(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Wednesday, 25 May 2016 15:05

ما هو المخرج لنعود لعزنا و غزنا ؟

Written by  الأستاذ عيسي القدومي
Rate this item
(0 votes)

ما أشبه الليلة بالبارحة حين تقلب صفحات التاريخ!! فالحالة التي كانت عليها الأمة و في المشرق الإسلامي بالخصوص حين بدأ مشروع الحملات الصليبية لاحتلال القدس و مدن المشرق الإسلامي أشبه بحالنا اليوم.

الكثير من المدن و الدويلات لم تصمد أمام الهجمات الصليبية؛ بسبب الحالة المزرية التي وصلت بتلك الدويلات و حكامها و الصراعات بينهم على متاع الدنيا و كراسي الرئاسة، بل و تحالفهم مع النصارى ضد إخوانهم.. و إضعاف الخلافة العباسية و انتشار الفرق الباطنية و سيطرتها على الكثير من الدول و المدن.. و سقطت في نهاية المطاف القدس بأيدي الصليبيين، و استمر احتلالها مدة واحد و تسعين عامًا، و كان لحكام النصارى صولة و جولة في أرض المسلمين!!

لعلنا نسأل كيف كان الخروج من ذلك الظلام؟! و كيف أحييت الأمة من جديد و عرفت طريق نصرها و عزتها؟! و من قاد مسيرة التغيير و كيف قادها؟! و هل كان طريق النصر سهلاً؟! و كيف تحول المسلمين من شتات الغوغائية و الغثائية إلى أمة عمل و جهاد؟! و كيف كان المسير للوصول إلى صلاح الدين؟!!

الدور الأول و الأساس في إحياء الأمة من جديد -في تلك الفترة و في كل فترة- قام به العلماء الصالحون المصلحون الذين عرفوا الناس بطريق النصر و العز... و هو طريق الرجوع إلى الله تعالى، و أفهموهم أن للنصر سننًا لا بد أن نسير عليها ليتحقق موعود الله بالتمكين {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ[محمد: 7]، و كان شعارهم هو ما قاله أبو الدرداء : "نحن قوم نقاتل عدونا بأعمالنا".

و تلك كانت بداية مبشرات و مقدمات إحياء الأمة من جديد، فقام العلماء مجتمعين بالإنكار على الخليفة العباسي "الراشد بالله "حيث كان ظالمًا و فاسدًا و شاربًا للخمر، و لم يحرك ساكنًا مع كل النصح لحفظ بيضة المسلمين و محارمهم و الدفاع عن مقدساتهم، و صد نفوذ الفرق الباطنية التي أضعفت الخلافة و شقت الصف، و حرفت عقائد المسلمين و تحالفت مع النصارى، و لم تدافع عن القدس و المسجد الأقصى.. و كان آخر الدواء الكي!! حين أجمعوا على العمل لتغيير الواقع بالإصلاح الشامل -الراعي و الرعية- فنشروا حلقات العلم و نشطوا في واجب الدعوة إلى الله تعالى و التمسك بالكتاب و السنة؛ مما أعطى العلماء مكانة و كلمة بين الناس، و نصحوا الخليفة و حذروه ثم نقضوا بيعته و أعلنوا البيعة لعمِّه، الذي قام بالإصلاح و التغيير لمصلحة المسلمين.

و عين الخليفة حاكمًا للموصل و هو المجاهد عماد الدين زنكي (539هـ/ 1145م)، و من هنا بدأ العمل الفعلي.. عماد الدين رجل صالح أقام حلقات العلم، و أعاد تدريس و قراءة باب الجهاد في تلك حلقات، و بدأ بالعلم و الإصلاح و تهيأت الأمة للجهاد؛ فالإصلاح و الإعداد الإيماني و العقدي يجب أن يسبق الجهاد، لأن حال الأمة لن يستقيم إلا بالعلاج الشرعي، و أن يتوحدوا على التوحيد بداية، ثم ينتقلوا لما بعد ذلك.

و حين أعلن "عماد الدين" توحيد الأمة حورب من الدويلات و منع عنه الإمداد و السلاح و المال.. فأمر المجاهدين أن يتجمعوا من كل مكان في الموصل؛ و منها بدأ تحركه على الدويلات فقصد حلب و ضمها إلى حكمه بعد 46 سنه تحت الحكم الصليبي، فاستشعر البابا الخطر، و تحالف حاكم دمشق المسلم مع حاكم القدس النصراني، فقام الفاطميون باغتيال (عماد الدين زنكي)، فتولى مقاليد الحكم من بعده ابنه البطل (نور الدين زنكي)، و كان قد تربى في حلقات العلم و سيرة والده الجهادية، و كان من أعظم الحكام المسلمين في ذلك الزمان. فبدأ بالإصلاح فنشر الدعاة بين الناس، و قضى على الفساد، و أصلح الاقتصاد، و أصلح نظام القضاء باختيار الصالح لتولي تلك المناصب.. فأصلح في الحكم و الاقتصاد و الحركة الاجتماعية، و بعد ذلك بدأ يعد للجهاد، و عين قادة باسلين منهم أسد الدين شيركوه بن شادي بن أيوب و يسمى (شيركوه الأيوبي)، و أخوه نجم الدين أيوبي بن شادي بن أيوبي، و هذا هو والد صلاح الدين الأيوبي.

