(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Wednesday, 06 May 2015 05:43

لماذا نضرب فلذات أكبادنا؟

Written by  الدكتور مصطفي أبو سعد
Rate this item
(0 votes)

في هذه المقالة نتابع تحليل و تقويم هذا الأسلوب التربوي السائد بشكل كبير في ممارسة الآباء و الأمّهات و بعض المربّين.

لماذا يلجأ الآباء للضرب؟!

الطفل ينمو بسرعة كبيرة و ينمو معه العديد من السلوكيات التي تقتضيها مراحل النمو التي تبدو مزعجة للأسرة من مثل العناد وكثرة الحركة. و هي سلوكيات لو نظرنا إليها من منظور علمي لوجدناها صفات إيجابية تدل على نمو الطفل السليم و على كونها بوادر و مقدمات لسلوكيات إيجابية تتشكل في بناء شخصية الطفل النامية.

و لذلك نتساءل حقاً: هل السلوك يحتاج إلى تدخل عنيف و عقاب بالضرب؟! هل وصل السلوك حداً يقتضي فعلاً أن نتدخل بالضرب؟! هل السلوك ضار للطفل و لخلقه و دينه؟ أم هو مزعج لراحتنا و هدوئنا؟!..

ضربوني و ها أنذا أضرب!!

كثيرون يرددون باستمرار: لقد كان والداي يضربانني و ها أنذا سليم معافى! و هنا نقف وقفات حول هذا التبرير:

1 -
هل فعلاً نحن معافون؟

ما هي مقاييس التعافي و السلامة عندنا؟! أليست كل الاضطرابات و اختلالات التوازن في الشخصية منتشرة؟..
-
الانطوائيون ممن لا يقدرون على مواجهة الناس كثيرون.. و ممن لا يتفاعلون مع المجتمع أكثر.
-
المترددون في اتخاذ أي قرار في حياتهم في ازدياد.
-
المبدعون لا يكادون يذكرون..
-
ما نسجّله كأمّة من براءة اختراع في سنة و نحن نعد بالملايين، تسجله بعض الدول المرتزقة ذات الأربعة أو الخمسة ملايين في أسبوع.
-
الطموح و علو الهمة تكاد تكون عملة نادرة في حياتنا.
-
الإتقان و الإحسان صفتان نادرتان.
-
احترام الوقت و المواعيد و الوفاء بالعهود أصبحت سمات للغرب، فأصبح الواحد منا يقول – لا شعورياً – لصاحبه: ( موعد غربي، و ليس عربي!!)
-
أبناؤنا يقلدون كل من هبّ و دبّ، و انتقلت لنا كل أمراض الأمم و نحن من فتح الباب على مصراعيه داخل أسرنا، لهذا فنحن المسؤولون و تربيتنا الأولى مسؤولة إلى حد كبير.

2 -
هل ننقل اضطهادنا الطفولي لأبنائنا؟!

هناك نسبة قليلة ممن عانت اضطهاداً طفولياً و تحاول بشكل أو بآخر نقل هذا الاضطهاد لأبنائها بوعيٍ منها أو دون وعي. فلنحذر أن تكون التربية السلبية التي عادة ما يكون البعض قد خضع لها و تأثر بها دافعاً لممارسة و ارتكاب الأخطاء نفسها مع الأبناء.

3-
كيف كان شعورك يومها؟!

لقد تعرّض البعض للضرب المبرح و هو طفل صغير، و هو الآن يردد ذلك و يبرر به لجوءه للأسلوب نفسه مع أبنائه. و نتساءل معاً:
ماذا كان شعورك يومها و أنت طفل تضرب؟ ماذا كان تصورك تجاه من يضربك يومها؟!
سوف نفاجأ بالإجابات التي تؤكد كل معاني الكره و الشعور بانعدام المحبة، و نفاجأ كذلك بإجابات المنحرفين و بعض المدمنين بأن أحد أسباب انحرافهم قساوة الآباء، و المبالغة في العقاب و الضرب.

