(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Wednesday, 17 December 2014 08:24

الوحي والعقل جناحا الحضارة الإسلامية

Written by  الدكتور عبد الحليم عويس
Rate this item
(0 votes)
 

 العقل: الوسيلة الوحيدة لفقه الدنيا و الدين.

 الأنبياء قادة العلم.

 و علَّم آدم الأسماء كلها.

 الدين و العلم كلمتان مُترادفتان في القرآن؛ ﴿ وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ﴾ [البقرة: 145].

 لا نزاع بين الدين و العلم:

 لا في المنهاج.

 و لا في الموضوع.

 و لا في الأهداف.

 

 العقل: وسيلة اكتشاف الدنيا و فقه الدِّين:

يجب الانطلاق من مقولتين نراهما صحيحتين كلَّ الصحة:

 المقولة الأولى: إنه ليس بالدين وحده يَحيا الناس.

 و المقولة الثانية: إنه ليس بالعقل وحده يَحيا الناس؛ فالدين لن يعمل في الحياة عمله إلا بواسطة أصحاب عقول، و العقل لا يستطيع وحده أن يَبني حياة إنسانيَّة، دون معالم الدين، و دون هُدى الوحي، و غذاء الروح و الضمير، و المنظومة القيمية و الأخلاقية، و غير ذلك مما ينبع من الدين، و لا يستطيع غير الدِّين أن يُقدِّمه.

 و لو كان الدِّين وحده يستقيم بدون العقل، لكُلِّف الذين لا عقول لهم، و لكن كل الأديان تربط التكاليف الدينية بالعقل، و تُعفي منها الذين لا عقول لهم، صغارًا كانوا أو سفهاء. و كذلك لو كان العقل قادرًا على فكِّ ألغاز الوجود و قيادة خطوات الإنسان، مِن غير الخدمات العظيمة التي يُقدِّمها له الدِّين، و من غير الحراسة الكبيرة التي يَحميه بها الدِّين، لما كانت هناك حاجة لأن يُرسل الله الرسل إلى الأرض، و أن ينزل عليهم الكتب التي تحمي العقل مِن نفسه و من الأهواء و الغرائز، و تُعبِّد له الطريق و تمهِّده، و تضع له شارات الحق و الباطل، و الخير و النور، و الصعود و الهبوط، و السعادة و الشقاء.

و هؤلاء المُرسَلون لم يَطلبوا أجرًا، و لم يَبنوا من خلال رسالاتهم قصورًا شاهقة، بل كانوا أقرب إلى الفقراء و المُستضعَفين منهم إلى الأغنياء و المُترفين، و قد عانى أكثرهم و عُذِّبوا و قُتل بعضهم، و مع ذلك فقد رفضوا جميعًا أن يبيعوا رسالتَهم أو أن يخونوا الأمانة التي كلَّفهم الله بها، بل صبروا على ما كُذِّبوا حتى أتاهم نصر الله، و انتشرت كلمة الله، و لو كان الأمر يقوم بالعقل وحده، لما كان هناك داعٍ لآلاف الرسل الذين أرسلهم الله، و لما كان هناك داعٍ لصُحُف إبراهيمَ و لا زبور داود، و لا لتوراة موسى، ول ا للإنجيل الذي نزل على عيسى، و لا للقرآن الذي نزل على محمد - صلى الله عليه و سلم.

 و من الرائع أن هؤلاء المرسلين - بالكتب التي نزلت عليهم - ما كبَّلوا العقلَ و لا قيدوه، بل أرشدوه و وجَّهوه، و أخذوا بيده إلى الطريق الذي يضمن العافية و السلامة و الخير الدائم، و إحقاق الحق و إبطال الباطل، و احترام حقوق الفرد صاحب العقل الواحد، و الآخَرين من أصحاب العقول الذين يعيشون معه، بل إن الأديان - في حقيقتها - جعلت عمل العقل في اكتشاف آلاء الله و في تسخير قوانين الله في الكون عبادةً من العبادات، فبدلاً من أن يكون العلم للعلم، و الفنُّ للفنِّ، يكون العلم و الفن لخدمة الإنسان، و لتحقيق الخير، و تطبيق ما ورَد في الكتُب السماوية.

 و لا تؤاخَذُ الأديان بانحرافات المنحرفين، و إلا لسقَطت كل مبادئ الدنيا، و كل مذاهبها و نظُمها، كذلك لا تؤاخَذ الأديان بالانحرافات التي أسقطَها عليها المُنحرِفون، سواء نجحوا في الإسقاط على مصادرها، أو نجحوا في تأويل تعاليمها و الانحراف بها عن غايتها، فاللهُ و رسله أبرياء من هؤلاء المُحرِّفين للكَلِم عن مواضعه، كما أن الله و رسله أبرياء من الكافرين بالدين كله و بالوحي كله، الذين يرون أن الله لم يُرسِل رسلاً و لم يُنزل كتبًا، و أنه يمكن بالعقل وحده أن يعيش الإنسان.

 إن هؤلاء المُنكرين للأديان الكافرين بالله و رسله، شأنهم شأن هؤلاء المُشوِّهين للأديان، الكاذبين على الله و رسله، و هم جميعًا أعداء الله و أعداء الإنسانية، و قادتها إلى الخراب و الدمار.

و منذ خلق الله آدم، و الدين و العلم معًا يتعانقان و يتكاملان، و يُساعد أحدهما الآخر، و كما كان نوح - عليه السلام - نبيًّا، كان كذلك صانع أشهر سفينة في التاريخ، و كما كان داود نبيًّا، كان أول من صنع من الحديد أقمصةً و دروعًا، و كان ابنه النبيُّ سليمان - عليهما السلام - أول مِن سُخِّرت له الرياح تحمله و تحمل جيوشه، و سُخِّرت له الشياطين تغوص في أعماق البحار.

و جاء الرسول محمد - صلى الله عليه و سلم - و أنزل الله عليه كتابًا، جاءت أول كلمة فيه: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]، إنها رحلة الدين و العلم معًا، فلْنُحاول استكشاف أبرز معالم هذه الرحلة الرائعة.

المصدر:

 

http://www.alukah.net/web/aweys/0/78762/

 

 
Read 1818 times Last modified on Tuesday, 11 August 2015 18:45