(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Monday, 14 October 2013 06:54

أوقات تغمرها الرحمات وتتنزل فيها البركات...

Written by  الأستاذة أمال السائحي.ح
Rate this item
(0 votes)

شهر ذو الحجة عزيز على النفس المؤمنة، محبب إلى القلب الصالح، و هو كذلك له كرامته و هيبته لدى عامة المسلمين، بعد مرتبته الخاصة لدى المؤمنين الصالحين، فرسالته إلى المؤمنين أن يتدرج بهم من مقام الإيمان إلى مقام الإحسان. و على ذلك فرسالة الحج رسالة إنسانية سامية مستمدة من أقدس رسالة و أعظم كتاب، الحج تهذيب و تربية، و تقويم للمعوج من الأخلاق، و علاج لأسقام القلوب و النفوس و الأبدان، و ارتقاء بالنفوس الكاملة العارفة بالله .

و يكفي شرفا هذا الشهر أن الله سبحانه و تعالى أقسم بأوائل أيامه في قوله تعالى :

((وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ، وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ، وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ، هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ)). سورة الفجر (5).

يقول الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآيات:

أَمَّا الْفَجْرُ فَمَعْرُوفٌ، وَهُوَ: الصُّبْحُ. قَالَهُ عَلَيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالسُّدِّيُّ. وَعَنْ مَسْرُوقٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: الْمُرَادُ بِهِ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ خَاصَّةً، وَهُوَ خَاتِمَةُ اللَّيَالِي الْعَشْرِ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ الَّتِي تُفْعَلُ عِنْدَه، كَمَا قَالَهُ عِكْرِمَةُ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ النَّهَارِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَاللَّيَالِي الْعَشْرُ: الْمُرَادُ بِهَا عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُجَاهِدٌ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ" -يَعْنِي عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ -قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"

و فيه التلبية و النداء الأزلي، لا أول له، و نداء الأبد، لا نهاية له، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك.

إنها أوقات تغمرها الرحمات و تتنزل فيها البركات، في شهر ذو الحجة المعلوم لدى كل المسلمين و المسلمات، حيث يهرع الحجيج من كل فج عميق، و قلوبهم متشوقة إلى الحرم المكي والنبوي، رجالا و نساءً و أطفالا، على كل ضامر ليشهدوا منافع لهم و يذكروا اسم الله في أيام معلومات، ثم ليقضوا تفثهم و ليوفوا نذورهم و ليطوفوا بالبيت العتيق، يعيشون على الأرض المقدسة، خاشعة قلوبهم، و تلهج ألسنتهم بالذكر و الدعاء ، و كل أعضائهم في طاعة الله ...

و إنها كذلك أوقات تغمرها الرحمات و تتنزل فيها البركات، لمن أراد أن يعيش هذه الأيام، و كأنه يؤدي فريضة الحج، فهي أيام لا بد و أن يقف عندها كل مسلم، و يعمرها بصيامه، و صدقته، و استغفاره و كلمته الطيبة، و تحسين أخلاقه، إلى تجديد النية مع الله في أضحيته لله، و أن يجعل منها نصيبا للأقربين و للفقراء والمساكين..

إن في رزنامة السنة التي تمر علينا الكثير من الأيام المباركات، فلا بد أن نتصيدها إذا صح التعبير، حتى نجعل من روتيننا اليومي تغييرا إلى الأحسن، و نجعل كذلك لحياتنا معنى مع الله...

تقبل الله منا و منكم مناسككم، و كل عام و أنتم إلى الطاعة أقرب..

Read 2439 times Last modified on Wednesday, 21 November 2018 14:51