انتبه! الحذر خير من الندامة!

دماغ الأطفال سريع التأثر بالتعامل العنيف

كشفت دراسة طبيّة أن عدد الأطفال و الرضّع الذين تلحق بهم إصابات بسبب الأبوين يزيد على ما كان معتقداً.

و تعتقد الدراسة أن هذا الشكل من إساءة التعامل مع الأطفال ترتفع نسبته باستمرار، ربما بسبب تدني قدرة الآباء والأمهات على تربية الأطفال.

و تشير إلى أن الأعراض التي يطلق عليها أعراض الإصابات الناتجة من هز الأطفال بعنف ناتجة غالباً من نقص الخبرة في التعامل معهم برفق، و عادة ما يضع الأطباء البريطانيون العاملون في أقسام الطوارئ بالبال أن الأطفال الذين يأتون لتلك الأقسام بنزيف في الدماغ ربما تعرضوا لتعامل عنيف.

-
إصابات خطيرة:

و يشير الإحصاء الوارد في الدراسة إلى أن أربعة و عشرين طفلاً من كل مئة ألف يعانون من مثل تلك الإصابات.

و صرّح الدكتور روبرت مينز الذي قاد فريق البحث بأن الإصابات المقصودة إصابات في منتهى الخطورة تلحق بالدماغ, و أعرب عن خشيته من زيادة تلك الإصابات بمرور الزمن و قال: إن الأسباب في ذلك قد تعود إلى أن الآباء يفتقرون حالياً لخبرات معينة منها معرفة كيفية التعامل مع طفل يبكي باستمرار.

و يضيف الدكتور روبرت: إن توفير مثل تلك المعلومات إلى الأزواج الذين ينتظرون ولادة طفلهم كفيل بالحد من تلك الإصابات. و تعتقد جمعية مكافحة القسوة ضد الأطفال في بريطانية أن هذا البحث يظهر الحاجة الملحة لتعزيز أشكال المساعدة للآباء و الأمهات قبل ولادة الأطفال و بعدها.

و ترى أن الأبوين يتعرضان إلى إجهاد لا يحتمل بسبب قلة النوم و بكاء طفلهما المستمر، لكن عليهما إدراك خطورة الهز العنيف للطفل الذي لا تزال أعضاؤه هشّة و ضعيفة.

راجع أحكامك!... قبل أن ترفع العصا

هل تعرف في وجه من ينبغي رفعها؟ و هل تدرك الأسباب و النتائج؟
كثير من الوالدين يتذمّرون.. ابني كثير الصراخ! ابنتي تكذب! ولدي يتنمّر في وجه أصدقائه! ابنتي لا تتحلى بالحياء و كثيرة هي المشكلات و الآهات من الأبوين. و لكن لنقف وقفة صريحة مع النفس، نعم وقفة صادقة.

اترك ما يفعلون و أجب عن سؤالي: من أين تعلم الأبناء؟ و من أين يكتسبون هذه الصفات؟

تقول الطبيبة منى البصيلي:

إن الطفل عجينة طيّعة في أيدينا تتشكّل و تتلوّن حسب الطريقة التي نعامله بها، بل إنه كالمرآة التي تعكس بأمانة ما يجري أمامه؛ فالطفل العصبي تعلّم العصبية من أبويه، و الطفلة التي يعلو صراخها اعتادت أذنيها على صراخ الأم، و الطفل الذي يكذب تعلّم الكذب من أبيه أو أمه، و الطفل الهادئ لا يسمع لوالديه صوتاً.

و هكذا علينا دائماً مراجعة أنفسنا و سلوكنا قبل أن نلقي اللوم على أبنائنا.

هل تذكر؟!

كيف كان شعورك يومها و أنت طفل تتعرض لغضب أحد والديك؟! لا شك أنك تتذكر أنك أحسست يومها بمزيج من المشاعر: خوف و رهبة، عناد و معارضة، مع شعورك بأنك مظلوم و لم يفهمك أحد.

