كنت أرتشف قهوة الصباح و أطالع بعض العناوين فإستوقفني مقال حول إرتفاع اسعار المواد الغذائية و كيف يتأذي جيب المواطن الجزائري من ذلك. لماذا لا يقول الإعلام عندنا أن المسؤول عن الإرتفاع، الجزائريين أنفسهم و ليسوا التجار أو الدولة ؟
لماذا رمضان بعد رمضان لا نلمس أي تحسن في التعاطي الجماهيري مع هذا الشهر بالذات و لماذا لا يخصص الدعاة في المساجد خطب الجمعة و الدروس شهرين قبل حلول الشهر الفضيل لتوعية الناس و حثهم علي التواضع في الإنفاق و تكريس كل وقتهم للعبادة و الرفع من مردودية العمل ؟
لا أفهم هذا الجنوح للإستهلاك الجنوني، كأن الجميع في سباق التمظهر : ما هو أحسن طبق و أغلي فاكهة و أفضل مشروب ؟ إختزال الصيام في البطن لا يجعل من الصيام عبادة بل مناسبة للإسراف و الإستدانة و المرض…
كيف نفسر هذا التوجه الهدام لدي الجمهور العريض ؟ الغلاء من كثرة الإقبال علي الإستهلاك و مثل هذا الموقف من المواطن العادي دليل عن غياب تام للبصيرة، فالصوم يتطلب حد أدني من التقشف في الأكل، لنقتدي برسول الحق عليه أفضل الصلاة و السلام، كان يأكل لئلا يجوع، و كان السلف الصالح يقاسم فطوره المساكين و المحتاجين مثل سيدنا عبد الله بن عمر رضوان الله عليهما، فقد كان يصوم و لا يفطر إلا رفقة المساكين، فإذا لم يجد أو منعه أهله لم يتعش تلك الليلة، فأيننا من القدوة السامية ؟
في زمن المسلمين أحوج الناس في التكافل و التضامن، نري من يبذر أمواله في شراء ما سوف يعرف طريقه لاحقا إلي القمامة، و ما من رادع. فماذا تعلمنا من شهر رمضان إذن ؟
لا شيء. هل نحن أمة ينصرها الله عز و جل ؟ بهذه المواصفات البائسة، طبعا لا، من لم يلتزم بمقومات الصلاح و التقوي و الإستقامة، من أين له نصرة الله ؟ من أين له الإضطلاع بدوره الرسالي ؟
تقع مسؤولية التبصير و التوعية علي عاتق كل عارف بدينه، عامل به و مشاهد التهافت و الإزدحام لا بد لنا من إنهاءها و إلا لا معني للشكوي و التذمر و لا للصيام…