(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Thursday, 09 October 2014 15:06

ما مصير العالم العربي بعد القضاء على التيارات الجهادية فيه...؟

Written by  الأستاذ محمد العلمي السائحي
Rate this item
(0 votes)

     بادئ ذي بدء أنبه أن هذا المقال لا ينبغي النظر إليه بأي حال من الأحوال على أنه دفاع عن هذا التيار أو ذاك، كما أنـه لا يمكن اعتباره مؤيدا للجهات المناهضة لهذه التيارات و المعادية لها، و إنما هو مقال استشرافي، مبني على استقراء حاضر المنطقة العربية و ما يمور فيها من أحداث، ليستشف ما ترتد به من آثار على بلدان المنطقة و شعوبها.

     لا خلاف على أن المنطقة العربية اليوم لا تتميز بالتنوع الجغرافي فحسب، بل هي تتميز كذلك بالتنوع العرقي و الاثني، و حتى التعدد اللغوي و الثقافي، و ذلك هو الذي سمح للطرف الأجنبي بالتسلل إلى المنطقة، و فرض هيمنته عليها، و ذلك عن طريق استغلال ذلك التباين و التعدد في إثارة النعرات والخلافات بين ساكنيها و شعوبها، لمنعها من الالتقاء و الاتحاد فيما بينها مما يشكل تهديدا لوجوده فيها، فيما يرى و يعتقد.

     و لا خلاف كذلك على أن المحتل الأجنبي قد حرص قبل مغادرته المنطقة مكرها و رحيله عنها، أن يترك فيها أسافين تمكنه من إشعال الفتن و إثارة النعرات، متى شاء و كلما أراد، و استخدام تلك الفتن والنعرات، كأوراق ضغط يوظفها في إملاء قراراته على حكام المنطقة، بما يخدم مصالحه و يحميها.

     و قد رأينا فيما مضى و في حاضر اليوم أثر تلك الأسافين التي خلفها، و كيف وظفها في إثارة الخلافات الحدودية بين مصر و السودان، و بين سورية و لبنان، و بين المغرب و الجزائر وبين العرب و البربر في المغرب العربي، و بين العرب و الزنوج في البلدان الإفريقية.

     غير أن المنطقة على الرغم من ذلك قيض الله لها أسبابا ساعدتها على تجاوز الخلافات و كبح جمتا تلك النعرات الهدامة و من أهم تلك الأسباب الاتصال الجغرافي، و التاريخ المشترك، و التقارب الديني واللغوي حيث تكاد تكون الهيمنة الدينية و اللغوية في المنطقة للإسلام و العربية.

   و لعل الحروب التي عاشتها و تعيشها المنطقة، تهدف أساسا إلى الحيلولة بين هذه الأسباب وبين أن تؤدي دورها في إحداث التقارب الذي يمهد للوحدة الكبرى بين شعوبها، يؤكد ذلك أنه كلما هدأت الأوضاع في المنطقة و بدأت النفوس تسكن و تهيأت أسباب التعاون الساسي و الاقتصادي، إلا و فُعّلت تلك الأسافين لتنقلب الأمور رأسا على عقب، فيحلُّ التنافر بدل التآلف و التظافر.

أعني أن المستهدف في المنطقة هو الإسلام و العربية، لكونهما عاملي تتقارب و توحيد لشعوب المنطقة، لذلك شنت كل هذه الحروب على المنطقة، لمنع حدوث ذلك حتى لا تتحول شعوبها إلى قوة سياسية و اقتصادية و عسكرية، و يخطئ كل من يظن أن التيارات الجهادية هي المستهدفة، فالواقع يكشف عن أنها موظفة لضرب الدين و تشويهه و تنفير الناس منه بل هي موظفة لبذر بذور الكراهية للإسلام و المسلمين على حد السواء في قلوب الناس من أهل المنطقة و خارجها، كما هي موظفة لتثبيت عوامل التنافر والخلاف بين سكان المنطقة عن طريق الصدامات المفتعلة بين عربي و كردي، و سني و شيعي، و سوري ولبناني، و مصري و ليبي، و علماني و ديني، و حتى مع افتراض انتصار التحالف الأوروعربي على التيارات الجهادية في المنطقة العربية، فإن لا و لن تعرف الاستقرار و لن تنعم به أبدا، لأن الحرب الحالية ضد هذه التيارات الجهادية كجبهة النصرة، و الدولة الإسلامية في العراق و الشام، ستخلف جراحا في النفوس، و نفورا في القلوب، و دواعي للتباغض و التدابر، تحتاج إلى جهود صادقة، و وقت طويل ممتد، للتغلب على آثارها، ومن ثم فإن المصير المتوقع للعالم العربي هو مصير أسود قاتم، بل أن العالم نفسه سيتأثر بما يحدث للعالم العربي إذ ستزداد مواقف أبنائه صلابة من أمريكا خاصة و الغرب عامة باعتبارهما مسؤولين عما انجر عليه من ويلات بسبب هذه الحرب القذرة ....

Read 1976 times Last modified on Sunday, 26 July 2015 15:52