قد تكون في هذه اللحظة التي تنتابك فيها مشاعر الخوف و الشعور بالظلم قد تعرضت للعقاب بالضرب. صفعة على الوجه أو ضرب على عضو من أعضاء جسمك.

نضرب أم لا نضرب!!

صفع الطفل و العنف في معاملته كان و ما يزال يثير حساسية الكثير من الناس.  و ترفضه الأديان و المبادئ. فسيرة نبينا صلى الله عليه و سلم المليئة بالرحمة و مبادئ الحب و الاهتمام بالطفل ابناً كان أم حفيداً. و أحاديثه الدالة على الرفق في معاملته ما هي إلا نوع من تقليص دور الشدة و العنف في علاقتنا مع الأطفال، ليحصرها الإسلام في حيز ضيق لمعالجة الحالات الشاذة و بشروط دقيقة تبدأ بأداء الدور التربوي و التعليمي باعتباره واجباً و مسؤولية على عاتق الآباء و الأمهات يحاسبون عليه في الدنيا قبل الآخرة.

لماذا تعاقب بالضرب ؟

هل فعلاً حين يلجأ المربي للضرب يعتقد أنه يفعل هذا بدافع التأديب  و الحرص على مصلحة الطفل و استقامته؟

أم إن اللجوء إلى الضرب هو في الحقيقة نوع من إفراز التوتر لدى الكبار حين يعجزون عن إفرازه بشكل سليم و نافع؟... أم هو نوع من الانتقام من طفل خرج عن المألوف و المطلوب منه و حاد عن طريق رسمناه له؟

-
ابحث عن الدافع الحقيقي للضرب:

مهم جداً أن يكون الدافع الحقيقي لعقاب الطفل واضحاً. لأنه بشكل أو بآخر يتحكم في النتائج المرجوة من ورائه.

و لذلك سأضع لائحة من السلوكيات المزعجة لأطفالنا لنختبر دوافعنا:
-
الطفل كثير الحركة بالبيت و لا يهدأ. - طفلك يقف أمام جهاز التلفاز و يحول بينك و بين متابعة برنامجك المفضّل
-
يسحب نظارتك ليتلمسها و يحاول تقليدك بارتدائها - الطفل يقفز من ركن لركن و من سرير نومه للأرض
-
طفلك يسكب حبراً على ثوبك...

يمكن أن أضيف لائحة بمئات من السلوكيات اليومية التي يلجأ إليها الأطفال بتلقائيتهم المعتادة. و أعتقد أن كل أب و أم بإمكانهما أن يضيفا لائحة طويلة من سجل ذكرياتهما الطفولية.

إن التربية الإيجابية تقتضي أن ندع جانباً أسلوب العقاب بالضرب لإصلاح مثل هذه السلوكيات المزعجة أو تعديلها بحثاً عن أساليب ناجحة و أكثر تأثيراً على سلوك الطفل. و تقتضي كذلك التجرد من الاستجابة لإثارة الطفل و التجاوب السلبي مع وسائله المزعجة.

عندما يحين وقت إنزال العقاب:

بماذا تشعر حقيقة أثناء بدئك إتزال العقاب على ابنك! بم تفكر و أنت تقرر اللجوء إلى الضرب بدل أسلوب الحوار الهادئ؟

لا شك أن هنالك العديد من المشاعر و الأحاسيس و الأفكار تنتابك و أنت مقبل على ممارسة العقاب بالضرب. فلننظر معاً ماذا ينطبق من هذه اللائحة على شخصيتك:

أ- الإحساس الخارجي:

