوال العام أحيانا ينتج عنه فشل ذريع في آخر خطوة ! نحن نضع الخطوط الحمراء و نحن أول من ينتهكها ! هذا و الحوار غائب بين الإدارة و التلاميذ و اما الأولياء فكل همهم النقاط و النجاح !

أتفهم تماما، ضجر التلاميذ و مللهم، هم يدركون أنهم خارج حسابات المسيريين لقطاع التعليم، و حركة الإحتجاج التي تنامت بين صفوف أبناءنا أصبحت تؤرق القائمين علي شؤونهم و في ذات الوقت نصر علي إبقاءهم خارج دائرة الحوار. و الحديث يكون مع الأولياء أو نقابات عمال التربية و المعلمين ! أليست هذه مفارقة ؟

كيف نجدد في ميدان حساس و خطير جدا مثل التعليم و نحن نتجاهل مطالب المعنيين بفعل طلب العلم أولا و أخيرا ؟

و إلي متي و نحن نسوف علي أنفسنا ؟ متي نفهم فعل التعلم من الأهمية بمكان، فلا نغالط و لا نتمادي في ذلك و نستمع للطرح المسؤول للتلاميذ ؟ فعليهم تقع مسؤولية النهوض حضاريا و هم الأدري بإمكاناتهم و طاقاتهم و رغباتهم مشروعة ما دامت تصب في مصلحة الجميع.

و الغائب الآخر الذي تهمله الإدارات و السياسات المعلم و الأستاذ، و قد أفرد مقالة لدوره المغيب عمدا، فأهم متعاملين في العملية التربوية التلميذ و  المعلم وقع تحييدهما إن لم نقل قمعهما، نعم القمع، فقد وصل بنا الوضع أننا صرنا نواجه التلميذ و المعلم بالغازات المسيلة للدموع، فأي معالجة هذه ؟

هل الربيع العربي سيمس بهذا القطاع الهام جدا بحيث نشهد تحولا جديا في الإتجاه الصحيح ؟ هذا ما نترقبه و نرجوه و يبقي العمل الحثيث أفضل رافد للعملية التعليمية. 

Read 3289 times Last modified on Thursday, 08 November 2018 15:05
عفــــاف عنيبـــــة

أديبة روائية إسلامية أحرر ركنا قارا في الصحافة المستقلة منذ 1994 في الصحف التالية: أسبوعية الوجه الآخر، الحقيقة، العالم السياسي، كواليس و أخيرا البصائر لسان "حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين."