
بدأتُ المطالعة باكرًا، أي عندما كان عمري ثماني سنوات، و قد زوّدني والدَيَّ الكريمان بالعناوين التي تبني شخصيتي كمسلمة، و من بينها كتبٌ بيّنت لي الطريق الذي يتوجّب عليّ أن أسير فيه.
فأدركتُ باكرًا أن كونِي مسلمة لا يكفي، إذ يجب أن أبلغ مرتبة الإيمان. و في هذه الحال رغبتُ في معرفة كيف أكون كذلك، فكان كلّ ما قرأتُه نورًا أنار لي الدرب، و سرتُ فيه عملًا بمضمون الآية 112 من سورة هود:
{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَ مَن تَابَ مَعَكَ وَ لَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
فالإستقامة الأخلاقية هي الضمان لمآل الإنسان في الدنيا و الآخرة. و هكذا بدأتُ رحلتي في الحياة، و قد بلغتُ محطةً تسمح لي بالتدبّر و التأمّل في أحوال الناس من حولي.
كثيرون يشتكون ضيق العيش و مشاكل من كل نوع و شكل، و كيف تعتريهم موجات من اليأس و الإحباط و الاكتئاب، فأجسادهم و أرواحهم مريضة، و يزعمون أنهم لا يجدون مخرجًا مما هم فيه.
و هذا الزعم كاذب. لماذا؟
لأنّ الاستقامة الأخلاقية لها ثمن، ألا و هو جهاد النفس الأمّارة بالسوء. و من يقوَى على ذلك هو من توفّرت فيه شروط الاستقامة، و الخوف من الله تعالى، و حبّه لله عزّ و جل، و تمسّكه باليقين أشدّ التمسّك.
فهل هؤلاء الشاكين، الذين ملأوا فضاءهم بالشكوى، مستعدّون لجهاد النفس الأمّارة بالسوء كي تستقيم حياتهم و يفوزوا برضوان الله في الدنيا و الآخرة؟