1-
تزداد ضربات قلبك. 2- تزداد سرعة إيقاع تنفسك. 3- تدفق كمية أكبر من الدم إلى الرأس.
4-
تعرّق و حكة براحة اليد وأسفل القدم. 5- شدّ بالفكّ. 6- شدّ عضلي بالمعدة. 7- شدّ عضلي عام.
8-
حكة بالعينين. 9- انغلاق الشفتين و أحياناً تعرف ارتعاشاً..
10-
صفير بالأذنين، طنين متواصل بالرأس، تصاعد إفراز الأدرينالين.
11-
الوقت كأنه متوقف أو يمر بسرعة غير عادية تفقد التحكم والسيطرة.
12 -
عدم إدراك ما يحيط بنا، و تركيز كلّ الانتباه على الطفل (المزعج).
13-
الإحساس بضربات النبض، و سرعة التهيج و الانفعال و استجابة سريعة للاستفزاز و الإثارة.

ب- الأفكار:

1-
لا أتحمل فوق هذا. 2- سأنفجر أو أجنّ! 3- لن ينقذك أحد مني اليوم! 4- يا له من شيطان، شقيّ!
5-
أتمنى أن أتخلص منك و من سلوكك.. 6- الآن انتهى الصبر و نفد! لقد تجاوزت الحدود كلها..

ج- المشاعر الداخلية:

1-
عدم القدرة على التحمل. 2- العجز عن مواجهة الأحداث و فقد القدرة على التحكم و السيطرة.
4-
الانتقام و الرغبة في المعاقبة. 5- غضب و توتّر 6- ضغوط نفسيّة 7 – تجهّم و عبوس 8- يأس و تشاؤم
9-
اهتياج 10 ذعرٌ من فقد السلطة و اندفاعٌ لاثباتها.

بماذا تشعر و قد انتهيت من عملية العقاب بالضرب ؟!

بعد هذا التفاعل الحسي و العاطفي و سلسلة الأفكار المرافقة. ماذا يحدث؟! الانفجار بلا شك هو نتيجة حتمية لهذا التفاعل حيث تقرر أن تلجأ للضرب بدل الحوار. الانفجار ينقلب ضرباً و صفعات و رمياً بالأشياء...

ثم ماذا بعد الانفجار؟!

الحالة النفسية بعد الانتهاء من العقاب يمكن أن تكون بشكل أو بآخر على النحو التالي:

أ- على المستوى الحسي:

1-
الانتهاء من إفراز التوتر و تراجع إفراز الأدرينالين. 2- هدوء في ضربات القلب و النبض و انتهاء حالة التعرق.
3-
استرجاع الانتباه بشكل أكبر للمحيط. 4- ارتخاء عضلي و استرخاء.

ب- على مستوى الأفكار:

1-
يا رب! يا ليتني لم أفعل. 2- هذا يفيده مستقبلاً. 3- أتمنى أن لا يكون قد رآني أحد و أنا في هذه الحالة.
4-
لا يهم، و لو رأوني! 5- يمكن أن يكون قد تعرض لإصابة ما؟ هل سيبقى أثر الضرب واضحاً؟..
6-
أي (أب) كان سيلجأ للسلوك نفسه..

ج- على مستوى المشاعر:

1-
ارتياح. 2- خجل أو شعور بالذنب 3- يأس و تشاؤم 4- حبّ متجدّد 5- انتقام متأجّج

لماذا هذه اللوائح الطويلة ؟

هل تنطبق عليك هذه اللوائح ؟ لا شك في أن بعضها على الأقل ينطبق على كل من يلجأ إلى ضرب أبنائه طمعاً في تعديل سلوكهم و إكسابهم السلوك السوي. لا شك أنك في كثير من الأحيان لا تكادُ تعرف نفسك في حالة الاهتياج و الغضب، و لكن تحاول تهدئتها و أنت توحي لنفسك أنك لست وحدك من يفعل هذا، و أنك رأيت و تعرّضت للحالة نفسها و أنت طفل، و أنّ هناك أقوالاً مأثورة تحث على استعمال العصا (متناسياً أحياناً وضع هذه الأقوال في سياقها السليم) 


http://bawaba.khayma.com

Read 1874 times Last modified on Wednesday, 31 May 2017 08:22