كان نور الدين -رحمه الله- من مبادئه الرئيسية، أن الأمة حتى تستطيع أن تواجه لا بد أن تُعَدّ، و لا يمكن لأمة ضعيفة مفككة أن تنتصر، فلا بد من إعدادها إيمانيًّا و فكريًّا و عقائديًّا و اجتماعيًّا و جهاديًّا و اقتصاديًّا... و لا بد أن تكون عادلة.

و كان من بركة عمل الأبطال المصلحين عماد الدين و ابنه نور الدين الزنكي -و من سبقهم من العلماء و على مدى خمسين عامًا من العمل و الإصلاح و الإعداد و الجهاد- أن تقلد القائد صلاح الدين الأيوبي الوزارة في مصر، و من هنا بدأ التغيير ليتحقق النصر الفعلي؛ لأن من سنن الله تعالى أن جعل للنصر أسبابًا، و للهزيمة أسبابًا كذلك، فأخلص القائد صلاح الدين النية لله تعالى، و أصلح و أعاد مصر إلى العقيدة الصحيحة، و جند العلماء و الوُعَّاظ لحث الناس على الجهاد في سبيل الله، و لم يركن إلى الدنيا فكان مجاهدًا في وسط المعركة يقودها بنفسه، و وحد الأقاليم و الممالك لإعداد القوة المادية، و إمداد المعركة بالجنود و تحقيق الوحده الإسلامية.

لم ير الخروج على الخليفة العباسي و بقي وفيًّا له و هو في حالة الضعف التي يعانيها، و يكتب إليه بكل كبيره و صغيره، مع ما كان بيد صلاح الدين من الأقاليم تجعله أهلاً أن يكون خليفة، و نشر العدل بين المسلمين. و من ذلك رفع المكوس عن الحجاج و التي كان والي الحجاز يفرضها عليهم، فأحب المسلمون صلاح الدين لأنهم وجدوا منه صدق النية و العمل، عاش مجاهدًا، و مات و لم يترك ثروة و لا عقارًا.

قال عنه صاحبه القاضي بهاء الدين بن شداد: "كان -رحمه الله- عنده من القدس أمر عظيم لا تحمله الجبال". و قال: "و هو كالوالدة الثَّكْلى، يجول بفرسه من طلب إلى طلب، و يحث الناس على الجهاد، و يطوف بين الأطلاب بنفسه و ينادي: يا للإسلام، و عيناه تذرفان بالدموع". و كان حين يتفقد الجند و يرى خيمة فيها جنود لا يقومون الليل يشير إلى الخيمة و يقول: من هذه الخيمة تأتيكم الهزيمة؛ {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[محمد: 7].

و يتحدث ابن شداد عن حبه للجهاد، فيقول: و لقد كان حبُّه للجهاد و الشغف به قد استولى على قلبه و سائر جوانحه استيلاءً عظيمًا، بحيث ما كان له حديث إلا فيه، و لا نظر إلا في آلته، و لا كان له اهتمام إلا برجاله، و لا ميل إلا إلى من يذكره و يحثه عليه، و لقد هجر في محبة الجهاد في سبيل الله أهله و أولاده و وطنه و سائر بلاده، و قنع من الدنيا بالسكون في ظل خيمة تهب بها الرياح ميمنة و ميسرة.

و خلاصة القول: لن يخرج فينا كأمثال صلاح الدين و لو بُحت حناجرنا، ما دمنا على حالنا.. فـ"صلاح الدين" سبقه جهود علماء مخلصين نشروا العلم، و وجهوا الناس للعمل، حتى تهيأت الأمة و أعدت عدتها للنصر، فمقدمات النصر نصر.. نسأل الله -تبارك و تعالى- أن ينصر إخواننا المرابطين في غزة، و أن يخفف عن ضعفائهم.

الرابط: http://islamstory.com/ar/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%88_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%B1%D8%AC_%D9%84%D9%86%D8%B9%D9%88%D8%AF_%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%86%D8%A7_%D9%88%D8%BA%D8%B2%D9%86%D8%A7

Read 1890 times Last modified on Friday, 27 May 2016 07:21