(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Wednesday, 12 November 2014 18:56

هـل تقـرأ ؟ 1/4

Written by  د . عبد الله قادري الأهدل
Rate this item
(0 votes)

  


القدرة على القراءة نعمة من نعم الله، كغيرها من الوسائل التي آتاها الله ابن آدم، و إذا أردت أن تعرف هذه النعمة العظيمة فما عليك أيها القارئ، إلا أن تقارن بين نفسك وبين من لا يقرأ من أقاربك أو أصدقائك، لترى الفرق الهائل بينك و بينهم، فأنت تنظر إلى الحروف المترابطة التي تتكون منها الكلمات، و الكلمات المتتابعة التي تتكون منها الجمل المفيدة، و الجمل المفيدة التي تتكون منها الموضوعات الكاملة، التي قد تثمر كتابا أو مجلدات، و أنت تتابعها حرفا حرفا، و كلمة كلمة، و جملة جملة، و سطرا سطرا، و موضوعا موضوعا، و كتابا كتابا، و مجلدا مجلدا، تغذي بمعانيها عقلك، الذي لا يزال ينمو و يترقى في سلم أعالي العلوم و المعارف بشتى أنواعها و هي التي تستحثه بقراءاتك المتكررة، لشتى أنواع الثقافة، إلى أن يكون (العقل) ميزانا لما ينفعك من التصرفات، فيشعل لك بذلك سراج الهداية لتستضيء به في مسير حياتك للتشبث بكل نافع مفيد، و ميزانا لما يضرك من النشاطات، فيرفع لك معلم التحذير من سلوك سبل الباطل التي تحرضك على سلوكها نفسك الأمارة بالسوء، و الهو المردي و الشيطان الرجيم. فيتعاون العقل السليم و الفطرة النيرة و الوحي المبين، على قيادتك إلى ربك لتحقيق ما ترضيه به في دنياك و آخرتك.
القراءة تصل القارئ بالعصور الغابرة من التاريخ، بما فيه من خير و شر، و تجعله-إذا دوَّن أفكاره-متواصلا مع الأحقاب اللاحقة، ينقل للأجيال القادمة أحداث عصره، و عادات جيله، و تاريخ أمته، كاشفا لهم تجارب عصره، بما فيها من إيجابيات يدعو لاقتفائها، و سلبيات، يحذر من الوقوع فيها.
أما من لم يقدر له الله أن ينال هذه النعمة-نعمة القراءة-فلا تراه يفرق بين المكتوب و المرسوم، و اللعب و الجد، و الحق و الباطل، مما يسطر في صفحات الكتب و الجرائد و المجلات، و الألواح و الصخور، إلا بأن هذا لون و ذلك لون صوَّرتْه له الرؤية، لا يعلم من محتواه شيئا، و لا يدري من مضمونه عرفا و لا نكرا، يرى الحروف و الكلمات و الجمل و السطور، رؤية قد يعجبه جمالها، دون أن يعرف ما تحمله في أحشائها من جواهر و أصداف، أو ما أثقلت به صنوانها الدانية و أغصانها من ثمار لذيذة يانعة.
لا فرق بينه و بين صبي خرج لتوه من رحم أمه، أو مجنون فقد عقله، فكلهم حرُم من التمتع بنعمة القراءة، إلا أن الصبي و المجنون معذوران بسقوط التكليف عنهما، و هو من المؤهلين للتكليف العيني و الواجب الكفائي في أمور دينه و دنياه.
منزلة القراءة في الإسلام:
و لأهمية القراءة في الإسلام كانت أول كلمة في أول سورة نزلت على الرسول صلى الله عليه و سلم، هي أمره بالقراءة بادئا باسم الله، كما قال تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق [1] ثم كرر الأمر بها فقال: (اقرأ و ربك الأكرم)[3] العلق.
و كان الأمر بهذه القراءة، فاتحة لقراءة هذه الأمة عالَمَ الأرض و السماوات، و ما فيهما و ما بينهما، من أفلاك و كواكب و شموس و أقمار و مجرات، و بحار و سحاب، و مطر و برق و رعد، و برد و حر و جليد، و حيوانات لا يحصيها إلا خالقها في البر و البحر و الجو، و جبال متنوعة في كبرها و صغرها و ألوانها، و أنهار هي شرايين الحياة في الأرض، تصل بين الجبال و السهول و البحار، تمد البشر و الحيوانات و الأرض بماء الحياة، و تمكن الناس من الانتقال بوساطتها من مكان إلى مكان، لا حيلة لهم –في كثير من المناطق- في ذلك التنقل بدونها، يأكلون من طري أسماكها، و يلبسون من جواهرها و حليها، و أشجار و غابات، يتنفس البشر من هوائها النقي
و أمر الله هذه الأمة بالقراءة في سورة هي من أول السور المكية نزولا فقال لهم: (فاقرءوا ما تيسر من القرءان .. فاقرءوا ما تيسر منه) [20 المزمل]
و بذلك أصبحت الأمة الأمية التي لا تقرأ و لا تكتب، تُعَلِّم عالَمَ الأرض من ذوي الحضارات العريقة علوم الدنيا و الآخرة، و معارف الأرض و السماء، و سياسة الأمم العادلة التي تجلب لهم السعادة، و تدفع عنهم الضنك و الشقاء.
فسل نفسك هذا السؤال الذي قد تظنه فضولا: هل أقرأ؟

http://www.saaid.net/Doat/ahdal/4.htm

Read 2225 times Last modified on Sunday, 12 July 2015 09:25