(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Saturday, 08 February 2014 07:33

مفارقات بين تحرير وتهميش الشباب

Written by  الدكتور صلاح سلطان
Rate this item
(0 votes)

لم أحب في حياتي جيلا حبي للشباب، فلو دعيت لمائة من الشباب و ألف من الكبار لما ترددت في تلبية المائة من الشباب، لأنهم هم سر قوة الأمة أو ضعفها، و لهذا جاءت سورة الكهف في عنوانها و مضمونها تستدعي صورة الشباب في أحسن هيئته و صورته في المبنى و المعنى و الشكل و المضمون، قال تعالى: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا) (الكهف: من الآية 13و14)، و لقد ورد ذكر الفتيان و الفتيات في القرآن عشر مرات، فسيدنا إبراهيم أبو الشباب بدأ دعوته و هو شاب صغير مواجها الشرك في تخصصاته الثلاث: عبادة الحكام و الأصنام و الكواكب، فواجه الحكام بالحجاج كما حاجج النمرود، و واجه عبدة الأصنام بالتجربة العملية، و عبدة الكواكب بمشهد تمثيلي رائع، و سيدنا يوسف يتعرض في صغره لفتنة الإيذاء من إخوانه فلا يرد الإيذاء و هو شاب، و تعرض لفتنة الإغواء من امرأة العزيز فتمسك بالمكارم الأخلاقية خوفا من الله، و تعفف لأمرين: إيماني و أخلاقي، خشية من الله و وفاء لمن قال: "أكرمي مثواه"، و اصطحب سيدنا موسى فتاه في رحلة التعلم من الخضر، و تلحظ لغة الشباب بينهما في الإصرار على بلوغ الأهداف النبيلة فتبدأ قصته بهذه الإرادة القوية: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا) (الكهف:60)، و تبِعَ الإرادة القوية بالإدارة السوية ثم بالانطلاقة الفتية، فليس من الديباجة أن تبدأ قصصه الثلاث مع الخضر بقوله تعالى: (فانطلقا) و إنما هي حركة الشباب في الانطلاق إلى فعل الخير و نفع الغير، و صورة الشباب في سيرتنا النبوية تستحق وقفة علمية تربوية تعيد برمجة كل الاهتمامات لتكون أعظمها للشباب، حيث كان الكبار أسرع الناس كفرا و معارضة، و كان الشباب أسرع الناس إيمانا و مؤازرة، فكان أول من أسلم الشاب أبو بكر الصديق رضي الله عنه فناصر و ضحى و آزر، و صار الخليفة الأول بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لما أسلم عمر بعد أن شج أخته و زوجها كان إسلامه فتحا مبينا؛ حيث خرجت الدعوة من السرية في دار الأرقم إلى العلانية في مكة كلها، و سار في صفين يتقدم الشاب عمر صفا و يتقدم الشاب أسد الله الحمزة بن عبد المطلب صفا آخر، و طافوا حول الكعبة، أما الشاب عثمان بن عفان الحييّ السخيّ النديّ فقد خصه النبيّ صلى الله عليه و سلم أن زوّجه ابنتيه واحدة بعد الآخرى، و الشاب علي بن أبي طالب الفارس المغوار و العالم المدرار الذي كان أول من أسلم صغيرا و هو ابن ثمان، و نام ليلة الهجرة في أخطر مكان، و هو ابن العشرين، و بارز صناديد قريش مرارا و هو تحت الخامسة و العشرين، و صار من الخلفاء الراشدين و هو ابن الأربعين، و أنجب الحسن و الحسين وهما شباب أهل الجنة من فاطمة الزهراء و هي أحب بنات النبي صلى الله عليه و سلم إليه و أم أبيها، و روى الألباني في صحيح الجامع أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "ابناي هذان الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة، و أبوهما خير منهما".

و الشباب هم الذين هاجروا إلى الحبشة و كان قائدهم جعفر بن أبي طالب أحسن سفير تمسك بالثوابت العقدية مع إخوانه الشباب من الصحابة و الصحابيات، كما روى البخاري بسنده عن أم سلمة (فأجمعنا على الصدق لما سئلوا عن قولهم في عيسى بن مريم)، فلم يجاملوا و قالوا الحق في أدب رفيع هدى الله به النجاشي و من معه إلى الإسلام، و الشباب الستة هم أول من أسلموا من أهل يثرب، و عادوا في العام التالي 12 شابا فأرسل معهم شابا نشأ في النعيم الدنيوي و ضحى بكل شيء من أجل النعيم الأخروي و هو مصعب بن عمير الذي تعاون مع الشاب أسعد بن زرارة، و زاروا رؤساء و قادة القبائل و العشائر، و كانوا سببا في إسلامهم و هم شباب أيضا منهم أسيد بن خضير وسعد بن معاذ و سعد بن عبادة، و انطلق كل شاب إلى قبيلته، حتى لم يبق بيت بيثرب إلا دخل في الإسلام، و هم الذين سعوا إلى مبادرة حررت الدعوة في مكة من سلطة و بطش و ظلم و استبداد أكابر كفار قريش، فذهب الشباب للقاء النبي صلى الله عليه و سلم و دعَوه إلى المدينة لينتقل من الدعوة إلى الدولة، و من العبادة إلى القيادة، و من الحق المستضعف إلى الحق المستخلف، تصحبه قوة سواعد الشباب و سلاحهم، و ما أعظم كلماتهم قبل غزوة بدر حمية و رجولة و تجردا لله تعالى.

و إذا قفزنا من السلف إلى الخلف و من الماضي إلى الحاضر، فإن الشباب هم الذين قادوا الحركة الإسلامية في الجامعات و المصانع، و انتشروا في العالم كله يؤسسون في كل دولة مراكز و مدارس و مؤسسات إسلامية، و لا شك أن حكمة الشيوخ جعلتهم يترددون في إنهاء عصور الاستبداد و الفساد، فصار التحرير بالشباب في الماضي و الحاضر مثل الكواكب و النجوم في أفلاكها، و قد قال تعالى: (وَ عَلَامَاتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (النحل:16)، و صار الشيوخ بحكمتهم كالشمس و القمر، و الشباب في همتهم كالنجوم و الكواكب، و لا تستغني الدنيا عنهم جميعا، و من ثم فنحن ننادي بأعلى صوت نريد بحق أن نثق في الشباب، و أن نحسن احتضانهم، و أن نفجر كوامن الخير فيهم، مذاكرة و تفوقا، و إبداعا و اختراعا، و ثورة على الباطل و تحريرًا للأسرى و الأقصى و القدس و فلسطين، و ليس اتهاما أو تهميشا لهؤلاء الشباب الذين ظلموا مرتين قبل الثورة إهمالا، لا علما و لا عملا، و بعد الثورة استغلالا و تحريضا و تحريشا.

المصدر:

http://www.salahsoltan.com/DoctorNews/1229/Default.aspx

Read 2037 times Last modified on Monday, 06 July 2015 08:58