(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Tuesday, 06 June 2023 14:05

"عنا سأكتب"ج2

Written by  الأستاذ ماهر باكير دلاش من الأردن الشقيق
Rate this item
(0 votes)
لا يوجد كاتب راض عن العالم حوله و لا عن محيطه.. هو في صراع دائم مع نفسه و مع ذاته.. مع داخله.. و مع خارجه.. يعيش دائما لحظات الآخرين.. يعيش مصيرهم.. و مع ذلك فهو غريب عن نفسه و ذاته و مجتمعه.. ضائع و مفصول.. منتهك نفسه.. منتهك حاضره منتهك مستقبله، و منتهك ماضيه!!... حياته كلها حيرة و توتر بشكل دائم...يركض باتجاه الضوء في العالم.. يركض باتجاه نفسه.. باتجاه عالمه.. باتجاه ذاته!!، و رغم ذلك أو ربما من أجل ذلك يرفض و هو يتغنى بالرفض في معظم كلماته حتى ليصبح الرفض فردوسه المطلق في عالمه النسبي!!
" إن الكاتب ليشعر في لحظات ما أن وجوه الناس لم تعد تسجل إحساسا بالسعادة أو الشقاء فإما يقبل الحياة كما هي دون تساؤل أو أن يصاب بالجنون"..
يكفي الكاتب قارئ واحد فقط يُشاكِله و يشبهه، يعرف مواضِع أُنسه، و قادر على جمع شتاتِ نفسه، يتكِئ عليه و ينبسِط له، بينهما من الوفاء اعتماد و من الوِداد استناد، قد زيَّن المثيلُ مثيلَهُ، كثمَرٍ و غُصنِه، أو فجرٍ و نسيمه، و قمرٍ و هالَتِه.. ذلك فقط من يتمنى أن يلتقيه يوماً..
رغبة الكاتب في غزل الحروف تطفو فوق شخصيته و فوق حياته، كأني به يريد أن يستمر في الكتابة حتى و هو في أكثر حالاته ألما و معاناة.
الكتابة شيء لا علاقة له بما حوله، هوى قائم بذاته، نقطة من ماء إلهي نزلت في روحه لا تجف و لا تنضب مهما اشتدت حرارة القهر من حوله.
محكوم على الكتاب أن يبقوا تحت الرماد.. و أن عليهم أن ينسوا.. لكنهم نسوا أن ينسوا.. و عليهم أن ينسوا أنهم نسوا.. فهل هرموا و نسوا أن ينسوا؟!
بعد أن طلق الكتابة طلاقا رجعيا عاد إليها بكلمة واحدة: أعدتك و حروفك إلى عصمتي.. و لكنه لم يتفق معها مجدداً فقرر تطليقها طلاقا بائنا بينونة كبرى لا رجعة فيه.. هكذا قرر أن يمضي مرسلا حروف كتابته إلى ملجأ الأيتام!
لا شك أن اختيار زمن الكتابة هو من يجعل لها قيمة عظيمة في قلوبنا و هو من ينزعها.. لا قيمة للوصول و لا التحليق بأجنحة الكلمات في وقت ساد فيه الملل و الانتظار مدة طويلة؟!
لا قيمة لحلم يتحقق بعد فوات الأوان، فقد كبرنا و تغيرت أحلامنا كثيراً..
لا قيمة لتلبية رغبات طلَبناها قديماً، فقد نسينا ما أرَدنا و لم نعُد نتذكّره..
عذراً أيتها الأشياء التي تأتينا مؤخراً.. نحن لم نعد بحاجتك، لقد فاتَ أوان اللهفة و تغيرت قلوبنا، ما عادَت تلكَ التي عرَفتِها يوماً..
عندما تصلون إلى نقطة لا تتحمّلون بعدَها أي شيء، و توشِكون على الانهيار، احفظوا هدوءكم، و احذروا أن تستنزفوا ما بقي من طاقتكم؛ ففي هذه اللحظة بالذات قد تتغيّر أقداركم بنحو لا يمكنكم أن تتوقّعوه..
بعد أن انطَلَقنا بشغفٍ في كل أنحاء الحياة، و ركَضنا و راء أحلامنا لتحقيقها، ها نحن اليوم لا نريد شيئًا سوى العودة إلى أنفسنا.. أنفسنا التي لا تحمِل همًّا أبداً..
هناك فرق كبير بين كتابة الذاكرة التي تتكرر فيها الأفكار و المشاعر بشكل متوارث رتيب و بين الكتابة الآتية من مخاض معاناة خاصة.. فالثانية هي المعبرة بصدق عن تجارب الكاتب المتميزة انطلاقا من واقع معاش داخل ذاته و خارجها!!
لا يمكن الفصل بين الكاتب و الكتابة و طالما أن الفصل بينهما مستحيل.. فهل يجوز أن نعتبرهما وحدة واحدة نتيجة لعملية متواصلة من الاندماج الكلي؟ و إذا لم يكن من الممكن الفصل أو الدمج، فكيف نفهم العلاقة بين الكاتب و الكتابة كتعبير عن الذات و بين الذات و الواقع في مختلف أبعاده؟ أليست الكتابة عملية خلق و إنتاج في آن واحد؟
" إذا بزغ نور العقل، ولى زمن المعجزات!"
الكاتب يهرول نحو المستقبل بشموخ.. يستلهم أحاسيس الناس.. يلقي على وجوههم مناخا من الحروف الجديدة الأنيقة.. فهو فارس الكلمات الغريبة التي لم تألفها الآذان و لا العقول و لا القلوب، و على الضفة الأخرى من يومه يبدأ تاريخه.. يبدأ تاريخ ميلاده.. تبدأ ولادته.. يبدأ أمله.. يبدأ صخبه.. فثمة حاجة لان يولد شيء ما، فكرة التجديد تلاحقة كظله تحت ضوء شمسه، أليس كذلك؟؟
Read 648 times Last modified on Tuesday, 06 June 2023 14:27